منظمة مختصة "تفكك" استراتيجية السيسي لحقوق الإنسان: "مجرد ديكور"!

الثلاثاء - 21 سبتمبر 2021

تجددت ردود الفعل على إطلاق عبد الفتاح السيسي ما عرف بـ«الاستراتيجية المصرية لحقوق الإنسان» إذ قدم مركز «أندلس لدراسات التسامح وحقوق الإنسان» قراءة في مصادر قوة ومكامن ضعف الاستراتيجية. قراءة المركز، التي جاءت تحت عنوان «تفكيك الاستراتيجية الوطنية» تناولت 4 محاور، واعتبرت أن الاستراتيجية «لا تتعدى ديكورا يستهدف تجميل الصورة دون معالجة الأزمة». المحور الأول، حمل عنوان «ماهية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان المصرية» وانتقدت المنظمة فيه، «عدم تضمين الاستراتيجية الوطنية تعريفا محددا لها أو تحديد توجهها العام بشأن الغايات والأهداف أو الأطر المتعلقة بالرصد والتقييم للموضوع محط اهتمامها، أو تحديد رؤية هدفها».

وحسب المنظمة، «ركز التمهيد على الحديث بشكل عام عن بناء مصر الحديثة، ووجود إرادة سياسية للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان، والإشارة إلى الإنجازات التي تحققت في هذا المجال والتأكيد على أن هذه الاستراتيجية تترجم قناعة وطنية ذاتية لاعتماد مقاربة شاملة وجدية لتعزيز حقوق الإنسان».

عبارات رنانة

وأكدت القراءة، أن «مثل هذه العبارات العامة والرنانة تهيمن على الاستراتيجية بصفة عامة، وأن هناك إصرارا من قبل القائمين على الاستراتيجية، بأن تكون هذه اللغة هي الأساسية فيها، دون تقديم رؤية معرفية أو أطر منهجية وتحليلية أو قواعد تفسيرية أو جهاز مفاهيمي محدد، ورغم أن الاستراتيجية فيها بعض العناوين المهمة إلا أن المحتوى الشارح لهذه العناوين يتصف بالعمومية الشديدة والمبالغات اللغوية والبلاغية».

واعتبرت المنظمة الحقوقية، أن الاستراتيجية «روجت إلى وجود أطر ومرتكزات دستورية وقانونية والتزامات دولية وإقليمية واستراتيجيات ومبادرات محلية، والتأكيد على أن الاستراتيجية مرت بالمراحل الاعتيادية لإعداد الاستراتيجيات والتأكيد على أن هناك مسارات للمتابعة وتقييم التنفيذ، ومنها المسار التشريعي، والمؤسسي، والتثقيفي وبناء القدرات، إلا أن هناك ما يؤكد أن هذه الاستراتيجية لديها أهداف أخرى حقيقية ليس من بينها حماية واحترام حقوق الإنسان في مصر».

ودللت الورقة على استنتاجها بما «نصت عليه الاستراتيجية حيث تضمنت: ويبقى الإنفاذ الفعال للقوانين على أرض الواقع، وما يرتبط بها من إنشاء آليات لازمة، ومراعاة احترامها والالتزام بها هو الفيصل في تحقيق الاستراتيجية لأهدافها، وشرطا أساسيا لتعزيز سيادة القانون». وتساءلت المنظمة في قراءتها: «ما هو الجديد الذي جاءت به هذه الاستراتيجية بخلاف الدستور الذي ينص على احترام حقوق الإنسان ويبقى الأمر في تفعيل ذلك في أرض الواقع ومن المفترض أن تكون مثل هذه الاستراتيجية، هي واحدة من آليات التفعيل إلا أن النظام المصري ارتضى أن تكون هذه الاستراتيجية مثلها مثل أي نص دستوري حرص على أن تكون مجرد صياغات بلاغية بدون خطة زمنية أو تفصيلية أو أطر قابلة للتنفيذ».

المحور الثاني جاء تحت عنوان، «أوضاع حقوق الإنسان» وفيه أكدت المنظمة الحقوقية: «بدلا من أن تهتم الاستراتيجية برصد أوضاع حقوق الإنسان في مصر أولت اهتماما كبيرا بما سمتّه (الدور المصري في إطار المنظومة الدولية لحقوق الإنسان) وتجاهلت تماما رصد الأوضاع المحلية شديدة التدهور سواء الرصد من خلال المنظمات المحلية أو الدولية أو حتى المجلس القومي لحقوق الإنسان».

وزادت المنظمة: «تعاملت الاستراتيجية مع الأوضاع المحلية بأنها نموذج يمكن التأسيس به على المستوى العالمي، ورصدت مشروعات الحكومة التي لم تنفذ بعد على أنها إنجازات تحققت بالفعل (كمشروع حياة كريمة) وسجلت الاستراتيجية أن «مصر تحرص على تنفيذ التزاماتها الدولية والإقليمية في مجال حقوق الإنسان دون أي حديث عن اليات وطرق ووسائل هذا التنفيذ».

أما المحور الثالث، الذي تناولته القراءة، فقد حمل عنوان «الخطة المستقبلية للاستراتيجية» وجاء فيه: «نصت الاستراتيجية في كل محور من المحاور على النتائج المستهدفة إلا أنها في غالب الأمر، كانت تعيد صياغة مصادر القوة والإشارة إلى معالجة بعض التحديات بدون خطة زمنية محددة أو أطر واضحة».

وزادت: «اكتفت الاستراتيجية بالتأكيد على الأطر الدستورية والقانونية التي لا تمثل أي عائق أمام النظام الحالي الذي يدستر الانتهاكات الحقوقية والإنسانية، وبالتالي فما الجديد الذي يمكن أن تقدمه مثل هذه الاستراتيجية، إذا ما كانت أبرز توصياتها هو الإطار الدستوري والمؤسسي في هيئاتها الحالية التي تشهد تدهورا غير مسبوق في أوضاع حقوق الإنسان، فالاستراتيجية لا ترى، سواء على المستوى الدستوري أو المؤسسي، أي انتقاص لحقوق الإنسان، وبالتالي فهي تغض النظر عن التدهور وعن المتسبب فيه، بل تعمل على أن توفر له غطاءً شرعيا جديدا».

وعن الخطة الزمنية لتنفيذ الاستراتيجية، انتقدت المنظمة الحقوقية، «اكتفاء الاستراتيجية المصرية بالإشارة إليها بصورة مجملة في جملة واحدة وهي «تصدر الاستراتيجية في سبتمبر/ أيلول عام 2021 ويمتد الأفق الزمني لتنفيذها حتى سبتمبر/ أيلول عام 2026. هكذا دون توضيح أو اهتمام».

وخلصت المنظمة في قراءتها، إلى أن «حرص النظام على أن يكون تدشين الاستراتيجية في حد ذاته هو الأساس لها، وأن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي وتصريحاته المتناقضة مع الاستراتيجية ومن بينها إشارته إلى أن ثورة يناير/كانون الثاني مثلت وفاة الدولة، مثلت ملمحا رئيسيا لعدم أهمية هذه الاستراتيجية ذاتها، وأن وظيفتها انتهت بمجرد انطفاء أضواء كاميرات نقل الحفل مباشرة».

تجميل الصورة

وأضافت: «ليس تصريحات الرئيس في حفل التدشين هي ما أكدت على أن هذه الاستراتيجية مجرد ديكور ولكن إعلانه بافتتاح مجمع سجون، يؤكد على أن هذا النظام لا يعتد بأي وثيقة محلية أو دولية بشأن حقوق الإنسان، وأن جهده منصب على تجميل الصورة وليس المعالجة الحقيقية».

 في السياق، كشف، نجاد البرعي، المحامي الحقوقي الذي شارك في صياغة الاستراتيجية، عن التوجهات التي تنفذها الدولة خلال الفترة المقبلة. وكتب على صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «حركة الحكومة بطيئة للغاية، فلا تساعد على أن يشعر بقيمتها، والضحايا وأسرهم يريدون حلولا سريعة وحاسمة وبعضها مشوب بالرغبة في الشعور بالانتصار وكسر إرادة الأجهزة التنفيذية التي ترى من جانبها أن ذلك غير مقبول وغير ممكن».

وأضاف: «مصر ستتحرك في اتجاه تحسين حالة الحريات المدنية والسياسية وأوضاع السجناء ولكن ببطء يتلاءم مع كونها واحدة من أقدم بيروقراطيات التاريخ فضلا عن القلق من أن تؤدي الخطوات السريعة إلى انفلات الأوضاع أو فقدان القدر من الاستقرار الذي وصلت إليه الحكومة، وأخيرا لأن هناك طبعا داخل دولاب الدولة من لا يزال يؤمن بأن طريقة (العصا لمن عصى) هي الطريقة الأسهل للسيطرة على بلد يقطنه 100 مليون شخص».

وتابع: «كل المحبوسين احتياطيا سيتم النظر في أحوالهم سيخرج كثير من غير الإخوان، إلا القليل منهم، وسيخرج بعض من الإخوان إلا قياداتهم وستتم إحالة هؤلاء وهؤلاء إلى القضاء ينظر في أمرهم"

وعن الأوضاع في السجون قال البرعي: «ستتحسن أوضاع المسجونين، وهنا أتحدث عن المحكوم عليهم بعقوبات لا المحبوسين احتياطيا الذين لا يمكن اعتبارهم مسجونين، وسوف تتم إعادة النظر في كثير من القوانين الخاصة بالعقوبات قصيرة المدة لتقليل عدد المسجونين واستبدالها بعقوبات مالية أو بخدمه المجتمع».

انتقادات دولية

وتواجه مصر انتقادات محلية ودولية بسبب ملفها في حقوق الإنسان، وأصدرت 31 دولة بينها الولايات المتحدة بيانا تدعو فيه مصر إلى رفع القيود عن الحريات والتوقف عن «اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لتكميم أفواه المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى».

وتقدر «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» أعداد السجناء والمحتجزين بنحو 120 ألف سجين ومحبوس احتياطي ومحتجز، فيما تقول منظمات أخرى إن في مصر 60 ألف محتجز، وهي التقارير التي لا تعترف بها الحكومة المصرية وتؤكد أنه لا يوجد معتقلون سياسيون في السجون.

المصدر    القدس العربي