مصر| تعامل "انتقائي" لإعلام الانقلاب مع المرشحين المحتملين للرئاسة

الاثنين - 25 سبتمبر 2023

إنسان للدراسات الإعلامية – جهاد يونس:

قبل إعلان هيئة الانتخابات المصرية، الاثنين 25 سبتمبر 2023 ، عن فتح باب الترشح لانتخابات رئاسية جديدة لعام 2024، اعتبارا من  5 أكتوبر  المقبل 2023 وحتى 14 من الشهر نفسه، وبتصويت يبدأ في الأول من ديسمبر  في الخارج، ويوم 10 ديسمبر في الداخل، ولمدة 3 أيام، ظهرت في الأفق أسماء لسياسيين أعلنوا نيتهم خوض الانتخابات، في تحرك اعتبره البعض "ديكوريا" للتخديم على إخراج الانتخابات في صورة تبدو صحيحة، وضمان نجاح السيسي القابض على السلطة، منذ انقلابه على رئيسه المنتخب محمد مرسي في يوليو 2013.

وبرغم أن السيسي لم يعلن حتى الآن بشكل رسمي نيته خوض الانتخابات، بدأ الإعلام الرسمي، وشبه الرسمي، حملة مبكرة لتأييده، بالتوازي مع حملة أمنية ومخابراتية على الأرض لإجبار المواطنين المصريين على إعطاء أصواتهم له، أو على الأقل الذهاب مجبرين للانتخابات لإضفاء شرعية عليها، مع التوسع في اعتقال المعارضين.

ومن قراءتنا للمشهد الإعلامي خلال الأسبوع الماضي، نلحظ أن تعامل الإعلام مع المرشحين المحتملين كان انتقائيا، فبعضهم تم الهجوم عليه بضراوة مثل  أحمد طنطاوي، وبعضهم تم التردد بشأنه مثل فريد زهران،  رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي سجل له  المذيع أسامة كمال، لقاء في برنامج «مساء DMC» ليذاع على شاشة قناة DMC، في التاسعة من مساء يوم السبت 23 سبتمبر 2023، فتم تأجيله دون إبداء أسباب، وقيل في تبرير التأجيل إن إدارة الرقابة بالشركة المتحدة تعكف على مراجعته، في حين زعم مقدم البرنامج أن هناك مشكلة في صوته خلال اللقاء، وقال: "اضطررنا نعمل دوبلاج للصوت لأسئلة الحوار كي لا يكون هناك نقص أو خلل في الأسئلة".

وهناك فئة ثالثة فتح لها الإعلام صفحاته وقنواته، مرحبا بوجودها في المشهد، وهو ما يعني أنهم مرضي عنهم ودخلوا بصفقات خفية مع النظام مقابل وجودهم كديكور فقط.

ولمعرفة كيف تعامل الإعلام مع كل المرشحين المحتملين، نلقي الضوء هنا على تناول أبرز ثلاث مواقع إخبارية موالية للنظام لأخبار الترشيحات.

السيسي و يمامه

موقع "المصري اليوم" نشر عدة أخبار لشخصيات عامة وأحزاب سياسية تناشد السيسي للترشح وتدعمه في الانتخابات المقبلة، فمثلا أبرز خبرا لرئيس حزب مصر بلدي يقول فيه: «استكمالا لمسيرة العطاء والتنمية وبناء الجمهورية الجديدة أعلن حزب مصر بلدي دعمه ترشيح الرئيس السيسي لفترة رئاسية جديدة، ولم يسبق أن يكون في مصر دعم للأحزاب السياسية مثل عهد الرئيس السيسي. (الخبر: رئيس حزب مصر بلدي عن تأييد ترشيح الرئيس السيسي: نريد الحفاظ على إنجازات 10 سنوات)

كما نشر الموقع  بيانا صحفيا صادر عن نقابة الصيادلة، يقول: «انطلاقا من المسئولية الوطنية والمجتمعية لنقابة الصيادلة، وكذلك الإنجازات التي تحققت في مصر على مدار 10 سنوات سابقة بجميع قطاعات الدولة بشكل عام وفى قطاع الصحة والدواء بشكل خاص والتي قادها عبد الفتاح السيسي منذ توليه مسئولية البلاد في ظروف صعبة وتحديات عظيمة لم تتعرض لها الدولة المصرية في تاريخها المعاصر، فإن النقابة تعلن دعم وتأييد ترشيح السيسي لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة». (الخبر: «صيادلة القاهرة» تعلن تأييدها لترشح الرئيسي السيسي لانتخابات الرئاسة (تفاصيل))

وأبرز دعم حزب "حماة الوطن" لقائد الانقلاب السيسي وتأييده عن طريق مؤتمر بسوهاج. (الخبر: حزب حماة الوطن يطلق مؤتمرا جماهيريا لدعم وتأييد الرئيس السيسي من سوهاج غدًا )

ونشر خبرا يدافع فيه رئيس حزب الوفد عن نفسه أنه ليس مرشح الدولة الصوري أمام السيسي قائلاً: يحاول البعض أن يسوق تصريحاتى عن أداء السيسى بأننى مرشح مدعوم من الدولة وهذا أمر مغلوط تماما وليس له أية علاقة بفكرة خوضى للانتخابات الرئاسية أو جود مرشح حقيقى للوفد في هذه الانتخابات». (الخبر: «يمامة» لـ«منير فخري عبدالنور»: ترشحى للرئاسة عن اقتناع كامل.. ولست مرشح الدولة)

كما نشر دفاع الأخير عن شفافية الانتخابات وحيادها مؤكدا أن مؤسسات الدولة على حياد تام من الانتخابات الرئاسية القادمة، لذلك سأخوض الانتخابات في مناخ ديمقراطي، حسب قوله. (الخبر: رئيس حزب الوفد: نتيجة الانتخابات الرئاسية ستكون عادلة أيًا كانت)

زفة تأييد مصطنعة

موقع "اليوم السابع" لم يختلف عن المصري اليوم وتابع وصلة التوسل للسيسي بالترشح للانتخابات، فنشر مناشدة من مؤسسات نقابية و أهلية، مثل اتحاد الفنانين التشكيليين ونقابة المهن التعليمية ونقابة العاملين بهيئة النقل العام واتحاد الصناعات المصرية واتحاد الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ومن نماذج ذلك:

كما نشر تأييد باقي الأحزاب لترشح السيسي معلناً انها حسمت موقفها من الانتخابات الرئاسية المقبلة، بدعم عبد الفتاح السيسى لفترة رئاسية جديدة تنتهي 2030، زاعمين أن دعم السيسى يأتى فى ضوء استكمال مسيرة البناء والتنمية واستمرار قطار المشروعات القومية بجميع المحافظات، ومن ذلك:

ونشر خبرا يحمل مزاعم رئيس حزب الوفد بعملية انتخابية ديمقراطية ونزيهة  (الخبر: رئيس حزب الوفد: مطمئنون لإجراء الانتخابات الرئاسية بشفافية وحياد تام

مناشدات من أحزاب وشخصيات

بنفس النسخة تقريبا، تابع موقع "صدى البلد" ما بدأه "المصري اليوم" و"اليوم السابع" ناشراً تأييدا من بعض الأحزاب و الشخصيات العامة للسيسي ومناشدتهم إياه الترشح  بحجة "استمرار عجلة التنمية والإنجازات"، ومن ذلك:

 بجانب ذلك، نشر صدى البلد أخباراً تهاجم المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي، زاعما أنه  "أنهي مسيرته بعلاقته بجماعة الاخوان". (الخبر: رئيس حزب الاتحاد: أحمد طنطاوي كتب نهايته سياسيًا بعلاقته بجماعة الإخوان)

ونشر خبراً لمصطفى بكري يسأل فيه عن سبب مقابلة أحمد الطنطاوي لأيمن نور(الخبر: قابلت أيمن نور ليه؟ .. سؤال قوي من مصطفى بكري لـ المرشح المحتمل أحمد طنطاوي)

نتائج محسومة مقدماً

بذلك نرى أن المواقع الثلاثة لم تأت بذكر أي مرشح رئاسي غير عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد و أخبار مؤيدي السيسي ونشر كلماتهم رغم عدم ترشح السيسي رسمياً إلى وقتنا هذا.

وهاجمت المواقع المرشح أحمد الطنطاوي ملصقة به تهما متعددة، أبرزها التعاون مع جماعة الإخوان، وتجاهلت أخبار اعتقال 35 ناشطا في حملة الطنطاوي للانتخابات الرئاسية، ولم تأت بذكر على ترشح جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور ولا فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.

وكما جرت العادة في الديكتاتوريات،  بدأت تنطلق دعوات للسيسي للترشح من أحزاب ومؤسسات وشخصيات عامة ليعلن السيسي بعدها استجابته للمطالب والترشح في الانتخابات من جديد.

إنها مهزلة يقودها الجنرال المنقلب، تعاونه فيها أجهزة الدولة و الأحزاب "الكرتونية"، ويصدق عليها  ويبرزها الإعلام المنبطح الفاقد لأي مهنية.