نيويورك تايمز: زنازين قذرة وظروف احتجاز مروعة لسجناء مصر السياسيين
الثلاثاء - 9 آغسطس 2022
قال سجناء سابقون وعائلاتهم ومحاميهم وجماعات حقوقية، لصحيفة نيويورك تايمز إن العديد من السجناء السياسيين في مصر محتجزون في "زنازين قذرة"، ويتعرضون للتعذيب الروتيني ويحرمون من الأدوية المنقذة للحياة.
وروت الصحيفة قصصا مروعة للظروف التي يتعرض إليها المحتجزون، وقالت إن منهم من "لا أمل لديه بإنقاذ حياته"
أحد هؤلاء هو أحمد عبد النبي، وهو صاحب مطبعة من الإسكندرية يبلغ من العمر 61 عاما، قالت الصحيفة إنه كان محبوسا في "زنزانة ضيقة وقذرة دون ضوء"، ونقلت الصحيفة عن محاميه وأسرته إنه "تعرض خلال الاستجواب للتعذيب، وضربت زوجته وتم التهديد باغتصابها"
وبعد حرمانه من الأدوية لعلاج مرض السكري وأمراض القلب وارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم على الرغم من الطلبات المتكررة، أصيب بالإغماء.
وقال – عبر محاميه وافراد عائلته -إنه خلال ال 40 يوما الأولى، لم يحصل هو وزميله في الزنزانة على أي طعام، وعاشا على بقايا الخبز التي يمررها السجين في الزنزانة المجاورة من خلال حفرة.
ونقلت الصحيفة عن محاميته، شروق سلام، قولها إن موكلها كان يقول "سأموت قد لا أتمكن من الوصول إلى موعد الزيارة القادمة أنا أتعرض للتعذيب أنا محروم من الدواء أنا محروم من الطعام"
وتقول الصحيفة إن عبد النبي، الذي اعتقل في حملة استمرت لسنوات لإخماد المعارضة للسيسي واحد من آلاف السجناء السياسيين المحتجزين دون محاكمة لأسابيع أو أشهر أو سنوات بسبب جرائم بسيطة مثل الإعجاب بمنشور مناهض للحكومة على فيسبوك.
زنازين غير آدمية
وتقول إن العديد من المحتجزين محبوسون لفترات طويلة في زنازين تفتقر إلى الفراش أو النوافذ أو المراحيض، ويحرمون من الملابس الدافئة في الشتاء والهواء النقي في الصيف والعلاج الطبي، بغض النظر عن مدى مرضهم، ويقولون إن التعذيب أمر شائع. كما تحظر الزيارات بصورة روتينية.
وتنتشر هذه الظروف على نطاق واسع، وفقا لسجناء سابقين ومحامين وجماعات حقوقية.
وعندما تمكنت السيدة سلام، محامية السيد عبد النبي، من رؤيته، أفادت بأنه واجه صعوبة في تحريك الجانب الأيسر من جسده، الذي كان مغطى باللون الأحمر بسبب حروق ناجمة عن الصدمات الكهربائية المتكررة، وأنه بالكاد يستطيع أن يرى.
كما أصيب عبد النبي، وهو مؤيد للرئيس المصري السابق، محمد مرسي، ولكنه "ليس عضوا في جماعة الأخوان" بالجرب، وتقول عائلته إن السجن لم يسمح بإدخال المراهم إليه وأن "جلده كان مدمى"
وقالت الصحيفة إنها لم تتلق أي رد على طلبات التعليق المرسلة إلى النائب العام المصري ومسؤولي السجون والرئاسة.
لكنها قالت إن مسؤولين قالوا إن بعض الاعتقالات ذات الدوافع السياسية ضرورية لاستعادة الاستقرار بعد اضطرابات ثورة الربيع العربي عام 2011.
وفي عام 2020 بعد وقت قصير من نهاية شهر رمضان، وجد أحد الحراس عبد النبي في حالة سيئة وينزف من عينيه، كما قالت زوجته إن سجناء آخرين أخبروها لاحقا، أنهم رأوا جلطات من الدم تقطر من فمه وفي نهاية المطاف، توقف عن الأكل أو الشرب وقال لمحاميه إنه يعاني من ألم شديد.
وعند استدعاء طبيب السجن، قال إنه لا يستطيع فعل شيء، وفقا لأسرته، التي تحدثت لاحقا إلى محتجزين من جناحه.
وبحلول 2 سبتمبر 2020، لم يستطع المشي دون مساعدة، وكان لا بد من نقله إلى مستوصف السجن.
وعندما عاد، من المستوصف، طلب من زميله في الزنزانة أن يقرأ له القرآن وتوفي بعد دقائق.
وتقول أسرته إن سلطات السجن رفضت الإفراج عن جثته حتى يوقعوا على شهادة وفاة تشير إلى "أسباب طبيعية"
وقبل وقت قصير من وفاة عبد النبي، أحيلت قضيته إلى المحاكمة وقالت محاميته إنه في الجلسة الأولى، لم تخطر المحكمة على ما يبدو بأن أحد المتهمين قد توفي.
وحين تم استدعاء اسمه لم يجب أحد باستثناء زميل سابق في الزنزانة بدأ في البكاء، قبل أن يعلق القاضي طالبا إزالة اسمه من السجل.
وقال العديد من المعتقلين السابقين وعائلاتهم للصحيفة إن تجاربهم لم تكن قاسية، لكنهم وجماعات حقوقية ومحامون قالوا إنهم كانوا الاستثناءات.
موت ألف محتجز
ووفقا للصحيفة، لقي أكثر من ألف شخص حتفهم في الحجز المصري منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي وهيمنته على السلطة عام 2013، بسبب المعاملة التي تقول جماعات حقوقية إنها ترقى إلى مستوى الإهمال المميت وتقول إن النظام القضائي ساعد السيسي على كبح جماح المعارضة.
وتقدر جماعات حقوقية أن مصر تحتجز الآن نحو 60 ألف سجين سياسي، وفقا للصحيفة، ويمثل ذلك نحو نصف إجمالي عدد نزلاء السجون الذين قدر مسؤول حكومي عددهم بنحو 120 ألفا في أكتوبر الماضي.
وقد حوكم بعضهم وحكم عليهم لكن "حكومة السيسي ملأت السجون من خلال نظام الاعتقالات السابقة للمحاكمة الذي يسجن الناس إلى أجل غير مسمى دون محاكمة"، وفقا للصحيفة.
4500 مسجون بلا محاكمة
ولا توجد سجلات عامة لعدد السجناء العالقين في نظام الاحتجاز السابق للمحاكمة. لكن تحليلا أجرته صحيفة نيويورك تايمز وجد أن ما لا يقل عن 4,500 شخص احتجزوا دون محاكمة في فترة ستة أشهر واحدة -العديد منهم في ظروف بائسة، وأحيانا تهدد الحياة.
وقامت مصر ببناء 60 مركز احتجاز على مدى السنوات الـ 11 الماضية، جميعها تقريبا في عهد السيسي، وفقا لتقارير مصرية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، والتي أغلقت هذا العام بعد مضايقات حكومية.
واعتبارا من عام 2021، كان لدى مصر 78 سجنا، على حد قول المنظمة.
ووجدت منظمة العفو الدولية في تقرير صدر العام الماضي، إن أكثر من 70 في المئة من السجناء المصريين الذين يموتون أثناء الاحتجاز يكون السبب هو الحرمان من الرعاية الصحية، وفقا للجنة العدل ومقرها جنيف.
وكان من بينهم مخرج شاب سجن بسبب فيديو موسيقي يسخر من السيسي ومواطن مصري أميركي مزدوج الجنسية توفي كلاهما في عام 2020.
ووجدت المنظمة أن التعذيب أسفر عما يقرب من 14 في المائة من الوفيات في السجون، في حين تسببت الظروف السيئة فيما يقرب من 3 في المائة من الوفيات.
ورفض صلاح سالم، وهو طبيب وعضو سابق في المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي عينته الحكومة، الإجابة على أسئلة الصحيفة حول سجناء محددين دون مراجعة ملفاتهم الطبية.
المصدر: نيويورك تايمز