2022 عام تقزيم مصر.. القرارات السيادية باتت بيد الصهاينة ودول الخليح
السبت - 7 يناير 2023
- الدبلوماسية المصرية واصلت الركوع للعدو الصهيوني والرضوخ الكامل للإمارات والسعودية
- 2022 شهد تحقيق مصر لكل الأهداف الصهيونية والاحتفال بالهولوكوست فى قلب القاهرة
- مصر أجرت أول مناورة عسكرية مشتركة مع الصهاينة.. ورئيس وزراء الاحتلال زار شرم الشيخ
- أول رحلات طيران مباشرة بين القاهرة وتل أبيب منذ 1979 وتبني فكرة ناتو عربى صهيوني
- مصر تفقد دروها كوسيط محايد بين فلسطين ودولة الاحتلال ..والفصائل الفلسطينية تكشف انحيازها للصهاينة
- واصل السيسي رضوخه لدول الخليج ببيع الأصول المصرية السيادية وآخرها قناة السويس
- النظام المصري واصل محاولاته لإجهاض الثورة السودانية وتقوية جانب المجلس العسكري
- وقف اللقاءات الاستكشافية مع تركيا..ومصافحة أردوغان و السيسي لم تثمر شيئا ملموسا حتى الآن
- الدبلوماسية المصرية واصلت إخفاقاتها في ملف سد النهضة وإثيوبيا تنجح في إتمام الملء الثالث وتستعد للرابع
- بايدن يلغي العقوبات التى فرضها ترامب على إثيوبيا بسبب تعنتها في الاستجابة لمطالب مصر
إنسان للإعلام- خاص:
في الحلقة الرابعة من حصاد عام 2022، نرصد بالتفاصيل تطورات الأحداث في الشأن الخارجي للدبلوماسية المصرية، والتى خيم عليها الرضوخ الكامل لأهداف الاحتلال الصهيوني، وتراجع الدور المصري كوسيط في ملف المفاوضات الفلسطينية، وتغير الموقف الأمريكي من نظام السيسي، والأستسلام الكامل من قبل السيسي ونظامه، لأهداف الشركاء الاقليميين خاصة الإمارات والسعودية، سواء في توسيع استحواذتهم على ممتلكات مصر، أو مايخص تبعية مصر للسياسات الخارجية للدولتين.
كما نتعرض للتصعيد المتعمد للحكومة المصرية ضد الحكومة الليبية بطرابلس، و نرصد محاولات إجهاض النظام المصري للثورة السودانية وتقوية جانب المجلس العسكري هناك.
كما نرصد بالتفاصيل المصالحات المصرية التركية والقطرية، ونختم هذاالملف برصد مواصلة الدبلوماسية المصرية فشلها في إدارة ملف سد النهضة.
رضوخ مصري للكيان الصهيوني
يعد عام 2022 عام الرضوخ الكامل للنظام المصري لكل الأهداف الصهيونية، وتزايدت درجات التقارب بين الجانبين بشكل متميز، وغير مسبوق ، فوجدنا خلال هذا العام، الاحتفال بالهولوكوست فى قلب القاهرة، و مناورات عسكرية مشتركة ، وزيارة رئيس وزراء لدولةالاحتلال لشرم الشيخ ، ومشاركة مصر فى قمة النقب، ومهرجانات اسرائيلية فى سيناء، ورحلات طيران مباشرة لأول مرة منذ 1979، وحديث عن ناتو عربى/اسرائيلى، كما توالت التقارير عن اجتماعات عسكرية سرية فى شرم الشيخ ، واتفاق ثلاثى لتصدير الغاز (الاسرائيلى) لأوروبا، و تعزيز العلاقات التجارية، ومحاولات مصرية مستميتة لدمج الكيان الصهيوني فى المنطقة، وأستعماء النظام عن كشف تفاصيل مجزرة إسرائيلية للجنود المصريين عام 1967.
كما وجدنا هذا العام اختراق عسكري لسيناء، وأزمة طارئة بسبب غزة، ومطالبات باتفاقية سلام جديدة مع الشعب المصري.
ففي 24 يناير 2022 ، تم الاحتفال بالهولوكست فى مصرفى احتفال صهيونى بامتياز فى قلب القاهرة، قامت السفارة الامريكية باحياء ذكرى ما يسمى “بالهولوكوست” بأحد الفنادق على ضفاف النيل، وهاجم المتحدثون ثورة 1952 وقادتها العسكريين فى موقفهم من يهود مصر بادعاءات انهم قاموا بطردهم فى الخمسينات والاستيلاء على ممتلكاتهم، واشادوا بالسلام المصرى الاسرائيلى، واثنوا على القيام بهذا الاحتفال لأول مرة فى مصر التى اصبحت تربطها علاقات جيدة مع (اسرائيل).
وكان على رأس المتحدثين الكاتب الأمريكى الصهيونى "روبرت ساتلوف" المشهور بمواقفه وكتاباته المعادية لفلسطين وللعرب والذى كان له موقف محرض ومعاد للثورة.
وفي 31 يناير 2022 تمت مناورات مشتركة مع العدو للمرة الاولى تجتمع مصر و(اسرائيل) مع60 دولة عربية واجنبية أخرى فى مناورات عسكرية مشتركة. وقد أعلنت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية على موقعها عن بدأ أكبر تمرين بحري في منطقة الشرق الأوسط (IMX/CE 2022) و يضم التدريب 9000 فرد وما يصل إلى 50 سفينة تابعة لأكثر من 60 دولة شريكة ومنظمات دولية.
وفي 22 مارس 2022 ـ اجتمع ” نفتالى بينيت” رئيس وزراء دولة الاحتلال السابق بالسيسى فى زيارة رسمية بشرم الشيخ، وانضم اليهما الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى مما يعد سابقة تاريخية في التطبيع مع الكيانالصهيوني .
وفى 28 مارس 2022 ، شارك وزير خارجية النظام المصري سامح شكرى فى قمة النقب فى (اسرائيل) في اجتماع مع وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة واسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب ووفقا لموقع العربية فان البيان الختامي للقمة أكد على تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة، وشبكة أمنية للإنذار المبكر، مشيراً إلى أن القمة ستعقد بشكل دورى.
وفي 31 مارس 2022، أعلنت وزارة التجارة والصناعة المصرية أنه بحضور وزيرة التخطيط هالة السعيد ووزيرة الصناعة نيفين جامع ووزيرة الاقتصاد الصهيونية اورنا بارييفاي فى القاهرة تم التباحث حول سبل تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، فى إطار البروتوكول المشترك الخاص بالمناطق الصناعية المؤهلة “الكويز”.
وفي 17 أبريل 2022 ، تصاعدت حالة الغضب الشعبى المصرى على خلفية الاعلان عن قيام جهات (اسرائيلية) بتنظيم مهرجانين موسيقيين حاشدين فى طابا ونويبع بسيناء، وما تردد من أن الامن (الاسرائيلى) هو الذى سيقوم بتأمينهما.
وفي 17/4/2022 ، أقلعت لأول مرة منذ توقيع اتفاقية السلام، رحلة طيران مباشرة بين مدينة تل أبيب ومنتجع شرم الشيخ، وهو ما كان قد الاتفاق عليه مع تفاهمات أخرى فى الاجتماع الذى تم بين السيسي ورئيس وزراء الصهاينة فى اجتماعهما بشرم الشيخ بشهر مارس الماضى.
وفي 30 مايو 2022، أعلنت وزارة الاقتصاد والصناعة الصهيونية ان مصر والكيان الصهيوني تتجهان إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية وتأملان في الوصول إلى 700 مليون دولار في التجارة الثنائية السنوية في السنوات الثلاث المقبلة ، بموجب خطة مقترحة جديدة، من المقرر أن يطور البلدان بشكل مشترك معبر “نيتسانا” بينهما.. وتطوير مشاريع مشتركة في مجال الطاقة الخضراء.. وزيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة.
وفي 9 يونيو 2022 ، طرح مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يدعو إلى دمج دفاعات دول المنطقة للتصدي للاعتداءات الإيرانية. المشروع الذي طرح تحت عنوان ((ردع الأعداء وتعزيز الدفاعات)) يوجه وزارة الدفاع الأميركية لتحضير استراتيجية للعمل والتنسيق مع كل من العراق وإسرائيل والأردن ومصر والسعودية والإمارات وغيرهم من الحلفاء في المنطقة لوضع مقاربة وتصميم دفاعي لتوظيف مقدرات جوية وصاروخية دفاعية لحماية المنطقة من الاعتداءات الإيرانية.
وفي 15 يونيو 2022، وقعت كل من مصر و(اسرائيل) والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم في القاهرة لتصدير الغاز إلى أوروبا، في محاولة لايجاد بدائل للوقود الروسي في ظل الحرب في أوكرانيا. ويهدف التعاون إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا بعد تسييله في المحطات المصرية المعدة لذلك. ولقد تم الاتفاق تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط الذي تأسس عام 2019 في القاهرة، بحسب بيان لوزارة البترول وتقوم إسرائيل منذ 2020 بضخ الغاز الطبيعي إلى مصر من أجل تسييله واعادة تصديره إلى أوروبا، بموجب اتفاق قيمته 15 مليار دولار.
وفي 26 يونيو 2022 ، نشر موقع روسيا اليوم تقريرا نقلا عن “وول ستريت جورنال” يدعى فيه ان اجتماعا سريا قد انعقد فى شهر مارس فى مدينة شرم الشيخ المصرية بين مسئولين عسكريين من دولة الاحتلال و ودول عربية تحت الرعاية الامريكية للنظر فى امكانيات التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات بدون طيار.
وفي 16 يوليو 2022، قام بايدن زيارة للمنطقة، لدمج دولة الصهاينة فى المنطقة ، وقد استهل الزيارة بزيارة دولة الاحتلال ثم السعودية لعقد قمة حول “الامن والتنمية” التقى فيها بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية و عبد الفتاح السيسى والعاهل الأردنى عبدالله الثانى ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى
وقد قال الرئيس بايدن فى مؤتمر صحفى قبل الزيارة "أن من أغراض زيارة الشرق الاوسط هو التعميق من دمج اسرائيل بالمنطقة واعتقد اننا سنكون قادرين على ذلك وهذا جيد للسلام ولامن اسرائيل ولهذا يدعم القادة الاسرائيليون زيارتى للسعودية بقوة".
وفي 8 يوليو 2022 ، كشف الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، عن مجزرة راح ضحيتها ما لا يقل عن 20 جنديا مصريا في حرب عام 1967، وذكر ميلمان في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع التدوينات القصيرة “تويتر” أن الجنود المصريين أُحرقوا أحياء وقام الجيش الإسرائيلي بدفنهم في مقبرة جماعية بدون علامات قرب القدس ولم يحرك النظام المصري ساكنا في هذه الجريمة .
وفي شهري يونيو ويوليو 2022 ، شن عدد من الكتاب الاسرائيليين والامريكيين حملة على مصر ، من خلال كتابة ونشر عدد من المقالات والدراسات التى تحرض ضد مصر، وبالتحديد ضد انشطتها العسكرية فى سيناء، وتدعو الى ضرورة انذار الادارة المصرية بضرورة التوقف عما تقوم به من زيادة وجودها العسكرى فى سيناء، والى التراجع عما قامت به حتى الآن بالمخالفة للترتيبات والقيود الامنية المفروضة على مصر فى اتفاقيات كامب ديفيد، وان يتم إبلاغها بان وضع القوات المصرية وانتشارها وتحصيناتها وتسليحها القائم الآن بموافقة (اسرائيل) أو بدونها، يجب أن يعود الى ما كان عليه بعد القضاء على الارهاب.
وفي 22 نوفمبر 2022، نشر موقع “روسيا اليوم” ان وسائل إعلام إسرائيلية قد شنت هجوما حادا على السلطات المصرية بسبب ما اسمته تعنت أجهزة الأمن المصرية في سفر المواطنين المصريين إلى إسرائيل ، وقالت صحيفة “يسرائيل هايوم” في صدر صفحتها الأولى،وكذلك القناة السابعة بالتلفزيون الإسرائيلي، إن مصر تمنع عمليا مواطنيها من زيارة إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية، على الرغم من وجود معاهدة “كامب ديفيد. وأن السلطات المصرية تضع صعوبات جمة على المواطنين الراغبين في زيارة إسرائيل، بطريقة تجعل عملية السفر مستحيلًة
وقالت القناة الإسرائيلية إن المسيحيين الأقباط الذين يبلغ عددهم حوالي 16 مليونا من أصل حوالي 110 مليون مقيم في مصر، يتمتعون بإعفاء من هذه السياسة ويمكنهم زيارة إسرائيل بسهولة أكبر لأسباب دينية ولأغراض الحج.
وفي أول ديسمبر 2022 تمت مطالبات باتفاقية سلام جديدة مع الشعب المصري ، لعدم تفاعله مع التطبيع مع الكيان الصهيوني على خلفية ما كشفه المونديال من العداء الشعبى العربى العارم لاسرائيل فى المونديال، ما كتبته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية من أنه بعد 45 عاما من زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات “الصادمة” إلى القدس، يجب على إسرائيل أن تجد طريقة لاتفاقية سلام مع الشعب المصري .. وإنه يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تجد وسيلة للتغلغل للشارع المصري، بسبب حالة البرود الشديدة التي تشهدها العلاقات على مستوى الشعبين … وانه رغم مرور كل هذه السنوات الا ان الشعب المصري لا يزال يكره إسرائيل، ولا يعترف باتفاقيات السلام الموقعة بيننا… بل ان المصريين يشعرون بالعار من هذه الاتفاقية ، واختتمت الصحيفة بالتساؤل فيما لو كان الوضع سيستمر في إقامة علاقات مع القادة العرب فقط أم ستستطيع إسرائيل تغيير المعادلة بأن تتغلغل للعرب أنفسهم
ومن خلال سرد هذه الاحداث نجد ان النظام المصري رضخ لكل المطالبوالتطلعات الصهيونية ، وقدمكل ما يستطيعه من الولاء والطاعة لهذا الكيان اللقيط . "1"
ومع عودةن تيناهو للحكم في الكيان الصهيوني سارع السيسي لتهنئته خلال اتصال هاتفي.."2"
وسيط غير نزيه في القضية الفلسطينية
وعلى مدار عام 2022، فقدت مصر دروها كوسيط نزيه في ملف الواساطة بين فلسطين ودولة الاحتلال ، وكانت القاهرة قديما هي العاصمة الشرق أوسطية الوحيدة التي تعرف الملف الفلسطيني بكل تفاصيله جيدا، إلا أنه خلال السنة الماضية ظهرت الدوحة وأنقرة وعمان والجزائر، في أدوار محورية بالقضية الأولى في المنطقة؛ ما دفع مصر إلى التراجع خطوة وأحيانا خطوتين.
ففي مايو/أيار الماضي، كان لقطر دور محوري في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بيندولة الاحتلال وفصائل المقاومة، قبل أن يتبعها لقاءات هامة لممثلي السلطة والفصائل في تركيا، وتحركات أردنية واسعة للتصدي للانتهاكات في القدس، وأخيرا نجحت الجزائر في لم شمل الفرقاء الفلسطينيين بوثيقة تأمل في أن تساهم بإنهاء انقسام دام لسنوات.
بيد أن دور مصر خلال هذه الأحداث، تجمد وسط توتر لعلاقات مع إسرائيل، بعد موجة تطبيعية لدول عربية، سحبت البساط بشكل أو بآخر من القاهرة، على الرغم من رغبة تل أبيب في إعادة مصر للصورة من جديد.
اتفاقيات التطبيع لعام 2019، والتي قادتها الإمارات، عززت الاعتقاد بين قادة القاهرة بأن مركز القوة في العالم العربي قد تحول إلى الخليج، وأن مصر فقدت مكانتها السابقة في السياسات الأمريكية في المنطقة.
والتراجع في الدور المصري، يقف وراءه في المقام الأول نظام "عبدالفتاح السيسي"، الذي دعم المشروع الإسرائيلي والأجندة الإماراتية التي تخدم هذا المشروع، فبعد أن استقبل أول رئيس مدني منتخب في مصر "محمد مرسي" رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية "خالد مشعل" في قصر الرئاسة، اتهم نظام "السيسي" عقب الانقلاب على "مرسي" الحركة بالمسؤولة عن اقتحام السجون في مصر، واندفع الإعلام بكلّ ما أوتي من قوة إلى القول إنّ الفلسطينيين يريدون الدخول إلى سيناء والبقاء فيها، وإنّ هناك مشروعاً كان يقوده "الإخوان المسلمون"، حينما أتوا إلى السلطة لإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء.
تبعت ذلك هجمة شرسة شنّها النظام لإخلاء سيناء بحجّة محاربة الإرهاب، وهدف من خلالها أيضا إلى القضاء على الأنفاق بين مصر وقطاع غزة، والتي كانت تعتبر متنفسا مهما للقطاع المحاصر منذ عام 2006.
وورطت هذه التصرّفات النظام المصري في أزمات كثيرة، وجعلته يفقد مكانته وقدرته على التحرّك في القضية الأبرز بالشرق الأوسط؛ إذ أصبح الموقف المصري مرتهنا بالنظام الإماراتي، والذي اكتشف بعد ذلك أنّ الأخير يهدف إلى تحجيم دور مصر، بل محاصرتها من خلال أعدائها، والهيمنة علي المنطقة بالاشتراك مع إسرائيل.
وأدى انخراط النظام المصري في المعارك الإماراتية بالوكالة، وارتهان قراره بحكومة أبوظبي، إلى فقدان مصر أوراق ضغط عدة حول هذه القضية الأبرز للدول العربية.
في المقابل، تصاعدت بقوة أدوار قطر وتركيا والأردن وأخيرا الجزائر، على الساحة الفلسطينية؛ ما سحب البساط بشكل ملحوظ من مصر.
وقد أدركت القاهرة بالفعل هذا التراجع في دورها، قبل أن تجد التصعيد الأخير في مايو/أيار والذي امتد لنحو 3 أيام، فرصة لتعيد تموضعها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية."3"
وفي فبرايسر 2022 ، كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى، عن رسالة احتجاج شديدة اللهجة سلمتها حركة “حماس” للوسيط المصري ، بسبب التطورات الميدانية “المُقلقلة” في الساحة الفلسطينية وخاصة ما يجري بالضفة الغربية المحتلة.
وأكدت المصادر في تصريحات خاصة لـ”رأي اليوم”، أن “حماس” أبلغت مصر بأنها “لن تقف مكتوفة الأيدي” أمام ما يجري من عمليات استهداف مستفزة ومتعمدة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي كان آخرها جريمة اغتيال ثلاث مقاومين في مدينة نابلس بالضفة المحتلة وانتقدت حماس دور الوسيط المصري واتهمته بالانحياز للكيان الصهيوني .
وأوضحت أن “حماس” أبلغت مصر خلال رسالتها أنها تنظر بقلق شديد لما يجري من تصعيد إسرائيلي، وأن هذه الأوضاع في حال استمرارها، قد يعيد ترتيب أوراق الحركة من جديد، وتجبرها على تفعيل كافة أشكال المقاومة الشعبية على حدود قطاع غزة، وعلى رأسها وحدة “الإرباك الليلي” التي توقفت منذ شهور طويلة بناءً على تفاهمات مع مصر.
وشهدت الساحة الفلسطينية على مدار 2022 ، تصعيد كبير فى مدن الضفة المحتلة والقدس من قبل الاحتلال الإسرائيلي، شملت مئات الاعتقالات وارتقاء شهداء برصاص الجيش وهدم عشرات المنازل للفلسطينيين وممتلكاتهم، وتصعيد بناء المستوطنات، والانتهاكات المتكررة في القدس والمسجد الأقصى ومؤخرا تم اقتحام المسج الاقصي من قبل احد وزراء حكومة نتيناهو الجديدة دون تحرك رسمي واضح من السيسي ونظامه ."4"
تحول السيسي لديكتاتور بايدن المفضل
في عام 2022، شهدت العلاقات الأمريكية المصرية تحولات كبري، فبعد هجوم بايدن على نظام السيسي بشكل مستمر خاصة على الملف الحقوقي، وذلك بعد عامين وأربعة أشهر من مقولته الشهيرة، "لا مزيد من الشيكات الفارغة للديكتاتور المفضل لترامب"، بدد الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي آمال من اعتبروا الإدارة الأمريكية نصيرة للديمقراطية بعدما ظهر اصطفاف بايدن مع السيسي خلال قمة المناخ.
ولم يكتف بايدن وبيلوسي بإشارة عابرة لحقوق الإنسان وآلاف المعتقلين، بل ظهر بايدن وهو يضع يده علي كتف السيسي كأصدقاء، باعتبار السيسي تابع له، وتأبط بيلوسي ذراع السيسي كأنهم أصدقاء.
ظهر هذا في تفاصيل كلمة بايدن في المؤتمر الصحفي مع السيسي بقمة المناخ وفق ما جاء على موقع البيت الأبيض، حيث أشاد الرئيس الأمريكي بدور السيسي في الوساطة بين غزة وإسرائيل ودوره في الحفاظ على المصالح الأمريكية عبر التصويت ضد غزو روسيا لأوكرانيا في الأمم المتحدة، ودوره في محاربة "الإرهاب" الذي يقصد به ضمنا التيار الإسلامي.
ولأن بايدن نفسه عليه ضغوط من الصحافة والنشطاء ونواب الكونجرس بشأن الملف الحقوقي لمصر، فقد بادره السيسي بمزاعم أنه "مهتم بملف حقوق الإنسان وتطويره، ولديه لجنة للعفو الرئاسي للنظر في القوائم التي تستحق الإفراج"
وكانت صورة السيسي وهو يتأبط ذراع نانسي بيلوسي رئيس مجلس النواب دليل آخر على رضاء أمريكا عن السيسي وأكبر دليل وقوف أميركا والدول الغربية خلف الأنظمة القمعية طالما تلبي مصالحها، وكأنهم يقولون له: "لا تقلق نحن بجانبك" رغم علمهم بالرفض الشعبي في مصر لنظام السيسي.
واعتبر المراقبون أن السيسي نجح في أن يحول القمة لفائدته بعد تخوفات من أن تنجح المعارضة في تحويل موضوع حقوق الإنسان إلى قضية ذات أولوية تغطي على القمة، وهو ما يفسر إلى حد كبير تبخر المظاهرات بالرغم من الحملات التي سبقتها بعد حملات القمع واحتلال الشوارع والاعتقالات المبكرة بالجملة.
مراقبون أكدوا أن تطورات العلاقات الامريكية مع مصر بهذه الصورة ، يعود لما جري في الغرف المغلقة وتنازلات جديدة قدمها السيسي للأمريكان والصهاينة ، وان هناك ما يشبه الاتفاق السري لتخفيف الاحتقان للمحافظة على أستمرار السيسي لتنفيذ ما يستهدفه الغرب
وسبق لقاء بايدن والسيسي، تقديم 50 من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين أبرزهم كريس ميرفي رسالة إلي الرئيس الأمريكي، 2 نوفمبر 2022 للضغط على الحكومة المصرية بشأن سجنها لعبد الفتاح ونشطاء آخرين. "5"
العلاقات الاقليمية لمصر بين التوتر والرضوخ
وعلى مدار 2022 ، شهدت العلاقات الاقليمية لمصر تطورات كبيرة ، في مجملها كانت مابين التوتر مع البعض والرضوخ الكامل مع البعض الأخر ، كما شهدت بعض المصالحات مع دول أخري ، ونلخصها فيما يلي :
- تصعيد مستمر ضد الحكومة الليبية
شهد عام 2022، استكمالا للسياسات المصرية العدائية ضد حكومة طرابلس والانحياز الكامل لحفتر والشرق الليبي ، وصل مداه في إعلان مصر عدم الاعتراف بحكومة الدبيبة بطرابلس والاعتراف بحكومة " باشاغا "بعد أتفاق تقسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا في اكتوبر الماضى
وفي 13 ديسمبر/كانون الأول، أصدر "عبدالفتّاح السيسي" قرارا يقضي بترسيم حدود مصر البحريّة من الجهة الغربية حصرا مع ليبيا، وذلك بشكل أُحادي دون الرجوع إلى الجانب الليبي ، القرار المصري الذي نشرته الجريدة الرسمية، تضمن أن تبدأ حدود البحر الإقليمي لمصر من نقطة الحدود البرية المصرية الليبية، كما نص على إخطار الأمم المتحدة بالتعديل، ووفق الرؤية المصرية، فإن القرار يعني حسم القاهرة لحدودها البحرية التي يمكن من خلالها أن تطرح هذه المناطق أمام شركات النفط العالمية للتنقيب عن النفط والغاز، ويمكنها كذلك الحفاظ على ثروات الغاز في منطقة البحر المتوسط التابعة لها، كما يعني إعداد وتجهيز المناطق داخل هذه الحدود للبحث عن النفط والغاز ووقف أي أطماع فيها.
ويرى مراقبون أن توسيع القاهرة حدودها البحرية على حساب ليبيا في منطقة يعتقد أنها غنية باحتياطات الغاز الطبيعي، يمثل فرصة لاكتشاف حقول جديدة للغاز تسهم في تقليص الفجوة الضخمة في عجز الميزان التجاري.
وبهذا المعنى، فإن المرسوم يعكس وجود أطماع للنظام المصري في المياه والثروات الليبية، حتى أن صحيفة "الأهرام" المصرية (حكومية) وصفت خطوة "السيسي" في أحد عناوينها بأنها "إجراء وقائي"، عازية إياها الى ما قالت مصادر إنه "إجماع على أن الخطوة هي خطوة وقائية في ظل حالة عدم الاستقرار في ليبيا".
وفي المقابل وجد القرار المصري رفضا ليبيا ، من الشرق للغرب فقد اعلنت حكومة الدبيبة وباشاغا ورئيس المجلس الرئاسي الليبي بقيادة "المنفي" ، وأيضا البرلمان الليبي رفضها للقرار المصري وأكدت انه يغبن الحقوق التاريخية الليبية في حدودها البحرية .
وأثار القرار الكثير من الجدل فيما يتعلق بمضمونه وتوقيته ومبررات اتخاذه فضلا عن مسوغات تبريره من الناحية التقنية، خاصة في ظل إعلان حكومتي ليبيا (الوحدة الوطنية في طرابلس/ والمعينة من البرلمان) ولجنتي الخارجية والدفاع في البرلمان رفضهم لهذه الخطوة.
ودعت الحكومتان الليبيتان القاهرة إلى عدم اتخاذ خطوات أحادية في ترسيم الحدود البحرية، وأبدتا في بيانات منفصلة، استعدادهما للتفاوض الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة.
القرار ليس له علاقة فقط بمصر وليبيا، لكنه له تداعياته على صعيد شرق المتوسط، خاصة أنه لقى احتفاء واسعا من اليونان، وقلقا من تركيا، رغم التقارب غير المستقر حاليا بين القاهرة وأنقرة
تركيا، فدعت كلا من مصر وليبيا إلى إطلاق حوار ومفاوضات بأسرع وقت لتحديد حدود البلدين البحرية، وفق القانون الدولي، ونقلت وكالة "الأناضول" (رسمية) عن مصادر دبلوماسية إن "الحدود البحرية الجانبية التي حددتها مصر من جانب واحد مع ليبيا بـ9 إحداثيات جغرافية، لا تتداخل مع الجرف القاري لتركيا في شرق البحر المتوسط".
جاء القرار المصري والاشتباك الإقليمي معه بعد نحو شهرين من اتفاقية وقعتها أنقرة وطرابلس للتنقيب عن النفط والغاز، تعد مكملة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين أواخر 2019.
ورفضت مصر واليونان هذه الاتفاقيات في ضوء معارضتهما النشاط التركي في المناطق البحرية المتنازع عليها في شرق المتوسط، كما وقعتا في 2020 اتفاقا مشتركا لترسيم الحدود البحرية شرقي المتوسط."6"
- السعودية تملى شروطها على السيسي
إذا انتقلنا للعلاقات السعودية المصرية، سنجد أنها تعرضت في عام 2022، لبعض التوتر بسبب عدم اتمام تسليم جزيرتي تيران وصنافير ولكن سرعان ما رضخ السيسي لكل المطالب السعودية.
وتحتل السعودية المرتبة الثانية في قائمة الدولالسيطرة على القتصاد المصري، باستثمارات تبلغ 30 مليار دولار
وبلغت التجارة بين البلدين العام الماضى نحو 4 مليارات و572 مليون دولار، مقارنة بنحو 3 مليارات و236 مليون دولار في العام 2020، محققة نسبة زيادة بلغت 41.3%.
وتوقَّع الرئيس الجديد لمجلس الأعمال السعودي المصري "بندر العامري"، أنَّ تنمو الاستثمارات السعودية في مصر، بما يتراوح بين 20% و25%، من خلال ما تخطط له السعودية من استحواذات على اصول مصرية مقابل الديون .
وتعهدت السعودية في مارس/آذار بتقديم 15 مليار دولار لدعم مصر، منها 5 مليارات دولار كوديعة في المركزي، تمّ تجديدها لعام آخر، إلى جانب 10 مليارات دولار من المقرر استثمارها في مصر عبر الاستحواذ على حصص في شركات مدرجة في بورصة القاهرة.
وفي أغسطس/آب الماضي، أعلن الصندوق السيادي السعودي، عن إطلاق "الشركة السعودية المصرية للاستثمارات" بهدف "الاستثمار في المجالات الواعدة في مصر"، وتركز الشركة الجديدة على الاستثمار في قطاعات "البنية التحتية والعقارات والصحة والزراعة والأدوية".
ويعمل الصندوق السيادي السعودي، في الوقت الحالي، عبر شركته التابعة على إغلاق عدد من الصفقات الجديدة في مصر، تتضمّن الاستحواذ على أجزاء من شركات مقيدة في البورصة وأخرى غير مقيدة بالبورصة."7"
- الإمارات ونهب الاقتصاد المصري
وبالنسبة للعلاقات الإماراتية المصرية سنجد رضوحخ واستسلام كامل من الجانب المصري، لكل الرغبات الإماراتية، التى أصبحت المالك الحقيقي للاقتصاد المصري، والوكيل الرسمي للكيان الصهيوني في مصر.
وقد كشف تقرير إحصائي لصفقات الدمج والاستحواذ، عن استحواذات إماراتية غير مسبوقة، على السوق في مصر للأصول والشركات.
وأشارت الاحصائيات إلى أن عدد صفقات الدمج والاستحواذ، زادت بأكثر من الضعف في عام 2022، وارتفع عدد الصفقات المكتملة في مصر إلى 66 في عام 2022، ارتفاعا من 31 في العام السابق.
وشاركت الشركات والمؤسسات من السعودية والإمارات في 40 صفقة بينهما في عام 2022، بينما شاركت الكويت وقطر في عدد قليل.
وعلى صعيد القطاع الأكثر رواجا، كانت الخدمات المصرفية والمالية، تليها الصناعة والطاقة، واكتملت 16 صفقة دمج واستحواذ في القطاع المصرفي، و 9 صفقات، في القطاع الصناعي، و 4 منها في الطاقة و اثنتان في مصادر الطاقة المتجددة.
وكاد بنك أبو ظبي الأول ينجح بتحقيق أهم صفقة استحواذ في القطاع المالي بمصر، حين عرض الاستحواذ على حصة أغلبية في المجموعة المالية هيرميس، وكانت الصفقة تقدر بـ1.2 مليار دولار، قبل سحبه العرض منتصف العام، على وقع تقلبات الأسواق العالمية، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وعلى صعيد صناديق الثروة السياديةالاماراتية، كان 2022 عامها، وسمحت الأزمة ، بتوسيع النفوذ بشكل كبير في الاقتصاد المصري، مع المساعدة في دعم المعروض المتضائل من النقد الأجنبي في البلاد. بالإضافة إلى إيداع 10 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ضخ صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي (الشركة القابضة إيه دي كيو) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص أقلية كبيرة في بعض أقوى الشركات المدرجة في البورصة المصرية من الحكومة.
ويمتلك الصندوق الاماراتى ما يقرب من نصف أكبر شركتين للأسمدة في مصر، وتمتلك القابضة أيه دي كيو وصندوق الاستثمارات العامة السعودي الآن 41.5% من شركة أبو قير للأسمدة و45% من شركة مصر لإنتاج الأسمدة "موبكو".
وأصبحت القابضة أيه دي كيو أكبر مساهم مستقل في البنك التجاري الدولي، أكبر بنوك القطاع الخاص في البلاد، وشركة فوري الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية.
واشترى الصندوق حصة 17.2% في البنك التجاري الدولي مقابل 911.5 مليون دولار و11.8% من فوري مقابل 55 مليون دولار تقريبا.
أما في القطاع العقاري، فبقيت المحاولات مستمرة لمزيد من الاستحواذ استحوذت القابضة أيه دي كيو، جنبا إلى جنب مع شركة العقارات الإماراتية العملاقة "الدار العقارية" على شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) في أواخر عام 2021.
وعلى صعيد الموانئ المصرية، باتت الاسكندرية لتداول الحاويات والبضائع مملوكة حاليا لأغلبية من صناديق الثروة الاماراتية ومن ورائها الصهاينة بعد موافقة مؤسسات الدولة على بيع حصصها لتوفير سيولة من العملة الصعبة للبلاد."8"
- محاولات مستمرة لاجهاض الثورة السودانية
وشهد عام 2022، محاولات مصرية مستمرة لاجهاض الحالة الثورية في السودان ، وتعضيد العسكر هناك ، وأمست الأجهزة المصرية المعنية بملف الأزمة السودانية في سباق مع الوقت لتحقيق تأثير حقيقي في المشهد السياسي بالخرطوم، مع التحركات المتتالية لأطراف الحكم في الجارة الجنوبية لمصر، بمختلف مكوناتها العسكرية والمدنية
وجاءت زيارة مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل للخرطوم، في مسعى جديد نحو تحقيق أهداف القاهرة، حيث التقى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ، وشارك في اللقاء مدير المخابرات السوداني الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل. وطبقاً لبيان مجلس السيادة السوداني، فإن كامل نقل رسالة شفوية لرئيس مجلس السيادة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها وترقية التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات.
وحملت زيارة كامل، هذه المرة، وفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، ما يمكن أن يدخل في باب "النصائح"، بتوسيع دائرة القوى المدنية التي يمكن أن ينسق معها البرهان، لضمان تحقيق جملة من الأهداف، ربما يكون في مقدمتها عدم السماح للمعسكر المناوئ للبرهان وفريقه بأن يكون هو الممثل الوحيد أو المسيطر على القوى المدنية، في ظل تزويد القاهرة للخرطوم بتقارير وتقدير موقف يحذر من اعتماد مكون مدني بعينه، يلقى قبولاً إقليمياً ودولياً، يسمح له بأن يبدو ممثلاً مقبولاً للقوى المدنية في السودان، في حال وجود خطة دولية متفق عليها لحل الأزمة السودانية المعقدة.
كما حملت الزيارة "نصيحة" أخرى بتجنب الإسراع في اتخاذ البرهان، ومعه المكون العسكري المؤيد له، خطوات سريعة قد تفضي برغبتهم أو بتسارع الأحداث لانسحابهم من المشهد السياسي بشكل كامل، ولو حتى من باب الشكل، لأن ذلك من شأنه، وفقاً لتقديرات مصرية، أن يجعل السودان مسرحاً لمزيد من الدخول في أزمات أكثر عمقاً، وبما قد يسمح بتدخلات أطراف وقوى إقليمية ودولية لا تراعي المصالح المصرية."9"
- تطور العلاقات بين قطر ومصر
شهد عام 2022، تطور كبير في ملف المصالحة مع قطر، فبعد الهجوم الشديد من وسائل الإعلام المصري على قطر وأسرة الأمير تميم ، وجدنا صلحا تاريخيا بين قطر ومصر بعد قطيعة دبلوماسية وتصعيد مستمر منذ عام 2014، ففي 24 يونيو/ حزيران الماضي، أجرى الشيخ تميم زيارة إلى القاهرة استمرت يومين،
ووجّه تميم في مايو/ أيار 2021 دعوة رسمية إلى السيسي لزيارة قطر، في سياق إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل 2013 وهو العام الذي شهد عزل الرئيس الشهيد محمد مرسي.
وبالفعل، في سبتمبر ، 2022أجري السيسي، أول زيارة رسمية إلى قطر منذ أن اغتصب منصب الرئاسة .
وفي 5 يونيو 2021، جرى توقيع اتفاق مصالحة في مدينة "العلا" السعودية أنهى خلافا اندلع صيف 2017 بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب وقطر من جانب آخر.
وفي 29 مارس/ آذار الماضي عُقد في القاهرة اجتماع بين رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي وكل من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ووزير المالية علي بن أحمد الكواري، وتم الاتفاق على مجموعة من الاستثمارات والشراكات في مصر بمبلغ إجمالي 5 مليارات دولار خلال الفترة القادمة.
ووقّعت الشركة القطرية للخدمات البريدية والهيئة القومية للبريد المصرية اتفاقية وبروتوكولا في مجال التعاون البريدي ، كما وقّعت الهيئة العامة للطيران المدني القطرية وسلطة الطيران المدني المصرية مذكرة تفاهم بمجال النقل الجوي، وفي يونيو الماضي، بحثت رابطة رجال الأعمال القطريين مع الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية محمد عبد الوهاب، خلال زيارته للدوحة، تعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين."10"
وبحسب بيانات جهاز الإحصاء، ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر وقطر إلى 44.8 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 25.4 مليون دولار خلال عام 2020، بنسبة زيادة قدرها 76.4% ، كما زادت قيمة الصادرات المصرية إلى قطر 4.5 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 395 ألف دولار خلال عام 2020، بنسبة ارتفاع قدرها 1049.1%.
وبحسب البيانات، بلغت قيمة الاستثمارات القطرية في مصر 121.8 مليون دولار خلال الربع الأول من العام المالي 2021-2022 مقابل 116.9 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2020-2021، بنسبة ارتفاع قدرها 4.2%.
وعلى مستوى الأعوام، سجلت تدفقات الاستثمارات القطرية إلى مصر خلال العام المالي 2020-2021 نحو 507.9 مليون دولار مقابل 678.3 مليون دولار في عام 2019-2020، حيث كان العامين الأعلى في هذه التدفقات خلال السنوات الأخيرة رغم تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وفي مايو الماضي، أعلنت قطر عزمها ضخ استثمارات بإجمالي 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة بمصر، وذلك على هامش زيارة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس الوزراء ووزير المالية بدولة قطر لمصر.
كما تقدم الصندوق السيادي القطري بطلب للبنك المركزي المصري خلال 2022 للموافقة على إجراء فحص نافي للجهالة على المصرف المتحد ليدخل في المنافسة على شراء البنك مع الإمارات والسعودية.
تتنوع الاستثمارات القطرية في مصر بين البنوك والعقارات، وتعد أبرز هذه الاستثمارات بنك قطر الوطني الأهلي مصر (QNB) وشركة الديار العقارية، بجانب مساهمة شركة قطر للطاقة عبر شركة التكرير العربية باستثمارات في مشروع مصفاة الشركة المصرية للتكريروأخر محاولات الاستحواذ كان من خلال اقدام قطر على شراء فندق هيلتون رمسيس ."11"
- تطور كبير في العلاقات التركية المصرية..ولكن
مرت العلاقات المصرية التركية في عام 2022 بمرحلتين، أولها شابها التوتر خاصة بعد الاتفاق الليبي التركي على ترسيم الحدود البحرية ، حيث أعلنت حكومة السيسي وقفها لكل أشكال التطبيع في العلاقات مع تركيا في اعقاب هذه التفاقية ، ثم حدث تطور كبير في العلاقات بعد لقاء عابر ومصافحة بين السيسي و أردوغان، في أروقة "استاد البيت" أثناء أفتتاح كاس العالم بالدوحة، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. اللقاء والمصافحة لقيا حفاوة خصوصاً في وسائل الإعلام المصري الذي دأب على تكيل الاتهامات لتركيا ورئيسها ، ولا سيما أنها المرة الأولى التي يتصافح فيها منذ وصول السيسي إلى الحكم في عام 2014بعد انقالابه العسكري .
وأعرب الرئيس التركي، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأناضول، عن أمله في "أن نمضي بالمرحلة التي بدأت بين وزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقاً عبر محادثات رفيعة المستوى". كما أكد الرئيس التركي أن مطلب بلاده الوحيد من المصريين بالتوازي مع اللقاءات بين البلدين، أن يقولوا لمن يتخذ مواقف معادية ضد تركيا في منطقة المتوسط: "نريد إرساء السلام في المنطقة". وقال: "إن لم يحدث شيء طارئ، سنتخذ هذه الخطوة بخير إن شاء الله"."12"
وقال متحدث الرئاسة التركية "إبراهيم قالن"، مؤخرا ، إن "المصافحة التي جرت بين أردوغان، و السيسي في افتتاح كأس العالم بقطر، كانت جزءًا مهما لمساعٍ دامت لمدة عام ونصف".
وأكد متحدث الرئاسة التركية استمرار المشاورات على الصعيد الوزاري بين تركيا ومصر، لافتا إلى إمكانية بلوغ مستوى تعيين سفراء لدى الدولتين، والإقدام على خطوات أخرى على صعيد الزعماء، لكن لم يبد حتى الآن أن هناك تقدما في خطوات المصالحة "13"
عام الفشل المستمر في ملف سد النهضة
واصلت الدبلوماسية المصرية فشلها في إدارة هذا الملف على مدار 2022 ، حيث نجحت اثيوبيا في اتمام الملء الثالث بل والاستعداد للملء الرابع ، كما فشلت في محالواته المستمرة في توسيط الأمم المتحدة ومجلس الأمن لحلحلة الازمة ، ومؤخرا أطلق وزير الخارجة الأمريكي "أنتوني بلينكن"، تصريحات حول تجديد وساطة أمريكا بأزمة سد النهضة وقال "التوصل إلى حل دبلوماسي لقضية سد النهضة من شأنه أن يحمي مصالح جميع الأطراف" ، تصريح الوزير الذي يوصف في إطار "الحديث الدبلوماسي"، لم ينم عن نية حقيقة لأي تحرك أمريكي، لحل أزمة السد المعقدة منذ سنوات.
ورغم قوة موقف القاهرة والخرطوم القانوني، وأهمية مصر لأمريكا في الشرق الأوسط، ولكن من الواضح أن التدخل الأمريكي بالضغط على إثيوبيا ليس بالأمر اليسير، وأن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لا يريد إثارة القضية مع إثيوبيا، خشية إغضابها.
وقبيل زيارته للعاصمة واشنطن، لحضور القمة الأمريكية الأفريقية، عكف فريق يضم قانونيين ودبلوماسيين وخبراء في المياه، على إعداد ملف "مُحدّث" خاص بقضية سد النهضة الإثيوبي، حمله "السيسي" والوفد المرافق له إلى القمة التي حضرها أيضاً قادة من مختلف أنحاء القارة الأفريقية، بينهم رئيس الوزراء الإثيوبي "أبيي أحمد علي".
واحتوى الملف الذي حمله "السيسي"، وفق صحيفة "العربي الجديد"، بالإضافة إلى الجوانب الفنية والوضع الإنشائي لسد النهضة والمراحل التي وصلت إليها عملية التشغيل، دراسة حول الوضع القانوني للقضية وأدلة حول مخالفة إثيوبيا اتفاق إعلان المبادئ الموقّع في عام 2015 في الخرطوم بين مصر والسودان وإثيوبيا.
ومن بين هذه الأدلة، وثائق بريطانية كشفت عنها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أخيراً، وتحتوي على شهادة مسؤول إثيوبي كبير، تؤكد أن إصرار أديس أبابا على بناء سد النهضة كان سببه الرغبة بإعادة تقاسم مياه النيل، وليس التنمية.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي قد وعد بمواصلة المحادثات بشأن السدّ، لكنّه مضى قدماً في خطة ملء وتشغيل أول التوربينات ، ومنذ أبريل/ نيسان 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في الحل، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن.
وسبق أن توسطت الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس السابق "دونالد ترامب" الذي كان ينظر له على أنه حليف لـ"السيسي" بين الدول الثلاث، وتم التوصل لمشروع الاتفاق عبر مفاوضات كان "ترامب" منخرطاً فيها أحياناً بشخصه، ولكن إثيوبيا رفضت التوقيع على المشروع، الأمر الذي دفع "ترامب" لفرض عقوبات عليها عبر تعليق بعض المساعدات الأمريكية، بعدما اتّهمت إدارته أديس أبابا بعدم التعامل بحسن نية في هذا الملف ، كما وجه "ترامب" انتقادات إلى إثيوبيا، وألمح إلى أنّ مصر يمكن أن تهاجم السدّ، وهو سيناريو رفضته القاهرة علناً ، ولكن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" أزال العقوبات التي فرضها "ترامب" فور وصوله للبيت الأبيض، دون أن يحصل على أي التزام إثيوبي في المقابل.
واكتفى "بايدن" في يوليو/تموز الماضي، في ختام "قمة جدة للأمن والتنمية"، للدعوة إلى ضرورة "إبرام اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، من دون مزيد من التأخير"، وأكد أهمية "صياغة قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويساهم في الوصول إلى منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً"، دون أن يتبع ذلك أي تحركات من قبل إدارة "بايدن" على الأرض ، ووفق تقرير لـ"إندبندنت عربية"، فمن الواضح أن هناك اختلافاً أمريكياً عميقاً بشأن الموقف من أزمة سد النهضة، مرتبطاً بالانقسامات الداخلية الأمريكية.
ويرى مراقبون أن الحزب الديمقراطي الأمريكي يميل إلى أديس أبابا، بينما يدعم الجمهوريون موقف القاهرة والخرطوم ، فالديمقراطيون واقعون تحت تأثير لوبي ذوي الأصول الأفريقية داخل الحزب، الذي يدعم موقف إثيوبيا وأي قضايا تتعلق بأفريقيا جنوب الصحراء، بينما يدعم الجمهوريون استمرار تدفق المياه إلى مصر والحفاظ على أمنها كركيزة أساسية لاستقرار المنطقة والحفاظ على مصالح واشنطن. "14"
المصادر:
- محمد سيف الدولة" العلاقات المصرية الاسرائيلية 2022 تقارب رسمى وعداء شعبى" ، موقع رأي اليوم ، 5 يناير 2023 ، https://cutt.us/IS6Qx
- "السيسي يهنئ نتنياهو ويؤكد مواصلة جهود التهدئة في فلسطين" ، الخليج الجديد ، 1يناير 2023، https://cutt.us/f7W6X
- "الورقة الفلسطينية.. هل تخسرها مصر؟" ، الخليج الجديد ، 17 أكتوبر 2022 ، https://cutt.us/Eb3qu
- نادر الصفدي ، “حماس” تُهدد بتفعيل كافة أشكال المقاومة الشعبية على حدود غزة وترفض الاستفراد بالضفة " ، رأي اليوم ، 12 فبراير 2022 ، https://cutt.us/j7HLy
- "السيسي .. من ديكتاتور "ترامب" المفضل إلى حليف بايدن المقرب!" ، 13 نوفمبر 2022 ، موقع إنسان للإعلام، https://cutt.us/ED3fs
- "لماذا تصر مصر على ترسيم حدودها البحرية مع ليبيا بشكل منفرد؟"، الخليج الجديد ، 26 ديسمبر 2022 ، https://cutt.us/lbIap
- السعودية ثاني أكبر المستثمرين في مصر بـ30 مليار دولار، الخليج الجديد، 25 ديسمبر 2022، https://cutt.us/LKfDh
- "استحواذات خليجية غير مسبوقة على شركات وأصول مصرية في 2022 ،" ، عربي21 28ديسمبر 2022 ، https://cutt.us/vyqhL
- "عباس كامل في السودان: نصائح مصرية بتوسيع قاعدة "القوى المدنية"" ، العربي الجديد، 4 يناير 2023، https://cutt.us/Q1nto
- "قطر ومصر.. علاقات تتنامى في ظل تحديات إقليمية ودولية " ، وكالة الاناضول، 13 سبتمبر 2022 ، https://cutt.us/SJR54
- شيرين صلاح ، " زيارة السيسي للدوحة.. أبرز ملامح العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر" ، موقع مصراوي ، 13 سبتمبر 2022، https://cutt.us/iuk2U
- "مصافحة السيسي وأردوغان: انفتاح على مرحلة جديدة في العلاقات" ، العربي الجديد، 22 نوفمبر 2022، https://cutt.us/GLMUM
- "الرئاسة التركية تعلق على مصافحة أردوغان والسيسي في قطر.. ماذا قالت؟" ،الخليج الجديد ، 5 يناير 2023 ، https://cutt.us/d9TpE
- "بعد مطالبات السيسي.. هل تتدخل أمريكا مجددا للوساطة بأزمة سد النهضة؟" ، الخليج الجديد ، 18 ديسمبر 2022 ، https://cutt.us/Phas9