منظمات حقوقية تفضح اختلال ميزان العدالة المصرية
الاثنين - 12 يوليو 2021
الشبكة العربية :القضاء المصري فقد كل موازين العدالة
مختار العشري: ظروف الحبس غير الآدمي أدت إلى تكدس أعداد المعتقلين
مني محمود :" زنزانة بلا تهوية بها ٤٥ معتقلا في درجة حرارة فوف ال٤٠
معتقل سابق: النيابة العامة لم تقم بزيارة معتقل العقرب الزنازين تغلق لأسابيع
في ظل الصمت الدولي عن اختلال موازين العدالة المصرية، أكدت منظمات حقوقية ان الوضع الحقوقي يزيد سوء بسب الانحياز الأعمي لللمؤسسات القضائية للسلطة التنفيذية ، خاصة في التعامل مع القاضايا السياسية ، واكد تقرير للشبكة العربية أن القضاء المصري فقد كل موازين العدالة .. و أصبح أداة في يد السلطة للتنكيل بكل معارضيها ، وان الأحكام المسيسة التي تتوالي خير دليل علي غرق المؤسسات القضائية في وحل التبعية للأجهزة الأمنية ، وفي نفس السياق ، أكدت الشبكة العربية أن حبس ما يزيد عن 1165 من المواطنين وسجناء الرأي خلال الأسبوع المنقضي يعمق أزمة العدالة الجنائية، ومنظمات حقوقية أكدت ان القضاء المسيس واصل احكامه المسيسة بإصداره حكما بالمؤبد جديد لبديع والبلتاجي والكتاتني و رد. شاد البيومي ومحي حامد وسعد الحسيني ومصطفى غنيمي وإبراهيم أبو عوف في قضية اقتحام الحدود، وفي غياب الدور القضائي في متابعة السجون تحولت الزنازين “أفران بشرية” تقتل المعتقلين بالتزامن مع أرتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
تقرير حقوقي: القضاء يسير بأوامر السلطة
"هل يمكن اعتبار عدالة مصر عمياء، مطابقة للرمز المعلق على واجهات المحاكم المصرية، والذي يرمز له بسيدة معصوبة العينين، تحمل ميزانا لا يميل لأطراف النزاع؟ أم أنها ترى وتفرق وترى الفارق الاجتماعي والطبقي والجنسي والديني وقرب الفرد من أجهزة الدولة ونفوذه وتقرر وتحكم بناء على هذه الفروق"، أجابت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان -منظمة مجتمع مدني مصرية- عن هذا السؤال بإجابة قاطعة "بل ترى وتفرق وتنحاز".
وفي أحدث تقرير صادر عن الشبكة صدر اليوم ، والذي استعرضت وقارنت فيه بعض قضايا ووقائع وأحداث السنوات الأخيرة ومواقف العدالة المختلفة بها، خلصت إلى أن أن التنكيل يصاحب المتهمين "اﻷبرياء غالبا" في قضايا الرأي والمعارضين، رغم أن المنسوب لهم "وغالبا دون دليل" هو كلام، أو أراء معارضة، بل وأحيانا مجرد قناعات يحملها في داخله.
واكد التقرير ان موازين العدالة المصرية اختلت بشكل غير في تاريخ القضاء المصري خلال السنوات الثمانية الماضية ، وان القضاء أصبح تابع امين للسلطة التنيفيذية ، وتم تسخيره للتخلص من كل معارضي النظام من خلال الحبس المطول ، والاحكام الجائرة المسيسة ، والتي وصلت للإعدام وتنفيذه حتي الان في أكثر من 96 معتقل سياسي .
وفي حين أن هناك متهمين آخرين، منسوبا لهم اتهامات بالتعذيب أو سوء المعاملة أو حتى الاغتصاب، فيفرج عنهم سريعاً أو تتم محاكمتهم في سنوات أو شهور قليلة، يمكث المعارضون وأصحاب الآراء المغايرة، لسنوات عديدة، دون محاكمة أو إفراج.
وقالت الشبكة إنه "ليس المطلوب هنا المساواة في الظلم، بل المساواة في العدالة والمساواة أمام القانون"، استنادًا إلى نص الدستور المصري وكذلك العهود والمواثيق الدولية التي وقعت وصدقت عليها مصر وباتت جزءا من التشريع المصري بحسب الدستور.
في 2017، أخلت محكمة جنايات جنوب القاهرة الكلية سبيل الضابط كريم مجدي بكفالة مالية، بعد اتهامه بتعذيب المواطن مجدي مكين حتى الموت. ورغم وجود أدلة كافية ووجود شهود وتقرير الطب الشرعي في الواقعة، إلا أن محكمة الجنايات قررت إخلاء سبيل جميع المتهمين في القضية. وبعد ثلاث سنوات من النزاع القضائي، حوكم بالسجن 3 سنوات، بينما حصل باقي المتهمين على البراءة.
وبينما في نفس العام وتحديدًا في يوم 10 سبتمبر/أيلول 2017، تم القبض على المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، مؤسس رابطة أسر المختفين قسرياً في مصر، التي أسسها بعد اختفاء نجله منذ 2013 حتى الآن، من مطار القاهرة، ومُنع من استقلال طائرته المتجهة إلى جنيف بسويسرا لحضور الدورة الـ 113 لفريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري.
وقد تعرض إبراهيم إلى الاختفاء القسري لمدة يومين وهناك مزاعم بتعرضه للتعذيب أثناء احتجازه في مقر الأمن الوطني، ووجهت له النيابة اتهامات بـ"تولي قيادة جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، والتعاون مع جهات أجنبية"، وتم إيداعه بسجن طرة 2 شديد الحراسة وسيئ السمعة. ومازال متولي حبيسًا، واقتربت مدة حبسه من 4 سنوات.
في عام 2018، حكمت محكمة جنايات الإسماعيلية ببراءة الضابط محمد إبراهيم المتهم بقتل طبيب بيطري بالإسماعيلية، بعد قبول النقض المقدم من المتهم على حكم بإدانته وحبسه لمدة 8 سنوات لإدانته بقتل الطبيب.
وفي مايو/أيار 2018، حكمت محكمة جنايات القاهرة ببراءة اثنين من ضباط الأمن الوطني بعد اتهامهم بتعذيب محام بمنطقة المطرية حتى الموت، ثم بعد قبول محكمة النقض الطعن المقدم من المتهمين، أعيدت محاكمتهم لتنتهي بالبراءة.
وفي نفس العام، أُلقي القبض على عبد المنعم أبو الفتوح، مرشح رئاسي سابق، ورئيس حزب مصر القوية، ويبلغ من العمر 70 عاما، بعد أيام قليلة من ظهوره في قناة "التلفزيون العربي" وقناة "بي بي سي" وانتقاده للحكومة المصرية، وتم التحقيق معه في القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة، ووجهت له النيابة وقتها اتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وحتى الآن هو محبوس احتياطياً، بدلاً من الإفراج عنه لتصحيح خطأ حبسه، فضلًا عن القبض على محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، وتدويره أكثر من مرة.
شهد عام 2019 إخلاء سبيل الضابط المعتدي على محامي المحلة بضمان وظيفته، وفي نفس العام، أُلقي القبض علي المحامي الحقوقي محمد الباقر من داخل نيابة أمن الدولة، وتدويره، فضلًا عن القبض على ماهينور المصري، المحامية الحقوقية من أمام نيابة أمن الدولة، وتدويرها.
في أقل من شهرين قضاهما الضابط عبد الرحمن الشرقاوي، محبوسا احتياطيا في واقعة اعتداء على محامٍ، رغم الآثار الواضحة التي نشرتها أغلب الصحف بما فيها المقربة من الأجهزة الرسمية، ثم انقطعت الأخبار عن القضية حتى اليوم ولم نستطع معرفة هل حوكم أم جمدت القضية، كما تم القبض على محامين أثناء تأدية عملهم ودون اتهامات جادة، وما زالوا محتجزين حتى صدور هذا التقرير.
شهد عام 2020 براءة ضابط شرطة ومعاقبة آخر بعام مع إيقاف التنفيذ بعد اتهامهما بتعذيب مواطن حتى الموت في مركز “قفط” بمحافظة قنا، بينما في نفس العام أكملت علا القرضاوي، ابنة الداعية المعروف يوسف القرضاوي أربعة أعوام في الحبس الاحتياطي منذ احتجازها هي وزوجها حسام خلف منذ القبض عليهما عام 2017، وحين انتهت أول سنتين، تم تدويرهما على قضايا أخرى، وما زالا محتجزين رغم مرور أربعة أعوام، دون محاكمة ودون إفراج! فقط حبس احتياطي انتقامي.
شهد عام 2021، الحكم علي هيثم كامل أبو علي، نجل رجل الأعمال كامل أبو علي، بسنة مع إيقاف التنفيذ، وكذلك إخلاء سبيل المتهمين في قضية الفيرمونت لعدم كفاية الأدلة، وجميعهم من أبناء رجال الأعمال.
وفي حين أن عدم كفاية الأدلة لهؤلاء المتهمين بالاغتصاب في قضية الفيرمونت كان مبرراً للإفراج عنهم، بينما غياب الأدلة، يستتبع استمرار حبس وتدوير متهمين آخرين، ليسوا أبناء مشاهير، لكنهم أبناء ثورة يناير/كانون الثاني 2011.
وطالبت الشبكة العربية المؤسسات الدولية بمراجعة الموقف القضائي في مصر ، الذي أصبح أداة حقيقية للتنكي بكل معارضي النظام.
تجديد حبس 1165 معتقلا في أسبوع!
وفي نفس السياق ، أكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن حبس ما يزيد عن 1165 من المواطنين وسجناء الرأي خلال الأسبوع المنقضي يعمق أزمة العدالة الجنائية، ويؤكد تضخم ملف الحبس الاحتياطي استمرارا لإهدار أعمار المواطنين خلف أسوار السجون دون حكم قضائي.
وذكرت الشبكة في العدد الرابع من نشرة "عدالة مصر" الأسبوعية أن "ظهور عدد 68 مواطنا ينتمون لمحافظات مختلفة بعد إخفائهم قسريا لمدد متفاوتة يشير إلى استمرار ظاهرة الإخفاء القسري ﻷعداد كبيرة من المواطنين الذين يلقى القبض عليهم في ظل تغافل قضاء الانقلاب عن مواجهة تلك الظاهرة، وعدم إ‘طاء بلاغات أسر المختفين والمحامين أي اهتمام".
مؤبد جديد لبديع والبلتاجي والكتاتني
وفي إطار القضاء المسيس ، أصدرت محكمة النقض المصرية حكما باتا غير قابل للطعن، بتأييد معاقبة مرشد جماعة الإخوان محمد بديع، ورئيس مجلس الشعب المنحل سعد الكتاتني والقياديين البارزين رشاد البيومي ومحمد البلتاجي ومحي حامد وسعد الحسيني ومصطفى غنيمي وإبراهيم أبو عوف، بالسجن المؤبد في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اقتحام الحدود الشرقية والسجون"، والتي وقعت أحداثها المزعومة إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011.
وقضت المحكمة ببراءة ثمانية متهمين سبقت وأدانتهم محكمة الجنايات، وهم: النائب الأسبق صبحي صالح، وأحمد أبو مشهور، والسيد حسن شهاب الدين، وحمدي حسن، وأحمد دياب، وأحمد العجيزي، وعماد شمس الدين، وعلي عز الدين.
وقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية عن القيادي الراحل عصام العريان لوفاته
ويذكر أن هذه القضية خلت من أي أدلة موثوقة على ضلوع المدانين في تلك الأفعال، حيث اتسمت تلك الفترة بالفوضى الأمنية وعجزت التحقيقات عن بيان الجناة الحقيقيين، كما أشارت تقارير تقصي الحقائق السابق إعدادها إلى ضلوع أطراف غير معروفة في فتح السجون
"أفران بشرية" تقتل المعتقلين
وفي ظل غياب الدور القضائي في متابعة السجون والتصدي لاي انتهاكات ، والتأكد من تحسين المستوي المعيش للمعتقلين ، نجد ان السجون في ظل تسجيل درجات الحرارة في مصر هذه الأيام ارتفاعا قياسيا، فيما يعاني نحو 60 ألف معتقل من الرجال والنساء من حرارة الغرف في كافة سجون العسكر، والتي تضربها الشمس طوال النهار في ظل ارتفاع درجات الحرارة بأعلى من معدلها الطبيعي من كل عام، والاكتظاظ في الغرف، ما أدى إلى تحويل الغرف إلى أفران حارة لا تطاق، أودت بحياة بعضهم.
إضافة إلى حرّ الزنازين تمنع عصابة الانقلاب إدخال أطعمة للسجناء، من بينها أنواع من الفواكه والخضراوات وغيرها، بالمخالفة للقانون والدستور، وفق ما قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان معتبرة ذلك حالة غير قانونية من العقاب الجماعي التي تستدعي تدخل النائب العام.
ففى درجة حرارة تقترب من الخمسين مئوية، وبين عشرات الاجساد المتلاصقة داخل غرفة ضيقة يعيش عشرات الآلاف من المصريين بين الحياة والموت، ونشرت الشبكة العربية تقريرا حمل عنوان "العنب… هل هو خطر على الأمن القومي؟ عن تعسف إدارة السجون في إدخال الأطعمة للسجناء".
تضمن شهادات كثيرة من أهالي معتقلين عن "رفض إدارة السجن لإدخال الفاكهة، والأدوية، والكتب، كما ترفض الإدارة إدخال دجاجة كاملة وتكتفي بنصف دجاجة، ولم تشرح سلطات الانقلاب السبب حتى الآن، فضلا هن شكاوى العديد من السجناء من أنهم محرومون من التريض، أو الاتصال التليفوني، أو إدخال الكتب، وحتى الرعاية الطبية الجادة".
ويوضح رئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة مختار العشري أن ظروف الحبس غير الآدمي بالسجون المصرية، والارتفاع المستمر في أعداد المعتقلين، وغياب الرقابة القضائية على أماكن الاحتجاز؛ أدت إلى تكدس أعداد المعتقلين في الزنزانة الواحدة، كما أدت إلى ضعف الرعاية الصحية، باعتبار أن المخصصات المالية المتعلقة بالرعاية الصحية لم تشهد أي زيادة، على عكس أعداد المعتقلين التي تشهد زيادات مستمرة.
ويؤكد "العشري" أن نظام عصابة الانقلاب موجود ضمن القائمة السوداء لأكثر الأنظمة انتهاكا لحقوق الإنسان، وفقا لتقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لحقوق الإنسان، وغيرها من المنظمات التي أصدرت العديد من التقارير، وحذرت فيها من استخدام الرعاية الصحية كوسيلة للموت البطيء لمعارضي السفاح السيسي.
وحسب العشري، فإن السفاح السيسي لا يعنيه حقوق الإنسان، معتمدا في ذلك على الدعم الأمريكي والغربي له، مقابل الدور المشبوه الذي يقوم به في سيناء لصالح إسرائيل، تحت مبرر محاربة الإرهاب.
تقول الناشطة مني محمود :" زنازين بلا تهوية، حاشرين فيها ٤٥ معتقل في درجة حرارة فوف ال٤٠. مش هنقول إن ده بيخالف الدستور اللي انتم مش بتعملوا حاجة بيه..ده مخالف للإنسانية".
وتقول زهرة العلا سامي: "ابن عمتى معتقل ودرجة حرارة عالية و جسمه فى بقع و مش راضيين يدخلو ليه دكتور و الظابط قلنا لما يموت هنجبله الإسعاف".
العقرب.. كابوس يهدد المعتقلين
ويكشف كرم مكاوي المعتقل السابق بسجن العقرب عن كيفية تحول هذا السجن لكابوس يهدد المعتقلين في فصل الصيف، خاصة كبار السن والمرضى، موضحا أن السجن عبارة عن زنازين انفرادية لا تزيد مساحتها على خمسة أمتار، وهو مبني بنظام الخرسانات الجاهزة، وسمك الحائط الواحد فيها لا يقل عن ستين سنتيمترا، مما يؤدي إلى تخزين حرارة الشمس، فيجعل معدل حرارة الزنزانة أزيد من الطبيعي بخمس أو ست درجات.
ويضيف مكاوي -الذي قضي بالسجن ثلاثة أعوام- أن زنازين السجن مخصصة للحبس الانفرادي، ورغم ذلك يتم تسكين شخصين أو ثلاثة في الزنزانة الواحدة، باستثناء المخصصة لقيادات الإخوان بعنبر 2، ومعظمها انفرادية.
وحسب مكاوي، فإن النيابة العامة لم تقم بزيارة معتقل العقرب ، وان الشكاوي المستمرة من الاهالي لا تهتم به المؤسسات القضائية ، و الزنزانة ليس بها سوى مروحة سقف، ومع إغلاق الزنازين لمدد تصل لأسابيع وأشهر، فإن فصل الصيف يمثل كارثة على المعتقلين، خاصة المصابين بأمراض القلب وضيق التنفس والحساسية وارتفاع الضغط والسكر، كما أن الرعاية الصحية المتوفرة في السجن تقتصر على عيادة متواضعة للغاية، لا يمكن أن تقدم الخدمة لأكثر من ألف معتقل يعيشون ظروفا سيئة في التغذية والتهوية والعلاج.
ويتذكر المعتقل السابق أنه التقى داخل عيادة السجن كثيرا من الحالات الحرجة التي تتدهور صحتها، بسبب فصل الصيف مثل الداعية السلفي خالد صقر، الذي يصاب بنوع غريب من الأمراض نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، يفقده القدرة على الحركة والتركيز الكامل.