2022 .. عام إحكام الخناق على الحريات في مصر
الأربعاء - 4 يناير 2023
- "استراتيجية السيسي الحقوقية" تحولت إلى وهم وحبر على ورق طوال عام 2022
- 100 يوم بعد إعلان "الاستراتيجية": 1046 اعتقالًا تعسفيًّا و187 حالة إخفاء قسري
- قتل 45 معتقلا في عام 2022 بسبب الإهمال الطبي المتعمد والتنكيل بآلاف غيرهم
- 3153 حالة إخفاء قسري خلال العام من إجمالى 16355 حالة خلال 9 سنوات مضت
- قتل 62 مختفي قسريا خارج نطاق القانون.. ومئات الحالات لم تظهر حتي نهاية 2022
- تصاعد الانتهاكات في السجون ومقرات الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية..وأولها التعذيب
- منع الزيارات بحق آلاف السجناء السياسيين ومعظمهم من قيادات الإخوان في سجن بدر
- تعرض المسجونين في "بدر" للتعذيب والضغط النفسي والمعنوي منذ نقلهم من العقرب
- مع دخول شتاء 2022.. تجريد المعتقلين من امتعتهم ومنع الملابس الثقيلة والأغطية
- بعد تطبيق الاستراتيجية المزعومة: تنفيذ الإعدام بحق 105 مواطنين في 25 قضية ملفقة
- أحكام بالإعدام ضدّ 455 شخصاً حتى سبتمبر 2022 في 258 قضية منها 8 سياسية
- اختلال العدالة نتج عنه استمرار 35 ألف معارض تحت الحبس الاحتياطي وتدوير 3 آلاف
- أحكام الإدراج على قوائم الإرهاب بلغت 12 ألف حالة منذ عام 2014 إلى عام 2022
- أكثر من 750 انتهاكا بحق صحافيين وإعلاميين في 2022 منها 26 في ديسمبر فقط
- المعتقلون المفرج عنهم لم يسلموا من التضييق بحرمانهم من العودة للعمل و قطع أرزاقهم
إنسان للإعلام- خاص:
في الحقلة الثالثة من حصاد عام 2022، نتناول الحصاد الحقوقي لهذا العام، حيث حمل العام بين طيات شهوره فظائع للعسكر، ارتكاب النظام خلالها أشد أنواع الظلم والقهر ومصادرة الحريات.
نبدأ بأخطر الجرائم التى ارتكبها نظام السيسي، وهى القتل بالإهمال الطبي المتعمد للمعتقلين ، والإخفاء القسري، حيث رصد مركز الشهاب لحقوق الإنسان في تقريره المشهد الحقوقي لعام 2022 ارتقاء 45 مواطنا داخل السجون نتيجة الإهمال الإهمال الطبي في ظل ظروف الاحتجاز المأساوية التي تفتقر لأدنى معايير السلامة وصحة الإنسان
وقال إن زيادة عدد الوفيات بين المحبوسين السياسيين داخل السجون ومقار الاحتجاز، يؤكد أن السجون وأماكن الاحتجاز في مصر غير مهيأة للنزلاء طبقا للقوانين والمواثيق الدولية، وأنها لا تتبع الاشتراطات الخاصة في القواعد الدنيا لمعاملة السجناء.
كما يعكس انعدام الرعاية الطبية داخل السجون وأماكن الاحتجاز ، بشكل متعمد، وأن العيادات والمستشفيات داخل السجون غير مهيأة ومجهزة بشكل كامل لمداواة المرضي ، فضلا عن التعقيدات الشديدة التي تنتهجها إدارة السجون في نقل المحبوسين للعيادات والمستشفيات وعدم جهوزية الأطقم الطبية داخل السجون وأماكن الاحتجاز للتعامل مع المرضى .
وذكر أنه خلال التسعة سنوات الماضية قضى نحو (865) محتجزا داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة،
وشهد عام 2020 وفاة 73 مواطنًا نتيجة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر، وخلال السنوات السبع السابقة، قضى نحو 774 محتجزًا داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، من بينهم 73 في عام 2013، و166 في 2014، و185 محتجزًا في 2015، و121 محتجزًا خلال 2016، و80 محتجزًا في 2017، و36 محتجزا خلال 2018، و40 محتجزا في عام 2019.
وبالنسبة للإخفاء القسري، بلغ عدد حالات المخفيين قسريا لعام 2022 (3153) حالة رصدها المركز، حيث وصل عدد المخفيين قسريا في مصر خلال تسعة سنوات (16355) حالة، تشمل كافة الأعمار السنية في المجتمع المصري.
ووثق التقرير قتل 62 مخفيا قسريا خارج نطاق القانون من قبل الدولة رغم توثيق اختفائهم السابق ، مشيرا إلى وجود حالات لمخفيين قسريا لم يظهروا حتى كتابة التقرير، اختفوا في أحداث يوم فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة وما بعدها ، إضافة إلى حالات تم إلقاء القبض عليها، ولم يظهروا حتى كتابة التقرير، وما زالوا مختفين قسريا.
وأشار المركز إلى أنه وردته قرابة 103 شكوى واستغاثة من الانتهاكات داخل السجون والمعتقلات التي تفتقر لأدنى معايير سلامة وصحة الإنسان ، وتلخصت الانتهاكات داخل السجون وأماكن الاحتجاز في أن تعامل مصلحة السجون ومأموري السجون والضباط وأمناء الشرطة يكون بغلظة شديدة مع المحبوسين واستعمال القسوة معهم في أشد صورها.
أيضا يعاني المحبوسون من الإهمال الطبي الشديد وعدم تقديم الرعاية الطبية الكافية لهم وخاصة مع وباء كوفيد 19 كورونا ، و أدى هذا الإهمال الطبي لزيادة عدد الوفيات وزيادة الأمراض داخل السجون وأماكن الاحتجاز زيادة كبيرة.
يضاف إلى ذلك التكدس الشديد في إعداد المحبوسين في أماكن الاحتجاز بشكل كبير؛ لكثرة عددهم ولضيق مساحة العنابر والزنازين ، وتعمد مصلحة السجون عدم مراعاة النظافة للعنابر وأماكن الاحتجاز وعدم توفير دورات مياه صحية وعدم مراعاة التهوية الصحيحة وتقديم طعام سيئ وبدون ملح في بعض الأحيان ولا تراعى الاشتراطات الصحية للطعام الصحي و غلق كافتيريا السجن الكانتين لعدم السماح للسجناء بشراء طعام أو شراب من الحساب الشخصي له من الأمانات التي يضعها أسرهم وقطع الكهرباء والمياه عن العنابر والزنازين لفترات طويلة، مع استمرار حملات كبيرة لمصادرة المتعلقات الشخصية من ألبسة وأدوية طبية والغطاء وغيره في أحيان كثيرة وتعرض بعض المحبوسين لحفلات من التعذيب والتهديد وغيره من المعاملات القاسية بشكل متكرر وفي سجون مختلفة.
ورصد التقرير تعرض بعض المحبوسين للضرب والسحل والكهرباء والإهانة الشديدة وغيره من أصناف التعذيب المتعددة، وخاصة عند الدخول للسجن في أول مرة ويطلق عليها لفظ (التشريفة ).
ورصد أيضا منع ممارسة الرياضة أو الخروج من العنابر لفترات طويلة ومنع التعرض ومنع الزيارات للأهالي عن المحبوسين لفترات طويلة، ومنع دخول أي متعلقات شخصية للمحبوسين أثناء الزيارة في بعض الأحيان و إبداع المسجون أو المحبوس في حبس انفرادي بصفة دائمة وآخرين بصفة مؤقتة، مع مصادرة كافة المتعلقات الشخصية داخل الحبس الانفرادي وتغريب بعض المحبوسين كنوع من العقاب ووضعهم في سجون وأماكن احتجاز بعيدة جدا عن أماكن إقامة عائلاتهم وذويهم.
فضلا عن منع السجين أو المحبوس من الاطلاع على القضايا المتهم فيها، وعدم السماح له بالاحتفاظ بنسخة منها ومنع اقتناء أدوات الكتابة من أوراق وأقلام ليدون السجين أو المحبوس ما يشاء ومنع اقتناء الكتب والصحف والاطلاع عليها.
وشدد التقرير على ضرورة مراعاة البعد الإنساني والإفراج فورا عن المرضى الذين يحتاجون رعاية خاصة وغير متواجدة داخل مستشفيات السجون، ويمثل تواجدهم خطرا على حياتهم داخل السجون أو مستشفياتها، مع تسهيل كافة الإجراءات بشكل عاجل وفوري لتقديم الرعاية اللازمة طبيا وبشكل سريع لأي سجين أو محبوس تعرض أو يتعرض لمرض ما؛ من أجل المحافظة على حياتهم.
كما أوصى بفتح الزيارات طبقا للقانون والامتناع عن العقاب بالحبس الانفرادي لفترات طويلة والإفصاح فورا عن أمكان احتجاز كافة المختفين قسريا ووقف هذه الجريمة وفتح تحقيق دولي شامل في كافة جرائم التعذيب والإخفاء القسري، ومحاسبة مرتكبيها ومنع إفلاتهم من العقاب وإرسال لجنة تقصي حقائق دولية للوقوف على جريمة الإخفاء القسري أوضاع السجون ومقرات الاحتجاز في مصر."1"
انتهاكات حقوقية متصاعدة في السجون
وقد شهدت السجون المصرية تصاعد للانتهاكات على مدار عام 2022، حيث قالت منظمة حقوقية دولية، إن مراكز الاحتجاز في مصر شهدت 1453 انتهاكا خلال الربع الأخير من العام فقط ، داعية إلى تحسين ظروف السجون وأوضاع المعتقلين.
جاء ذلك في تقرير ربع سنوي أصدرته مؤسسة "كوميتي فور جستس"، من خلال مشروعها "مراقبة الانتهاكات داخل السجون ومراكز الاحتجاز المصرية" الذي يغطي الفترة من يوليو/تموز حتى سبتمبر/أيلول 2022.
وحول أنواع الانتهاكات التي رصدتها المنظمة، جاءت النسبة الأعلى منها للانتهاكات ضمن الحرمان من الحرية تعسفيًا بواقع 1351 انتهاكًا، تليها الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري بواقع 48 انتهاكًا، ثم سوء أوضاع الاحتجاز بواقع 26 انتهاكًا، ثم الوفاة داخل مقار الاحتجاز والتعذيب بواقع 19 و9 انتهاكات على الترتيب.
وبحسب تحليل بيانات الضحايا ومهنهم في التقرير، كان نصيب الضحايا الناشطين سياسيًا هو الأعلى بواقع 11 انتهاكًا مناصفةً مع الضحايا أصحاب المهن الإعلامية والصحافية والضحايا أصحاب المهن الهندسية، يليهم المدافعون عن حقوق الإنسان بواقع 7 انتهاكات.
وفي مايو 2022 الماضي، رصدت "كوميتي فور جستس" في تقريرها عن أوضاع حقوق الإنسان في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في مصر في خلالالمدة من منتصف عام 2021 الماضي الى بدايات 2022، نحو 7369 انتهاكاً في 66 مقراً رسمياً وغير رسميّ للاحتجاز، توزّعت بين 19 محافظة بمختلف أنحاء الجمهورية وأتت بأنماط متعددة؛ تصدّرها الحرمان من الحرية تعسفياً بواقع 4885 انتهاكاً، ثمّ الإخفاء القسري بواقع 1668 انتهاكاً، وسوء أوضاع الاحتجاز بواقع 598 انتهاكاً، والتعذيب بواقع 156 انتهاكاً، والوفاة في مقار الاحتجاز بواقع 62 حالة.
أمّا لجهة أنواع مقار الاحتجاز، فأشارت المنظمة إلى أنّه من بين 1144 انتهاكاً تمكّنت المنظمة من تحديد المقار التي وقعت فيها، حلّت في الصدارة السجون المركزية/ العمومية/ الليمانات مع نحو 66 في المائة (763/1144)، تلتها الأقسام ومراكز الشرطة مع نحو 20 في المائة (229/ 1144). ثمّ أتت معسكرات الأمن المركزي مع 93 انتهاكاً، ودور الرعاية الخاصة بالأطفال الأحداث مع 31 انتهاكاً. "2"
كما رصد حصاد أرشيف القهر للنصف الأول من العام الجاري 2022 الصادر عن مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب 732 انتهاكا متنوعا بالسجون المصرية ، يضاف إلى ذلك 24 حالة تعذيب فردي و315 حالة تكدير فردي فضلا عن 14 حالة تكدير جماعي و72 حالة إهمال طبي و75 من حالات عنف الدولة"3"
ورصد المركز 120 انتهاكًا في نوفمبر/تشرين الثاني و76 انتهاكًا في ديسمبر/كانون الأول الماضيين.
ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، رصد المركز خمس حالات قتل، وخمس حالات وفاة في مراكز الاحتجاز، و4 حالات تعذيب فردي، و15 حالة تكدير فردي، وحالة تكدير جماعي، وخمس حالات إهمال طبي متعمد، و22 حالة إخفاء قسري، و6 حالات تدوير متهمين على أكثر من قضية، وظهور 232 حالة إخفاء قسري بعد اختفاء لمدد وفترات متفاوتة، و13 حالة عنف من الدولة. أما في نوفمبر/تشرين الثاني، الذي شهد 120 انتهاكًا حسب حصر المركز، فتوزعت على حالة قتل واحدة، و7 حالات وفاة في السجون ومقار الاحتجاز، وحالة تعذيب فردي، و8 حالات تكدير فردي، و12 حالة تكدير جماعي، و18 حالة إهمال طبي متعمد، و34 حالة إخفاء قسري، و11 حالة تدوير على ذمة قضايا جديدة، و28 حالة عنف من الدولة.
وخلال باقي أشهر العام الماضي، رصد المركز، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، 124 انتهاكًا بينها حالتا وفاة في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية، و3 حالات تعذيب فردي، و15 حالة تكدير فردي، و17 حالة تكدير جماعي، و17 حالة إهمال طبي، و33 حالة إخفاء قسري، و20 حالة تدوير متهمين على ذمم قضايا جديدة، وظهور 164 مواطناً عقب فترات متباينة ومتفاوتة من الاختفاء القسري، فضلًا عن 17 حالة عنف من الدولة.
وقال المركز إن من بين 732 انتهاكًا في السجون ومقار الاحتجاز، هناك 21 حالة وفاة، يمكن البت بأن معظمها نتيجة الإهمال الطبي، بالنظر لأوضاع السجون المزرية وافتقارها إلى مقومات الحياة الصحية.
وأكد أن "السلطات المصرية تواصل للعام الخامس على التوالي سياسة منع الزيارات بحق أكثر من 1000 سجين سياسي، بعضهم محروم من الزيارات منذ عام 2016، وآخرون منذ عام 2017، منذ وجودهم في سجن العقرب سيئ السمعة وحتى بعد نقلهم إلى سجن بدر الجديد".
وبحسب التقرير، فإن "المحتجزين داخل سجن بدر3، يتعرضون للتعذيب والضغط النفسي والمعنوي، عبر وضعهم في زنازين شديدة الإضاءة طوال اليوم، ما يؤثر على سلامتهم العقلية، مع وضع أدوات مراقبة صوتية وبصرية، تعمل طوال الوقت، ما يجعل السجين يشعر بحالة عدم أمان نفسي".
كما تمنع إدارة السجن المحتجزين من "التريض وتمنع عنهم الزيارات وتتحكم في كمية الأطعمة والملابس التي يسمح بدخولها".
وأدت الانتهاكات التي يشهدها السجن، إلى دخول عدد من المعتقلين في سجن بدر في إضراب عن الطعام، احتجاجا على حرمانهم من الزيارات."4"
ومع دخول فصل الشتاء في عام 2022 ، واصل نظام السيسي قتل المعتقلين بالبطيء في الزنازين، من خلال حرمانهم من حقهم في الملابس الثقيلة والأغطية والأدوية، وجميع وسائل التدفئة.
وأعربت منظمات حقوقية مصرية، بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، عن استهجانها ورفضها لما وصفته بـ "استمرار سلطات السجون تطبيق سياسة حرمان، وتجريد آلاف السجناء من مختلف الأمتعة والملابس والأغطية، والأغراض الشخصية" بالرغم من مزاعم تطبيق استراتيجية جديدة لحقوق الانسان .
ورصدت الشبكة نقل سلطات الأمن المصرية الأسبوع الماضي حوالى 570 سجيناً سياسياً من سجن "ليمان 440" بوادي النطرون إلى مجمع سجون وادي النطرون الجديد للإصلاح والتأهيل، حيث لم تسمح السلطات الأمنية بأخذ الأمتعة والأغراض الشخصية التي تتضمن ملابس وأغطية وأدوات أخرى.
وكانت الشبكة وثقت اتخاذ سلطات السجون المصرية تدابير مماثلة لدى ترحيل أعداد كبيرة من المعتقلين في الأشهر الماضية من مجمع سجون طرة إلى سجن "ليمان أبو زعبل 2"، وأيضاً ترحيل آلاف آخرين إلى مركز "بدر" للإصلاح والتأهيل، وقالت إن "السلطات حرمت السجناء من أخذ مقتنياتهم الخاصة والشخصية، ولم تزودهم ببدائل لها في السجنين الجديدين، رغم مرور أشهر على نقلهم إلى مركزي الاعتقال الجديدين المزودين، بحسب مزاعم السلطات، بأجهزة تفتيش ومراقبة تتيح كشف المخالفات بين الأغراض الشخصية الخاصة بالسجناء، ما يضع علامات استفهام كثيرة حول موقف أجهزة الأمن، وممارساتها الحالية في حق السجناء.
وتُعَدّ حملات تجريد الزنازين مع دخول فصل الشتاء، أشد أنواع التنكيل التي تمارسها السلطات، ولعلّ آخرها ما حدث في سجن أبو زعبل 2، إذ أكّدت منظمات حقوقية مصرية تلقّيها استغاثات من أهالي السجناء حول معاناتهم من البطش والتنكيل من قبل ضباط الأمن الوطني. وجاء أنّ "هذه الاستغاثة العاجلة من معتقلي سجن ليمان أبو زعبل 2، بعد تهديدهم من قبل ضابط الأمن الوطني على مدار الشهور الماضية ، وذلك بالتزامن مع ترحيل السلطات الأمنية المصرية مئات المعتقلين السياسيين من سجون منطقة طرة إلى سجون أبو زعبل، حيث مارست الأجهزة الأمنية بليمان أبو زعبل 2 وبأوامر مباشرة من ضباط الأمن الوطني حملات تجريد وتعذيب جماعي، شملت الضرب بالأيدي والركل بالأرجل والإهانة اللفظية والسباب والشتائم". "5"
وهم استراتيجية السيسي الحقوقية
وخلال عام 2022 ، تحولت "استراتيجية السيسي الحقوقية" التي أصدرها النظام في 11 سبتمبر 2021 إلى وهم، وتراجعت الحريات وتصاعدت الانتهاكات، وعادت مصر للخلف مراحل عديدة في حقوق الانسان بعد التصاعد المستمر للانتهاكات.
وبالرغم من "البروباجندا" التي أحاطت بهذه الاستراتيجية، وجدنا بعد 100 يوم من اصدارها، تقريرا لمنظمة "كوميتي فور جستس " يؤكد رصد 1046 اعتقالًا تعسفيًّا في 10 محافظات مصرية مختلفة، و187 حالة اختفاء قسري، منهم 11 شخصًا تمَّ إخفاؤهم داخل مقارّ الاحتجاز بعد حصولهم على حكم بالبراءة من محكمة أمن الدولة طوارئ وتمَّ تدويرهم على قضايا جديدة، خلال 3 أشهر في الفترة من 10 سبتمبر/ أيلول 2021 إلى 10 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه.
وفي خلال تلك الفترة تعرّض 53 متهمًا للتدوير (إعادة الاعتقال في تُهم جديدة بعد البراءة أو انتهاء مدة الحبس الاحتياطي القانونية)، مثل محتجزي معسكر قوات الأمن المركزي بأسوان، الذين حصلوا على قرار بإخلاء السبيل وفوجئوا بقوات الأمن تقوم بنقلهم في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني من أسوان إلى التجمع الخامس بالقاهرة لمقرّ نيابة أمن الدولة العليا، للتحقيق معهم على ذمة القضية 2380/ 2021 حصر أمن دولة عليا، ثم نقلهم إلى سجن القناطر للرجال في رحلة دامت 72 ساعة، وذلك عقب يومَين فقط من نجاتهم من الموت بسبب السيول التي غمرت أسوان خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي."6"
ونشرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تقريرها الذي حمل عنوان "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان: بين الواقع المؤلم وصناعة الأوهام.. مصر إلى أين؟ "، رصدت فيه الحصلية الأولية لانتهاكات حقوق الإنسان خلال العام الأول للإستراتيجية، حيث شهد وفاة 45 معتقلا سياسيا وجنائيا، وتنفيذ حكم الإعدام بحق 7 وإصدار 32 حكماً بالإعدام، وإحالة أوراق 6 معتقلين متهمين في قضايا سياسية للمفتي ، كذلك استمرار حبس 56 صحفيا واعلاميا، وحبس المئات من المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وقد ظهر بوضوح فضيحة هذه الاستراتيجية من خلال مؤتمر"كوب 27"، الذي عقد في أكتوبر 2022، و تحول لمؤتمر فضح الانتهاكات الحقوقية بمصر، وأثيرت فيه القضايا الحقوقية بشكل كبير، وتحول مؤتمر الناشطة سناء عبد الفتاح، التى أثارت قضية اخيها علاء وقضايا المعتقلين بمصر، لفضيحة عالمية كشفت زيف هذه الاستراتيجية. "7"
أحكام مسيسة وانحراف مسارات العدالة
وفي الحصاد القضائي، أصدرت محاكم مصر في عام 2022 أحكاماً بالإعدام في عدد من القضايا، من بينها أحكام باتّة نهائية، في حين أنّ أحكاماً أخرى ما زالت قابلة للتخفيف في مراحل تقاضي لاحقة.
وفي العام الماضي، رصد مركز الشهاب لحقوق الإنسان، في تقرير له، في نهاية ديسمبر الماضي ، صدور سبعة أحكام إعدام في قضايا سياسية، صدر أربعة منها في النصف الأوّل من العام، والثلاثة الأخرى في النصف الثاني منه، ففي فبراير/ شباط، حكمت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ بإعدام اثنَين، إلى جانب أحكام بالمؤبّد والسجن بحقّ آخرين في قضية "جند الله".
وفي مارس/ آذار، أصدرت محكمة جنايات الزقازيق الدائرة السادسة، أحكاماً بالإعدام بحقّ أربعة مواطنين، من بينها حكم واحد غيابي، إلى جانب أحكام بالمؤبّد والسجن بحقّ آخرين، وذلك على ذمّة قضية 3321 لسنة 2016 جنايات أبو كبير
وفي يونيو/ حزيران، قضت محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا الفيوم دائرة الإرهاب، بالإعدام بحقّ ثلاثة مواطنين، وبأحكام المؤبّد والسجن بحقّ آخرين. وفي الشهر نفسه، صدر حكم آخر بالإعدام بحقّ 10 مواطنين وحكم بالمؤبّد بحقّ 56 آخرين، إلى جانب أحكام بالسجن المشدّد وبالبراءة بحقّ آخرين، وذلك في قضية كتائب حلوان رقم 451 لسنة 2014 حصر أمن دولة عليا.
وفي سبتمبر/ أيلول، حكمت محكمة جنايات شبين بالإعدام بحقّ ستّة مواطنين في قضية اللجان النوعية ، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، ثُبّت حكم بالإعدام بحقّ مواطن، وخُفّفت أحكام أخرى بالإعدام بحقّ آخرين في درجة النقض، في القضية رقم 108 ، وفي ديسمبر/ كانون الأول، صدر حكم بالإعدام بحقّ خمسة مواطنين وأحكام بالمؤبّد والسجن بحقّ آخرين في قضية شقة الهرم.
وفي الإجمال، ما زال التوسّع في إصدار الأحكام وتنفيذها مستمراً في مصر، على الرغم من كلّ الجهود الحقوقية والمجتمعية الهادفة إلى الحدّ من تلك الأحكام.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أدرجت مصر في المرتبة الأولى عالمياً على قائمة الدول الأكثر إصداراً لأحكام الإعدام في عام 2021، وفي المرتبة الثالثة عالمياً على قائمة الدول الأكثر تنفيذاً لهذه الأحكام، وذلك في حين يتّجه العالم إلى إلغاء عقوبة الإعدام أو زيادة القيود على تنفيذها.
وبحسب رصد وتوثيق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لأحكام الإعدام على جميع مستويات التقاضي، منذ عام 2016 وحتى سبتمبر/ أيلول من عام 2022 المنصرم، فإنّ ثمّة توسّعاً في إصدار أحكام بالإعدام وتنفيذها. تضيف المبادرة في ما يخصّ الإحالات إلى المفتي، أنّ عام 2022 -حتى قبل انتهائه- شهد العدد الأكبر من الأحكام الصادرة بإحالة أوراق متّهمين إلى مفتي الجمهورية. وقد أصدرت محاكم الجنايات المختلفة أحكاماً بإحالة أوراق 432 شخصاً إلى مفتي الجمهورية على ذمّة 224 قضية، من ضمنها قضية عسكرية واحدة، وسبع قضايا ذات طبيعة سياسية.
وقد شهد عام 2022 حتى نهاية شهر سبتمبر، أحكاماً بالإعدام أصدرتها محاكم الجنايات ابتدائية ضدّ 455 شخصاً على ذمّة 258 قضية، من ضمنها ثماني قضايا ذات طبيعة سياسية.
أمّا أحكام الإعدام التي أيّدتها محكمة النقض، فقد ظلّ عام 2021 في الصدارة، إذ أيّدت محكمة النقض في خلال ذلك العام أحكام الإعدام الصادرة ضدّ 75 شخصاً على ذمّة 29 قضية، من بينها أربع قضايا ذات طابع سياسي.
وحتى تاريخ 10 مارس 2022، أقدم النظام على تنفيذ الإعدام بحق 105 مواطنين في 25 قضية ملفقة، وأصدرت محاكمه المخصوصة (ما يسمى بدوائر الإرهاب) أكثر من 1600 حكم بالإعدام خلال ثماني سنوات، منها 95 حكما نهائيا باتا تنتظر التنفيذ، بخلاف ما تم تنفيذه فعلا.
كما نتج عن اختلال العدالة وفسادها في مصر في عام 2022 أستمرار أكثر من 35 الف معارض سياسي تحت مظلة الحبس الاحتياطي ، والتوسع في ظاهرة التدوير لتشمل أكثر من 10 ألاف معتقل ، بخلاف أدراج أكثر من 12 الف معارض على قوائم الإرهاب وماترتب عليه من مصادرة اموال والتحفظ عليها والمنع من السفر"8"
مصادرة الحريات الإعلامية والتنكيل بالصحفيين
وفي إطار الحصاد الحقوقي بالنسبة للحريات الصحفية ، وثّق المرصد العربي لحرية الإعلام ،أكثر من 750 انتهاكا على مدار العام ، منها 26 انتهاكاً بحق صحافيين وإعلاميين مصريين في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2022.
واستمر حبس 47 صحافياً وإعلامياً حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول، واستمرت حالات منع الزيارات لهم في محابسهم، وحرمانهم من حقوق السجناء، وجرى خلال الشهر الماضي فصل بعض الصحافيين تعسفياً من دون تدخل نقابي.
وذكر المرصد أيضاً تدهور الحالة الصحية للعديد من الصحافيين السجناء، ومنهم الصحافي أحمد سبيع والصحافية منال عجرمة، وطالبت أسرتاهما بضرورة التدخل الطبي للحد من أي تطور سلبي جديد على صحتهما، لكن إدارة السجن واصلت تعنتها من دون سبب واضح، كما شكت أسرة سبيع من منع من الزيارة طيلة الأشهر السابقة وما زال.
وتبين للمرصد أيضاً أن النظام لم يكف عن ملاحقة الإعلاميين في الخارج، حيث أدرجت محكمة جنايات القاهرة 5 منهم على قوائم جديدة للإرهاب، وطالبت الإنتربول الدولي بالقبض عليهم وتسليمهم إلى مصر لمحاكمتهم على ذمة القضية رقم 26 لسنة 2021 أمن دولة بسبب عملهم الإعلامي، والخمسة هم معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع وعبد الله الشريف وسيد توكل.
ومع نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول، كان الصحافي هشام عبد العزيز، بقناة الجزيرة مباشر، قد مضى على حبسه احتياطياً أكثر من 1271 يوماً، ثلاث سنوات وخمسة أشهر و22 يوماً، على ذمة قضيتين بينهما إخفاء ثم تدوير.
كما كشفت مصادر صحافية للمرصد عن تدهور الحالة الصحية للصحافية منال عجرمة، والذي تسبب فيه إهمال الرعاية الطبية المناسبة لها، خاصة أنها تعاني من آلام في العمود الفقري والعظام، كما تشتكي الصحافية من احتجازها في عنبر 3 بسجن القناطر المتخصص للجرائم الجنائية بما في ذلك القتل، وكشفت الأسرة عن امتناع إدارة السجن عن إدخال حزام الظهر الطبي لها بالرغم من تقديم مستندات طبية تؤكد ضرورة ارتدائها الحزام.
وتقدمت إيمان محروس، زوجة الصحافي المحبوس أحمد سبيع، بشكوى إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، طالبت خلالها المجلس بزيارة زوجها للاطلاع على وضعه في محبسه، وكذلك تمكينها وأبنائها من زيارته، والعمل على تحسين وضعه بمحبسه لحين الإفراج عنه وتوفير الرعاية الصحية اللازمة ، وأشارت محروس إلى أن مطالبها التي جاءت في الشكوى "أقل حق من حقوقنا كبشر"، واعتبرت شكواها "حجراً في مياه راكدة لعل وعسى". "9"
تنكيل مستمر بالمعتقلين السابقين
وعلى مدار عام 2022 ، اشتكي معتقلون سابقون في مصر من تضييق السلطات عليهم بعد الإفراج عنهم، وحرمانهم من العمل، ليعانوا من ضيق الحال بعد أن عانوا سابقا من ضيق الزنازين.
ومن أمثلة ذلك عدم تمكن الأكاديمي المصري والضابط المهندس السابق في الجيش المصري، الذي أفرج عنه حديثا، الدكتور محمد محيي الدين، من العودة لعمله في كلية الهندسة بجامعة بني سويف، ولمّح إلى أن الحرية التي نالها يقابلها الآن حالة من الإفقار والتجويع ، وقضى محيي الدين نحو 3 سنوات و4 أشهر بالسجن، إثر اعتقاله في شباط/ فبراير 2019، على خلفية انتقاده سياسات رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، ورفضه التعديلات الدستورية المثيرة للجدل، ثم أفرج عنه في حزيران/ يونيو الماضي، ليظل عاجزا منذ ذلك الوقت عن العودة إلى عمله.
ليس محيي الدين وحده من اشتكى من هذ الأمر، بل كشف عنه العديد من المفرج عنهم من المعتقلين السابقين ، "محمد ن"، و"عزت ع"، و"عادل ع"، و"عزت غ"، و"حمدي أ"، وغيرهم، نماذج لمعتقلين من قرية واحدة بمحافظة الشرقية عجزوا بعد الإفراج عنهم عن العودة لأعمالهم ووظائفهم الحكومية، في وزارات مختلفة حيث تم فصلهم، وفيما نجح البعض في تسوية معاشهم التقاعدي، لم ينجح آخرون.
"حمدي أ"، المدرس السابق في الأزهر، قال لـ"عربي21": "تعرضت للاعتقال وجرى الإفراج عني لاحقا، ثم عدت بشكل طبيعي لعملي في الأزهر لكن بعد فترة جرت ملاحقتي أمنيا فتركت العمل، وانقطع راتبي، وضاعت سنوات التأمين، ولا يمكنني الخروج للتقاعد المبكر بسبب قانون التأمينات، ولم يعد لي أي مصدر دخل".
في السياق ذاته، اشتكى العديد من الصحفيين المصريين المفرج عنهم من عجزهم في الحصول على فرصة عمل في المهنة بالداخل والخارج، بل وعجزهم عن توفير مستلزمات الحياة لأسرهم.
وفي حديثه مع "عربي21"، أشار الحقوقي المصري هيثم أبو خليل، إلى أن هناك الكثير من النماذج لمعتقلين مفرج عنهم ضيق الأمن والنظام عليهم ومنعهم من العودة لحياتهم الطبيعية.
وفي هذا الإطار تحدث عن أزمة الناشط السياسي شريف الروبي، مؤكدا أنه "نموذج صارخ لهذا الأمر، كحالة محيي الدين" ، وأوضح أن "شريف الروبي، عمل في فرن ليحصل على بضعة جنيهات يعيش بها وأسرته"، ملمحا إلى تعرضه وغيره من المعتقلين لهذا النوع من العقاب حتى بعد الإفراج عنهم ، وجرى اعتقال الروبي، للمرة الرابعة في أيلول/ سبتمبر الماضي، بعد إخلاء سبيله بثلاثة أشهر، وذلك بعد شكواه من عجزه عن العمل ، ومما كتبه الروبي، في هذا الإطار في أيلول/ سبتمبر الماضي قبل اعتقاله: "المطلوب منك إيه إنك تموت، يا تعتقل، يا تتسول قوت يومك، ممنوع تعيش كإنسان"."10"
المصادر:
- "المشهد الحقوقي لعام 2022 يرصد ارتقاء 40 معتقلا وإخفاء 3153" ، بوابة الحرية والعدالة ،30 ديسمبر، 2022 ، https://cutt.us/AuRYt
- "تقرير حقوقي: 1453 انتهاكا في سجون مصر خلال 3 أشهر"، الخليج الجديد، 4 ديسمبر2022، https://cutt.us/h4h61
- "انتهاكا حصاد أرشيف القهر للنصف الأول من 2022" ، بوابة الحرية والعدالة ، 24 يوليو 2022 ، https://cutt.us/cFyj7
- "انتهاكات بالجملة لحقوق الإنسان في مصر خلال شهرين، العربي الجديد، 2 يناير 2023، https://cutt.us/AcXpA
- "سجناء مصر يدخلون الشتاء مجردين من الأمتعة والأغطية" ، العربي الجديد، 3 ديسمبر 2022، https://cutt.us/XTKJV
- "وهم الاستراتيجية الحقوقية بمصر " ، موقع "نون بوست" ، 18/12/2021
- "تصاعد الانتهاكات رغم الاعلان عن استراتيجية حقوق الانسان " ، موقع نافذة مصر ، 13 سبتمبر 2022
- "7 أحكام بالإعدام في قضايا سياسية تضاف إلى سجلات مصر عام 2022" ، العربي الجديد، 01 يناير 2023، https://cutt.us/gFrOV
- "مصر في 2022: 26 انتهاكاً بحق صحافيين و5 إعلاميين على قوائم الإرهاب" ، العربي الجديد، 01 يناير 2023، https://cutt.us/djiTf
- "الجوع بعد السجن.. نظام السيسي يواصل التضييق على معتقلين سابقين، عربي21، 31ديسمبر 2022 ، https://cutt.us/Ihxwd