هبط لأدنى مستوياته خلال عامين.. القطاع الخاص المصري يحتضر!
الأربعاء - 6 يوليو 2022
- "ستاندرد آند بورز": القطاع الخاص بمصر يهوي لأدنى مستوياته وفاتورة الاستيراد ترتفع
- تراجع كبير في يونيو بعد 18 شهرا سجل فيها مؤشر مديري المشتريات تراجعاً على التوالي
- قطاعات الصناعات التحويلية والجملة والتجزئة تضررت بشدة في مصر خلال يونيو الماضي
- فاتورة الواردات ترتفع إلى 9.5 مليارات دولار شهرياً من 5 مليارات قبل الحرب الروسية
- عبد الخالق فاروق : مصر تغرق فى الركود وتقف على حافة الافلاس والنظام يورطها في الديون
- القطاع الخاص يعيش أزمة كبيرة غير مسبوقة واستمرار الأوضاع على هذا النمط سيهدده بكارثة
توالت التقارير الدولية والمحلية على مدار الساعات القليلة الماضية، لتؤكد أن الأزمة المالية تؤثر على كل الانشطة الاقتصادية بمصر، حيث كشف مسح، اليوم الأربعاء، أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انخفض في يونيو/حزيران إلى أدنى مستوياته في عامين مع تأثر الطلب بارتفاع التضخم وضعف العملة وقلة المواد.
وقد تزامن ذلك مع أعتراف وزير المالية د.محمد معيط بان الواردات المصرية أرتفعت الى 9.5 مليارات دولار شهرياً ، في حين أكد الخبير الاقتصادي د. عبد الخالق فاروق أن مصر تغرق فى الركود وتقف على حافة الافلاس ، وان النظام يورط مصر في الديون أكثر من قدرتها على السداد و سيؤدي ذلك لتكرار ما حدث في عهد الخديوي إسماعيل من رهن أصول مصر، وان القطاع الخاص يعيش ازمة كبيرة غير مسبوقة واستمرار الأوضاع على هذا النمط سيهدده بكارثة.
ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
انكماش القطاع الخاص لأدنى مستوى في عامين
في ظل الأزمة الاقتصادية المصرية ، كشف مسح، اليوم الأربعاء، أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انخفض في يونيو/حزيران إلى أدنى مستوياته في عامين مع تأثر الطلب بارتفاع التضخم وضعف العملة وقلة المواد.
ونزل مؤشر وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال" لمديري المشتريات في مصر إلى 45.2% من 47.0%، في مايو/ أيار، مبتعداً عن مستوى الخمسين نقطة الفاصل بين النمو والانكماش.ويونيو/حزيران هو الشهر التاسع عشر على التوالي الذي يسجل فيه المؤشر تراجعاً.
وقالت الوكالة إنّ "سجل الاقتصاد المصري غير النفطي أضعف أداء في عامين في يونيو/حزيران، إذ شهدت الشركات تراجعًا في الطلب في مواجهة زيادة حادة في الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه ونقص المواد".
وأضافت الوكالة أنّ "هذه القراءة هي الأقل منذ يونيو 2020 أثناء الموجة الأولى لجائحة كوفيد-19"، مشيرة إلى أنّ قطاعات الصناعات التحويلية والجملة والتجزئة تضررت بشدة.
وزاد المؤشر الفرعي لأسعار الإنتاج إلى 72.0%، في يونيو /حزيران من 62.1% في مايو/أيار، في حين ارتفع مؤشر تكاليف الشراء إلى 70.9% من 62.3%.
وقال ديفيد أوين خبير الاقتصاد في الوكالة، إنّ "أوضاع الإمدادات ظلت ضعيفة أيضاً وأضافت إلى الضغوط التضخمية مع تلويح الشركات بزيادة صعوبة توفير المواد الخام".
وواصل الإنتاج والطلبيات الجديدة في يونيو الانكماش المستمر منذ نحو عام، إذ انخفض مؤشر الإنتاج إلى 41.3% من 45% في مايو/أيار، في حين تراجع مؤشر الطلبيات الجديدة إلى 41.9% من 44.6%.
وارتفع المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج مستقبلاً إلى 63.7% وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر مقارنة بـ55.2% في مايو /أيار عندما اقترب من أدنى قراءة له منذ إدراج هذه الفئة في المسح قبل عشرة أعوام.
الواردات ترتفع بنحو 9.5 مليارات دولار شهرياً
ومع الأزمة المالية التي تعيشها مصر، قل وزير المالية محمد معيط إن "فاتورة الاستيراد الخاصة بالبلاد، ارتفعت بعد الحرب الروسية الأوكرانية ووصلت إلى 9.5 مليارات دولار في الشهر، من 5 مليارات دولار شهريا قبل الحرب".
وأضاف معيط في تصريحات إعلامية، أن الموازنة الحالية متوقعة فيها إيرادات بـ1.518 تريليون جنيه، مقابل مصروفات بنحو 2.071 تريليون جنيه بعجز يبلغ نحو 588 مليار جنيه.
وكشف معيط أن مناقشات تجري حاليا مع صندوق النقد الدولي، حول الإصلاحات التي ستتم خلال الفترة القادمة.
وارتفعت الأسعار في مصر على نحو ملحوظ في الشهور القليلة الماضية، وخفضت الحكومة قيمة العملة 14 في المائة في مارس /آذار بعدما واجهت تداعيات اقتصادية سلبية جراء الحرب في أوكرانيا
وقال وزير التموين علي مصيلحي أول من أمس الأحد، إن الحكومة ضخت 24 مليار جنيه، (نحو 1.28 مليار دولار)، في السوق، لتوفير احتياطي استراتيجي لجميع السلع منذ 15 إبريل/نيسان حتى الآن
ومصر واحدة من أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، وتشتري معظم وارداتها من الحبوب من منطقة البحر الأسود، لكن الواردات اضطربت في الأشهر الأخيرة عقب اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية
وأدت أزمات كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا إلى زيادة وتيرة الاقتراض الخارجي، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى طرح فكرة بيع أصول الدولة على الدائنين خاصة من الخليج بدلا من سداد الديون.
وارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 157.8 مليار دولار في نهاية مارس/آذار الماضي من 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، وبنسبة ارتفاع بلغت نحو 8.5% تقريباً خلال ثلاثة أشهر
وتوسعت مصر في الاقتراض الخارجي، مما رفع قيمته من 38.38 مليار دولار في مارس/آذار 2013 إلى 157.8 مليار دولار في مارس 2022 وبزيادة بلغت نحو 311%.
مصر تغرق فى الركود وعلى حافة الافلاس
وفي سياق متصل، قال الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي المصري والمتخصص في إعداد موازنات الدول النامية، إن مصر دولة ثرية وليست فقيرة كما يردد بعض المسؤولين، وإن أكبر أكذوبة يرددها المسؤولون في الدولة، سواء في فترة ما قبل ثور 25 يناير أو ما بعدها، هي أن مصر دولة فقيرة، وبلد موارده محدودة
وشدد في حوار مطول مع "العربي الجديد" على أن مصر بالتحليل الدقيق والرقمي، لكل مصادر الدخل، هي بلد غني جدا، ولكنها تدار بطريقة، إما يحكمها عدم الكفاءة من ناحية، أو جماعات الفساد والمصالح الضارة من ناحية أخرى، وبالتالي يُهدر جانب كبير من الثروة.
وقال فاروق إن من يورط مصر في الديون أكثر من قدرتها على السداد، سيؤدي فعله حتما في المرحلة التالية إلى ما حدث في عهد الخديوي إسماعيل، حينما رهن أصول أمواله الشخصية وممتلكات الدولة، والتي من بينها أراضي مصر والسكك الحديدية والموانئ، لأصحاب الديون الأجانب.
"فاروق" الخبير في إعداد موازنات الدول النامية، الذي تعرض للاعتقال في مصر منذ 3 سنوات، عندما رفض مقولة إن "مصر بلد فقير"، واستطاع من خلال كتبه وأبحاثه أن يثبت للقضاء أن مصر بلد غني بثرواته.
واكد فاروق ان القطاع الخاص يعيش ازمة كبيرة غير مسبوقة وان استمرار الأوضاع على هذا النمط سيهدده بكارثة .
وقال فاروق أن الأخطر من ذلك أن السياسة المالية توسعت في الخصخصة وبيع الأصول العامة، سواء كانت عبر وثيقة اسمها "وثيقة ملكية الدولة" أو غيرها، والتي لا تختلف في مضمونها عن غيرها، إلا في محاولة توفير غطاء قانوني أو فكري لعملية الخصخصة وبيع أصول الدولة، ولا سيما أن صدور القانون رقم 177 لسنة 2017 الخاص بـ"الصندوق السيادي" لمصر، جعل كل الأصول العامة تحت يد الجنرال عبد الفتاح السيسي، يتصرف فيها كيفما يشاء ودون معقب أو مراجعة قضائية. فالسياسة المالية هي من زاوية تذهب في اتجاه الإنفاق على مشروعات غير ذات جدوى اقتصادية، ومن ناحية أخرى الإيرادات العامة تزيد الأعباء على الفقراء، وتتجه نحو مزيد من الاقتراض وتحميل الأجيال الحاضرة والقادمة أعباءً هائلة لا يستطيع الاقتصاد المصري الوفاء بسدادها
وأضاف نحن في حالة ركود فعلا، يعبر عنه في قطاعات معينة، مثل القطاع العقاري، الذي لا توجد به الآن حالات شراء. صحيح هناك مضاربة على الأسعار، لكن هناك أيضا حالة ركود في الأسواق، فكثير من أصحاب المشروعات غير قادرين على التصرف في مشروعاتهم، ولَعِبَ سعر الصرف دورا في زيادة المشكلة، ولكن القوة الشرائية الضعيفة المتاحة للطبقة الوسطى ومعظم الناس، تسببت في حالة ركود بالأسواق. نحن ذاهبون إلى ما هو أخطر من ذلك، لحالة إفلاس مباشر، والكساد سيكون مصاحبا لحالة الإفلاس، فلن نستطيع أن بيع أو نشتري دون أن نبدأ في بيع أصول، وهو ما يفعله النظام حاليا. نتجه إلى مصيبة كبرى يدفعنا إليها نظام السيسي بأقصى سرعة.