دراسة: استخدام وسائل التواصل يُفاقم العزلة الاجتماعية والأنانية لدى الشباب
الخميس - 23 أكتوبر 2025
- الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يسهم في تنمية النزعة نحو الأنانية والتمركز حول الذات
- التأثير النفسي لا يقتصر على الانسحاب الاجتماعي بل يشمل شعورًا أعمق بالانفصال وفقدان الانتماء
"إنسان للإعلام"- قسم الترجمة:
كشفت دراسة حديثة، نشرها موقع "ريد فام" (RedFame) الأمريكي، المختص في البحوث الإعلامية، أن الاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي يسهم سلبًا في زيادة العزلة الاجتماعية والأنانية لدى الشباب.
وأثبتت الدراسة، التي أعدها الباحثون المصريون: محمد أحمد خليفة، شيماء عزت باشا، وحسام فايز، أن شبكات التواصل أثرت سلبًا على علاقة الشباب بالواقع، موضحة أن نسبة كبيرة من عينة الدراسة يفضلون استخدام "فيسبوك" يليه و"اتساب".
أجريت الدراسة على عينة مكونة من 600 طالب وطالبة، حيث تم تطبيق المنهج الوصفي باستخدام مقياس العزلة الاجتماعية والاستبيان الخاص بالأنانية عليهم، بالإضافة إلى بعض الأسئلة التي تقيس التعرض لوسائل التواصل، وشدته، وأوقاته، والأماكن المخصصة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الباحثون في مقدمة الدراسة إن عدة دراسات أثبتت أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل قد يؤدي إلى إضعاف التفاعلات وجهًا لوجه وزيادة مشاعر الوحدة والعزلة الاجتماعية لدى الشباب، كما بحثت عدة دراسات الفروق بين الجنسين في استخدام وسائل التواصل؛ حيث أن الذكور يميلون إلى استخدام هذه المواقع بصورة أكثر كثافة لأغراض الترفيه والتواصل العام، بينما تفضل الإناث استخدامها لبناء الروابط الاجتماعية والحصول على الدعم العاطفي.
وتشير أبحاث أخرى إلى أن الإناث أكثر حساسية للعلاقات الاجتماعية، ما قد يجعلهن أكثر عرضة للشعور بالعزلة عند غياب التفاعل الإيجابي، بينما أظهرت نتائج أن الذكور قد يميلون إلى إظهار مستويات أعلى من الأنانية المرتبطة بالانخراط في البيئات الرقمية.
من ناحية أخرى، أظهرت الأبحاث أن السعي المستمر إلى لفت الانتباه والقبول الاجتماعي في الفضاء الرقمي يغذي النزعات الأنانية، إذ يركز الأفراد على تقديم ذواتهم الرقمية وإشباع رغباتهم الخاصة على حساب الاهتمام بالآخرين، ويمثل هذا التداخل بين العزلة الاجتماعية والسلوكيات الأنانية المدفوعة باستخدام وسائل التواصل قضية محورية جديرة بالبحث والتحليل، خاصة بين الشباب بوصفهم الفئة الأكثر استخدامًا لهذه المنصات.
أضاف الباحثون: تبرز أهمية هذه القضية أيضًا في السياق العربي، إذ تشير دراسات حديثة إلى أن الشباب في المجتمعات العربية أكثر انخراطًا في استخدام وسائل التواصل، ما يجعلهم أكثر عرضة لظواهر كالعزلة الاجتماعية والأنانية الرقمية، غير أن الأبحاث التي تتناول هذا الموضوع من منظور العلاقة التنبؤية بين الإفراط في استخدام وسائل التواصل وهذه الظواهر النفسية والسلوكية ما تزال محدودة، ما يترك فجوة بحثية ينبغي معالجتها.
ما هي العزلة الاجتماعية؟
تُعرَّف العزلة الاجتماعية في المعجم النفسي بأنها فقدان التواصل مع الآخرين، سواء طوعًا أم، وفي الموسوعة المختصرة لعلم الاجتماع، تعني العزلة درجة من الانفصال بين الأفراد أو الجماعات من حيث التفاعل والتواصل أو التعاون، والاندماج الوجداني والاجتماعي بما يؤدي إلى العزلة الدائمة.
ويؤدي نقص الاندماج النفسي مع الآخرين إلى اضطراب نفسي، وينجم عن هذا الاضطراب انعزال الشخص عن المجتمع بسبب مشاعر الاغتراب عن الآخرين الذين يتواصل معهم، سواء جماعة العمل أو الجماعة المجتمعية.
والعزلة الاجتماعية مظهر من مظاهر الاغتراب يشير إلى تجنب التواصل مع الآخرين والابتعاد عن المشاركة في أي نشاطات اجتماعية نتيجة شعور الفرد بالاغتراب عن الآخرين.
وبحسب الدراسة، حدد باحثون، أن العزلة الاجتماعية تعني الانفصال عن الآخرين طوعًا وبرغبة شخصية نتيجة ضعف الصلة بين الفرد ومجتمعه، واللامبالاة بالبيئة المحيطة، وخفض مستويات الانخراط في أي نشاطات اجتماعية أو تفاعلات مع الآخرين، أما في هذه الدراسة، فالعزلة الاجتماعية تشير إلى الدرجة التي يحصل عليها الطالب في المقياس الذي يضم عبارات موجبة وسالبة عن علاقة الفرد بالمجتمع والآخرين.
الأنانية.. والغضب النرجسي
تشير الأنانية إلى النزوع لتبني وترويج آراء إيجابية عن الذات، وغالبًا ما تتضمن رأيًا مُحابيًا لسمات المرء وأهميته الذاتية، وترتبط الأنانية ارتباطًا وثيقًا بـ«التمركز حول الذات» أو النرجسية، ويتسم الأشخاص الأنانيون بميل قوي إلى الحديث عن أنفسهم بطريقة تدعيمية للذات، وقد يكونون متكبرين ومتباهين مع شعور غروري بأهميتهم، ويزيد عجزهم عن الاعتراف بإنجازات الآخرين، وقد تقود حساسيتهم للنقد إلى حالة من «الغضب النرجسي» عندما يشعرون بالإهانة.
ويصف مفهوم الأنانية شخصًا يعمل على تحصيل قيم تفوق كثيرًا ما يقدمه للآخرين، وقد تُشبع الذاتية باستغلال التعاطف أو اللاعقلانية أو جهل الآخرين، وأحيانا بالخداع.
وسائل التواصل والعزلة والأنانية
يقول الباحثون: من المهم التأكيد على أن العلاقة بين استخدام وسائل التواصل وبين العزلة والأنانية ليست بالضرورة سببية، بل قد تكون تفاعلية؛ فالأفراد الذين يختبرون العزلة أو الميل إلى الأنانية قد يكونون أكثر قابلية لاستخدام هذه المنصات بكثافة، ويتطلب ذلك تحليلًا أعمق يأخذ في الحسبان السمات الشخصية والسياقين الثقافي والاجتماعي.
وتشير الأدبيات إلى علاقة تفاعلية معقدة بين العزلة الاجتماعية والأنانية في سياق وسائل التواصل، فبينما تقود العزلة إلى الاستخدام المكثف للمنصات بحثًا عن التفاعل، قد يقود هذا الاستخدام بدوره إلى أنماط متمحورة حول الذات تزيد العزلة.
كما تشجع المنصات الرقمية المقارنة الاجتماعية وتضخم الفجوات المعرفية بين صورة المرء عن نفسه وصور الآخرين، مولّدةً مشاعر النقص والعزلة من جهة، والتعظيم الذاتي من جهة أخرى بوصفها استجابة نفسية.
هدف الدراسة ومنهجيتها
وضع الباحثون هدفا للدراسة هو قياس العلاقة بين التعرض والاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي في عينة من طلاب جامعة المنيا ومستوى العزلة الاجتماعية والأنانية لديهم، والكشف عن العلاقة التنبؤية بين استخدام وسائل التواصل والعزلة الاجتماعية والأنانية لدى الشباب، ورصد معدل استخدام مواقع التواصل، وأبرز المواقع التي يتابعها الشباب ودوافع متابعتها.
أما منهجية الدراسة الحالية فوصفية ـ تنبؤية، تُعنى بملاحظة البيانات وتفسيرها وتحليلها ووصفها كميًا لاستخلاص النتائج، واستخدم الباحثون مسح المعلومات والمنهج المسحي المقارن لتحقيق أهداف البحث.
وانطلاقًا من الأدبيات والأبحاث السابقة، سعت الدراسة إلى فحص العلاقة بين استخدام وسائل التواصل وكلٍّ من العزلة الاجتماعية والأنانية لدى الشباب، مع التركيز على التنبؤ بهذه المتغيرات من خلال كثرة الاستخدام وفحص الفروق بين الجنسين في هذا السياق.
فرضيات الدراسة وأدواتها
تأسست الدراسة على خمس فرضيات هي:
1. توجد علاقة ارتباطية طردية ذات دلالة إحصائية بين مستوى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وشعور الشباب بالعزلة الاجتماعية والأنانية.
2. يساهم مستوى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في التنبؤ بارتفاع معدلات العزلة الاجتماعية لدى الشباب.
3. يساهم مستوى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التنبؤ بزيادة مستوى الأنانية بين المستخدمين الشباب.
4. توجد فروق دالة إحصائيًا بين الذكور والإناث في مستوى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستخدم الذكور المواقع بشكل أكبر.
5. هناك فروق دالة إحصائيًا بين الذكور والإناث في مستويات العزلة الاجتماعية والأنانية، لصالح الذكور.
واستخدم الباحثون الأدوات الآتية:
1. استبيان يتكون من أسئلة تهدف إلى قياس معدل التعرض لمواقع التواصل، وأكثر المواقع شيوعًا
2. مقياس العزلة الاجتماعية ويتكون من بُعدين: الاغتراب النفسي والانطواء
3. مقياس الأنانية ويتكون من ثلاثة أبعاد (حب الذات المبالغ فيه، التملك، والنزوع إلى العزلة(
عينة البحث وخصائص المبحوثين
اعتمدت الدراسة على استبيان مُقنَّن طُبق على عينة عشوائية من 600 طالب جامعي بجامعة المنيا في جمهورية مصر العربية، وكانت العينة متوازنة من حيث النوع (300 ذكرًا، 300 أنثى)، وشملت العينة طلابًا من كليات مختلفة، منها الآداب، والتربية، والعلوم، بما يوفر قدرًا مناسبًا من التنوع في التخصصات والخلفيات الأكاديمية.
ومن حيث الفئة العمرية تراوحت أعمار العينة بين 18 و24 عامًا، وكانت النسبة الأكبر (نحو 72%) ضمن الفئة 19–21 عامًا، وهي الفئة الأكثر شيوعًا بين طلاب المرحلة الجامعية.
أما المستوى الدراسي فتوزعت العينة كالتالي: 28% في السنة الأولى، 25% في الثانية، 24% في الثالثة، و23% في الرابعة، بما يضمن التمثيل عبر جميع المستويات.
وبالنسبة للخصائص الديموغرافية، أفاد نحو 61% من الطلاب أنهم يقيمون في مناطق حضرية مقابل 39% في مناطق ريفية، بما يعكس التوزيع الجغرافي لطلاب الجامعة، وكانت الغالبية الساحقة (95%) غير متزوجين، في حين بلغت نسبة المتزوجين 5%، وهو عامل قد يؤثر في أنماط تفاعلهم الاجتماعي.
واستُخدمت طريقة العينة العشوائية البسيطة لضمان تكافؤ فرص المشاركة لجميع أفراد مجتمع البحث، ما يقلل احتمالات التحيز ويزيد تمثيلية العينة لطلاب الجامعة، ويتيح هذا التنوع في الخصائص الديموغرافية أساسًا مناسبًا لدراسة الفروق في استخدام وسائل التواصل، ومشاعر العزلة الاجتماعية، والأنانية وفقًا للجنس والمستوى التعليمي والخلفية الاجتماعية الثقافية.
النتائج الإحصائية والتحليلية للدراسة
أظهرت نتائج الدراسة أن متوسطات بنود مقياس استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، تراوحت بين مستويات متوسطة تميل إلى الارتفاع، مما يعكس حضورًا واضحًا لهذه الوسائل في حياة الشباب اليومية.
وقد أفاد نحو 70% من المشاركين بأنهم تركوا أعمالهم أو أهملوا مهامهم اليومية للبقاء على الإنترنت، فيما ذكر 67% أن أول ما يقومون به يوميًا هو تفقد صفحاتهم على مواقع التواصل، مما يعكس اعتمادًا رقميًا يصل إلى حدود السلوك القهري، وهو ما يتفق مع طبيعة "الانشغال الشبكي".
وفيما يخص العزلة الاجتماعية، أظهرت النتائج أن مستوى العزلة لدى المشاركين كان متوسطًا، وتركز في مشاعر الاغتراب النفسي أكثر من الانطواء الاجتماعي، مما يشير إلى أن التأثير النفسي لا يقتصر على الانسحاب الاجتماعي الظاهر، بل يشمل شعورًا أعمق بالانفصال وفقدان الانتماء.
ويعزز ذلك الفرضية الأولى التي تشير إلى وجود علاقة ارتباط بين الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة الشعور بالعزلة الاجتماعية.
أما بالنسبة للأنانية، فقد تبيّن أن مستوى النزعة الأنانية كان متوسطًا أيضًا، وتجلّى في الميل إلى العزلة أولًا، ثم المبالغة في حب الذات، وأخيرًا في التملك والسيطرة.
وتشير هذه النتائج إلى أن الأنانية في العالم الرقمي متعددة الجوانب، فهي لا تقتصر على حب الذات فقط، بل تشمل أيضًا الانسحاب من العلاقات الواقعية والتمركز حول الذات، وهذا يدعم كذلك الفرضية الأولى التي تفترض وجود علاقة بين الاستخدام المكثف لمواقع التواصل وبين ارتفاع مستويات الأنانية.
وأوضحت التحليلات أن هناك علاقة طردية قوية بين زيادة استخدام مواقع التواصل من جهة، وبين كلٍّ من العزلة الاجتماعية والأنانية من جهة أخرى (أي أن كلما زاد الاستخدام، زادت مستويات العزلة والأنانية)، وهو ما يثبت الفرضية الأولى حول العلاقة بين هذه المتغيرات.
كما أظهرت النتائج أن الاستخدام المفرط لتلك الوسائل يُعد مؤشرًا يمكن من خلاله التنبؤ بارتفاع العزلة الاجتماعية، أي أن الاستخدام المرتفع يؤدي غالبًا إلى زيادة الشعور بالعزلة، وهو ما يدعم الفرضية الثانية.
وبالمنطق نفسه، تبيّن أن الاستخدام المكثف يسهم في تنمية النزعة نحو الأنانية والتمركز حول الذات، وهو ما يثبت الفرضية الثالثة، التي تشير إلى أن كثرة التفاعل الافتراضي ترتبط بتراجع التعاطف وزيادة حب الذات.
أما عند مقارنة الجنسين، فقد تبين أن الذكور يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الإناث، كما يسجلون مستويات أعلى من العزلة والأنانية، مما يؤكد الفرضيتين الرابعة والخامسة حول وجود فروق بين الجنسين لصالح الذكور، ويمكن تفسير ذلك بأن الذكور غالبًا ما يجدون في العالم الرقمي مساحة أوسع للتعبير عن الذات وتجاوز القيود الاجتماعية، في حين تميل الإناث إلى استخدام أكثر انتقائية وتوازنًا.
وبناءً على هذه النتائج، يمكن القول إن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بشكل مباشر بارتفاع مستويات العزلة والأنانية بين الشباب، ويعمل على تعزيز السلوكيات الانعزالية والميل إلى التمركز حول الذات، مما يوضح الدور النفسي والاجتماعي العميق للفضاءات الرقمية في إعادة تشكيل أنماط التواصل والعلاقات بين الأفراد.
"فيسبوك" و"واتساب" الأكثر استخدامًا
وأشارت النتائج إلى أن فيسبوك وواتساب هما الأكثر استخدامًا، بما يعكس أنماطًا عالمية ويعبّر في الوقت ذاته عن خصوصيات محلية؛ إذ تتيح هذه المنصات أشكالًا شبه خاصة من التفاعل، وهو ما أكدته الدراسات.
كما تؤكد النتائج وجود فروق دالة بين الذكور والإناث في متوسطات العزلة والأنانية لصالح الذكور، وقد يُعزى ارتفاع الشعور بالعزلة والأنانية إلى إحساس الطلاب بأن مواقع التواصل نوافذ حرية تمكّنهم من تجاوز صراعهم مع أسرهم.
وتدفع هذه الصراعات إلى الشعور بالملل والوحدة والعزلة، وغياب مَن يلجؤون إليه، ومشاعر الفراغ، والتخلي من الأصدقاء، وقلّة المقرّبين، والخلافات مع أفراد الأسرة والأقران، وسوء الفهم وسوء التصور، وكتمان الآراء وعدم مشاركتها مع الأصدقاء والأسرة والأساتذة، وبناء علاقات اجتماعية سطحية في الواقع وعميقة وقوية على الشبكات.
كما يشعرون بأن هذه الشبكات توفر لهم الإشباع والتوافق مع الأصدقاء، فضلًا عن تحقيق القبول الاجتماعي والاستحسان في البيئة الافتراضية، ومن ثم يعوّض التشارك الوجداني مشاعر الرفض والحرمان والإهمال في العالم الواقعي، وإذا واجه الطلاب صعوبة في تحقيق نتائج إيجابية ترضيهم، فقد ينعكس ذلك على معنوياتهم، بما يزيد المشاعر السلبية والوحدة.
وأفادت نسبة كبيرة (67.3%) من العينة بأن الشبكات أثرت سلبًا في علاقاتهم الواقعية؛ وهو ما يعكس وعيًا ذاتيًا متناميًا بالتشويه الرقمي للواقع كما تدعمه عدة دراسات، وفيما يخص أكثر المنصات شيوعًا، حلّ فيسبوك أولًا ثم واتساب، بما يعكس أنماط الاستخدام العالمية، لكنه يثير في الوقت نفسه تساؤلات بشأن آثار المقارنة الاجتماعية والاتصال المفرط نفسيًا.
تأثير السياق الاجتماعي والثقافي
وتجسد النتائج جوانب خاصة بالسياق الاجتماعي الثقافي العربي، حيث تُعد الفضاءات الرقمية في كثير من الأحيان مهربًا من الضغوط النفسية والأكاديمية، ما قد يعزز الاعتمادية الرقمية، وبناءً على النتائج، يمكن القول إن علاقة الشباب بوسائل التواصل تتأثر بسياقاتهم الثقافية والنفسية.
ففي البيئات العربية ـ مثل مصر والخليج ـ تلعب العوامل الأسرية والتقاليد الاجتماعية والضغوط النفسية دورًا في تعميق اعتماد الشباب على العالم الافتراضي بوصفه مساحة «بديلة» للتعبير، كما تجعل الضغوط الأكاديمية والعاطفية في المستوى الجامعي الطلاب أكثر قابلية للجوء إلى وسائل التواصل كمهرب، ما قد يضعف مناعتهم الاجتماعية ويعزز الأنماط الفردانية المائلة إلى الأنانية أو الانسحاب.
توصيات الدراسة:
قدم الباحثون مجموعة من التوصيات، تشمل:
- إدماج التربية على الإعلام الرقمي في المناهج الجامعية لتوعية الطلاب بضرورة الموازنة بين الواقع والافتراضي.
- تطوير برامج دعم نفسي اجتماعي لطلاب الجامعات تهدف إلى تعزيز مهارات التواصل الواقعي والتعاطف.
- تشجيع البحوث النوعية والتطبيقية لفهم الأثر النفسي والثقافي العميق لوسائل التواصل في المجتمعات العربية.
- إطلاق حملات توعية لتنظيم أوقات الشاشة وإتاحة بدائل واقعية للتفاعل مثل الأنشطة الطلابية والمنتديات الحوارية.
- متابعة الأسر والمعلمين للتغيرات السلوكية المصاحبة للاستخدام المكثف لهذه الوسائل.
الخلاصة:
سعت الدراسة إلى قياس العلاقة بين استخدام مواقع التواصل ومشاعر العزلة الاجتماعية والأنانية، وتوصلت إلى وجود علاقة مباشرة بين الاستخدام المكثف ومشاعر العزلة والأنانية، كما وجدت أن الاستخدام المكثف يتنبأ بزيادة هذه المشاعر.
وأوصت بمزيد من الأبحاث، وضرورة إنشاء وحدات الإرشاد النفسي والأكاديمي في الجامعات لتوجيه الطلاب نحو الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل، وتقديم المساعدة المستمرة لخفض مستوى الوحدة وتحسين مهارات التواصل، ومساعدتهم في مواجهة الأزمات الأكاديمية والعاطفية.
كما أبرزت ضرورة دور المرشد الأكاديمي في إبلاغ الطلاب بالعواقب الإيجابية والسلبية لمواقع التواصل، وإجراء دراسات إضافية تسلط الضوء على مخاطر سوء الاستخدام مثل إدمان الإنترنت وأعراضه وأسبابه وطرائق علاجه وأثره في الشخصية والمجتمع.
رابط الدراسة المباشر باللغة الإنجليزية
