د. عز الدين الكومي يكتب: بل كان مرسي ذكيا وكان سياسياً يا معالي الشيخ!
الاثنين - 7 مارس 2022
معالي الشيخ حمد جاسم؛ قال فى تصريحات تلفزيونية :”مرسي كان يريد أن يكون رئيسا بكامل الصلاحيات وهذا سبب خلافه مع الجيش والتغييرات التي حدثت كانت سبب الانقلاب، فلا يستطيع شخص مدني أن يقوم بتغييرات في قيادات الجيش بمصر، والجيش كان يريد أن يتخلص من الحكم صوريا ويستمر بإدارة الحكم من وراء الستار… وأنَّ الرئيس مرسي لم يكن ذكيا ولم يصلح للحكم!! ولكن هو رجل صادق، ونواياه جيدة، ودخل في معركة مع الخصوم.. وحكم مرسي كان رمزيا وينحصر بالقصر فقط، لأنه لم يتمكن من إدارة أي جهاز”.
ولم أكن أرغب فى الرد على هذا الكلام المجحف والمجافى للحقيقة ، كما كنت أتوقع أن يكفينى مؤنة الرد بعض مستشارى الرئيس مرسى، الذين اتهمهم ابن جاسم، بأنهم مساكين ولايصلحون لإدارة دكان من أمثال الدكتور سيف عبدالفتاح وغيره، ولا أدرى لماذا التزموا الصمت إزاء هذه الإهانات التى تمسهم شخصياً؟!!
وبحسب علماء الأصول بخصوص قبول خبر الواحد، فمثل ماجاء به الشيخ حمد مردود، لأن خبر الواحد العدل، لا يفيد إلا الظن، لأنه معلوم بالضرورة أنّا لانصدق كل خبر نسمعه.
وأن هذا الخبر لو أفاد العلم لأدى إلى تناقض المعلومين، فيما لو أخبر ثقة آخر بضد ما أخبر به الأول.
وقد أخبر ثقاة وشهدوا – في حق الرئيس مرسي – بعكس ماورد فى كلام الشيخ حمد!
والسؤال لمعالى الشيخ حمد : طالما كان الإخوان مساكين واستعانوا بفريق من المساكين، ولا يفقهون في الادارة ولاالاقتصاد ، ولا يصلحون لإدارة دكان- على حد زعمه- فلماذا انقلب العسكرعلى هؤلاء الدراويش المساكين، ولم ينتظروا حتى تنقضى فترتهم، ويتم الخلاص منهم بذات الآلية التى جاءوا بها، من خلال صندوق الانتخابات، وليس من خلال صندوق الذخيرة؟!!
وأزيد صاحب المعالى من الشعر بيتاً ، بأن قائد الانقلاب اعترف صراحة في حوار مع صحيفة الواشنطن بوست في 3 أغسطس 2013، بأنَّ سبب انقلابه لم يكن فشل الرئيس مرسى أوعدم ذكائه أو قلة حنكته السياسية، بل قال رئيس الانقلاب صراحة : “لو كان الانقلاب على مرسي بسبب فشله لصبرنا إلى حين انتهاء مدته، ولكنه أراد إحياء المشروع الإسلامي وإعادة الخلافة الإسلامية”.
وفى تصريحات لوكالة أسوشيتد برس في 20 سبتمبر 2014، قال أيضاً : “تحركتُ لأحمي المصريين من خطر الإسلام السياسي”.
وقال وزير خارجية الانقلاب “نبيل فهمي”، لمجلة دير شبيغل، بتاريخ 5 أغسطس 2013، “مرسي أراد تأسيس نظام إسلامي، ولم نكن لنسمح له بذلك فاتفقنا مع الجيش على خلعه”. فالقضية ليست ذكاء ولاسياسية ولا مساكين ولادكاكين ولاباعة جائلين؟!!
القضية أن الغرب “المنافق”، كان مستعجلاً فى الخلاص من الرئيس محمد مرسي؛ لأنه كان حراً منتخباً ولم يكن جنرالا عسكريا قمعياً ، جاء بانقلاب عسكرى، فيسهل ويسلس قياده والسيطرة عليه من خلال عصا الغرب وجزرته.
ولكن الرئيس مرسى – رحمه الله- تعامل مع الجميع بنديّة وكرامة وطنية، وأراد أن يوسع علاقات مصر الدولية مع كل دول العالم ورفض التبعية للغرب وسياسته، ويومها قال الرئيس الأمريكى الأسبق براك أوباما: إنّ مصر لم تعد حليفا لأمريكا.
كما أنه كان يسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء والسلاح، ليضمن استقلال قراره.
وكل هذا – قطعا- ضد رغبة الغرب وتطلعاته للسيطرة والهيمنة على القرار فى مصر.
أما ثالث الأسباب التي أدت إلى الانقلاب عليه؛ فهى أن “مرسى” لم يهرول للتطبيع مع الصهاينة،على عكس العسكر، فتآمرت عليه قوى الشر العالمية من صليبية وصهيونية وعلمانية، وبالتعاون مع قوى إقليمية ومحلية. وهو مايعجز معالى الشيخ حمد، أن يصرح به، حرصا على علاقات بلاده، مع دول تقود محور الشر بالمنطقة.
هذه هى الحقيقة التى صمت عنها معالى الشيخ، قرابة عقد من الزمان، ليخرج علينا اليوم، ويفاجئنا بهذه التصريحات – في حق الرئيس مرسي ومستشاريه – الذي أقل ما توصف به أنها باطلة، ومغرضة.
فى وقت ينشغل فيه العالم بتوترات قد تقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة!!
فالرئيس محمد مرسى -رحمه الله- الذى اتهمه الشيخ حمد بأنّه لم يكن ذكياً، حاصل على الدكتوراه في الهندسة من جامعة جنوب كاليفورنيا 1982.
وعمل فى عدد من الجامعات الأمريكية، مثل جامعة جنوب كاليفورنيا، وجامعة كاليفورنيا، نورث ردج بين عامي 1982 -1985 ، وله عشرات الأبحاث في ”معالجة أسطح المعادن“، وعمل بشركة ناسا للفضاء الخارجي، وذلك لخبرته في التعدين والفلزات، وقام بعمل تجارب واختراعات لنوع من المعادن يتحمل السخونة الشديدة الناتجة عن السرعة العالية للصواريخ العابرة للفضاء الكوني.
كما خاض غمار السياسة في منذ 2000 ،عندما انتخب عضواً بمجلس الشعب، وكان المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين.
واختارته الأمم المتحدة كأفضل برلماني على مستوى العالم في عام 2005.
فضلاً عن طهارة يده؛ فلم يتورط فى أى فساد مالى أو إدارى خلال مسيرته العلمية والسياسية.
وبعد كل ذلك، يخرج علينا من يقول إنَّ الرئيس مرسى -رحمه الله- لم يكن صالحاً للحكم.
فمن يصلح للحكم إذن ؟!! لعل معاليك تقصد أنه لا يصلح للحكم إلا من ترضى عنه أمريكا والغرب، من جنرالات العسكر، ومن شابههم، وأنّ رأي الشعوب في من يحكمها ليس له أي اعتبار.
ستظل الشعوب هي صاحبة الحق الأصيل والكلمة الأولى والأخيرة في اختيار من يعبر عن إرادتها، وإن طال الزمان بالحكم الجائر والمستبد.
ويكفي الرئيس مرسي شرفا أنَّه مات دفاعا عن الشرعية التي كلفه بها الشعب المصري، وأنه حافظ على مصر من أن تنجر للعنف الذي كان من الممكن أن يعصف بها لاقدر له.