هل القاهرة صادقة حقا في سعيها لتخفيف معاناة أبناء غزة؟

الخميس - 3 يونيو 2021

تحت عنوان (هل تكترث القاهرة حقًا؟)، أجرى مركز "كارنيغي للشرق الأوسط" مقابلة مع  مهند صبري، الكاتب المصري المتخصص في  شئون شبه جزيرة سيناء ومؤلف كتاب "(سيناء: عماد مصر، حياة غزة، كابوس إسرائيل) ، الذي حُظِر في مصر بُعيد صدوره عام 2015، حول جدية الموقف المصري بشأن إعمار غزة وتخفيف المعاناة الإنسانية عن أهل القطاع.

شكك "صبري" في صدقية الموقف المصري من غزة حاليا، وقال إن الوضع في معبر رفح ومقاربة القاهرة للمسائل الإنسانية في غزة عمومًا، يُثير شكوكًا كبرى بشأن الموقف المصري، ففي حين بقي المعبر مفتوحًا أمام المسافرين العاديين، بما في ذلك الطلاب والأشخاص الذين حصلوا على تصاريح سفر قبل اندلاع النزاع، ظل مقفلًا أمام ضحايا الحرب وقوافل المساعدات الإنسانية والصحافيين والعاملين في المنظمات غير الحكومية.

أضاف أن مقاربة مصر للأزمة الإنسانية في غزة أثارت سؤالًا جديًا يتعيّن على نظام السيسي الإجابة عليه بطريقة عملية: هل القاهرة صادقة في سعيها إلى تخفيف معاناة أبناء غزة أم أنها تستخدم محنتهم بمثابة رافعة لتحقيق أهداف سياسية؟ جوابها على هذا السؤال إما يعزّز شعبيتها أو يقوّض بالكامل مصداقية تحوُّلها المفاجئ نحو تبنّي خطاب إنساني.

وتابع: لقد وظّفت مصر وإسرائيل موارد طائلة في بناء علاقات وثيقة بينهما على نحوٍ غير مسبوق خلال الأعوام الأخيرة بعد وصول السيسي إلى السلطة، وبالتالي لن تتخلّيا عن هذا المجهود بسبب استياء دولي أو إقليمي. إضافةً إلى ذلك، صبّت هذه العلاقة في صالح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأفادت كذلك الجيشَين المصري والإسرائيلي.

واستطرد: أظهرت هذه التناقضات بوضوح عمق العلاقات المصرية-الإسرائيلية وتعقيدها. ففيما سارع نظام السيسي إلى التوسط للتوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار ووضع حدٍّ لإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، شنّ أيضًا حملة مناهضة لتل أبيب عبر القنوات التلفزيونية المموّلة من الدولة شاهدها مئات الملايين من الأشخاص في مختلف أنحاء المنطقة. مع ذلك، تلقّى رسائل شكر علنية من نتنياهو ومن السفيرة الإسرائيلية المحتفى بها في مصر أميرة أورون.

في غضون ذلك، يبقى السيسي زعيمًا لا يحظى بشعبية كبيرة، وسجلّه ملطّخ بالدماء في مجال حقوق الإنسان، على الرغم من التأييد الذي حصده بعد موقفه من الوضع في غزة. ووواجه نتنياهو بدوره تحديات خطيرة في الداخل قد أدت إلى تنحيته من منصبه، ما يضع الحكومتَين المصرية والإسرائيلية والعلاقات بينهما عند منعطف مهم. سوف يُظهر المستقبل القريب مدى استعداد السيسي لتقديم تنازلات حيال الوضع في غزة وما إذا ينبغي رفع الحصار عن القطاع. وسيكشف ذلك الأولوية القصوى لكلٍّ من النظام المصري والحكومة الإسرائيلية.

وانتهى إلى القول: سيُحدّد النهج التي يتبنّاه السيسي للتعامل مع إسرائيل في المرحلة المقبلة مصير سياساته الجديدة حيال غزة والشعب الفلسطيني. فإما يَظهر على أنه مدافِع عن غزة على الرغم من سجله، ويضغط من أجل التوصل إلى حلول دائمة للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، أو يبقى في حُلّة الدكتاتور صاحب القبضة الحديدية الذي استهلّ عهده بارتكاب مجزرة بحق المتظاهرين في شوارع القاهرة.

المصدر   مركز مالكوم كير- كارنيغي للشرق الأوسط