صراع التعويضات يشتعل بعد انتهاء أزمة قناة السويس
الخميس - 22 أبريل 2021
مازالت تبعات أزمة السفينة الجانحة بقناة السويس تتوالى على مصر رغم تعويمها ، حيث أن الأزمات اللاحقة قد تحتاج أسابيع وربما شهورا وحتى أكثر، من المعالجة القانونية والقضائية، خاصة تلك المتعلقة بالتعويضات والتأمينات المترتبة على تعطل حركة الملاحة والسفن العالقة واتفاقيات التوريد بالقناة ، ستكون بطلتها شركات التأمين، ويقدر الخبراء الخسائر بأكثر من مليار دولار ،و صراع التعويضات يشتعل بعد الانتهاء أزمة ، كما بدأت مصر على مدار الساعات القليلة الماضية التحقيق في الحادث للتعرف على أسبابه، وتوالت التقارير في الصحف الغربية لتكشف حقيقة حل الأزمة وتقصير الإدارة المصرية فيها ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل ، ونرصد أهم التقارير بالصحف الغربية حول أثار الآزمة .
صراع التعويضات يشتعل بعد انتهاء أزمة قناة السويس
نجحت هيئة قناة السويس المصرية، في إنهاء الجزء الأول من أزمة سفينة "إيفر غيفن" التي جنحت في الممر المائي، منذ 23 مارس/ آذار الجاري، وعرقلت حركة الملاحة لمدة 6 أيام في أشهر ممر تجاري بحري.
إلا أن الأزمات اللاحقة قد تحتاج أسابيع وربما شهورا وحتى أكثر، من المعالجة القانونية والقضائية، خاصة تلك المتعلقة بالتعويضات والتأمينات المترتبة على تعطل حركة الملاحة والسفن العالقة واتفاقيات التوريد، ستكون بطلتها شركات التأمين.
و بلغ عدد السفن العالقة على طرفي قناة السويس 422 سفينة تجارية تقريبا بين سلع وبضائع ومواشٍ، إضافة إلى ناقلات نفط وغاز ومشتقات بترولية.
ونقلت "بلومبيرغ" عن كريس جريفيسون، الشريك في مكتب محاماة الشحن "Wikborg Rein" ومقرها لندن، قوله إن قيَم التعويضات على بضائع السفن التجارية العملاقة تتراوح بين 100-200 مليون دولار للسفينة
وأضاف جريفيسون: "لكن الدفع سيعتمد على مدى سوء الحادث"؛ فيما قد يكون أحد سيناريوهات التعويض متمثلا في تقاسم التكاليف بين جميع أصحاب العلاقة (المالك، المستأجر، صاحب البضائع، شركة التأمين، صاحب امتياز تشغيل الممر المائي)
أما هيئة قناة السويس، فإنها كذلك أمام فرصة رفع دعوى تحت مسمى "فقدان الإيرادات"، ويقصد بذلك، تحول حركة الملاحة لبعض السفن التجارية إلى منطقة رأس الرجاء الصالح، وهي إيرادات كان يفترض أن تجبيها الهيئة.
في أكثر من مناسبة، تجنب رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، الإجابة عن أسئلة الصحافيين في مؤتمراته خلال أزمة جنوح السفينة، بشأن تعويضات ستطالب بها الهيئة نتيجة الخسائر التي تكبدتها بغلق الممر.
وبلغت حصيلة الخسائر (على شكل إيرادات ورسوم عبور لصالح الهيئة)، 15 مليون دولار يوميا حسب ربيع، بإجمالي يقترب من 100 مليون دولار، دون التطرق لتعويضات محتملة لتلف بضائع أو تأخر طلبيات.
كذلك، من المرجح أن يدفع مستأجرو السفن المتأخرة مقابل الوقت الإضافي الذي مكثته السفن على طرفي القناة، وتعطل حركتها لما يصل إلى 6 أيام، مع استمرار أزمة تكدس السفن حتى اليوم.
ومن المحتمل أن تكون هناك آلاف بوالِص التأمين المأخوذة على الصناديق الفولاذية (الحاويات) المكدسة على السفينة الجانحة وباقي السفن العالقة؛ ما يعني تعويضات قد تصل إلى مليارات الدولارات، حسب بعض التقديرات.
وقد يتحاج الأمر لأسابيع ربما، لحين تقدير الخسائر للسفن بوصولها إلى محطاتها النهائية ودراسة قيَم الخسائر، بناءً على استشارات بين الشركات ومكاتب المحاماة وشركات التأمين المؤمنة.
شركة تأمين كبرى تتوقع خسائر كبيرة بسبب توقف الملاحة بقناة السويس
وفي نفس السياق ، قال رئيس مجلس إدارة مؤسسة "لويدز لندن" للتأمين، الأربعاء، إن توقف الملاحة في قناة السويس لمدة أسبوع تقريبا سيكبد المؤسسة "خسائر كبيرة".
وقال "بروس كارنيجي-براون" لوكالة "رويترز"، إن من السابق جدا لأوانه تقدير الخسارة بالضبط، لكن "من الواضح أنها ستكون خسارة كبيرة ليس فقط للسفينة، بل لجميع السفن الأخرى التي علقت ولم تستطع العبور".
وأضاف أن هذا يعني خسارة "لويدز" نحو 100 مليون أو أكثر، وذلك مقارنة بخسائر 900 مليون جنيه إسترليني (1.2 مليار دولار) عل مدار عام 2020 كاملا، على خلفية تداعيات جائحة "كورونا".
وفي السياق، تقول مصادر في القطاع إن عبء طلبات التعويضات التأمينية للسفن والشحنات التي تضررت يقع مبدئيا على الشركة المؤمنة على "إيفر جيفن" وهي "يو.كيه.بي.آند.آي كلوب".
وقال "كارنيجي-براون"، إن "لويدز" قد تتحمل ما بين 5 و10% من إجمالي طلبات تعويض إعادة التأمين.
من جهتها، قالت "فيتش" للتصنيف الائتماني، إن شركات التأمين العالمية ستواجه على الأرجح مطالبات بمئات الملايين بسبب الواقعة.
قناة السويس بدأت تحقيقاتها في جنوح السفينة والخسائر قد تصل إلى مليار دولار
وفي نفس السياق ، قالت هيئة قناة السويس إن الملاحة عادت إلى معدلاتها الطبيعية بمرور 81 سفينة في القناة، بعد أن وضعت جدولا بوتيرة سريعة لتفويج قوافل الشحن.
وفحص غواصون جسم سفينة الحاويات الضخمة "إيفر غيفن" (Ever Given) أمس الأربعاء، كما صعد محقق على متنها، وذلك في إطار تحقيق تجريه هيئة قناة السويس لمعرفة أسباب جنوحها الذي عطّل الملاحة الدولية في القناة نحو أسبوع.
وقال مستشار رئيس هيئة قناة السويس الربّان سيد شعيشع -لوكالة رويترز- إن التحقيق سيشمل فحص الصلاحية البحرية للسفينة وتصرفات ربانها، للمساعدة في تحديد أسباب الحادث. وأضاف شعيشع -الذي يقود التحقيق- أن ربان السفينة ملتزم بالتعاون الكامل في عملية التحقيق.
كما نقلت رويترز عن مصدر في الهيئة أن غواصين نزلوا في المياه للتحقق من سلامة جسم السفينة الراسية في منطقة البحيرات المرة
وقال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع –قبل يومين - لمحطة تلفزيونية محلية- إن السفينة ستبقى في منطقة البحيرات لحين استكمال التحقيقات، مضيفا أنه ليس هناك إطار زمني محدد للتحقيق، ومشيرا إلى أن المحققين استجوبوا طاقم السفينة.
وأبلغ ربيع قناة تلفزيون محلية أخرى بأن الخسائر الناجمة عن جنوح السفينة قد تصل إلى نحو مليار دولار، ولم يحدد ربيع الجهة التي ستدفع هذه الأموال، وما إذا كانت مصر سعت بالفعل للحصول على تعويضات.
ونقلت وكالة الأناضول عن مستشار الرئيس المصري لشؤون مشروعات قناة السويس والموانئ مهاب مميش -في تصريح متلفز- أن الشركة المالكة للسفينة مسؤولة عن تسديد كافة الخسائر والتكاليف التي تكبدتها القناة، وأن شركات التأمين مسؤولة عن تسديد غرامات التأخير للسفن المنتظرة.
الجارديان: القمر والخدمات اللوجستية صنعا الفارق في تعويم إيفر جيفن
وفي سياق متصل ، سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على عملية نجاح هيئة قناة السويس في تعويم "إيفر جيفن" وقالت إن الطبيعة متمثلة في اكتمال القمر والخدمات اللوجستية لعبا دورا بارزا بجانب حسابات الخبراء الهولنديين.
وأضافت الصحيفة أن المد والجزر بعد اكتمال القمر يكون قويا ويرفع منسوب المياه، بجانب قاطرتين قويتين ساعدا في عملية تحرير السفينة الجانحة التي استمرت على مدى أسبوع.
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية التحرير واجهت صعوبة في إحراز تقدم وبدأ أن الأمر قد يستغرق لأسابيع، لكن التنسيق بين ارتفاع منسوب المياه والخدمات اللوجستية التي قام بها فريق من العمال المصريين والهولنديين واليابانيين عبر تجريف كميات هائلة من الرمال صنعا الفارق وأنهيا الأزمة
وذكرت الصحيفة أن السفينة "مشهور" ساعدت في نقل 30 ألف متر مكعب من الرمال خلال الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن صباح الإثنين كان هناك تفاؤل بنجاح العملية.
إيكونوميست: إغلاق قناة السويس كشف سوء التخطيط بمشاريع السيسي
كما نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه، إن الأزمة التي تسببت بها سفينة الحاويات العملاقة التي جنحت عن مسارها في قناة السويس، ألقت الضوء على المشاريع العملاقة التي بدأت فيها حكومة عبد الفتاح السيسي وغيرها، من تلك التي نفذها حكام مصر السابقون.
وقالت في التقرير الذي ترجمته “عربي21″، “مثل بيت يرفض التحرك، وقفت سفينة إيفرغيفن على الباب. وفي 29 مارس وبعد ستة أيام من وقفها لخط التجارة الحيوي، تم تصحيح مسار السفينة التي تشبه ناطحة سحاب وسارت في الطريق الصحيح مستخدمة محركها الخاص. ولكنها لم تبتعد كثيرا، فقد عامت في البحيرات المرة القريبة من القناة”.
ولم يكن هذا ما أرادته مصر قبل سبعة أعوام عندما وعدت بحركة ملاحية قوية في القناة. وبعد توليه السلطة في عام 2014 أمر عبد الفتاح السيسي بعملية إنشاء تفريعة للقناة بكلفة 8 مليارات دولار، خاصة أن القناة كانت مصممة للتعامل مع حركة الملاحة من اتجاه واحد.
وقال المسؤولون إنه لم يكن هناك مبرر لحفر تفريعة ثانية على طول القناة. ولكن حادثة السفينة ذكرت بأنه حتى عملية القيام بتوسيع محدود لم يقم على تفكير جيد.
وقالت المجلة إن حكام مصر لديهم ميل نحو المشاريع الضخمة. ففي الخمسينات من القرن الماضي، أمر جمال عبد الناصر ببناء السد العالي في أسوان والذي حد من فيضانات النيل وجلب الكهرباء للمناطق الريفية.
وزعم المسؤولون أن التفريعة الجديدة ستضاعف الموارد المالية السنوية من القناة إلى 13 مليار دولار، لكن العائدات لا تزال ثابتة تقريبا وتصل إلى 5.8 مليارات دولار، وبزيادة 7% قبل توسيعها.
ولم يمنع الفشل في توسيع القناة السيسي من بناء عاصمة إدارية جديدة في الصحراء. وكلفت المرحلة الأولى 27 مليار دولار.
WP: الجزء الأصعب من أزمة "قناة السويس" لم ينته بعد
كما أكدت صحيفة "واشنطن بوست" أن الجزء الأصعب من أزمة جنوح سفينة الحاويات العملاقة "إفر غيفن" في قناة السويس لم ينته بعد، وقالت الصحيفة "في مفاجأة تشبه تقريبا مفاجأة علوقها تحررت السفينة وتحركت مرة أخرى، نحو جزء آخر من القناة، البحيرة المرة الكبرى، حيث رست الآن وتنتظر أن يتم فحصها".
وأضافت: "يمكن الآن لمئات السفن التي كانت عالقة في الانتظار استئناف رحلاتها، وإحياء شريان رئيسي للتجارة العالمية، حيث بدأ يتراجع عدد السفن التي تنتظر العبور. لكن بالنسبة لصناعة الشحن العالمية، فإن الملحمة لم تنته بعد".
ووفقا للصحيفة، فإن هناك أسئلة فورية قيد التحقيق، وقضايا شائكة تتعلق بالمسؤولية، لكن المخاوف طويلة المدى تلوح في الأفق. لطالما كانت القناة نقطة اختناق جيوسياسية. لكن أحداث الأسبوع الماضي أعطت وزنا جديدا للتساؤلات حول ما إذا كانت القناة ضعيفة للغاية في عالم يتسم بتغير الطقس والإرهاب والتهديدات الناشئة الأخرى.
وقال نيكولاي كورشونوف، مبعوث روسيا للتعاون الدولي في القطب الشمالي، يوم الجمعة: "يجب أن تجعل حادثة قناة السويس الجميع يفكرون في تنويع الطرق البحرية الاستراتيجية وسط النطاق المتزايد للشحن البحري".
وقال تيلوسكي: "لقد سلط حادث إيفر غيفن الضوء على مستويات المخاطر المتزايدة والتهديدات الجديدة المرتبطة بالأصول البحرية الكبيرة التي تعبر هذا الممر الضيق في التجارة العالمية اليوم".
أتلايار: أزمة قناة السويس تكشف مشاريع وخطط طرق بديلة
وفي نفس السياق ، نشرت صحيفة "أتلايار" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن أزمة ناقلة الحاويات "إيفرغيفن" التي أعادت إلى الواجهة مشروع قناة بن غوريون الإسرائيلي ومشروع طريق بحر الشمال الروسي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه كلما شهدت قناة السويس، التي تعتبر معبرا بحريا حيويًا للتجارة الدولية والتي تمر عبرها حوالي 19 ألف سفينة سنويا تحمل ما يصل إلى 10 في المئة من الشحنات العالمية، أزمة عادت إلى الواجهة البدائل التي يمكن أن تحل محلها.
وذكرت الصحيفة أن الإسرائيليين لم يفوتوا هذه المرة أيضا فرصة إعادة تسليط الضوء على مشروع قناة بن غوريون لتكون بديلا محتملا لقناة السويس، خاصة أن المسافة التي تربط بين ميناء إيلات والبحر الأبيض المتوسط ليست طويلة، ولا تبعد كثيرا عن المسافة التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
وتخطط تل أبيب لتحويل هذه القناة إلى مشروع متعدد الأوجه، فضلا عن كونها مشروعا منافسا لقناة السويس.
ويتضمن هذا المشروع أيضا بناء مدن صغيرة وفنادق ومطاعم ونواد ليلية حول القناة الجديدة.
وأوضحت الصحيفة أن السيسي حاول تهدئة مخاوف المصريين من هذه البدائل التي قد يبحث عنها العالم بعد أزمة قناة السويس التي عطلت حركة المرور لأيام.
ويرى بعض المحللين أن التقليل من أهمية المشروع الإسرائيلي لا يخفي حقيقة الخطر الذي يشكله على عائدات البلاد السنوية من قناة السويس البالغة 6 مليارات دولار.
ومن الممكن أيضا أن تحصل القناة البديلة على دعم إقليمي من دول مثل الأردن، إذ أنه يمكن لعمان أن تجد في هذا المشروع مخرجًا من أزماتها الاقتصادية في ظل غياب الدعم العربي الكافي.
وذكرت الصحيفة أن موسكو بدورها اقترحت مرة أخرى مشروع قناة بديلة لقناة السويس في بحر الشمال، التي كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يروج لها منذ مدة، وهي عبارة عن طريق ملاحي على طول الساحل القطبي الروسي.
وقد استغلت روسيا الفرصة للترويج لهذا المشروع مجددا على خلفية الأزمة الأخيرة التي شهدتها قناة السويس.
في هذا الإطار، أشارت شركة "روس آتوم" الروسية إلى أهمية طريق بحر الشمال معتبرة أنه سيكون "حلا سحريا" للسفن العالقة عند مدخل قناة السويس بعد الأزمة، خاصة أن المسافة على طول خط البحر الشمالي من الصين إلى الموانئ الأوروبية أقصر بحوالي 40 بالمئة.