هل يريد السيسي حوارا مع الإخوان..وما مغزى "استراتيجية حقوق الإنسان"؟
الأحد - 12 سبتمبر 2021
في كلمته أمس، خلال إطلاق ما يسمى "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، قال قائد الانقلاب العسكري في مصر، عبدالفتاح السيسي: "مش مختلف مع الفكر اللي بقاله 90 سنة (فكر الإخوان)، لكن بشرط يحترم مساري ولا يتقاطع معي ولا يستهدفني، هو فكره كدا، مش هقول بحترمه لكن هقبل بيه، بس ميفرضهوش عليا مش أنا كشخص أنا كدولة"
وزعم أن "جماعة ظلت تنخر في جسد وعقل ووعي الإنسان في مصر منذ 90 عاما" في إشارة الى الاخوان المسلمين أيضا، وهو ما اعتبره الكاتب الصحفي جمال سلطان " خطاب هزيمة وفشل، وتمهيد للبحث عن نجاة أو مخرج من ورطة"
وقال سلطان إن "مغامرته وصلت لحائط مسدود، الخراب يقترب، والصدمة ستكون كبيرة، أحرج كل حلفائه، لا الداخل مقتنع بكفاءته، ولا الخارج مقتنع بقدرته على الاستمرار".
بالتدقيق في كلام السيسي نجد أنه يشاور من بعيد لفتح باب المصالحة مع الإخوان و القبول بوجودهم، ولكن بشروط ثلاثة حددها:
1 ـ يحترمون مساري: أي التسليم بسلطته وشرعيته
2 ـ لا يتقاطعون معايا: أي لا تقف في طريقي أو تنازعني الحكم
3 ـ لا يستهدفوني: لا تنتقدوني
حول هذا المعنى تحدثت قناة الشرق مساء أمس ووسائل إعلامية أهرى، لكن يبقى السؤال: هل السيسي يريد حوارا بالفعل مع الاخوان، أم يناور لتمضية الوقت، أم أنه يشعر بخطر الانهيار ويرغب في إنقاذ نظامه من الغرق بشروطه هو؟
الحقيقة أن عقلية السيسي وخبرات التعامل معه- للمؤيد والمعارض- تؤكد أنه لا يمكن أن يقدم تنازلا من أي نوع، لأن الفاتورة ثقيلة جدا بعد أن تورط في دماء المصريين وتنازل عن حقوقهم وأضاع مستقبلهم. هو يبحث عن مخرج فقط من أزمته الداخلية، وربما يناور ليخدع الأطراف الخارجية التي باتت تضغط عليه أكثر من السابق.
وزاد السيسي على ما قاله بحق الإخوان تلميحا آخر برغبة جارفة في البقاء في السلطة الى نهاية حياته، حيث قال: الشعوب بحاجة إلى وقتها الطبيعي من أجل الوصول إلى التطور الطبيعي والإنساني المنتظر، الدول الأجنبية وصلت لتطورها في قرون عديدة تقدر بـ3 أو 4 قرون، الدولة المصرية من أيام محمد علي حتى اليوم لم تكمل 200 عام" .. كأنه يقول أدونا فرصة نحكم الاف السنين كي تروا تطورا في مصر!!
لكن في الوقت نفسه، يبقى كلام السيسي عن الإخوان يعبر عن هواجس- في نفسه وفي النظام- من أنهم قد يقلبوا المعادلة ولو بعد حين، خاصة بعد التطورات الحاصلة في أفغانستان وتلميح الإدارة الأمريكية برفع يدها عن دعم أنظمة الاستبداد في المنطقة.
ولعل ما قاله المذيع الانقلابي أحمد موسى من أن "الإخوان مازالوا متواجدين" وعناصر الجماعة تعيد تنظيم خطوطها مجددا وسوف يغيروا طريقة تواجدهم داخل المجتمع"، يؤكد تلك الهواجس.
كما أن قول السيسي إن "مصر محتاجة على الأقل تريليون دولار سنويًا، لو الرقم ده موجود حاسبوني وحاسبوا الحكومة"، يؤكد أنه يهرب للأمام ويقصد أن يقول: "لا تفكروا في أن تحاسبوني". وهذه مقدمة للخراب الذي اقترب، وهو يعرف أنه خراب واسع، ويمهد لإخلاء مسؤوليته من الآن.
العجيب أن حفل إطلاق الاستراتيجية خلا من أي إشارة إلى الأهداف الرئيسية التي بدأت من أجلها في الأساس جهود وضع هذه الاستراتيجية مثل فتح المجال العام، وتوسيع العمل السياسي والسماح بحرية تكوين الأحزاب الفعالة والنقابات المؤثرة والجمعيات المعارضة للسلطة، وإطلاق الحقوق والحريات السياسية والإعلامية والمدنية، ووقف الملاحقات الأمنية والاعتقالات والاستخدام المتعسف للسلطة ضد المعارضين.
ويبدو أن السلطة اتخذتها فقط فرصة للترويج الدعائي للداخل والخارج لمشاريع السيسي المختلفة والبرامج التنموية والصحية التي أطلقت خلال الفترة الماضية.