د. عزالدين الكومى يكتب: الحرب الروسية الأوكرانية والموقف العربى التائه

الثلاثاء - 29 مارس 2022

- د.عز الدين الكومي
( إعلامي حر )

فى ظل اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، التى دخلت شهرها الثانى ، التى كشفت عن عنصرية الرجل الأبيض، وأظهرته على حقيقته ، وأن قيم حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، مجرد أكاذيب ،يرددها الغرب ليغطى بها على عنصريته البغيضة!!
لا شك أن الحروب مرفوضة، كما أن الظلم مرفوض، لكن المرفوض بشدة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير، التى يمارسها الغرب، والمنظمات الدولية.
ومع استمرار موجات النزوح من أوكرانيا، إلى دول الدول الجوار ، بدأ الغربى يأسى ويأسف على ذوى البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، لكن أصحاب البشرة السمراء والعيون السوداء، فى بقية قارات العالم لابواكى لهم فى ظل عالم تحكمه شريعة الغاب!!
دعنا من عنصرية الغرب ، فهى معلومة ومعروفة ، ولا تنطلى على أحد ، لكننى أتساءل عن موقفنا نحن العرب، من هذه الأحداث الجسام، التى سيكون لها مابعدها ، فقد تكون بداية لحرب باردة طويلة، بين روسيا وأمريكا ، وقدتكون بداية لتشكيل نظام عالمى جديد متعدد الأقطاب ،كما أنها ستغير كثير من التحالفات القائمة اليوم، وتطفو على السطح تحالفات جديدة.
فالعرب مشغولون بتوفيرالقمح، ولاحديث إلا عن مخزون القمح والزيت المستورد من طرفى الحرب المستعرة!!
ومع ذلك فقد تعالت بعض الأصوات التى تحذر من عواقب هذه الحرب وتداعياتها، وتكشف عن طرف من خفاياها.
وقد لفت نظرى تصريح لوزير التجارة الكويتي، “فهد الشريعان”، الذى قال فيه :” الوضع خطير جدا في العالم ومنطقتنا! نحن مقبلون على مجاعة.. السفن المحملة بالعيش والقمح والحبوب والبذور والمتجهة للكويت والسعودية والامارات وقطر والبحرين وعُمان، يتم تحويلها في عرض البحر لتتوجه إلى أوروبا.”
“المؤامرة صارت من فوق الطاولة والوضع على المكشوف.. أمريكا واليهود قررتا تجويعنا ولسان حالهما يقول: شعوب الغرب أهم منكم يا حيوانات.”
تصريح الوزير الكويتي ، يعكس حقيقة التمييز العنصري البشع لدى الأوربيين والنظرة الاستعلائية لدى ذوى البشرة البيضاء والعيون الزرقاء!!
وهذا ليس بجديد على الهمجية الأوربية، والتى ظهرت فى أبشع وأحط صورها، إبان أزمة كورونا.
فالولايات المتحدة الأمريكية ، لم تكتف بمنع التصدير وشراء اللوازم الطبية بأسعار أعلى لقطع الطريق على دول أخرى في السوق العالمية، بل قامت بأعمال قرصنة على شحنة أقنعة موجهة للشرطة الألمانية، وشحنة أخرى موجهة لفرنسا وفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
كما أن فرنسا مارست القرصنة علي الأقنعة الطبية، وقامت بمصادرة ملايين الأقنعة الواقية والقفازات الطبية التي استوردتها إيطاليا وإسبانيا من الصين.
ودولة التشيك، صادرت شحنة مساعدات تحتوي على 100ألف قناع طبي مرسلة من الصين إلى إيطاليا،وأدعت إن الأمر وقع بالخطأ
كما أن إيطاليا، قامت بالسطوعلى باخرة كانت متجهة إلى تونس محملة بشحنة كمامات ومواد معقمة ومطهرة أرسلتها الصين.
على الجانب الآخر دعا وزير خارجية قطر السابق، حمد بن جاسم آل ثاني، دول الخليج للاستفادة من أزمة الطاقة الحالية في العالم الناتجة عن العملية العسكرية في أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا.
وقال حمد بن جاسم : إن الدول الأوروبية، بحاجة ماسة للنفط والطاقة “وخاصة من منطقتنا.
و”الأوروبيون الآن بحاجة ماسة لمصادر للطاقة تقوي مواقفهم السياسية والأمنية، ونحن نحتاج لإبرام هذه الاتفاقية على وجه السرعة تحقيقا للمصالح المتبادلة التي هي الأساس الذي تقوم عليه التعاملات بين الدول”.
“نحن نعلم من تجاربنا أن الغرب ينسى دولنا ولا يتعامل معنا، لا بندية ولا على أساس المصالح المشتركة، ولا يتذكرنا إلا عندما تكون له حاجه ماسة، وكأن دولنا خزينه يفتحونها عند الشدائد.
ومن هنا يجب ان يعلموا بأن لنا نحن أيضا مصالح ينبغي ألا تمس، ويجب ان تتحقق على أساس المصالح المتبادلة”.
مع ذلك لايزال الرئيس بايدن يمارس الخداع ،ويعلن أمام العالم ،بأن مايحدث اليوم فى أوكرانيا هو معركة بين الديكتاتورية والديمقراطية، والحقيقة التى لامرية فيها أن الحرب المستعرة فى أوكرانيا هى حرب مصالح ونفوذ وتوسع، حرب كبار وأقوياء على حساب الصغار والضعفاء.
وليست حرباً بين الديكتاتورية والديمقراطية، ولا بين شرعية أو لا شرعيةكما يزعم العم بايدن؟!!
بايدن يريد حرباً طويلة يستنزف خلالها روسيا،ولا يزعجه إزهاق أرواح الأوكرانيين،ويتمترس خلف العقوبات الاقتصادية حتى لايدخل فى مواجهة مباشرة مع روسيا.
آما آن للعرب أن يفهموا مواقف أمريكا والغرب المنافق، والتى تكررت مرات ومرات، فماذا جنى العرب من الوقوف مع بريطانيا والحلفاء فى الحرب العالمية الثانية سوى اتفاقية سايكس بيكو التى مزقت الوطن العربى إلى دويلات متناحرة، وضياع فلسطين، فضلاً عن ضياع خلافة المسلمين؟؟!!!
وقد كان للملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، موقف مشرف حينما قرر قطع النفط عن الغرب عام 1973، رداً على الانحياز الغربي لإسرائيل ودعماً للقضية الفلسطينية، وأكد أن السعوديين سيقومون بتفجيرآبار النفط قبل وصول الجيوش الغربية للمملكة، وسيقاومون بكل ما أوتوا من قوة، عندها سينهار النظام الاقتصادي العالمي.


جراحنا يا أبي في كل ناحية .. وجسم أُمتنا يشكو رزاياه
أما لها من يلم الشعث في عجل .. أما لها مُنجِد والله يرعاه
لسنا الذين هتكنا عرضها أبداً .. لكننا في يد الباغي تركناه
وما هدمنا مُصلاّنا بمعولنا .. كلاّ أُخيَّ ولكنا هجرناه
قلّ لي بربك عن أسباب محنتنا .. فربما مجدنا الماضي أعدناه
فأطرق الشيخ حيناً ثم عاوده .. حنينه فارتوى بالدمع لحياه
وقال قولة حق لا نظير لها .. الله ضيَّعنا لمَّا أضعناه