منصف المزوقي: "سعيّد" ارتكب أخطاء جسيمة تصل حد الخيانة العظمى

الثلاثاء - 3 آغسطس 2021

سياسي تونسي: واشنطن وباريس رسمتا خارطة طريق لسعيد تتضمن تحييد الجيش وعودة البرلمان

العربي الجديد: علاقة سعيّد المتميزة مع باريس تتيح له مجالاً مفتوحاً للمناورة وتوفّر له تغطية دولية

 

أكد رئيس تونس الأسبق، الدكتور منصف المرزوقي، أن أسوأ أخطاء الرئيس الحالي، قيس سعيّد، هي أنه أحدث انقساما بين الشعب التونسي، وفتح الباب للتدخلات الخارجية في الشأن التونسي؛ بما ينقص من سيادة الدولة.

وقال، خلال مداخلة مع قناة الحوار اللندنية، الاثنين، إنه يتمنى أن تكون رواية ضرب رئيس الوزراء هشام المشيشي داخل القصر الرئاسي بحضور عناصر أجنية غير صحيحة، لأنها لو صحت تعد خيانة عظمى، متمنيا على المشيشي أن يخرج بالصوت والصورة ليطلع الجمهور على حقيقة ما حدث له.

في الوقت نفسه، قال السياسي التونسي "جيلاني الهمامي"، الناطق باسم حزب العمال التونسي، في حسابه على "تويتر": كشفت أوساط إعلامية عليمة مجلة(Jeune Afrique) عن فحوى المشاورات بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والاتفاقات الناجمة عنها بخصوص الوضع في تونس وهي بمثابة “خا رطة طريق” لمعالجة الازمة السياسية التي تمر بها. وتتمثل هذه الاتفاقات في النقاط التالية:

- عدم حشر الجيش وقوات الأمن في الشؤون السياسية وبقاء قيس سعيد في موقعه كرئيس للدولة التونسية حتى نهاية مدة نيابته ويحافظ على صلاحياته في الشؤون الدبلوماسية والدفاع مع الحفاظ على حيادية وزراء السيادة (الداخلية والعدل)

- اختيار رئيس حكومة وتشكيل حكومة لا تشارك فيها حركة النهضة تعرض على مجلس النواب للمصادقة (تلتزم النهضة بالمصادقة عليها)

- عودة البرلمان للنشاط في أجل أقصاه يوم 28 أوت القادم ويستمر الغنوشي في رئاسته حتى تشكيل المحكمة الدستورية.

- يعجل البرلمان بالمصادقة على اعضاء المحكمة الدستورية وإثر ذلك يترك الغنوشي مكانه في رئاسة البرلمان

- عدم ملاحقة النواب ورجال الاعمال

- عدم المساس بحقوق الإنسان و الحريات العامة والفردية.

من جانبها، قالت صحيفة "العربي الجديد" إن الإدارة الأميركية مهتمة بالأوضاع في تونس، وإن الأزمة في هذا البلد على قائمة أولويات البيت الأبيض، وهو ما عكسته المكالمة التي أجراها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، وهي تمثل أول تحرك دولي وازن بعد أسبوع على الإجراءات التي اتخذها سعيّد. واللافت فيها أنها استغرقت ساعة، وحملت قدراً من الوضوح الذي يمكن القياس عليه إقليمياً ودولياً.

أضافت الصحيفة أن ما ورد في بيان البيت الأبيض بعدها من عناصر هو تأكيد الإدارة الأميركية على "الحاجة الماسة لأن يرسم القادة التونسيون الخطوط العريضة لعودة سريعة إلى المسار الديمقراطي في تونس... على أن هذه العودة ستتطلب تشكيل حكومة تونسية جديدة بسرعة بقيادة رئيس وزراء قادر على تحقيق استقرار الاقتصاد التونسي ومواجهة جائحة كورونا، فضلاً عن ضمان عودة البرلمان المنتخب في الوقت المناسب". ويظهر من لغة البيان، وما تسرب عن المكالمة، أن واشنطن نقلت إلى سعيّد رؤيتها حيال الحدث الراهن في تونس، والذي يتقاطع مع ما أبدته غالبية الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من مواقف حيال إجراءات الرئيس.

وقالت إنه على الرغم من وضوح ما جاء في المكالمة والتصريحات التي سبقتها من وزارة الخارجية الأميركية، يصعب التكهن إلى أي وجهة سوف تذهب ردة الفعل الأميركية، ولذا فإن الحذر سيد الموقف الأميركي إلى حين ترى واشنطن كيف ستتطور المستجدات، وهي لا تريد في الوقت الراهن أن تكون طرفاً، وكل ما تقوم به الآن هو أنها تنتظر كيف سيترجم سعيّد الإجراءات التي اتخذها، في وقت ترى أن الصلاحيات التي احتفظ بها لنفسه فرضها الوضع الاستثنائي.

وفي الوقت نفسه، تنتظر واشنطن موقف المعارضة، وحركة "النهضة" تحديداً، وفي أي اتجاه سوف تذهب. هل تلتزم حتى النهاية بالموقف الحالي الذي اتسم بضبط النفس، والتعامل بهدوء شديد، وما عدا اليوم الأول الذي تلى صدور إجراءات سعيّد، فإنها لم تلجأ إلى الحشد واستخدام سلاح الشارع.

ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان هذا الموقف سوف يصمد في ظل الحملة السياسية والإعلامية والإجراءات التي تطاول بعض مسؤوليها، وما يتعرض إليه هؤلاء المسؤولون من ضغوط من داخل التنظيم. كل ذلك محل مراقبة من طرف واشنطن وغيرها قبل بلورة موقف سياسي نهائي، ولكن من المستبعد أن ترحب واشنطن بأي تراجع عن المسار الديمقراطي، لأن تونس تشكل بالنسبة لها نموذجاً للديمقراطية في جنوب البحر الأبيض المتوسط. وإذا ما انتقلت إلى وضع آخر قد تتصرف الإدارة الأميركية، وفي حال قررت لديها أدوات ضغط مهمة على سعيّد اليوم، منها البنوك المقرضة، ولا سيما البنك الدولي والمؤسسات الدولية التي تقدم المساعدات.

وبحسب الصحيفة، يبدو مهماً لفت الانتباه إلى أن علاقة نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي كانت سيئة مع الولايات المتحدة، والعلاقة الجديدة التي قامت بعد سقوط نظامه أساسها المسار الديمقراطي، وإذا تراجعت تونس عنه، فإن ذلك قد يؤدي إلى شرخ في العلاقات.

وهناك أوساط دبلوماسية عربية في واشنطن تقول إن واشنطن أوصلت هذه الفكرة إلى سعيّد، ولذلك أبقت الضغط عليه من أجل تشكيل حكومة والتوقف عن الاعتقالات، والتعامل بشفافية، ووقف الإجراءات ضد وسائل الإعلام وحرية التعبير بعد أن تم إغلاق مكاتب بعض وسائل الإعلام، ومنها قناة الجزيرة، وملاحقة ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.

على العموم ليس في وسع سعيّد إعطاء أذن صماء إلى موقف واشنطن، ولكن علاقته المتميزة مع باريس تتيح له مجالاً مفتوحاً للمناورة، وتوفّر له تغطية دولية كي يتمكن من تنفيذ خريطة الطريق التي يسير عليها، وهي الانقلاب التدريجي بجرعات تساعده على بناء نموذج حكم جديد يقوم على نظام رئاسي، بعد حل البرلمان وإجراء استفتاء على تعديل الدستور، وهي خطوات يجري الحديث عنها في الكواليس، ومن المتوقع أن يعلن عنها سعيّد في القريب العاجل.

قناة الحوار+ العربي الجديد