هل تقدم تركيا على إغلاق فضائيات المعارضة المصرية وترحيل معارضين؟
الأحد - 27 يونيو 2021
في ظل التضارب الكبير في الأنباء خلال الأيام الماضية، انتشرت أخبار مختلفة كان أغلبها مصدره الإعلام المصري التابع للنظام تحدثت عن سيناريوهات مختلفة منها تسليم عدد من كبار الصحافيين المصريين المعارضين للنظام المصري أو عن وجود قرار تركي بمغادرتهم البلاد في وقت قريب، وأنباء أخرى عن تسليم معارضين آخرين ما خلق حالة من الإرباك والتضارب في الكثير من الأوساط.
وبالحديث عن ملف التسليم والإبعاد خارج تركيا، يبرز إلى الواجهة ملف مهم يزيد من تعقيد المسألة بشكل كبير، وهو حصول عدد كبير من المعارضين المصريين بشكل عام والإعلاميين منهم بشكل خاص على الجنسية التركية، وهو ما يجعل من الحديث عن إمكانية التسليم أو الإبعاد أمراً معقداً يصعّب من هامش المساحة المتاحة للسلطات التركية للتجاوب مع المطالب المصرية في هذا الإطار حتى لو رغبت بذلك.
ومن المؤكد أن آلاف المصريين لا سيما المعارضين منهم قد حصلوا خلال السنوات الماضية على الجنسية التركية بطرق مختلفة وباتوا يتمتعون بحقوقهم كمواطنين أتراك وفق الدستور التركي، فيما يُعتقد بقوة أن الغالبية العظمى من الإعلاميين الذين تستهدفهم مطالب السلطات المصرية بالتسليم والطرد هم بالفعل من الذين حصلوا على الجنسية التركية.
يؤكد ناشط مصري من العاملين في اللجنة التركية المصرية المعنية بمتابعة شؤون الجالية والمعارضة المصرية لـ”القدس العربي” أن كبار الإعلاميين الملاحقين لنشاطهم الإعلامي ضد النظام المصري هم من الذين حصلوا على الجنسية التركية، معتبراً أن “الحديث عن تسليمهم أو ترحيلهم من تركيا أمراً غير قابل للتطبيق”.
وفي حال كان هؤلاء الإعلاميين يتمتعون بالفعل بالجنسية التركية، فإن الدستور التركي يمنع تسليمهم لأي جهة خارجية، وبغض النظر عن أي توجه سياسي للحكومة، فإن تسليمهم يعتبر خرقاً للدستور وأمراً لا يمكن الوقوع فيه مهما كان الثمن السياسي المقابل، كما أن ذلك ينطبق على فكرة الترحيل والطرد خارج البلاد إلا في حال اللجوء إلى إجراء دستوري بإسقاط الجنسية عنهم، وهو أمر لا يعتبر سهلاً ويحتاج مبررات قوية من الحكومة لاتخاذ هكذا إجراء.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، لا يجري الحديث عن أي سيناريو يتعلق بتسليم معارضين أو ترحيلهم وخاصة من الإعلاميين، لكن يعتقد أن الضغوط التي مارستها الحكومة التركية عليهم لوقف انتقاداتهم للنظام من تركيا سوف تدفعهم لممارسة نشاطهم الإعلامي من مكان جديد خارج البلاد. وفي هذا الإطار يقول مصدر مقرب من هؤلاء الصحافيين لـ”القدس العربي”: “ثلاثة من كبار الصحافيين الذين توقفت برامجهم يبحثون طوعاً عن مكان بديل لاستئناف برامجهم، وحتى الآن يجري الحديث عن بريطانيا كخيار أول”.
إلى جانب ذلك، تدور نقاشات جوهرية عند مشرفي قنوات المعارضة المصرية في إسطنبول حول جدوى استمرار عملها في حال استمرت القيود المفروضة على انتقاد النظام المصري، حيث كانت النسبة العظمى من المشاهدات لهذه القنوات تنصب على البرامج التي توقفت بالفعل، كما أنها قنوات خصصت معظم برامجها لانتقاد النظام، واليوم تبدو فارغة المحتوى، الأمر الذي قد يدفع تدريجياً نحو إغلاقها أو نقلها لبلد آخر أو الاكتفاء ببث برامجها الأساسية المؤثرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلا في حال حصول انتكاسة في جهود إعادة تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة ما سيتيح على الأغلب لهذه القنوات استئناف عمليها كما في السابق من إسطنبول.
المصدر القدس العربي