من بينهم ضباط بالجيش .. النظام المصري يواصل التنكيل بالمعتقلين

الثلاثاء - 30 نوفمبر 2021

شهدت الساحة الحقوقية المصرية خلال الساعات القليلة الماضية تصاعدا جديدا ومزيدا من الانتهاكات في حق المعتقلين ، فحتى ضباط الجيش المعتقلين لم يسلموا من الانتهاكات ، مما اضطر أهالي هؤلاء الضباط المعتقلين في السجن العمومي للقوات المسلحة بالسجن الحربي في منطقة الهايكستب ، أن يدخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام منذ عدّة أيام، اعتراضا على "سوء المعاملة التي يتعرض لها ذويهم "، كما يتعرض معتقلو سجن “جمصة” شديد الحراسة لتعذيب متواصل ، وفي نفس السياق أكد تقرير ل"الشبكة المصرية " قتل د. “حمدي حسن” بأوامر سيادية ! ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

 

أعلن أهالي ضباط الجيش المعتقلين في السجن العمومي للقوات المسلحة بالسجن الحربي في منطقة الهايكستب (مجمع عسكري شرقي القاهرة) دخول ذويهم في إضراب مفتوح عن الطعام منذ عدّة أيام، اعتراضا منهم على "سوء المعاملة التي يتعرضون لها، ومحاولة لانتزاع أبسط الحقوق".

ولفت الأهالي، في بيان لهم، حصلت "عربي21" على نسخة منه، إلى أنه جراء هذا الإضراب عن الطعام تدهورت حالات البعض منهم، مما استدعى نقلهم إلى مستشفى السجن، داعين إلى التضامن معهم، والعمل على إطلاق سراح ذويهم.

وقالوا: "نحن أهالي ضباط الجيش المعتقلين في قضايا سياسية مُلفقة منذ أكثر من 7 سنوات نهيب بالعالم أن يتدخل لإنقاذ أولادنا المعتقلين من خيرة ضباط مصر، خاصة في ظل تعنت قائد السجن، اللواء خالد سلطان، معهم بشكل شخصي".

وأشار الأهالي إلى أن قائد السجن "منع عنهم التريض، وقام بحرمانهم من أبسط حقوقهم، ومنع دخول الطعام لهم، كما منع دخول أدواتهم الشخصية، ومنع الأدوية المهدئة التي تُصرف لهم من إدارة السجن".

وأكدوا أن "قائد السجن الحربي بالهايكستب هو نجل مدير إدارة المدرعات سابقا، اللواء أحمد سلطان، ويتمتع بسمعة سيئة، حيث يتعمد إذلال وقهر الضباط، وهو دائم التفاخر بأنه مسنود ولديه ظهر، ولن يستطيع أحد محاسبته، مما دفع العديد من ضباط الجيش للدخول في إضراب عن الطعام منذ أيام".

"تجاهل القيادة العسكرية"

ولم يكن هذا الإضراب عن الطعام هو الأول من نوعه لهؤلاء الضباط المعتقلين؛ فقد دخلوا في نهاية شهر آذار/ مارس 2020 في إضراب عن الطعام؛ "نظرا لتجاهل القيادة العسكرية لحالتهم وحال أسرهم بعد طلبهم العفو من وزير الدفاع، إذ تم التعامل مع أسرهم بالقسوة، وتم تهديد ذويهم أمام مقر وزارة الدفاع بأنه في حال التجمهر فسوف يتم إطلاق النارعليهم، وبعد وصول هذا الخبر للضباط المحبوسين تجمهروا داخل السجن الحربي"، بحسب مصادر خاصة تحدثت حينها لـ"عربي21".

كما وقعت اشتباكات في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2019 بين ضباط بالجيش المصري مُعتقلين على ذمة قضية 3/ 2015 عسكرية، وبين إدارة السجن الحربي بمنطقة الهايكستب، وذلك على خلفية احتجاجهم ومطالبتهم بالإفراج عنهم أسوة بالإفراج عن رئيس الأركان المصري الأسبق الفريق سامي عنان الذي كان معتقلا معهم سابقا بذات السجن.

وكان موقع "بي بي سي عربي" قد كشف، في 16 آب/ أغسطس 2015، عن صدور حكم عسكري بالسجن لفترات متفاوتة على 26 ضابطا بالجيش برتب مختلفة بعد إدانتهم بتهم شملت التخطيط لانقلاب عسكري، وإفشاء أسرار عسكرية، والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.

ومن بين المحكوم عليهم أربعة ضباط متقاعدين برتبة عقيد (ضابطان منهم هاربان)، و22 ضابطا عاملا بالجيش المصري من بينهم عميد وعقيدان.

وإلى جانب الضباط الـ 26، تضمنت القضية اثنين من المدنيين حكم عليهما غيابيا بالسجن المؤبد؛ الأول هو القيادي بجماعة الإخوان حلمي الجزار، والثاني هو عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان محمد عبد الرحمن المرسي، والمُعتقل حاليا .. بينما لم تصدر وزارة الدفاع وهيئة القضاء العسكري التابعة لها حتى الآن أي بيانات بشأن القضية.

انتهاكات متواصلة ضد معتقلي “جمصة”  

وفي سياق متصل ، وثقت منظمات حقوقية استمرارالانتهاكات داخل سجن جمصة شديد الحراسة خلال الأسبوعين الماضيين، بعدما عزلت إدارة السجن نحو 50 معتقلا في زنزانة واحدة مع إهانتهم بدنيا ونفسيا بشكل مستمر.

وفي سلوك متكرر بسجون الانقلاب، ومنها سجن جمصة، حرّض ضباط ومخبرو السجن، السجناء على ذمة قضايا جنائية للاعتداء على السجناء المحتجزين على ذمة قضايا سياسية.

وقللت إدارة السجن كمية الطعام المسموح دخولها للسجين في الزيارة، كما قيدت حق السجناء في الملابس الداخلية وغيارات السجن والتي يتكلفها المعتقلون.

ومنذ أن رفضت جنايات أمن الدولة طوارئ تظلم الشاب محمود عبادة عبدالمقصود، من الحكم النهائي عليه بالإعدام في القضية رقم 3311 لسنة 2015 جنايات أمن دولة طوارئ، تمارس إدارة السجن العديد من الانتهاكات ضد المعتقل الشاب، آخرها كانت في سبتمبر الماضي، حيث تعرض للضرب الشديد، بسبب رفضه لمعاملته السيئة من قِبَل إدارة السجن وأفراد الأمن.

ضرب معتقل معاق

وفي 21 فبراير الماضي، شملت الانتهاكات والاعتداءات معتقل من ذوي الاحتياجات الخاصة ما أدى لإصابته بشكل خطير في يده

المعتدون بالأسماء هم؛ رئيس المباحث وائل الشارود، ورئيس المخبرين محمود شركس، وأُصيب في تلك الاعتداءات عدد من المعتقلين، ولكن حالة المعتقل عبدالستار سمير البهنسي هي الأخطر وذلك بالرغم أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة ، إلا أن الاعتداءات استمرت ضده لأكثر من 5 أيام على التوالي حتى أُصيب بغرغرينا في يديه قبل نقله إلى مستشفى السجن مؤخرا

"البهنسي" الذي كان بين معتقلين آخرين يقبعون بعنبر 6، إلا أن الاعتداء طال أيضا عنبر دواعي الإعدام وبظل عدم محاسبة المجرمين من ضباط السجن ومخبريه، استمر الاعتداء على العنابر لعدة أيام شملت أسماء محددة من السجناء.

والشبكة العربية : “حمدي حسن”  قُتل بأوامر سيادية  

وفي إطار متصل من تصاعد الانتهاكات في السجون، أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن السجون تُدار بعيدا عن سلطة القانون و أبسط الأعراف الإنسانية، وأن وفاة البرلماني الدكتور حمدى حسن نتيجة تراكمية للظروف السيئة والأوضاع القاسية التي يعيشها معتقلو سجن العقرب شديد الحراسة 1  بأوامر سيادية.

كما أكدت أن ما جرى مع الدكتور حمدي حسن حدث مع عشرات المعتقلين السياسيين المعتقلين في سجن العقرب، والممنوع عنهم الزيارة منذ سنوات طويلة دون أسباب قانونية؛ غير ما يعرف بالأوامر السيادية.

وأشارت إلى أن ما يحدث بالسجون عموما وسجن العقرب على وجه الخصوص جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد بأوامر سيادية وأن وفاة الدكتور حمدي حسن نموذج فاضح لما يعانيه مئات المعتقلين والذي يحتمل أن يواجهوا نفس المصير، والمتمثل في “القتل بالأوامر السيادية”.

ودقت الشبكة ناقوس الخطر للالتفات إلى الحالة المأساوية للمعتقلين، أملا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه ودعت الجميع إلى الالتزام بمواد الدستور والقانون.

وكتب  براء حمدي نجل الدكتور حمدي حسن عضو مجلس الشعب المصري سابقا بعد وفاة والده في السجن نتيجة الإهمال الطبي قائلا “نحتسب أبي عند الله شهيدا إن شاء الله، أفرج الله عنه بعد 8 سنوات في سجون الظالمين. منعوه من زيارتنا له منعا نهائيا منذ 5 سنوات”.

وأضاف “أبلغونا بوفاته داخل محبسه بسجن العقرب ومنعوا إقامة جنازة له إلا بحضور 6 أشخاص وسط حضور أمني شديد”.

وعلي الجانب الأخر ، عبر أبناء وأصدقاء معتقلين في السجون المصرية عن مدى معاناتهم منذ سنوات وعدم تمكن الكثير منهم من رؤية أحبائهم في رسائل مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب عبد الله الحداد نجل د.عصام الحداد المستشار السابق في رئاسة الجمهورية “كلما رأيت اسم أمي على الهاتف ينبض قلبي بشكل سريع وأرفع الهاتف ببطء وأنا أدعو في صمت”.

وأضاف “أحاول بهذه الطريقة السيطرة على مشاعر القلق والتأهب لتلقي أية أخبار في غربتي قد تكون صادمة لي عن أبي المعتقل في مصر منذ ما يقارب الثماني سنوات”

وكذلك كتبت سمير الطاهر زوجة الزميل هشام عبد العزيز الصحفي بقناة الجزيرة مباشر “كل مرة أذهب فيها لزيارة هشام أقول لعلها تكون الأخيرة. أمس وقفت تحت المطر أحمل ما تيسر من طعام سهرت حتى الصباح لإعداده، فآويت إلى شجرة قريبة من باب السجن كنا نجلس تحتها لتقينا حر الشمس فوجدتها تغتسل من تراب تراكم عليها منذ شهور. فعدت لأحتمي بالدعاء وما لي غير الله من سند”.

ودونت الصحفية سلافة مجدي عن زميلها الصحفي المعتقل محمد صلاح فقالت “وصلنا أمام سجن طرة للرجال. احتضنت حسام وصلاح. تبادلنا الابتسام والسلامات. الوداع يا أحباب. ألقاكم مجددا مكبلين محاطين بحراس وسياج في جلسات التحقيق وساحات المحاكم. لربما نجد يوما ما الإنصاف هناك”.

"الجزيرة "تطالب السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن معتقليها بمصر

وفي السياق الحقوقي ذاته ، دانت شبكة الجزيرة الإعلامية استمرار السلطات المصرية في حبس الزميل هشام عبد العزيز، الصحفي بقناة الجزيرة مباشر، وطالبت بالإفراج الفوري عنه.

وقالت الجزيرة في بيان أمس الإثنين، إن السلطات المصرية مددت حبس هشام عبد العزيز 45 يوما أخرى من دون محاكمة، رغم تجاوزه مدة الاعتقال الاحتياطي التي ينص عليها القانون المصري.

واعتقل هشام قبل عامين وخمسة أشهر خلال قضاء إجازة عائلية مع أسرته في مصر، وتعرض خلالها للإخفاء القسري لنحو شهر.

وتدهور الوضع الصحي للزميل هشام بعد إصابته بالمياه الزرقاء في عينيه، وبات بحاجة ماسة إلى إجراء عملية جراحية عاجلة حتى لا يفقد بصره تمامًا، بالإضافة إلى إصابته بتكلس في عظمة الركاب بالأذن الوسطى مما قد يؤثر على قدرته على السمع.

وأكدت الجزيرة مجدداً وقوفها الدائم مع صحفييها وكل العاملين معها، داعية إلى الإفراج الفوري عن الزميل هشام وعن 3 من زملائه المحتجزين في السجون المصرية بلا تهمة. كما دعت المنظمات والهيئات الداعمة لحرية الصحافة إلى إدانة اعتقاله التعسفي وغيره من الصحفيين المعتقلين ظلماً من قبل السلطات المصرية والدعوة إلى إطلاق سراحهم فوراً.

وإلى جانب هشام، تعتقل السلطات المصرية 3 آخرين من صحفيي الجزيرة مباشر وهم: بهاء الدين إبراهيم وأحمد النجدي وربيع الشيخ، خلال ذهابهم في إجازة اعتيادية إلى مصر.