21 وفاة و732 انتهاكاً بمقار الاحتجاز في مصر في النصف الأول للعام الجاري

الجمعة - 22 يوليو 2022

توالت التقارير الحقوقية الراصدة لتصاعد الانتهاكات بمصر ، حيث رصد تقرير لمركز" النديم" 732 انتهاكاً في السجون  بمصر منها 21 وفاة نتيجة الإهمال الطبي  خلال  النصف الاول من العام الجاري، وقد تزامن مع ذلك، وفي محاولة للتصدي لتصاعد الانتهاكات بالسجون، يشارك آلاف المعتقلين السياسيين فى إضراب  لمدة 24 ساعة يبدأ في الخامسة عصر اليوم الجمعة،  كما أعلنت رابطة الشباب المعتقلين في السجون المصرية، تصعيد حملتها في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم بالإفراج الفوري عن آلاف المعتقلين، وفي سياق متصل اكد تقرير جديد لصحيفة "الإيكونوميست" أن الحوار الوطني لن يغير الوضع الحقوقي بمصر ولن يُوقف الانتهاكات في حق المعتقلين ولن يسفر عن إفراجات حقيقية ، ولن يوقف سياسات الاستبداد، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

21 وفاة و732 انتهاكاً بمقار الاحتجاز في مصر حتى يونيو

على مدى ستة أشهر مضت من عام 2022، وثّق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب 732 انتهاكاً في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في مصر، من بينها 21 وفاة يمكن البتّ بأنّها بمعظمها نتيجة الإهمال الطبي ونظراً إلى أوضاع السجون المزرية وافتقارها إلى مقوّمات الحياة الصحية.

وبخلاف الوفيات المعلنة رسمياً في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة والتي تسلّم فيها الأهالي جثامين ذويهم لدفنها، ثمّة 43 حالة قتل خارج إطار القانون وثّقها المركز من خلال متابعته الرصدية لكلّ ما يُنشر عن أحداث عنف في الصحف ووسائل الإعلام.

ويجمع مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب أخباراً نشرتها منصات إعلامية مستقلة مختلفة، وحسابات كثيرة على منصات التواصل الاجتماعي، توثّق كلها حالات من الانتهاك ضدّ المصريين من قتل وتعذيب وتكدير وإهمال طبي وإخفاء قسري وعنف. ولا يحمل التقرير رأي فريق في مواجهة آخر، ولا يمثل وجهة نظر أحد، بحسب ما يؤكده المركز.

ورصد المركز في "أرشيف القهر" للنصف الأوّل من العام الجاري، 24 حالة تعذيب فردي، و315 حالة تكدير فردي، و14 حالة تكدير جماعي، و72 حالة إهمال طبي متعمّد، و168 حالة إخفاء قسري، و829 حالة ظهور مختفين قسرياً منذ مدد وفترات متفاوتة، بالإضافة إلى 75 حالة عنف من الدولة.

وبالنسبة إلى حالات القتل خارج إطار القانون، فقد نشرت أخبار مقتل 43 شخصاً، جميعم من دون أسماء، باستثناء أحمد سمير النحال الذي قُتل في منطقة الشيخ زويد بسيناء بقذيفة مدفعية أطلقتها قوات الجيش المصري، وبتصنيف حالات القتل، رصد المركز تسع حالات في محافظة الدقهلية و34 حالة في شمال سيناء.

وبحسب ظروف القتل، 10 منهم قُتلوا في حملة للقوات المسلحة، و16 في حملة أمنية و16 في قصف جوي.

وعن أسباب حالات الوفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، 10 حالات وفاة أتت نتيجة الإهمال الطبي، وحالتان في فترة الإخفاء القسري، وأربع حالات نتيجة التعذيب، وحالة واحدة للاشتباه في التعذيب، وحالة تصفية واحدة، وخمس حالات غير معروفة السبب.

وبتصنيف الوفيات الواحدة والعشرين وفقاً للمكان، فقد توفي 12 مواطناً في السجون، وستّة في أقسام الشرطة، واثنان في أثناء الإخفاء القسري، وواحد في مستشفى السجن.

أمّا عن أشكال التعذيب، سواء الفردي أو الجماعي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، فمن بينها الضرب، والنقل إلى زنزانة انفرادية بالقوة، والسحل، والصعق بالكهرباء في أماكن مختلفة وحساسة في الجسم، وربط اليدَين من الخلاف والتعليق بالأرجل، ورمي البراز في الوجه، وعصب العينَين.

أمّا التكدير الفردي أو الجماعي فأتيا على شكل حرمان من التعيين (طعام السجن)، وقطع المياه لأيام، ومنع الزيارات لسنوات، وتقليص وقت الزيارة وما تتضمّنه من طعام ومستلزمات للحدّ الأدنى، ومنع دخول الأدوية والملابس، وتجريد الزنازين، بالإضافة إلى حلق الشعر عنوة، والضرب الجماعي، ومنع التريّض والخروج من الزنازين، وحبس أعداد كبيرة في زنازين مكتظّة.

جدر الإشارة إلى أنّه في تقريره السنوي "أرشيف القهر" لعام 2021، وثّق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب 1530 انتهاكاً مختلفاً، لافتاً إلى أنّ تفاصيل حالة واحدة منها كفيلة بأن "تُذهب رشد العاقل وأن تمنع النهار عن أعين المبصرين". ورصد في العام الماضي 119 حالة قتل، و55 حالة وفاة في مقار الاحتجاز المختلفة، و48 حالة تعذيب فردي، و598 حالة تكدير فردي، و62 حالة تكدير جماعي، و201 حالة إهمال طبي، و431 حالة إخفاء قسري، و867 حالة ظهور بعد اختفاء قسري لمدد متفاوتة، و108 حالات عنف من الدولة.

وإضراب المعتقلين اليوم اعتراضا على تصاعد الانتهاكات

وفي سياق الانتهاكات المتصاعدة في حق المعارضين،  يشارك آلاف المعتقلين السياسيين في سجون مصر فى إضراب محدود عن الطعام لمدة 24 ساعة يبدأ في تمام الخامسة عصر اليوم  الجمعة   22 يوليو 22، وينتهي في اليوم التالي السبت 23 يوليو بوقفات احتجاجية داخل الزنازين في تمام الرابعة عصرا ولمدة ساعة، بالقرب من فتحات الأبواب (النظارات).

وجددت رابطة الشباب المعتقلين في السجون المصرية الدعوة إلى الإفراج الفوري عن آلاف المعتقلين الذين يتعرضون لظروف حبس مميتة، لاسيما من المرضى وكبار السن وأكدت على أن آلاف المعتقلين ينتظرون الموت المحقق داخل السجون التي تفتقر لأدنى معايير السلامة وصحة الإنسان .

وقالت في بيان صادر عنها تعقيبا على وفاة المعتقل محمود عثمان بسجن برج العرب بعد تدهور حالته الصحية وعدم حصوله على الرعاية الطبية اللازمة  "القادم أسوأ داخل السجون ما لم تتبدل الظروف بشكل عاجل".

وأشارت إلى أن هذه هي الوفاة الرابعة منذ بداية الشهر الجاري، والثامنة عشر منذ بداية العام، وأن الآلاف من المعتقلين ينتظرون نفس المصير، ما دامت الأوضاع المأساوية كما هي، وما استمر ضمير الإنسانية في سبات عميق.

وتابعت في بيانها ، هنا عليك أن تمرض في هدوء، وأن تموت في صمت، فالاعتراض على سوء الأوضاع عواقبه وخيمة، والطرق على باب الزنزانة للإبلاغ عن حالة مرضية طارئة يعرضك لحساب عسير، ولا ينفع المريض في شيء.

وأضافت ، هنا مبان يطلق عليها  مستشفيات ، ولكن الهدف منها ليس توفير رعاية طبية للمحبوسين، وإنما لاستقبال الزائرين من الإعلاميين وغيرهم وإجراء مشاهد تمثيلية للتصوير، وهنا أطباء ضباط يحملون الرتب، لكنهم لا يعرفون شيئا عن شرف مهنة الطب، ودورهم مقصور على توبيخ وإهانة من يخرج إليهم من المرضى، وفبركة التقارير الطبية حال وفاة المريض

واستكمل البيان ، هنا آلة فريدة من نوعها للقتل البطئ، تستحق أن تسجل كبراءة اختراع لنظام يعرف كيف يمرر جرائمه في عالم الواقعية والمصالح، أخبار متوفينا ستصلكم كل يوم أينما كنتم، طالما استمرت جريمة الإهمال الطبي، ومن قبلها جريمة اعتقالنا وسلبنا حريتنا

واختتم البيان ، إن رابطة الشباب المعتقلين لتنعي ببالغ الأسى متوفيها بالسجون، وآخرهم المهندس محمود عثمان اللبان والتضامن مع عاداتهم

إلى ذلك دقت الشبكة المصرية ناقوس الخطر للالتفات لحالة الصحفي سيد عبداللاه المعتقل في سجن طرة المزرعة، والمحبوس احتياطيا منذ 22 سبتمبر 2019 ، حيث فقد الأمل في الحياة ويفكر بالانتحار بحسب زوجته التي وثقت الشبكة استغاثتها لإنقاذه بعد تدهور حالته الصحية والنفسية.

وأعلنت الشبكة عن تضامنها مع الصحفي المعتقل وأسرته، وحملت سلطات الانقلاب المسؤلية الكاملة عن حياته وسلامته وطالبت النائب العام بالتدخل وإنهاء معاناته، والوقوف على حالته الصحية والنفسية المتدهورة، نتيجة ظروف الحبس والاعتقال القاسية، وذلك قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه -لا قدر الله-.

وإيكونوميست: الحوار الوطني لن يغير الوضع الحقوقي بمصر

استبعدت إيكونوميست أن يؤدي الحوار الوطني الذي دعا إليه عبد الفتاح السيسي، المقرر أن يبدأ رسميا خلال شهر يوليو الجاري، إلى عكس اتجاه مصر نحو الاستبداد.

وأشارت إلى أن النظام المصري استبعد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التي أدارت الحكومة السابقة ولديها أكبر مجموعة من السجناء السياسيين، من المحادثات.

ولفتت إلى أن أحزاب المعارضة الأخرى تشارك في “الحوار الوطني” بهدف إخراج أعضائها من السجون، مشيرة إلى أن زعيم المعارضة اليساري المعتدل حمدين صباحي، ظهر على شاشة التلفزيون وهو يعانق السيسي بعد الإعلان عن الحوار، عقب يومين من إطلاق سراح رفيق مقرب له هو حسام مؤنس.

وأكدت أن السيسي عندما تولى السلطة، قام في البداية بقمع خصومه الإسلاميين، وخاصة الإخوان المسلمين، لكن في السنوات الأخيرة، كان القمع موجهاً على نطاق أوسع إلى أي شخص ينتقد السياسة الاقتصادية للرئيس، أو يشكو من التحرش الجنسي، أو يسيء إلى الأعراف المحافظة.

وأضافت: “كل هؤلاء النقاد يخاطرون بالذهاب إلى السجن. المحاكمات العادلة نادرة”.

ونبهت إلى أن الأقل عرضة للمساءلة عن الانتهاكات في مصر هي الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أن الفترة الماضية شهدت تسريب مقطع مصور يظهر التعذيب في قسم شرطة القاهرة، وبدلاً من التحقيق مع الشرطة، فقد قدم المدعي العام الضحايا المزعومين إلى المحاكمة، متهماً إياهم بتقويض الشرطة من خلال اختلاق قصة تعذيب.

وأكدت أن السلطات المصرية تتحكم في الخطاب العام بشكل أكثر صرامة من أي وقت مضى بعد وصول السيسي إلى السلطة، حيث اشترت أجهزة المخابرات العديد من القنوات التلفزيونية الرئيسية، ويقوم المسؤولون بإدخال نقاط الحوار في برامج الشؤون الجارية والموافقة على نصوص المسلسلات التلفزيونية.

وأشارت إلى أن من ينتقدون السيسي معظمهم يعيشون في الخارج، “لكن حتى هؤلاء لم يسلموا، حيث يتعرض أقارب المدافعين عن حقوق الإنسان لحظر السفر، وكثيرا ما يتم تجميد أصولهم”

وتابعت بأنه “من المستحيل حساب عدد الأشخاص وراء القضبان بسبب المعارضة غير العنيفة، لكن يجب أن يصل عددهم إلى عشرات الآلاف”.

وبينت أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم الدقة هو أن الكثير من نظام العدالة أصبح تحت سيطرة نيابة أمن الدولة العليا الغامضة في مصر، فقد ارتفع عدد القضايا التي يحضرها في عهد السيسي من 529 حالة جديدة في عام 2013 إلى 2800 حالة العام الماضي.

وعادة ما يتم اتهام المشتبه بهم بالانضمام إلى منظمة إرهابية أو نشر معلومات كاذبة. وفي كثير من الأحيان لا يتم إخبارهم بالجماعة المسلحة المتهمين بالانضمام إليها – “لأسباب تتعلق بالأمن القومي”

وفي العام الذي تلا انقلاب السيسي، أحصت جماعات حقوق الإنسان التي يتزعمها السيسي حوالي 45 ألف معارض قدموا إلى المحكمة. تم تحميل حصيلة القضايا على وثيقة مفتوحة المصدر تمت مشاركتها على نطاق واسع تسمى Wiki Thawra (ثورة Wiki). لكن سرعان ما أصبح من الصعب تتبع الأرقام.

وبمجرد اتهام أحد الناقدين بأنه يستحق إسكاته بأنه إرهابي، فإنه يتم التعامل مع قضيته من قبل الأمن المصري، والذي غالبًا ما يمنع الوصول إلى محامي الدفاع ويبقي الأدلة وملفات القضية سرية – مرة أخرى، لأسباب تتعلق بالأمن القومي. عندئذ يصبح عد السجناء أو تعقبهم أكثر صعوبة، بل يستحيل في بعض الأحيان.

وصعوبة أخرى في جمع الأرقام هي أن قضية واحدة يمكن أن تشمل عددًا كبيرًا من المتهمين. ووجدت مجموعة حقوقية أنها فتحت 2800 قضية العام الماضي. وحتى 7 حزيران/ يونيو، تمت إحالة تسعة منهم فقط للمحاكمات، من بينهم 336 متهمًا.

وفي عام 2016، قدّرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي مجموعة حقوقية مصرية أُجبرت على الإغلاق هذا العام، أن عدد السجناء السياسيين قد ارتفع إلى 60 ألفًا

ويحدد القانون المصري مهلة عامين قبل محاكمة المشتبه بهم أو الإفراج عنهم. لكن المدعين العامين يتغلبون على هذا ببساطة من خلال إعادة تكليف المشتبه بهم بقضايا جديدة، وهو جهاز شائع جدًا لدرجة أنه يُعرف باسم “التناوب”. وبالتالي، فإنه يمكن إعادة ضبط الساعة واحتجاز المشتبه بهم إلى أجل غير مسمى دون محاكمة، حتى لو كانت جريمتهم الأولية الوحيدة هي نشر ملاحظة مقلقة على الإنترنت.

ويقوم المحققون بانتظام بتعذيب المشتبه بهم بالصدمات الكهربائية أو تعليقهم من أطرافهم على أمل أن يعترفوا. وأصبح الحكم أشد. وأدانت المحاكم المصرية ما لا يقل عن 356 شخصا بالإعدام العام الماضي، وهو أعلى رقم في العالم بعد الصين وإيران.

وغالبًا ما يتعرض النزلاء للضرب والحرمان من الزيارات ومن الهواء النقي والرعاية الطبية العاجلة. ويمكن أن تكون زنزانات الحبس الانفرادي صغيرة للغاية بحيث لا يمكن الاستلقاء فيها.

وتوفي أكثر من 1000 شخص في الحجز منذ عام 2013، بما في ذلك الرئيس الذي أطاح به السيسي، محمد مرسي، أحد قيادات الإخوان المسلمين، إثر نوبة قلبية في المحكمة في عام 2019 بعد حرمانه من العلاج في السجن لارتفاع ضغط الدم والسكري

وفي محاولة لتحسين الصورة المتلطخة، أعادت السلطات المصرية تسمية السجون هذا العام بـ”مراكز الإصلاح والتأهيل”، وتم تغيير تسمية حراس السجون إلى “المديرين”، وتم كذلك نقل بعض السجناء إلى مجمعين جديدين يفترض أن ظروفهما أفضل.