من ضيق الأسوار إلى سجن مصر الكبير.. تدمير حياة المفرج عنهم والمعارضين
السبت - 1 أكتوبر 2022
- "قانون الإرهاب" و القوانين الاستثنائية حولت مصر إلى سجن كبير لكل المعارضين
- تعديلات قانون الإرهاب مكنت الدولة من التغول في انتهاك المزيد من الحقوق والحريات
- توقيع عقوبات ووضع أشخاص وكيانات بقوائم الإرهاب وفق مزاج الأجهزة الأمنية فقط
- الإدراج على قوائم الإرهاب يحرم معظم المفرج عنهم من كل حقوقهم الدستورية والقانونية
- المفرج عنه يظل تحت تصرف الدولة خمس سنوات كاملة وربما يعاد إدراجه لمدة مماثلة
- تجميد الأموال أخطر جريمة رسمية بحق المدرجين على قوائم الإرهاب كأفراد وكيانات
- الإدراج بقوائم الإرهاب يفقد الشخص فرص التعيين في الوظائف ويحرمه من جميع الأنشطة
- 10 آلاف مواطن حرموا من كل حقوقهم الدستورية بسبب إدراجهم على قوائم الإرهاب
- تعديلات "مكافحة غسيل الأموال" أجازت مصادرة أموال المبرئين سياسيا بدون حكم قضائي
- بين عامي 2018 و 2020 صادرت الحكومة أكثر من 60 مليار جنيه من أموال المفرج عنهم
- منذ عام 2015 وحتي الآن تم التحفظ ومصادرة الأموال لأكثر من 23 الف مواطن مصري
- الفصل من العمل وقطع الأرزاق طال آلاف الموظفين في وزارات الدولة بسبب انتماءاتهم
- معظم المفرج عنهم تم فصلهم من العمل بالرغم من أنهم كانوا على ذمة الحبس الاحتياطي
- قانون فصل الإخوان سمح للنظام الفاشي بإنهاء خدمة 20 ألف موظف نصفهم مفرج عنهم
- فصل 350 أستاذ جامعي.. ومنع 12 ألف إمام من صعود المنابر بسبب انتمائهم السياسي
عقوبات إدارية على الموظفين الذين يرفعون دعاوى قضائية لعدم صرف أي تعويضات لهم
ظاهرة المنع من السفر تنامت خلال السنوات الماضية بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر
- "الشبكة العربية": المرور على بوابات مطار القاهرة أصبح مغامرة غير محمودة العواقب
- استدعاء المعتقلين أسبوعيا بعد خروجهم.. و"التدوير" في قضية جديدة بات ممارسة دائمة
- 2744 واقعة تدوير بين يناير 2018 وديسمبر 2021..وحملة بعنوان « أنا عايز أعيش بحرية»
إنسان للإعلام- خاص
يعيش آلاف المعتقلين المفرج عنهم في مصر مآس حقيقية تعصف بهم وبأسرهم، بعد رحلة عذاب في السجون المصرية.
وما بين ضيق أسوار السجن والتمتع بالحرية الجزئية يفاجأ المفرج عنهم بعذابات يومية مفروضة عليهم بقوانين مشبوهة غير دستورية... أقل هذه العذابات هي: المتابعة الأمنية، وقطع الأرزاق ، والفصل التعسفي من الوظائ ، ومصادرة الاموال والممتلكات، والمنع من السفر ، وحرمان الأبناء من الالتحاق بالوظائف، بل وفصلهم من أعمالهم نكاية في الأسرة المعارضة.
وقد حولت هذه الاجراءات مصر الدولة إلى سجن كبير لكل من خرج من السجون أو حتى لكل مواطن لم يدخل السجن. في السطور التالية نفتح هذا الملف .
أزمة" الروبي " وتحريك المياه الراكدة
بالرغم من أن المآسي التي يتعرض لكل من تم الافراج عنه من سجون السيسي، على مدار السنوات الماضية إلا ان هذه القضية كانت في الظل الإعلامي، حتي تناولها الناشط السياسي بحركة 6 أبريل، شريف الروبي الذي تعرض لما يعانيه المعتقلون من أزمات حولت حياتهم إلى جحيم داخل الدولة التي تحولت إلى سجن كبير فرضه النظام على كل المعارضين.
وحسب استطلاع آراء بعض المعتقلين السابقين -سواء من النشطاء السياسيين أو المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، أو من أحزاب ليبرالية، أو حتى المواطنين العاديين الذين انتقدوا النظام عبر بعض حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل- فقد أكد أغلب هؤلاء، للجزيرة نت، أن "كثيرين ممن أفرج عنهم صدموا بعدم قدرتهم على العمل بسبب المضايقات الأمنية، حتى ضاقت بهم الأرض بما رحبت".
حالة القيادي في حركة "6 أبريل"، شريف الروبي، الذي أعيد اعتقاله قبل أيام بعد نحو 4 أشهر من الإفراج عنه، هي أحد الأمثلة الواضحة على تلك المعاناة. وقد سردها في مداخلة هاتفية مع قناة الجزيرة مباشر، إذ لم يستطع الحصول على عمل يقتات منه لعياله.
وقال الروبي -خلال المداخلة- "أُجري هذه المداخلة للحديث عن معاناة المعتقلين بعد الإفراج عنهم، ولا نتحدث هنا عن النظام ولا معارضته، قد أتعرض بعد هذه المداخلة للاعتقال مجددا"، مضيفا أن "أي معتقل سياسي عندما يخرج (من السجن)، مهما كان وضعه، يكون في وضعية سيئة للغاية".
وتحدث الروبي عن معاناته ومعاناة بعض الزملاء الذين خرجوا من السجن اجتماعيا واقتصاديا، "أنا وعبد الرحمن طارق موكا وكثير من الناس الذين خرجوا الفترة الأخيرة، والذين خرجوا من قبلنا، نعاني من مشاكل كثيرة من بينها الضائقة المالية، وعدم وجود عمل حتى أنني ذهبت لمحل فول وطعمية في منطقة شعبية للعمل، ولكن بمجرد أن علم صاحب المحل بوضعي، رفض عملي معه".
ونقلت المحامية ماهينور المصري -وهي معتقلة سابقة أيضا- عن أحد المحامين الذي حضر التحقيق مع الروبي، أن النيابة واجهته بما كتبه من آراء على الفيسبوك عن صعوبة الأوضاع بعد السجن، مضيفة أن الروبي شرح لوكيل النيابة وضعه الاقتصادي الصعب كأب لأسرة بها 3 أطفال بالمدرسة ولا يجد وظيفة بسبب ظروف حبسه"1"
التقنين المستمر "للسجن الكبير"
وعلى مدار السنوات التسع الماضية قام السيسي ونظامه بإصدار مجموعة من القوانين التي حولت حياة المعارضين بمصر إلى مذلة وقهر، خاصة قانون الكيانات الإرهابية ابتداء من 2015 وتعديلاته المستمرة حتي 2021 .
وقالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إن التعديلات التي تم إدخالها في قوانين الإرهاب بمصر تأتي كنوع من "إضافة مزيد من القيود على قوانين الإرهاب المقيدة للحقوق والحريات بالأساس، وهي القوانين التي كان الرئيس الحالي قد أصدرها عام 2015 في غيبة البرلمان تحت شعار حرب الدولة على الإرهاب".
وأكدت، في بيان لها، في وقت سابق، أن "هذه التعديلات تظهر سعي السلطات المصرية لإيجاد أوضاع قانونية جديدة تهدف بها إلى التغلب على إشكاليات إجرائية وقضائية تتعلق بنقطة تمويل ما تعتبره إرهابا في إطار هذه الحرب، وهو ما يصفه أحد نواب البرلمان بأن هذه التعديلات تهدف لتوفير كافة الآليات التشريعية لتمكين الدولة في حربها ضد الإرهاب".
وشدّدت الجبهة على أن "هذه التعديلات تهدف لتمكين الدولة من التغول في انتهاك المزيد من الحقوق وحريات وممتلكات الأفراد الخاصة المصونة بالدستور والقانون، وذلك في نفس الوقت التي تتوسع فيه في إطلاق تهمة الإرهاب على عدد كبير من الكيانات والأشخاص على خلفية ممارستهم حقهم في التنظيم والتجمع والتعبير عن الرأي".
وتابعت: "يمكن النظر لهذه التعديلات ومحاولة فهمها في سياق ونوعية القضايا الأخيرة التي يتم إلقاء القبض على أصحاب شركات وحبسهم على ذمة قضايا أمن دولة، ومن بينها قضية خلية الأمل رقم 930 لسنة 2019 أمن دولة، والتي تضم عددا من المتهمين من بينهم رجال أعمال وأصحاب شركات يواجهون عددا من الاتهامات من بينها تمويل الإرهاب، يظهر هنا كيف ربطت الأجهزة الأمنية بين الأموال في مثل هذه القضية وتمويل الأنشطة التي تعتبرها إرهابية. وهو ما يعطي مؤشرا حول رغبة الحكومة في التكييف القانوني لإشكالية إجرائية تواجه هذا النوع من القضايا".
وأشارت إلى أن تلك التعديلات تثير عددا من التساؤلات، مثل: هل تعمل السلطات على أن تحل قوانين استثنائية مثل قوانين الإرهاب مكان قوانين العقوبات والإجراءات الجنائية؟ وكيف تستطيع السلطات العمل على زيادة الاستثمار في ظل وجود شبح الاتهام بتمويل الإرهاب مُسلط على الشركات والمؤسسات والكيانات بأشكالها المختلفة، والتي تبدو مستهدفة بشكل كبير من هذا القانون، فضلا عن وضع مساحة واسعة من المعاملات المالية والبنكية والتجارية تحت احتمالية اعتبارها في وقت ما مال يستخدم في نشاط إرهابي؟".
واستطردت المنظمة، قائلة: "عملية حذف بعض أجزاء في نصوص التعديلات من اشتراط ارتكاب أو ممارسة فعل إرهابي تفتح الباب واسعا أمام توقيع عقوبات وإدراج أشخاص وكيانات ومصادرة أموالهم بناء على مخيلة الأجهزة الأمنية ورؤيتها فقط بتوافر مبدأ القصد أو النية، وهو ما يؤدي لانتهاك حقوق وحريات عدد أوسع من الأشخاص".
وقالت: "بعد مرور أقل من شهر على عرض الحكومة المصرية مشروعها على مجلس النواب لتعديل كل من قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وقانون الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2018، وافق المجلس على أغلبية المشروعين في 24 شباط/ فبراير 2020، دون أي شكل من أشكال النقاش المجتمعي حول التعديلات الجديدة، ما يوحي بتسرع المجلس وعدم دراسته المتأنية للتعديلات الثمانية والإضافات الجوهرية التي طرأت على القانونين".
ولفتت إلى أن تلك الخطوة تأتي "في إطار عملية واسعة قامت بها السلطات المصرية المتعاقبة منذ تموز/ يوليو 2013 لتقنين الأوضاع الاستثنائية وشرعنة التعدي على الحقوق والحريات والممتلكات الخاصة تحت شعار مكافحة الإرهاب، خاصة أن هذه التعديلات تضمنت إضافة صياغات موسعة على تعريف الكيانات الإرهابية وتمويلها، بالإضافة إلى تشديد الآثار الناتجة عن الإدراج على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ومن المفترض أن تصدر تعديلات القانونين، بمجرد أن يصدق عليها عبد الفتاح السيسي"."2"
قوائم الإرهاب غير دستورية
ومن خلال قانون الإرهاب، أصدر السيسي في 17 فبراير 2015 (قرار بقانون) قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، حيث أنشأ القانون سلطات استثنائية بامتياز، فسمح للنيابة العامة إعداد قوائم للكيانات الإرهابية وأخري للإرهابيين، تعرضها على دائرة من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة مشفوعة (بالتحقيقات والمستندات)، ويكون الإدراج على قوائم الإرهاب لمدة (ثلاث سنوات)، وللنيابة الحق في طلب تجديدها بذات الإجراءات في حال لم يصدر على المشمولين بها حكما جنائياً نهائياً يسبغ عليهم وصف الإرهاب.
عرف القانون الأموال بأنها (جميع الأصول والممتلكات أيا كان نوعها سواء كانت مادية أو معنوية منقولة أو ثابتة بما في ذلك المستندات والعملات الوطنية أو الأجنبية والأوراق المالية أو التجارية والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم أيا كان شكلها وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها)
كما عرف التمويل بأنه (جمع أو تلقي أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها، بشكل مباشر أو غير مباشر وبأية وسيلة كانت وذلك بقصد استخدامها كلها أو بعضها في ارتكاب أية جريمة إرهابية أو العلم بأنها ستستخدم في ذلك أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر أو لمن يقوم بتمويله بأي من الطرق المتقدم ذكرها)
وعرف تجميد الأموال بأنها (الحظر المؤقت الذي يفرض على نقل الأموال أو تحركها أو تبديلها أو تحويلها أو التصرف فيها وذلك بناء على قرار الإدراج على قوائم الإرهاب)
يتضح من التعريفات أن القانون يشمل نطاقاً واسعاً غير محدد لإجراءات تمس أموال معصومة يحميها الدستور، وقد أكد الواقع هذا التوسع غير المبرر في طبيعة الأسماء والأعداد التي طلبت النيابة إدراجها على القوائم.
كان وضع اللاعب المصري محمد أبو تريكة على تلك القوائم ضمن 1536 اسم حكمت بإدراجهم محكمة جنايات القاهرة مثالاً واضحاً على آلية إعداد تلك القوائم ولفت الانتباه لخطورتها.
بحسب القانون، تعد النيابة قوائم الإدراج وفق ما بحوزتها من تحقيقات، ثم تعرض القائمة على إحدى دوائر الإرهاب ويترتب على إقرارها (بقوة القانون) جملة أمور نصت عليها المادة (7) أبرزها، حظر الأنشطة، وحظر جمع الأموال، وتجميد أموال الكيان وأعضائه، ووضع الأشخاص على قوائم المنع من السفر والترقب، وسحب جواز السفر أو إلغائه وتجميد أموال الإرهابي، ثم تقوم المحكمة بتحديد من يدير الأموال المجمدة وفق ما يصدره وزير العدل من قرارات
بهذا يتضح مسعي القانون لمعالجة العقبات التي قابلت (لجنة إدارة الأموال) خلال المرحلة الأولي، وكيف سعي قرار السيسي لتحصين القرارات التي كانت محلا للطعن والإيقاف.
وبالرغم من كون قانون القوائم الإرهابية قانوناً استثنائياً وغير دستوري بالأساس، إلا أنه تم تعديله أكثر من مرة بقوانين قد أضافت استثناءات على الاستثناءات.
وكان أبرز التعديل الأول للقانون رقم 11 لسنة 2017 بعد أن كان قرار الإدراج يعتمد على (التحقيقات “و” المعلومات) تم تعديل المادة (3) كالتالي: (يقدم طلب الإدراج من النائب العام إلي الدائرة المختصة مشفوعاً بالتحقيقات أو المستندات أو التحريات أو المعلومات المؤيدة لهذا الطلب)، المادة الأصلية المعدلة كانت توجب على النيابة تقديم (التحقيقات والمستندات) جاءت بالتعديل كلمة (أو) لتمنح المحكمة حق الاختيار بين الأمور الأربعة، خطورة التعديل تتمثل في إمكانية الإدراج على قوائم الإرهاب وما يتبعه من قرارات بتجميد الأموال والتحفظ عليها قد يتم بناء على تحريات ضباط الأمن الوطني أو معلومات مرشدي المباحث!
كما تام زيادة مدة الإدراج لخمس سنوات بدلا من ثلاث ، كما أضيفت المادة (8 مكرر) التي تسمح للنائب العام في حال توافر معلومات عن وجود أموال متحصلة من نشاط إرهابي لكيان أو شخص مدرج (أو غير مدرج) على القوائم إصدار قرارات التحفظ على الأموال ومنع تصرف مالكيها أو حائزيها، ثم عرض ذلك على الدائرة المختصة خلال شهر.
وكان التعديل الثاني للقانون رقم 14 لسنة 2020 جاء تعديلاً اقتصادياً بامتياز، حيث أضاف للمصطلحات الحاكمة في القانون تعريفات جوهرية مالية ، حيث أضاف لتعريف الأموال (والأصول الأخرى) (الأصول المالية – الموارد الاقتصادية – النفط والموارد الطبيعية – الوثائق والأدوات القانونية – الصكوك والمحررات المثبتة بالشكل الرقمي أو الإليكتروني – الائتمان المصرفي – الشيكات السياحية والمصرفية والاعتمادات المستندية – أي فوائد أو أرباح أو مصادر دخل مترتبة على هذه الأموال أو الأصول أو متولدة منها- أي أصول أخري استخدمت أو(يحتمل) استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات)
وأضاف للمادة (7) فيما يخص تجميد الأموال والأصول المملوكة للكيان أو الإرهابي (أو حصة في ملكية مشتركة) وكذا (العائدات المتولدة منها أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر)
التوسع في الاستثناء ليطول المجتمع كله
بالرغم من كون قانون قوائم الإرهاب تحفظياً بالأساس، فقد مثلت تعديلاته خروجاً على قاعدة عدم جواز التوسع في الاستثناء، وانتقلت من محاولة قانونية لضبط الإجراءات ومعالجة العوار الذي طال إجراءات النيابة العامة ولجنة إدارة الأموال، لتتحول لما يشبه (القانون التجاري) في قضايا الإرهاب، فقد أضاف المشرع استثناءات اقتصادية صرفة من شأنها نقل معركة النظام مع الإرهاب من نطاق الجماعات والأشخاص المدرجة على قوائم الإرهاب لشركائهم التجاريين حتي لو كانت الشراكة في مراحل سابقة عن القضايا.
في الوقت ذاته لا تحتاج النيابة تقديم أكثر من التحريات والمعلومات لتحصل على قرارات الإدراج ، أيضا، أضافت التعديلات صلاحيات للنائب العام في إصدار قرارات مستقلة بالتحفظ للمدرجين على قوائم الإرهاب و(غير المدرجين) وهو مسلك غير مفهوم أدي لتفريغ القانون الأصلي من أهدافه ، وفي الوقت الذي روجت فيه السلطة مسعاها لإصدار هذا القانون بهدف سرعة حسم القضايا، نجد التعديل زاد مدة الإدراج من ثلاث لخمس سنوات!، وهو ما أدي لواقع جديد من قرارات التحفظ وأحكام الإدراج شملت رجال أعمال مثل صفوان ثابت، وسيد السويركي وغيرهم . "3"
ويعتبر تجميد الأموال والأصول الأثر الأبرز للإدراج على قوائم الإرهاب سواء للأفراد أو الكيانات. ولكن في الوقت نفسه، وبموجب القانون، تترتّب العديد من الآثار الأخرى مثل سحب جواز السفر أو إلغائه، بالإضافة إلى فقدان شرط حسن السير والسمعة. وهو الأمر الذي جاءت التعديلات الأخيرة لتتوسع فيه بشكل ملحوظ ليشمل آثاراً جديدة أبرزها: عدم التعيين أو التعاقد بالوظائف العامة، وحظر ممارسة جميع الأنشطة الأهلية، ووقف العضوية في النقابات المهنية ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات وإدارات الأندية والاتحادات الرياضية وأي كيان مخصص للمنفعة العامة . كما يجدر الإشارة إلى أنه أثناء مناقشة تلك التعديلات في البرلمان تعالت العديد من الأصوات التي تطالب بتشديد تلك الآثار مثل الشطب من عضوية النقابات المنهية وليس الوقف، بالإضافة إلى الفصل من العمل وإنهاء الخدمة في حالة الموظفين العمومين، وهو ما رفضه رئيس المجلس مؤكدًا على أن الإجراءات الواردة في القانون هي إجراءات وقتية وتحفظية، ولا يمكن أن يترتب عليها نتائج نهائية .
وبسبب هذا القانون اللادستوري تم إدراج أكثر من 10 الاف مواطن مصري على قوائم الإرهاب ، وتعاملوا بهذا القانون الذي حرمهم من كل حقوقهم الدستورية كمواطنين . "4"
وقد أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قانون مكافحة الإرهاب الجديد في مصر يمنح السلطات مزيدًا من الصلاحيات لفرض عقوبات قاسية، وتحرم المعارضين من حقوقهم الاساسية وحقوق المواطنة ،ويسمح بفرض مراقبة واسعة النطاق وبشكل غير محدود على المشتبه بهم في أعمال إرهابية دون إذن من المحكمة.
قال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "بتبني هذا القانون الجديد، خطا الرئيس المصري خطوة كبيرة نحو فرض حالة الطوارئ كقانون يحكم البلاد. كما جهزت الحكومة نفسها بصلاحيات أكبر للاستمرار في القضاء على منتقديها ومعارضيها في إطار مُسمى الحرب على الإرهاب الفضفاض الذي ما فتئ يتسع أكثر فأكثر"."5"
مصادرة الأموال بعد الإدراج على قوائم الإرهاب
ومن المأسي الذي يتعرض لها المعتقل عقب خروجه من السجن ، مصادرة أمواله بعد إدراجه على قوائم الإرهاب ، حيث مرر برلمان العسكر في مايو 2021 تعديلات قانون "مكافحة غسيل الأموال" وجعلت التعديلات تلك الجريمة مستقلة بذاتها، ولا تشترط صدور حكم بإدانة مرتكبها في الجريمة الأصلية، متى توافرت للجهات الأمنية أدلة على أن الأموال ناتجة عن أفعال من شأنها الإضرار بـ"أمن البلاد" ، والتعديلات تجاوزت قرينة البراءة ويفتح الباب أمام السلطة من أجل مصادرة أموال الأبرياء بالمخالفة للدستور الذي حظر مصادرة الأموال بدون حكم قضائي ، وبررت الحكومة التعديل بأنه يهدف لسد ثغرة قانونية لا تسمح بمصادرة الأموال عندما يحصل المتهم على براءة بسبب خطأ في الإجراءات أو انتهاء مدة الطعن على المخالفة وانقضاء الدعوى الجنائية.
ويمنح القانون رئيس الجمهورية سلطة تشكيل مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي، وتحديد نظام عمله واختصاصاته ونظام إدارة الوحدة دون التقيد بالنظم والقواعد المعمول بها في الحكومة والقطاع العام وقطاع الأعمال العام.
وفندت النائبة سميرة الجزار، في تصريحات صحفية، عدم اشتراط صدور حكم بالإدانة في الجريمة الأصلية مخالفة للدستور الذي يحظر مصادرة الأموال الخاصة إلا بحكم قضائي، وبأن العقوبة لا بد أن تكون شخصية ولا توقع إلا بحكم قضائي.
وتوقع الخبير الاقتصادي، علاء السيد، أن تصدر السلطات المصرية مثل تلك القوانين المثيرة للجدل والمخاوف في نفس الوقت، قائلا: "مثل هذه التشريعات متوقعة خلال الفترة المقبلة وسوف تظهر تشريعات أخرى مماثلة في الغرض الذي هو بالأساس وضع السلطات يدها على الأموال التي تريدها خاصة العملات الأجنبية لأسباب تراها تندرج تحت قانون غسيل الأموال مما يضر كل من خرج من المعتقلين ولديه مشروعات "."6"
ولعل خير دليل على ذلك ماقامت به لجنة التحفظ وإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية في مصر التحفظ على أموال 1589 شخصا من المنتمين والداعمين للإخوان المسلمين و 118 شركة متنوعة النشاط و 1133 جمعية أهلية و 104 مدارس و 69 مستشفى و 33 موقعاً الكترونياً وقناة فضائية. بجانب مصادرة هذه الأموال الى الخزانة العامة بالدولة، والتي تبلغ حصيلتها 60 مليار جنيه مما ترتب عليه العصف بمصادر رزق الآلاف من العاملين بهذه المؤسسات من المفرج عنهم من المعتقلين .
وقد توالت قرارات التحفظ على الاموال منذ عام 2015 حتي الآن وتوسعت الدولة العسكرية الفاشية من الاقتصار أول الأمر على الإخوان والإسلاميين الي التيارات الاخري من اليسار والليبراليين والشيوعيين وقد تم التحفظ و مصادرة اموال أكثر من 23 الف مواطن مصري بحسب احصائيات منظمات حقوقية. "7"
الفصل من العمل وقطع الأرزاق
وفي إطار التضييق على المعارضين في مجال العمل، فصلت وزارات الدولة المختلفة آلاف الموظفين سواء في الصحة أو التعليم أو الأوقاف أو غيرها من الوزارات بسبب انتماءاتهم وآرائهم السياسية وكان معظم من تم الأفراج عنهم تم بالفعل فصلهم من العمل بالرغم من أنهم كانوا على ذمة الحبس الاحتياطي ، بل شملت قرارات الفصل من لم يلق القبض عليهم ولم يحبسوا على ذمة أي قضايا سياسية.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أصدر وزير التعليم المصري السابق طارق شوقي قرارا بفصل 1070 معلما، في واحدة من أكبر عمليات الفصل الجماعي بالوزارة، بدعوى أنهم أصحاب أفكار متطرفة وعليهم أحكام قضائية.
\وفي القانون رقم 10 لسنة 1972، لا يسمح بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي، لكن المشرع المصري أجرى تعديلات على القانون في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وواجهت انتقادات حادة باعتبارها تهدف "للتنكيل بالموظفين ذوي الآراء السياسية المعارضة للحكومة".
والفصل بغير الطريق التأديبي يعني الفصل المباشر بقرار إداري، دون العرض على جهات التحقيق المختصة بالتعامل مع الموظفين، ومن دون أن يكون القرار صادرا من النيابة الإدارية، وحتى من دون عرض الأمر على القضاء.
السياسي المصري رئيس حزب "غد الثورة" أيمن نور، وصف ما يجري للمعتقلين بعد خروجهم من المعتقل بأنه "غير مسبوق في أي فترة سياسية سابقة، وبات الاستثناء في ذلك سواء في عهد عبد الناصر أو السادات أو مبارك قاعدة عامة الآن".
وأوضح نور أن بعض المراحل السياسية التاريخية شهدت بعض التضييق الأمني على أرزاق المعارضين مؤقتا، خاصة في عهد عبد الناصر، وطبقت في عهد السادات بشكل محدود في أحداث سبتمبر/أيلول 1981، حين تم نقل عدد من أساتذة الجامعة والصحفيين إلى وظائف أخرى ولكنهم لم يتركوا في الشارع ويُجَوَّعوا، أما في عهد مبارك فكان هناك نوع من أنواع الرقابة على تعيين أبناء وأقارب المعارضين في بعض المؤسسات، مثل الجيش والشرطة والقضاء.
وأكد السياسي المصري المعارض أن قطع الأرزاق كما يحدث الآن غير مسبوق في تاريخ مصر السياسي، وتحول إلى قاعدة، وما قيل بخصوص هذا الشأن من قبل لجنة العفو الرئاسي هو اعتراف بأن هناك تضييقا على حياة المفرج عنهم."8"
قانون "فصل الإخوان" ظهر، بصياغته التي صدر بها، مقدمة لمرحلة جديدة من خطة الحكومة للتنكيل بجماعة "الإخوان المسلمين".. وامتداداتها في المجتمع المصري خاصة للعاملين في قطاع السكك الحديدية والتعليم والبنوك وشركات البترول ودواوين الوزارات والهيئات العامة والجامعات وقد بدأت الحملة فعليا منذ منذ عام 2019 بعد إصدار قرارات بفصل أكثر من أربعة آلاف موظف. "9"
وتطبيقا لهذا القانون و في حلقة جديدة من حلقات التنكيل بكل المعارضين ، وإخراس أصواتهم اعترف وزير الأوقاف المصري "محمد مختار جمعة" عن فصل 12 ألف إمام مرة واحدة ومنعهم من الصعود للمنابر مدعيا أنهم أصحاب فكر "غير وسطي" ، وكان منهم من تم الافراج عنهم جاء ذلك خلال مناقشة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب العام الماضي.
ومن ضحايا الفصل بعد الافراج عشرات الصحفيين في مختلف المؤسسات الصحفية الحكومية والمستقلة ، وبالرغم من تقدمهم بتظلمات إلا أنهم لم يزالوا فاقدين لعلمهم . "10"
إغلاق باب التظلم من الفصل التعسفي
وبعد قهر موظفي الدولة بقانون فصل الإخوان والمعارضين، أصدرت الحكومة المصرية تعليمات بفرض عقوبات إدارية على الموظفين الذين يرفعون دعاوى قضائية ضد الحكومة لعدم صرف أي تعويضات لهم في المرحلة المقبلة .
أصدرت الحكومة خطابا موجها إلى جميع الجهات الحكومية من وزارات وهيئات وشركات .. بتعليمات لفرض عقوبات إدارية على الموظفين الذين يرفعون دعاوى قضائية ضد الجهات التي يعملون بها، سواء في مجلس الدولة أو أي محاكم أخرى.
"تعليمات الحكومة" أكدت على جميع الوزراء بإنهاء جميع المنازعات القضائية بين الجهات الحكومية وبعضها البعض.. وتسوية أي نزاع من خلال لجان فضّ المنازعات الحكومية بوزارة العدل.. والتنبيه على المرؤوسين بعدم رفع أي دعوى قضائية ضد جهة حكومية .. واتخاذ إجراءات عقابية ضد من يقوم بذلك
"التعليمات" صدرت في الأسبوع الأول من سبتمبر 2021 بعد اجتماع لمجلس الوزراء .. وفرض عليها سرية وتعتيم إعلامي ولم يتم تسريبها إلا مؤخرا .
" مصطفى مدبولي" اندفع لقرار "منع التقاضي" ... بعد صدور تعليمات من دائرة السيسي المقربة بضرورة التصدي للدعاوى القضائية التي ترفع من المواطنين بشكل عام والموظفين بشكل خاص ضد الحكومة نظراً لتسببها بأعباء مالية كبيرة على خزانة الدولة
مصدر قضائي رفيع المستوى قال : التعليمات الجديدة ستخفض كمية المنازعات إلى نحو ثلثي ما تتلقاه محاكم المجلس سنوياً في الوقت الحالي .. وتتضمن التعليمات ذاتها تصفية المنازعات بين الجهات الحكومية وبين بعضها البعض وتوجيهها إلى لجان فض المنازعات الأمر الذي سينعكس أيضاً على مجلس الدولة ."11"
المنع من السفر يمنع الهروب من الجحيم
ومن المآسي التي يعاني منها المفرج عنهم ، ظاهرة المنع من السفر ، حيث تنامت خلال السنوات الماضية ظاهرة إيقاف ومنع الجهات الأمنية في مطارات مصر، بعض المصريين المسافرين إلى الخارج أو العائدين، خاصة المحسوبين على المعارضة أو الحقوقيين والباحثين والصحافيين، دون أسباب قانونية غالبا،خاصة من الذين تم الأفراج عنهم حتي لوكانوا غير مدرجين على قوائم المنع من السفر، ولأسباب تبدو «قانونية متعسفة في بعض الأحوال» حسب ما قالت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» في تقرير لها، أمس الأحد.
وقد أكد تقرير للشبكة العربية حمل عنوان « المصيدة… عن تحول المطارات المصرية إلى فخ للمنتقدين والمعارضين» أن «الأمر يصل أحيانًا إلى الاحتجاز لبضع ساعات وصولاً إلى الإخفاء القسري، ومرورا بالاحتجاز في المطار نفسه أو اصطحاب الضحية إلى أحد مقار الأمن الوطني إذا كان المنع غير قانوني».
وحسب التقرير: «يظهر بعضهم فيما بعد على ذمة قضايا سياسية، أو يتم احتجازهم لبعض الوقت وتفويت ميعاد السفر عليه، ثم تركه لحال سبيله».
كما «لا يقتصر ترصد أجهزة الأمن للمسافرين إلى الخارج فقط، أيًا كان سبب هذا السفر، سواء للدراسة أو الهجرة أو زيارات سريعة لبلدان أخرى بهدف السياحة والاستجمام، بل امتد الأمر لترصد العائدين من الخارج إلى أرض الوطن والقبض عليهم واحتجازهم وعرضهم على نيابة أمن الدولة العليا تمهيدًا لمحاكمتهم أو لحبسهم الاحتياطي غير محدد المدة أو تركهم يرحلون بعد أن يرد تليفون الجهة أو الشخص المسؤول، وهذا ما يطلق عليه «ترقب الوصول وإخطار أمن الدولة» تبعا للشبكة.
ووصف التقرير المرور على بوابات مطار القاهرة بمثابة «المغامرة غير محمودة العواقب وأصبح كثير من المعارضين، سواء حقوقيين أو صحافيين أو أكاديميين أو حتى الشباب غير المنخرطين في السياسة، يخشون فكرة السفر والمغادرة كي لا يتم استيقافهم أو حبسهم»
وتابع: «أما من هم في الخارج، فالعودة إلى مصر صارت بالنسبة إليهم حلمًا بعيد المنال بعدما شهدوا بأعينهم القبض على بعض العائدين ووضعهم قيد الحبس الاحتياطي أو محاكمتهم وإصدار أحكام ضدهم بالحبس لسنوات أو منعهم من العودة والسفر للخارج لو كانوا مقيمين هناك، وأصبح مطار القاهرة بشكل ما أقرب إلى فخ أو مصيدة لاصطياد المغادرين والعائدين ممن تعتبرهم أجهزة الأمن في صفوف المعارضة».
وأكد أن «مثل هذه الإجراءات تخالف نصوص الدستور المصري الذي نص في مادته رقم 26 على: حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة ولا منعه من العودة إليه، ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون».
ولفتت الشبكة إلى «وجود قوائم في المطارات يمكن أن يجد المسافر أو العائد اسمه ضمن إحداها وأهمها، وتتمثل في قائمة المنع من السفر، وهي قائمة ترسل لأجهزة المطار دون تحديد السبب ويتم منع المواطن بناء عليها من السفر دون القبض عليه ودون إخطاره بالأسباب التي قد لا يعرفها رجال أمن المطار أنفسهم، وقائمة ترصد السفر، وهي قائمة تعني توقيف المواطن خلال إنهائه إجراءات سفره، ويتوقف قرار سفره أو منعه على التليفون والمسؤول أو الجهة التي طلبت إخطارها بسفر المواطن، وقائمة ترصد الوصول، وهي قائمة تعني توقيف المواطن العائد من الخارج، لحين اتخاذ قرار بشأنه، غالبا بعد إجراء اتصال هاتفي لجهة أو شخص ما، هل يقبض عليه أو يسمح بدخوله للبلاد دون القبض، وقوائم المنع من الدخول، وهي قوائم غالبا لأشخاص غير مصريين، يتم توقيفهم في المطار ومنعهم من الدخول، مثل الصحافيين والحقوقيين الدوليين»"12"
الاستدعاء الامني أسبوعيا والتدوير بعد الخروج
ومن الكوارث التي يواجها المعتقل بعد خروجه ، قيام الامن باستدعاء المفرج عنه بصورة شبه أسبوعية ، ومنهم من يتم استدعائه مرتين في الأسبوع وهذا النظام معمول به في كل محافظات الجمهورية، ومن يتخلف عن الاستجابة يتم اعتقاله فورا .
كما أن النظام المصري مازال قابضا بيد من حديد على المعتقلين حتي بعد الأفراج عنهم ، من خلال ظاهرة "التدوير" والتي من أشكالها الزج بالمفرج عنه في قضية جديدة بعد فترة قصيرة من الافراج عنه، بنفس التهم ولعل ما حدث مع علاء عبد الفتاح وشريف الروبي والآلاف من شباب جماعة الإخوان المسلمين خير دليل على استمرار النظام في استخدام هذه الوسيلة للإبقاء على المفرج عنهم تحت قيد قضايا بشكل مستمر .
وقد كشف تقرير لـ"مركز شفافية للأبحاث والتوثيق" تعرض المعتقلين ل 2744 واقعة تدوير في الفترة مابين ما بين يناير 2018 وحتى 30 ديسمبرعام 2021 .
وقد لفت تقرير " شفافية لعدد من الإحصاءات الصادمة " منها، تعرّض 1764 ضحية للتدوير في مصر على ذمة قضايا أخرى، بإجمالي 2744 واقعة تدوير، ما بين يناير 2018 وحتى 30 ديسمبرعام 2021
وحسب التقرير الرصدي التفصيلي لوقائع التدوير، فقد تم رصد تعرض 56 ضحية لتلك الممارسة قبل عام 2018 بنسبة 2%، و82 ضحية عام 2018 بنسبة 3%.
بينما تم رصد تعرض 306 ضحايا لتلك الممارسة عام 2019 بنسبة 11.1%، و843 ضحية عام 2020 بنسبة 30.7%.
وتصاعدت نسبة التدوير لنصف السجناء السياسيين تقريبا في 2021، إذ تم تسجيل تعرض 1456 ضحية لتلك الممارسة عام 2021 بنسبة 53%.
ووثّق المصدر نفسه تعرض 17 صحافيا و43 محاميا و28 طبيبا و10 أعضاء هيئة تدريس جامعي للتدوير.
وكانت محافظة الشرقية هي أكثر المحافظات التي تعرض قاطنوها للتدوير بعدد 771 ضحية بنسبة 43.8% من إجمالي ضحايا التدوير خلال مدة الرصد.
وبخصوص تصنيف وقائع التدوير فكان توزيعها: 577 واقعة تدوير بعد قرار إخلاء سبيل، 216 بعد حكم براءة، 112 بعد قضاء عقوبة، 23 واقعة إضافة إلى قضية جديدة، 4 حالات تدوير بعد استبعاد من قضية، حالتان بعد عفو من الحاكم العسكري، 6 حالات تدوير لسبب غير معروف.
ومؤخرا، اتهمت 6 منظمات حقوقية، السلطات المصرية، بـ"إعادة تدوير" قضايا ضد معارضين، لإطالة فترات احتجازهم، لمدد تصل إلى عدة أعوام
وقالت المنظمات، في بيان مشترك إن تدوير القضايا يحدث عندما توجه للمحتجزين "اتهامات وجرائم مختلقة بزعم ارتكابها من محبسهم، لمزيد من التنكيل بهم وضمان تمديد فترات تجديد الحبس الاحتياطي أو كإجراء استباقي حال أقرت المحكمة إخلاء سبيلهم"."13"
أسر المفرج عنهم لا تفلت من انتقام النظام
و من مأسي المفرج عنهم، المشاكل التي تواجه أسرهم، ومنها منع تعيين أقاربهم في معظم الوظائف بسبب التحريات الأمنية، خاصة الوظائف القيادية، والفصل التعسفي لانتمائهم لأسر إخوانية أو معارضة، وايضا الحرمان من دخول كل الكليات العسكرية، والتضييق على زوجاتهم إذا كن من العاملات في المصالح الحكومية، بل والزج ببعض أبنائهم في قضايا لا علاقة لهم بها
ومؤخرا دشن المحامي الحقوقي، والمرشح الرئاسي المصري السابق خالد علي، حملة بعنوان « أنا عايز أعيش بحرية» للمطالبة، بوقف التضييق على الخارجين من السجون
وكتب على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «سأنشر خلال الأيام المقبلة تباعا قضايا لمواطنين تعرضوا للتعسف والتضييق والمنع من السفر واستمرار التدابير والحرمان من العودة للعمل بعد أن أخلي سبيلهم من الحبس»
وأضاف أن ذلك يأتي «بعد أن أعلنت السلطة المصرية منذ عدة أيام عن طريق بيان صادر من لجنة العفو الرئاسي عن استعدادها إزالة العقبات التي تواجه المخلى سبيلهم لتمكينهم من العودة لحياتهم الطبيعية».
وزاد: «تعاطيا مع هذه الخطوة الجيدة، سننشر تباعا عن حالات هناك تعسف واضح لمنعها من العودة لحياتها الطبيعة سواء بمنعهم من العودة للعمل أو منعهم من السفر أو استمرار تطبيق تدابير عليهم رغم انتهاء مدتها القانونية». وتناول حالة، خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات الخاصة والخدمات المركزية في مكتبة الاسكندرية.
وكتب «باحث مرموق تم القبض عليه من 2 مايو/ أيار 2019 ومن وقتها ظل محبوسا على ذمة تحقيقات القضية 1956 لسنة 2019، ثم حصل على إخلاء سبيل، لكن تم تدويره على القضية رقم 650 لسنة 2019 وظل محبوسا احتياطيا على ذمة تحقيقاتها، حتى تم إخلاء سبيله في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ومنذ ذلك التاريخ حاول مرارا الرجوع لعمله في مكتبة الإسكندرية، إلا أنها ترفض تسليمه العمل».
وتابع: «خاطبت مكتبة الإسكندرية قسم الفتوى والتشريع في مجلس الدولة حول مدى أحقيته في العودة لعمله في المكتبة، ورغم نصوص القانون الواضحة والتي لا تحتاج لتفسير أو إرهاق مجلس الدولة بفتاوى بديهية، أصدر مجلس الدولة في 29 مارس/ آذار 2021 فتواه التي انتهى فيها إلى أحقية عزب في العودة لعمله في مكتبة الإسكندرية، لكن المكتبة لم تنفذ الفتوى، ولم تمكنه من العودة للعمل، ليس هذا فحسب، ولكن أيضا عندما وُجهت دعوة لعزب، لحضور بعض الفاعليات الثقافية خارج البلاد تم منعه من السفر بالرغم من عدم وجود قرار بذلك». وزاد: «عزب، لم يعد لعمله في مكتبة الاسكندرية، ولم يسمح له بالسفر خارج البلاد على الرغم من إخلاء سبيله، وعدم صدور أي أحكام ضده، فكيف يمكن له أن يعود لحياته الطبيعية، أتمنى عودته لعمله وتمكينه من حقه في التنقل والسفر خارج البلاد».
وكانت إعادة اعتقال الناشط السياسي، شريف الروبي، القيادي السابق في حركة 6 أبريل، التي لعبت دورا في الإطاحة بالرئيس المصري محمد حسني مبارك، بعد أربعة أشهر من الإفراج عنه في إطار تفاهمات بين المعارضة ونظام عبد الفتاح السيسي، فتح الباب للحديث عن أحوال المعتقلين المفرج عنهم.
المصادر:
- الجزيرة نت نشر بتاريخ 26/9/2022
- موقع عربي21 نشر بتاريخ 2 مارس 2020
- موقع المعهد المصري للدراسات نشر بتاريخ 26 فبراير 2021
- المفكرة القانونية نشر بتاريخ 30 مارس 2020
- موقع هومان ريتس ويتش نشر بتاريخ 19 أغسطس 2015
- عربي21 نشر بتاريخ 23 مايو 2022
- موقع النهار اللبنانية نشر بتاريخ 12 سبتمبر 2018
- الجزيرة نت نشر بتاريخ 26/9/2022
- العربي الجديد نشر بتاريخ 25 سبتمبر 2021
- العربي الجديد نشر بتاريخ 5 آغسطس 2021
- العربي الجديد نشر بتاريخ 25 سبتمبر 2021
- القدس العربي نشر بتاريخ 14 - نوفمبر – 2021
- موقع منظمة حرية الفكر نشر بتاريخ 13 مايو 2022
- موقع جريدة القدس العربي نشر بتاريخ 22 - سبتمبر - 2022