وساطة مصرية بين عسكر السودان..وتضارب صهيوني بشأن الانقلاب
الثلاثاء - 2 نوفمبر 2021
قال نائب وزير خارجية الكيان الصهيوني، عيدان رول، الإثنين 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن إسرائيل "ليست واثقة من مستقبل علاقاتها التي أقامتها مع السودان مؤخراً"، بعد الإجراءات التي اتخذها الجيش وأطاح بموجبها بحكم المدنيين في السلطة.
وكالة Bloomberg الأمريكية، ذكرت أن رول قال للصحفيين: "أعتقد أنه من السابق لأوانه تحديد إن كان سيكون لنا شريك لمواصلة جهودنا المتعلقة باتفاقات إبراهام أم لا. نحن نراقب الوضع عن كثب، لكن الأمور لم تستقر بعد. ولا يزال الوضع شديد الحساسية".
أضاف رول، الذي التقى وزير العدل السوداني في أبو ظبي الشهر الماضي: "الأمر ليس بيدنا في هذه المرحلة. ولا يتوفر ما يكفي من الوضوح حتى بالنسبة لنا للإعلان عن موقفنا من هذه المسألة وإلى أين تتجه".
في المقابل، يعتبر محلل صهيوني بارز للشؤون الاستراتيجية والاستخباراتية أن انقلاب السودان ينطوي على فرصة لإسرائيل لتوثيق العلاقة معه وأن رد الفعل الغريزي الأول في المؤسسة الأمنية والدبلوماسية الإسرائيلية على الانقلاب يبعث على الارتياح. ويستذكر المحلل يوسي ميلمان في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” أنه منذ عام 2019، تقاسم اللواء عبد الفتاح البرهان وكبار ضباطه السلطة مع المجتمع المدني من خلال هيئة انتقالية عسكرية-مدنية، كان البرهان نفسه رئيسا لمجلس السيادة، حتى حله في الأسبوع الماضي.
ويقول ميلمان إن الرئيس الأمريكي السابق دفع السودان ليحذو حذوه بينما كان لا يزال في السلطة ووعدت الإمارات بالدعم المالي ووافقت الولايات المتحدة على رفع العقوبات المفروضة على الخرطوم في ظل “نظام البشير”.
ويوضح المحلل الإسرائيلي أن البرهان كان متحمسا جدا ومتقبلا لهذا المخطط حيث التقى يوسي كوهين رئيس الموساد في ذلك الوقت بالجنرالات ورؤساء المخابرات في السودان ووعدهم بمساعدتهم بالمعرفة والتكنولوجيا والمعدات. كما يستذكر ميلمان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو توجه في فبراير/شباط 2020 إلى كمبالا، والتقى البرهان تحت رعاية الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني و”وعده بالسماء”.
كان السودان قد أعلن تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل العام الماضي، في إطار صفقة توسطت فيها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وشهدت أيضاً حذف الولايات المتحدة للسودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد 27 عاماً من إدراجه بها.
إلا أن التطبيع الذي دعمه الجيش السوداني بقوة كان إحدى نقاط الخلاف العديدة بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية، التي تولت حكم البلاد بعد إطاحة الاحتجاجات بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019.
حتى قبل تحرك الجيش السوداني ضد المسؤولين المدنيين في البلاد، كان كبار المسؤولين المدنيين بالسودان يشكون "إلى كل من المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والأمريكيين بشأن الاتصالات الجانبية غير المُنسَّقة بين جهاز الموساد الإسرائيلي والمسؤولين العسكريين السودانيين"، وفقاً لما ذكره موقع Axios الأمريكي.
لم يوقع السودان وإسرائيل حتى الآن اتفاقاً رسمياً بشأن العلاقات الدبلوماسية، وبحسب الموقع الأمريكي تمت صياغة اتفاقية مبدئية، لكن السودانيين يريدون المصادقة عليها من قبل إدارة جو بايدن وتوقيعها في حفل يقام بواشنطن. لكن حتى الآن تشكو الخرطوم من سوء التواصل مع تل أبيب.
من جانب آخر، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وغربية في القاهرة عن اتصالات تجريها المخابرات العامة برئاسة اللواء عباس كامل، في الخرطوم على مدار الساعة، لمناقشة تطورات الأوضاع مع رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، وعضو المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي) وقيادات عسكرية أخرى، بهدف تقريب وجهات النظر بينهم جميعاً، وتجاوز الخلافات المحتدمة حالياً، حول طريقة التصرف مع عاصفة الغضب الشعبي المتواصلة في شوارع المدن السودانية، للمطالبة بعودة الحكومة المدنية والالتزام بالوثيقة الدستورية التي تم تجميد العمل ببنودها التي تتحدث عن الشراكة مع قوى الحرية والتغيير.
وذكرت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن هناك خلافات عديدة بين البرهان وحميدتي، وأخرى بينهما كفريق ضد عدد من القيادات الأخرى، بما يصعب معه تصنيف المجلس العسكري إلى فريقين أو حتى ثلاثة. وقد كشفت الاتصالات الأخيرة، بحسب المصادر، وجود آراء عديدة تجاه القرارات الانقلابية الأخيرة؛ بداية من حل الحكومة ومجلس السيادة، وصولاً إلى قرار إعفاء النائب العام، مبارك محمود، أول من أمس الأحد، إلى حد مطالبة بعض القيادات القاهرة بإرسال وفد مخابراتي عالي المستوى من مكتب عباس كامل، كطرف يحظى بثقة معظم أعضاء المجلس، لتقريب وجهات النظر، كما حدث من قبل خلال العام الماضي.
يُشار إلى أن السودان يشهد منذ أكثر من أسبوع، احتجاجات وتظاهرات رفضاً لما يعتبره المعارضون "انقلاباً عسكرياً"، جراء إعلان الجيش حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وإعفاء الولاة، واعتقال وزراء ومسؤولين وقيادات حزبية في البلاد.
قبلها، كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
المصدر عربي بوست+ القدس العربي+ العربي الجديد