منظمات دولية تؤكد أن قمع الحريات بمصر "لا يعرف الهوادة".. ومدبولي يبرر
الاثنين - 17 يناير 2022
توالى عبر الساعات القليلة الماضية، إصدار تقارير لمنظمات دولية حقوقية تؤكد أن قمع الحريات والمعارضة بمصر "لا يعرف الهوادة"، وتزامن ذلك مع نشر تقرير لوكالة "فرانس برس" يؤكد استحالة حدوث إنفراجة حقوقية في مصر في ظل سياسات النظام المصري الحالية، وفي المقابل تعامى رئيس وزراء السيسي مصطفى مدبولي في لقاء متلفز مع ال"بي بي سي" عن تصاعد الانتهاكات الحقوقية، كما برر لتصاعد التنكيل بالمعارضين، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتقاصيل .
أكدت منظمة أمنسيتي في تقرير شامل لعامي 2021/2020 أن السلطات المصرية واصلت نهج معاقبة أي معارضة علنية أو مُفترضة، وقمعت بشدة الحق في التجمع السلمي، وفي حرية التعبير، وفي حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها.
وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية احتجاز عشرات الصحفيين تعسفياً دونما سبب سوى عملهم أو آرائهم النقدية، منوهة إلى قمع السلطات أي تغطية إعلامية تختلف عن الرواية الرسمية بشأن وباء فيروس كورونا، بينما اعتقلت بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية ممن عبَّروا عن قلقهم بشأن سلامة.
وذكرت أمنيستي أن السلطات واصلت فرض قيود شديدة على حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها فيما يتعلق بمنظمات حقوق الإنسان والأحزاب السياسية.
كما تطرق تقرير المنظمة إلى أن قوات الأمن المصرية استخدمت القوة بشكل غير قانوني لتفريق مظاهرات "نادرة الحدوث"، كما احتجزت بشكل تعسفي مئات المتظاهرين والمارة على ذمة التحقيق في تهم تتعلق بـ "الإرهاب" والتظاهر.
وقالت المنظمة: "ظل آلاف الأشخاص لفترات طويلة رهن الحبس الاحتياطي، وبينهم مدافعون عن حقوق الإنسان وصحفيون وسياسيون ومحامون ومؤثِّرون على وسائل التواصل الاجتماعي".
وتابعت: "وظلت ظروف الاحتجاز قاسية وغير إنسانية، وحُرم سجناء من الرعاية الصحية الكافية، مما تسبب أو أسهم في وفاة ما لا يقل عن 35 شخصاً في السجون أو بعيد إطلاق سراحهم بوقت وجيز. وانتُهكت ضمانات المحاكمات العادلة بشكل متكرر"
بينما تناول التقرير صدور أحكام بالإعدام، وتنفيذ بعض منها ضد متهمين، منوها إلى محاكمة نساء وفتيات استناداً إلى تهم متعلقة بــ"الآداب العامة" تتعلق بملبسهن أو تصرفاتهن أو طريقة كسبهن المال عن طريق الإنترنت
كما أشار تقرير المنظمة إلى عمليات اعتقال تعسفية لعشرات العمال ومحاكمتهم بسبب ممارسة حقهم في الإضراب، بينما تم إخلاء عدد من سكان المناطق العشوائية قسراً من مساكنهم.
وانتهى التقرير إلى اعتقال السلطات بعض المسيحيين والمسلمين الشيعة وغيرهم ومحاكمتهم بتهمة ازدراء الأديان.
فيما كشفت تقارير لمنظمات دولية منها "هيومن رايتس واتش" و"أمنيستي" الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان بمصر في ظل حكم السيسي، موثقة عددا من التجاوزات منها الاعتقالات التعسفية والاحتجاز القسري وارتكاب انتهاكات ترقى لـ "جرائم الحرب" .
وقالت منظمة هيومن رايتس واتش إن محاولات مصر "السطحية لخلق انطباع حول التقدم في حقوق الإنسان، لم تخفِ القمع الحكومي الوحشي لجميع أنواع المعارضة" على مدى العام الماضي.
وفي سياق متصل أكد تقرير لوكالة " فرانس برس" صدر امس الأحد ، أن نظام السيسي ، بدد الآمال المعقودة بتحقيق انفراجة حقوقية خلال العام الجديد 2022.
وأضاف التقرير أن ناشطون رفعوا سقف التوقعات بأن السلطة ستخفف تعاملها الخشن مع أطياف المعارضة، بعد إطلاق سراح بعض الناشطين السياسيين، وإلغاء حالة الطوارئ، وإعلان 2022 عاما للمجتمع المدني.
وسرعان ما تبددت تلك التوقعات، بعد القبض على المعارض الشاب "حسام سلام" بعد هبوط طائرته اضطراريا في مطار الأقصر أثناء توجهها من العاصمة السودانية الخرطوم إلى مدينة إسطنبول التركية، الخميس الماضي، بحسب "الجزيرة".
وأضاف التقرير أنه قبل أيام، أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إحدى أقدم وأهم المنظمات الحقوقية المصرية، وقف نشاطها في مصر بعد 18 عاما من العمل الحقوقي.
وأدانت الشبكة، في بيان، "تزايد الاستهانة بسيادة القانون وتنامي انتهاكات حقوق الإنسان وتزايد الملاحقات البوليسية سواء المغلفة بغطاء قانوني أو قضائي".
لكن السيسي رفض تماما كل هذه الاتهامات، وخاطب المنظمات الحقوقية في حديث مع الصحفيين، الأسبوع الماضي، قائلًا: "هل تحبون شعبنا أكثر منا؟ هل أنتم تخافون على بلادنا أكثر منا؟ بلادنا لا تجد الأكل، فهل أنتم مستعدون لمساعدتنا؟".
ويختزل السيسي رؤيته لحقوق الإنسان في توفير الرعاية الصحية والتعليم والكهرباء، متجاهلا الانتهاكات التي يرتكبها نظامه من الاعتقالات والإخفاء القسري وتعذيب المعارضين ومنعهم من السفر، والتحفظ على أموالهم وممتلكاتهم.
وكان "السيسي" ألغى حالة الطوارئ السارية في البلاد منذ سنوات، وهو ما يعني تعليق العمل بقانون الطوارئ وبالمحاكم الاستثنائية، لكن جرى لاحقا تضمين أغلب مواد قانون الطوارئ في قوانين أخرى.
في الوقت ذاته، صدرت أحكام قاسية على ناشطين سياسيين مصريين آخرين، فحُكم على الناشط "علاء عبدالفتاح" -للمرة الثانية خلال فترة الحكم الحالي- بالسجن 5 سنوات، وهو الحكم نفسه الصادر على الناشط والبرلماني السابق "زياد العليمي"، إضافة إلى أحكام أخرى بالسجن على ناشطين آخرين.
ومنذ أيام، جددت السلطات المصرية حبس الصحفي بقناة "الجزيرة مباشر"، "هشام عبدالعزيز" 45 يومًا أخرى من دون محاكمة رغم تجاوزه مدة الاعتقال الاحتياطي لتصل مدة حبسه إلى ما يزيد على 900 يوم رغم تردي وضعه الصحي.
وإلى جانب "هشام"، تعتقل السلطات المصرية كذلك 3 آخرين من صحفيي "الجزيرة مباشر"، وهم: "بهاء الدين إبراهيم وأحمد النجدي وربيع الشيخ"، وقد اعتُقلوا خلال ذهابهم في إجازة اعتيادية إلى مصر خارج نطاق عملهم.
مدبولي يتعامي عن تردي الوضع الحقوقي في مصر
في المقابل ، برر رئيس وزراء السيسي مصطفى مدبولي، تردي مستوى الحريات، والوضع الحقوقي في البلاد، في حقبة الرئيس الانقلابي عبد الفتاح السيسي.
وقال مدبولي، في مقابلة مع شبكة "بي بي سي"، إن هناك معايير تطبق في دول متقدمة، لا يمكن تطبيقها في دول المنطقة، بسبب ظروف معينة.
ورفض مدبولي مهاجمة منظمات "مراسلون بلا حدود"، و"أمنستي"، و"هيومن رايتس ووتش"، التي تنتقد مصر بشكل متكرر؛ بسبب سجنها الصحفيين والمواطنين من دون محاكمات.
إلا أنه ادعى أن هذه المنظمات تقوم بإصدار بيانات بناء على حالات فردية، دون أن تكون صورة واضحة عن الوضع في مصر
وزعم مدبولي وجود إعلام حر وديمقراطي في مصر، قائلا إن الإعلام المصري متنوع، وإن على المواطنين الاختيار.
لقاء مدبولي مع "بي بي سي"
https://www.youtube.com/watch?v=-AfVJJ7W_RI&feature=emb_logo