تجسس النظام المصري على المعارضين عرض مستمر ويكلف المليارات

السبت - 8 يناير 2022

 

أثارت فضيحة اعتقال "إف بي آي" عميلاً مصرياً بتهمة التجسس على المعارضين المصريين ضجة كبيرة وسخرية عبر السوشيال ميديا .. مما جعلنا نفتح اليوم ملف إنفاق "النظام" لمليارات الدولارات منذ عام 2013 على أنظمة المراقبة والتجسس على معارضي الداخل

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي في ولاية نيويورك الأميركية قد أعلن، اعتقال بيير جرجس، الحامل للجنسية الأميركية من أصل مصري، وذلك بتهمة التجسس على المعارضين المصريين في الولايات المتحدة، لحساب أجهزة استخبارات مصرية منذ عام 2014.

وبعدما تداول مصريون الخبر مصدومين، لجأوا إلى السخرية، وذكّروا بعلاقة جرجس بوزيرة الهجرة نبيلة مكرم، التي هددت أكثر من مرة المعارضين في الخارج، وربطوا الخبر بمثيله الذي أعلن عنه مكتب المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، في يوليو/تموز الماضي، وأثار فضيحة للنظام.

واستحضر مغردون مسلسل "الاختيار" الذي اعتبره كثيرون أداة دعائية لإثارة المشاعر الوطنية واستغلالها من قبل النظام الحاكم، فسخر وائل حمدي عبر حسابه على "تويتر" من سيطرة الأجهزة الرسمية المصرية على الدراما، وكتب "‏أظن كده الاختيار 4 لازم يبقى عن جرجس".

وغرد أحمد ناجي: "إخلاص أمني نادر... بيير جرجس المخبر المصري الذي تم إلقاء القبض عليه في أميركا كان عامل جمعية لمحبي شرطة نيويورك، المخبر الشريف مخلص لأي جهاز شرطة".

وسخرت الشاعرة مروة مأمون من حيثيات القبض عليه، وقالت: "‏مسكوا جاسوس مصري في أميركا وتهمته أنه شغال عميل أجنبي بدون إخطار السلطات المختصة، كان مفروض يقدم أوراق اعتماده للنائب العام، التفاصيل محرجة جداً".

وقد تعددت مظاهر التجسس على المعارضين خلال عهد السيسي، ونرصد منها مايأتي -:

اختراق هاتف المعارض المصري أيمن نور باثنين من برامج التجسس

ففي شهر ديسمبر الماضي ، قال مختبر "سيتيزن لاب" (Citizen Lab) الكندي المختص بمراقبة أمن الإنترنت إن هاتف أيمن نور، المعارض المصري في المنفى، اخترق بواسطة اثنين من برامج التجسس تستخدمهما حكومتان.

وذكر المختبر -التابع لجامعة تورونتو- أن هاتف أيمن نور أصيب في وقت واحد ببرنامج "بريداتور" (Predator) الذي أنتجته شركة "سايتروكس" (Cytrox)، وبرنامج "بيغاسوس" (Pegasus) الشهير الذي أنتجته شركة "إن إس أو" (NSO Group) الإسرائيلية

وقال المختبر –في تقرير نشر على موقعه بيّن فيه ملابسات هذا الاكتشاف- إنه تحقق من اختراق هاتف أيمن نور وهاتف إعلامي ومقدم برامج مصري في المنفى -طلب ألا يكشف عن اسمه- بواسطة برنامج بريداتور.

فرنسا زودت مصر بتقنيات «مراقبة وتجسس شاملة» للإنترنت والاتصالات

وفي نوفمبر الماضي ، نشر موقع «ديسلكوز» الاستقصائي الفرنسي حلقة جديدة من سلسلة تحقيقات «أوراق مصر Egypt Papers»، تحت عنوان «مراقبة صُنعت في فرنسا».

واعتمد «ديسكلوز»، في هذه السلسلة، التي نشرت منها حتى الآن أربع حلقات، على المئات من الوثائق العسكرية الفرنسية السريّة التي حصل عليها من خلال أحد المصادر دون تسميته.

كشف الحلقة الجديدة أن ثلاث شركات فرنسية نقلت تكنولوجيا برامج التجسس إلى الحكومة المصرية وأشرفت على تشغيل شبكة مراقبة تهدف إلى جمع المعلومات بشكل جماعي من شبكات الاتصالات في مصر.

في تقرير ثانٍ عن الحلقة الأولى من السلسلة «سيرلي»، كشف «ديسكلوز» تحت عنوان «مرتزقة السماء» المزيد من التفاصيل عن العملية الاستخباراتية السرية المشتركة بين مصر وفرنسا، التي بدأت في فبراير 2016 في منطقة قريبة من مدينة مرسى مطروح.

واعتبر التقرير أن القوات الفرنسية تورطت في استهداف 19 هدفًا مدنيًا خلال الفترة ما بين عامي 2016 و2018، وذلك بتوفيرها معلومات استخباراتية مكّنت الجانب المصري من تنفيذ هذه الهجمات.

نظام السيسي وتاريخ طويل من التجسس علي  الإنترنت والاتصالات

في ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٠، كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير صادر عن مختبر الأمن الرقمي التابع لها عن تطورات جديدة بشأن استخدام النظام المصري لبرمجيات مراقبة وتجسس تستهدف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. كانت منظمة العفو الدولية قد اكتشفت عينات من برمجية FinSpy التي تُنتجها شركة FinFisher Gmbh الألمانية، وكشفت عن ارتباطها بمجموعة من المهاجمين التي عُرفت بـاسم “نايل فيش”، وهي المسؤولة عن أكبر هجمة تقنية منظّمة وغير مسبوقة استهدفت منظمات المجتمع المدني والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر. حيث يُشير التقرير إلى أن مجموعة نايل فيش قد استخدمت تحديث وهمي من برنامج فلاش أدوب لتنزيل برمجية FinSpy الخبيثة لاستهداف أنظمة التشغيل العاملة بتوزيعات جنو/لينكس وماك أو إس وميكروسوفت ويندوز وأندرويد.

وفي ٢١ سبتمبر، كشف موقع “المنصة” أحد المواقع الصحفية المصرية المستقلة، في تقرير مشترك مع مؤسسة Qurium عن استخدام معدات ساندفين Sandvine في مصر بهدف ممارسة حجب المواقع الالكترونية واستخدام تقنية الفحص العميق للحزم في البنية التحتية لبعض مقدمي خدمات الإنترنت والاتصالات في مصر وهذه التقنية تُعطي لمقدمي خدمة الإنترنت القدرة على الحصول على معلومات عديدة حول سلوك المستخدمين بالإضافة لإمكانية منع الاتصال أو التلاعب به أو ممارسة المراقبة خاصة إن كان الاتصال غير مُعمّى. وقد بدأت الحكومة المصرية موجة موسعة لحجب المواقع منذ ٢٠١٧ وما تزال مستمرة، حيث بلغ عدد المواقع المحجوبة حتى الآن ٦٢٨ موقعا بما فيها ١١٦ موقعا صحفياً واعلامياً.

برمجيات التجسس والمراقبة

فيما يلي أهم البرمجيات التي استخدمتها السلطات المصرية في السنوات الأخيرة لاستهداف النشطاء والمعارضين ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان.

برمجية ProxySG

في ٢٠١٣، استوردت السلطات المصرية برمجية ProxySG من شركة Blue Coat Systems الأمريكية عبر وكيلها في مصر، شركة Systems Engineering Of Egypt. هذه البرمجية تُتيح للسلطات المصرية استخدام تقنية الفحص العميق للحزم التي تتيح قدرات هائلة من بينها تحديد الموقع الجغرافي للمستخدمين والتتبع ومراقبة وتصفية محتويات الإنترنت بشكل جماعي غير موجّه واختراق تطبيقات الواتس آب وفيبر وسكايب والعديد من البرامج الأخرى.

منظومة قياس الرأي العام

في ٢٠١٣، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن إجراء مناقصة بهدف توريد وتشغيل برمجيات تهدف إلى مراقبة النشاط الرقمي على شبكة الإنترنت. جاء المشروع الذي أعلنت عنه الوزارة تحت عنوان “مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي – منظومة قياس الرأي العام”.

Vortex و Cortex

في ٢٠١٤،   زوّدت شركة Ercom الفرنسية السلطات المصرية بعدّة وسائل لاعتراض الاتّصال، أطلق عليها Vortex، بالإضافة لبرمجية تحفظ وتعالج المعلومات، تسمى Cortex. يُمكّن استخدام كل من Vortex و Cortex المخابرات العسكرية المصرية من اعتراض المكالمات والرسائل النصية ومراقبة حركة الإنترنت أو تحديد الموقع الجغرافيّ لهدفٍ ما.

إساءة استخدام شهادات SSL/TSL الرقمي

في ٢٠١٥، نشرت شركة جوجل بيانًا عن أن شركة MCS Holdings المصرية -وهي نفس الشركة التي استوردت برمجية FinFisher لأجهزة الأمن المصرية سابقًا- قد أساءت استخدام تقنية شهادات SSL/TSL الرقمية، بعد يوم واحد من امتلاكها، وهي شهادات تستخدم لحفظ خصوصية الاتصالات، وكذلك لتوثّيق هويات الأطراف المتواصلين.

هاكينج تيم

في ٢٠١٥، أظهرت الوثائق المُسرّبة من شركة Hacking Team الإيطالية قيام السلطات المصرية بشراء برنامج Remote Control System، وهو برمجية قادرة على مراقبة اختراق الحواسيب الآلية والهواتف المحمولة التي تعمل بأنظمة تشغيل ويندوز ولينكس وآي أو إس و أندرويد وبلاكبيري وويندوز فون.

  • Cerebro  من شركة Amesys

في ٢٠١٧، اشترت دولة الإمارات العربية المتحدة برمجية التجسس Cerebro من إنتاج شركة Amesys – غيّرت الشركة لاحقا اسمها إلى Nexa Technologies- وقدمته للحكومة المصرية. وهذه البرمجية تُتيح للسلطات المصرية مراقبة شاملة للاتصالات عبر تقنية Deep Packet Inspection بما في ذلك المكالمات الصوتية والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل الفورية، وشبكات التواصل الاجتماعي المختلفة وعمليات البحث على محركات البحث.

Pegasus من شركة NSO الاسرائيلية

في ٢٠١٨، كشفت تقارير تقنية عن استخدام الحكومة المصرية لبرمجية التجسس Pegasus من إنتاج شركة NSO الإسرائيلية، والبرمجية تعمل عبر الاحتيال على الشخصَ المستهدف للضغط على رابط خبيث ومخصّص، والذي حالما يضغط عليه، فإنه يحاول استغلال سلسلة من الثغرات غير المعروفة “zero-day” لاختراق ميزات الحماية الرقمية على الهاتف وتحميل “Pegasus” دون علم أو إذن المستخدم.