مصر.. منظومة قانونية وقضائية مكبلة للحريات بديلا عن الطوارئ!

الثلاثاء - 26 أكتوبر 2021

بينما ينتظر محامون وحقوقيون وأسر عدد من سجناء الرأي والحريات في مصر، خطوات إيجابية، في أعقاب إصدار عبد الفتاح السيسي، قرار إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لأول مرة منذ سنوات،  يرى مراقبون أن إلغاء الطوارئ لم يأت لأن " مصر باتت واحة للأمن والاستقرار في المنطقة"، كما ادعى السيسي، ولكن لأنه أغرق البلاد في حزمة قوانين مكبلة للحريات، مصادرة على الحقوق، سيئة السمعة، وهي تقوم بالدور المنوط بالطوارئ وبشكل أنكى وأشد.

ولا يبدو بأي حال- وفق قانونيين- أن قرار إلغاء الطوارئ ذي أهمية من الناحية القانونية ولن يترتب عليه أي تحسن في حالة القمع والاعتقالات التعسفية والحبس الاحتياطي وخرق حقوق المصريين، لأن السيسي قام عبر سلسلة قوانين بتقنين القانون العادي وتحويله لنظام "الطوارئ".

فقد قام السيسي بوضع سلسلة قوانين ونفذ تعديلات هائلة في القوانين ووسع صلاحيات المحاكم العسكرية والاستثنائية ما يعني أنه نقل كل حالة الطوارئ لتصير نظاما قانونيا، وباتت حالة الطوارئ هي الآن القانون.

وباتت "كل الانتهاكات الآن تُقنن عبر السلطة القضائية التي تحولت إلى أداة تنفيذية ولا يوجد محتجز واحد حاليا تحت بند قانون الطوارئ، لذلك عدم تجديد حالة الطوارئ لا يغير شيء من المشهد"، كما يقول الباحث المصري أحمد مولانا على حسابه على تويتر.

ورجح كثيرون أن إلغاء السيسي حالة الطوارئ، مجرد خطوة لتلميع صورة النظام في الخارج، برغم أن "الطوارئ" أصبحت هي القانون، لا العكس. وقالوا إن توقيت القرار يوحي بأنه موجه للخارج وإدارة بايدن خصوصا في ظل محاولات يبذلها السيسي للقاء الرئيس الأمريكي أخرها محاولة لقائه في قمة المناخ بمدينة غلاسكو الأسكتلندية 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

عموما فجّر قرار السيسي وقف العمل بقانون الطوارئ- ولو إلى حين- موجة عاتية من الجدل بين قوم يرون القرار خطوة مهمة، وآخرين يؤكدون أن الطريق إلى الحرية لا يزال بعيدا.

نشطاء قالوا إن إلغاء حالة الطوارئ جاء بعد فرض قانون الحبس الاحتياطي وقوانين عديدة عن الإرهاب تجعل قيود الطوارئ وقتية بينما الأن أصبح الطوارئ دائمة باسم القانون.

الفقيه الدستوري، وأستاذ القانون محمد نور فرحات قال: هذه الخطوة الضرورية والمهمة، تستلزم خطوات لا تقل عنها ضرورة من أجل إعطائها مضمونا حقيقيا؛ لحماية الحريات العامة ومبدأ سيادة القانون العادل واستقلال القضاء، وحتي لا تكون مجرد إجراء شكلي، فما زالت الترسانة التشريعية حافلة بنصوص مخالفة للدستور ولأحكام المحكمة الدستورية وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

أضاف: "لابد من ضبط مواد التجريم في قانون الإرهاب والكيانات الإرهابية بحيث يمتنع تطبيقها علي أصحاب الرأي المعارض، ويقتصر تطبيقها علي الإرهابيين الحقيقيين الذين يرفعون السلاح أو يهددون، به وهو الأمر المتعارف عليه دوليا”.

ودعا فرحات لمراجعة قانون العقوبات والتشريعات العقابية الأخري من أجل تفعيل حظر العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر والرأي والتعبير والضمير، ومن أجل ضبط صياغات مواد التجريم بما يحول دون التعسف في تطبيقها.

واختتم قائلا: “لابد من مراجعة قانون الإجراءات الجنائية بالعودة بالحبس الاحتياطي إلي ضوابط المستقرة في القانون المقارن كإجراء تحفظي لا يجوز اللجوء إليه إلا استثناءا ولمدد قصيرة، مع حق من يحبس دون مقتضي في التعويض وفقا لنص الدستور.. ولابد من إصدار قانون لمكافحة التمييز وتجريم فعل التمييز وبطلان آثاره وإنشاء مفوضية لمكافحة التمييز كما نص الدستور..تلك خطوات عاجلة وليست حصرية لما يجب اتخاذه لكفالة معني ومضمون حقيقي لإلغاء حالة الطوارئ" .

و طالبت حركات سياسية مثل "6 أبريل" بربط الغاء حالة الطوارئ باستقلال السلطة القضائية وتفعيل القانون وايقاف المحاكمات العسكرية للمدنيين، لأنه بدون ذلك لا يعني وقف الطوارئ شيئا.

وطالبت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان السلطات المصرية إثبات جدية قرارها إلغاء "قانون الطوارئ" أمس من خلال الوقف الفوري لمحاكم أمن الدولة طوارئ وإخلاء سبيل جميع المتهمين في القضايا المنظورة أمامها!

المصادر: العربي الجديد+ رأي اليوم+ مواقع مصرية