منظمات حقوقية مصرية: قرارات تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد باطلة قانوناً
الثلاثاء - 8 فبراير 2022
تعميم الحبس عبر الإنترنت يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات بحق المحتجزين
شهدت الساحة الحقوقية المصرية علي مدار الساعات القليلة الماضية الكثير من الاحداث ، ومنها أعلان وزارة العدل المصرية مساء أمس الاثنين ، تعميم تجديد الحبس الاحتياطي في غياب المتهمين بجميع المحاكم المصرية ، وقد قابلت المنظمات الحقوقية هذا لاقرار بالرفض والاستنكار لما فيه من ضياع حق أصي للمعتقلين في حقهم للمثول امام قضيهم والتدوال مع محاميهم.
وزير العدل المصري، عمر مروان أعلن ، 7 فبراير 2022 تعميم تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد (في غياب المتهمين) في جميع المحاكم من خلال الدوائر التلفزيونية المغلقة، استجابة لتوجيهات عبد الفتاح السيسي، زاعماً أن الدولة وضعت خطة طموحة لتطوير منظومة العدالة، وتقديم الخدمات في سهولة ويسر في إطار التوجيهات الرئاسية، اتساقاً مع رؤية تستهدف تحقيق العدالة الناجزة.
وادعى مروان أن عملية تحويل الحديث المنطوق خلال جلسات المحاكم إلى نص مكتوب إلكترونياً بدأت بالفعل في مصر، ومعمول بها داخل العديد من المحاكم، مستطرداً بأن "مشروع تحقيق العدالة الناجزة يقضي بتحرير المحضر داخل قسم الشرطة، وإرساله إلكترونياً إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق، واستيفاء إجراءاتها القانونية، ثم إرسال القضية فور الانتهاء من التحقيقات إلى المحكمة بصورة إلكترونية"
وكان قائد الانقلاب السيسي قد وجه الوزارة بالتوسع في تطبيق تجديد حبس المتهمين احتياطياً عن بعد، وتعميمه على مختلف المحافظات خلال الفترة المقبلة، تحت ذريعة ما حققه من نتائج إيجابية بنظر جلسات تجديد الحبس بآلية تمكن القاضي من مباشرة تلك الإجراءات، من دون الحاجة إلى نقل المتهمين من مقار حبسهم، وذلك في مخالفة صريحة لأحكام قانون الإجراءات الجنائية.
ورداً على تكرار وقائع تجديد حبس المتهمين في قضايا سياسية، من دون حضورهم من محبسهم أو السماح للمحامين بتقديم دفوعهم، أكدت "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، غير الحكومية أن "أي قرارات تصدر بتجديد حبس المتهمين احتياطياً في غيابهم هي قرارات باطلة قانوناً"
وأجاز القانون لقاضي التحقيق، بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، أن يصدر أمراً بتمديد الحبس الاحتياطي للمتهم، أي أن المشرع اشترط لنظر أمر الحبس سماع أقوال النيابة، ودفاع المتهم.
وأوضحت المفوضية في بيان سابق، أن "الحبس الاحتياطي غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي، من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق، وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، والحيلولة دون تمكنه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود، أو تهديد المجني عليه، وكذلك حماية المتهم من احتمالات الانتقام منه، وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة"
واستدركت المفوضية "ولأن الحبس الاحتياطي إجراء استثنائي يجوز تطبيقه على واحد من أهم الحقوق الشخصية، وهو الحق في الحرية، فقد وضع المشرع لتطبيقه مبررات وشروطاً وضمانات عديدة، أهمها صفته الوقتية للنظر في مبررات تطبيق الحبس في حق المتهم من عدمه، واستماع القاضي إلى دفاع المتهم في حضوره".
ونصت المادة 142 من قانون الإجراءات الجنائية على "انتهاء الحبس الاحتياطي بمضي 15 يوماً على حبس المتهم، ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق، قبل انقضاء تلك المدة، وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، أن يصدر أمراً بتمديد الحبس لفترات زمنية مماثلة، بحيث لا تزيد مدة الحبس في مجموعه على 45 يوماً"
وتحججت السلطات في مصر بأزمة تفشي فيروس كورونا في اتخاذ قرارات عدم نقل المحبوسين احتياطياً من أماكن احتجازهم إلى المحاكم المختصة بنظر أمر حبسهم، حتى أصدر وزير العدل قراراً بتخصيص بعض دوائر الجنايات لنظر أوامر حبس المتهمين من دون حضورهم من محبسهم، بغرض سلب المتهمين هذه الضمانة في مخالفة لنصوص قانون الإجراءات الجنائية.
ومؤخرا انتقدت منظمة "كوميتي فور جستس" قرار وزارة العدل المصرية الأخير بالسماح للقضاة بتجديد "الحبس الاحتياطي عبر الإنترنت عن بعد" ودون حضور المواطن لجلسة تجديد الحبس.
وأعلنت "كوميتي فور جستس" رفضها تطبيق نظام "تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد" في المحاكم بمصر، لما سيكون له من أثر سلبي شديد على مبادئ المحاكمة العادلة التي تفتقر إليها المحاكم المصرية من الأساس، كما أنها ستفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات بحق المحتجزين، وكذا مخالفته للعديد من المواثيق والعهود الدولية والقانون المصري ذاته.
وقالت المنظمة إن السلطات المصرية "تسعى بكل ما أوتيت من قوة لحرمان المحتجزين لديها من حقوقهم التي أقرتها المواثيق والعهود الدولية، ونص عليها القانون المصري كذلك"، مشيرة إلى أن "القرار الإداري الصادر عن وزارة العدل المصرية ببدء تطبيق مشروع "تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد" (فيديو كونفرانس) للمحتجزين، هو آخر تلك الممارسات الممنهجة للعصف بحقوق المحتجزين في مصر".
واعتبرت "كوميتي فور جستس" أن ما نشر من معلومات حول هذا المشروع "يفيد بإمعان السلطات المصرية في فرض وصايتها على ما تبقى من حقوق للمحتجزين، وما يمثله ذلك من حرمان لهم من مبادئ أساسية ضمن مبادئ المحكمة العادلة التي يقتضيها القانون الدولي والإنساني؛ مثل حق المتهم في المثول أمام قاضٍ طبيعي، وكذلك حرمان المتهم من التواصل مع محاميه والانفراد به، وكذلك أن يعرض عليه محاميه خطته في الدفاع".
وبحسب التقرير الأخير للمنظمة، فإنه من خلال التواصل مع محامين مصريين لسؤالهم عن رأيهم في تقنية التقاضي الإلكتروني تلك، ومدى سلاسة تنفيذها، أكد المحامون أنه إلى جانب عواره الشديد في مسألة حقوق الدفاع، فإنه تواجهه أيضًا العديد من التحديات الخاصة بالبنية التحتية لمؤسسات المحاكم المصرية.