هل تتحول أوكرانيا إلى قاعدة بيولوجية لإبادة روسيا وتقليل سكان العالم؟
الاثنين - 2 يناير 2023
- روسيا تتهم أمريكا بتطوير فيروسات قاتلة في معامل بيولوجية في أوكرانيا
- الولايات المتحدة تدير 340 معملاً للجراثيم في 30 دولة حول العالم
- روسيا: واشنطن أنفقت 200 مليون دولار على معامل أوكرانيا البيولوجية
- الأمريكيون أنتجوا جينوم لفيروس الجدري يتنكر داخل فيروس كورونا
- عالم: مختبر "النمرو" الأمريكي في مصر تسبب في تفشي بعض الأمراض
في رسالة العام الجديد، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب باستخدام أوكرانيا لتدمير روسيا، بعدما قالت وزارة الدفاع الروسية في تقرير سابق عن المعامل البيولوجية لتصنيع الأوبئة إن الغرب يرغب في إبادة روسيا بالفيروسات وتقليص عدد سكان العالم.
قال بوتين، أول يناير 2023 إن بلاده لن تستسلم أبدا لمحاولات الغرب استخدام أوكرانيا كأداة لتدمير روسيا.
واتهم، في الخطاب الذي ألقاه أمام جنود روس، الغرب بالكذب على روسيا واستفزاز موسكو ما دعاها لشن حرب في أوكرانيا، واتهم الغرب بأنه "كذب بشأن السلام"، بينما كان يستعد للعدوان، والآن يستغل أوكرانيا وشعبها باستخفاف لإضعاف روسيا وتقسيمها.
وبدأت روسيا تلوح بورقة "المعامل البيولوجية" التي قالت إن واشنطن تقيمها على أراض أوكرانية لنشر الأوبئة في العالم منذ سنوات لكن اتهاماتها تعاظمت عقب حرب أوكرانيا.
وقد أكد عالم الأحياء الدقيقة إيغور نيكولين، لوكالة نوفو سيتي، يوليو 2022، أن الأمراض الخطيرة التي تم تطويرها في المختبرات الأوكرانية برعاية وتمويل من واشنطن، كانت كافية للقضاء على سكان أوكرانيا والبلدان المجاورة.
وقال نيكولين في فيلم وثائقي عن التطور البيولوجي العسكري في أوكرانيا، أعدته لجنة التحقيق الروسية ونُشر على قناتها على "يوتيوب": "من الواضح أن الأوكرانيين والأمريكيين دمروا المئات من الحاويات التي تحوي على مسببات الأمراض، والحديث هنا يدور حول آلاف اللترات، الأمر الذي يشير إلى أن هذه ليست دراسات مخبرية، لكن هناك بالفعل كمية صناعية"
وأكد أن "هذه الكمية يمكن أن تقتل جميع سكان أوكرانيا والبلدان المجاورة لها. لذلك، نحن نتحدث بالفعل عن إنتاج صناعي لمكونات الأسلحة البيولوجية"
وأشار إلى أن التجارب البيولوجية غير الخاضعة للرقابة في أوكرانيا شكلت خطر كبير ليس فقط على الأوكرانيين، ولكن أيضا على سكان الدول المجاورة مثل روسيا وبيلاروسيا وبولندا وهنغاريا ورومانيا وجمهورية بريدنيستروفيه المولدافية.
وتابع نيكولين: "والآن، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن ملايين اللاجئين هرعوا إلى أوروبا، فإنهم خلقوا تهديدا لأوروبا بأكملها، بما في ذلك الغربية".
قصة المختبرات
بحسب الاتهامات الروسية، شهد عام 2019 نشاطا أميركيا مكثفا، لتأسيس المعامل البيولوجية، منها مختبران في مدينتي كييف وأوديسا اللتين بادرت روسيا بقصفهما مع بداية الحرب.
قالت إن التعاون في مجال الصحة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بدأ عام 2005، إذ تم إنشاء مركز بحثي باسم "مركز أوكرانيا العلمي التكنولوجي"، تمتع جميع موظفيه الأميركيين بالحصانة الدبلوماسية.
ثم تم تأسيس 16 مختبرا، عملت فيها شركات أميركية خاصة بتمويل مباشر من وكالة الحد من التهديدات DTRA التابعة لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون".
وقد تردد أن الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش امتنع عام 2013 عن تمديد عقود عمل هذه المختبرات مع البنتاغون، إلا أن انقلاب 2014 عليه أحبطت محاولاته كما تقول روسيا.
وعام 2009، ظهر فيروس في تيرنوبول، غرب أوكرانيا، سبب مضاعفات حادة ونزيفا رئويا لـ 450 أوكرانيا، بعدها مباشرة أغلقت واشنطن المختبر.
ثم في عام 2015 حدث تفشٍ مفاجئ للإنفلونزا، وتوفي 364 شخصا، وفق بيانات وزارة الصحة الأوكرانية.
أيضا عام 2016 بدأ مرض التسمم السجقي بالانتشار في أوكرانيا، وهو مرض نادر جدا، توفي بسببه في ذلك العام 4 أشخاص، وارتفع العدد إلى 8 في 2017.
ثم ظهر السل بعد ذلك في بعض المناطق بشكل مفاجئ، ولفتت الدراسات لوجود أنواع غريبة، ما يؤشر لتعديلها مخبريا.
تحرك دولي
يوم 11 مارس 2022، أوصت منظمة الصحة العالمية (WHO)، سلطات أوكرانيا بتدمير مسببات الأمراض شديدة الخطورة المخزنة في مختبراتها من أجل منع أي تسرب محتمل بسبب الحرب الدائرة هناك.
ولم تذكر المنظمة موعد إرسال التوصية، ولم تقدم معلومات محددة حول أنواع مسببات الأمراض أو السموم المخزنة في المختبرات الأوكرانية، كما لم تحدد هل تم تنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية أم لا؟.
قبلها بيومين قالت نائب وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، إنّ الولايات المتحدة "تشعر بالقلق" من احتمال تمكّن روسيا من الوصول إلى مواد المختبرات البيولوجية الأميركية الموجودة في أوكرانيا، خلال الهجوم الحالي.
قالت في جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي: "هناك مرافق للبحوث البيولوجية في أوكرانيا ونحن الآن قلقون للغاية من أنّ القوات الروسية قد تحاول السيطرة عليها"
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل حالياً مع الأوكرانيين على "كيفية منع أي مواد تتعلق بهذه الدراسات من الوقوع بأيدي القوات الروسية".
ورد السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنطونوف، بالقول إن أمريكا تخشى اتهامها بانتهاك اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية، حال وقوع محفزات الأمراض المخزّنة في المختبرات البيولوجية الأوكرانية بيد الروس.
وجاء هذا بعدما سربت المخابرات الروسية معلومات انها استولت على مختبرات أمريكية لتصنيع الفيروسات الفتاكة على اراضي أوكرانيا وان الامريكيين تمكنوا في هذه المختبرات من تخليق جينوم لفيروس الجدري يتنكر داخل فيروس كورونا.
30 مختبر بيولوجي
وقد اعتبرت وزارة الدفاع الروسية، 7 مارس 2022، حديث "نولاند" بشأن وجود مرافق للبحوث البيولوجية في أوكرانيا اعتراف أمريكي بمشاركة البنتاغون في برامج بيولوجية عسكرية في أوكرانيا.
واتهم إيغور كيريلوف قائد قوات الدفاع الشعاعي والكيميائي والبيولوجي في القوات الروسية في تصريح لوكالة الاناضول، الولايات المتحدة بإقامة 30 مختبراً بيولوجياً في أوكرانيا، تشمل فيروسات تسبب أمراضاً خطيرة، مؤكدا أنهم دمروا بعضها.
وأضاف: "تم العثور هناك على آثار لمسببات أمراض الطاعون والجمرة الخبيثة وداء البروسيلات والدفتيريا وداء السلمونيلات والدوسنتاريا".
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن واشنطن أنفقت أكثر من 200 مليون دولار على أعمال المعامل البيولوجية في أوكرانيا.
الصين أيضا دخلت على الخط وحثت وزارة الخارجية الصينية 8 مارس/آذار 2022 الولايات المتحدة على الكشف عن تفاصيل حول المختبرات البيولوجية التي تمولها في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية قال كذلك في بيان رسمي له إن الولايات المتحدة تمول مختبرات بيولوجية، مطالباً بالكشف عما تحتويه هذه المختبرات الموجودة في أوكرانيا من أنواع فيروسات مخزنة.(تويتر)
حرب الجراثيم
أدت هذه الاتهامات المتبادلة لعودة ملف "حرب الجراثيم" إلى الواجهة مجددا وهل مختبرات أوكرانيا البيولوجية إشاعات روسية أم تهديد حقيقي؟
فقد نفت كييف، وواشنطن اتهامات موسكو وحذرت من أنّ الهدف من هذه المزاعم قد يكون التحضير لإمكانية أن تستخدم القوات الروسية قريباً مثل هذه الأسلحة في أوكرانيا.
لكن روسيا تقول، منذ سنوات، أن أمريكا تدير في جورجيا وأوكرانيا مختبرات بيولوجية تعمل على انتاج أسلحة كيميائية فتاكة، ما يشكل تهديدا مباشرا وحقيقيا على أمنها وينتهك الاتفاقات الدولية.
وسبق أن وكالة "تاس" عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في يناير 2022 في كلمة أمام مجلس "الدوما"، أن "معظم الدول المجاورة لبلاده لديها مختبرات بيولوجية عسكرية أميركية" وأنه "من الصعب للغاية فهم" ماهية عمل هذه المختبرات.
وقد أكد الدكتور محمود حلبلب الخبير في علم الجراثيم والأمراض المعدية بجامعة رفيق الحريري في لبنان والأستاذ المحاضر سابقًا لعِلم الجراثيم بالكلية الملكية بجامعة لندن أن الولايات المتحدة تدير نحو 340 معملاً بيولوجياً في 30 دولة حول العالم.
قال إن من أهمها مختبر "نمرو" في مصر الذي ينسب إليه التسبب في تفشي بعض الأمراض، وهو معمل يقع في العباسية شرق القاهرة وتشرف عليه وزارة الدفاع الأمريكية "سلاح البحرية الأمريكية"، وتتجمع فيه كافة الأبحاث المتعلقة بالجوانب الصحية والغذائية في مصر بدءاً من الثروة الحيوانية والزراعية والمياه والهواء والأوبئة والفيروسات.
وأضاف في حوار لبرنامج (مع الحكيم) يوليو 2022 على الجزيرة مباشر، أن تسرب أي فيروس أو جرثومة من المعامل البيولوجية أمر مستبعَد، لأن الاختبارات تتم تحت تغطية أمنية مشددة وإجراءات مكثفة، لكن هذا لا يمنع وقوع بعض الحوادث في حالات الحرب أو غيرها من الصراعات.
مخاوف سابقة
وسبق أن حدث بالفعل انفجار عام 2019 بالقرب من مختبر روسي به عينات لفيروس الجدري الذي اختفى من خارطة الأمراض منذ 1980، وهو ما يفسر دعوة منظمة الصحة العالمية لأوكرانيا لتدمير مسببات الأمراض الشديدة الخطورة في المختبرات البيولوجية الأوكرانية لمنع أي تسربات محتملة.
لذلك لا يستبعد الدكتور حلبلب تسرب أي فيروس أو جرثومة من المعامل البيولوجية بسبب وقوع بعض الحوادث في حالات الحرب أو غيرها من الصراعات.
وأعاد الجدل الدائر الآن بشأن الحرب البيولوجية إلى الاذهان الشكوك بشأن منشأ فيروس كورونا الذي لم يتحدد بشكل قاطع حتى الآن، والذي ظهر في مدينة ووهان الصينية التي تضم مختبرًا بيولوجيًا قيل إن خبرات أمريكية كانت تسهم في أعماله بشكل ما.
تقليل سكان العالم
في 22 يوليو 2022 كتب الروسي "أغنيا كرينجل"، في صحيفة "الثقافة الروسية الاستراتيجية" ما يؤكد وجود أسلحة أمريكية خطيرة لإبادة روسية وتقليل سكان العالم، وصولا إلى خطة "مليار واحد يكفي"..
قال: إن الأسلحة البيولوجية، التي قادت أمريكا تطويرها واختبارها في أوكرانيا، لم تلعب دورها بعد، وحين دعت السفارة الأمريكية في كييف المواطنين الأمريكيين بمغادرة أراضي أوكرانيا كان من الواضح أنهم يعدون لاستخدام هذه الأسلحة قبل أن تكشفها روسيا وتدمر بعضها.
وقد حذر فولوديمير روجوف، عضو المجلس الرئيسي لإدارة منطقة زابورجيا على الهواء من محطة إذاعية كومسومولسكايا برافدا، من أنه يمكن للغرب استخدام أسلحة مشعة أو كيميائية أو بيولوجية في أوكرانيا.
قال إنه في عام 2001، رفضت الولايات المتحدة وبريطانيا التوقيع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وفي أوكرانيا تم تسليم المجموعة الكاملة من سلالات الطاعون إلى الجيش الأمريكي، وبدأ عمل الأمريكيين في تحديث المؤسسات السابقة لمكافحة الطاعون.
ويقول الموقع الروسي إن عالم أمريكي موثوق صرح أن فيروس كورونا، الهستيريا التي استحوذت على العالم لمدة عامين، تم إنشاؤه في مختبرات أمريكية وتقوم المعامل في أوكرانيا الآن بصنع أسلحة بيولوجية انتقائية تستهدف السلاف والآسيويين عبر نقل ناقلات للفيروسات تم تطويرها في مختبرات في أوكرانيا.
الموقع الروسي أكد أنه "يتم استهداف الفيروس على ناقلات هابلوغروب، والتي، وفقًا للوثائق التي تم العثور عليها، لنقلها للروس وغيرهم ممن لديهم عنصر يسمي R1a1 في حمضهم النووي.
أكد أنه "إذا استخدم الأمريكيون سلاحهم البيولوجي اليوم، سيموت مئات الملايين من الناس: الروس والبيلاروسيين والكازاخستانيون والقرغيزيون والأوكرانيون"، وشدد على أن "الأمريكيين ببساطة يقللون من عدد سكان العالم".
وبناءً على هذه الوثائق التي تم الاستيلاء عليها، خلصت وزارة الدفاع في الاتحاد الروسي إلى أن الطيور البرية تمت دراستها في المختبرات باعتبارها حاملة للأمراض، كما تم دراسة طرق هجرة الطيور إلى حد كبير.
وتمكن علماء الفيروسات الأمريكيون من اختبار تطوراتهم على السكان المحليين، ولا سيما على جنود الجيش الأوكراني، وبعد اقتراب الجيش الروسي، هربوا، تاركين المختبرات في حالة من الفوضى الخطيرة، وفق روسيا.
وتنفق الولايات المتحدة، وهي من الدول الموقعة على اتفاقية الأسلحة البيولوجية في عام 1972، 360 مليون دولار سنويًا لتطوير أسلحة الدمار الشامل الكيماوية والبيولوجية.
وهناك أكثر من 300 مختبر بيولوجي عسكري أمريكي حول العالم، ومن بين هؤلاء، وفقًا لرئيس النادي التحليلي الأوراسي نيكيتا ميندكوفيتش، ستة منهم واحد في كازاخستان هو الأكبر، وثبت بالفعل أن ممثلي الولايات المتحدة تلاعبوا بهياكل السلطة في كازاخستان، وطوروا وثائق تنظيمية لتسهيل عمل كائناتهم البيولوجية. وهذا يعني أن هذه المختبرات تعمل هنا ليس فقط كأدوات عسكرية، ولكن أيضًا كأدوات سياسية، وفق الموقع الروسي.
وقد تم اكتشاف 15 معملًا بيولوجيًا في الوقت الحالي، وهناك أكثر من 3 منها، يشتبه في تسريبها فيروسات حيث تم تسجيل سلسلة من تفشي الأمراض الحيوانية في جنوب روسيا خلال العقد الماضي ربما أتوا من المعامل البيولوجية الأمريكية في جورجيا وأوكرانيا.
وتقول روسيا أنه "يمكن اعتبار ذلك محاولة لإحداث أزمة غذائية ومجاعة في الاتحاد الروسي ".