مصر : الدين الخارجي فوق ثلث الناتج المحلي ويبلغ رسميا 145.5 مليار دولار

الاثنين - 30 مايو 2022

 

البنك المركزي يعترف بارتفاع الدين الخارجي لمصر 8.1 مليارات دولار في الربع الأخير من عام 2021

محللون :مصر بدأت تزيد من اقتراضها لسد عجز الحساب الجاري والميزانية حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا

ورغم تراكم الديون ..مصر تتعاقد مع "سيمنز" لإنشاء قطارات فائقة السرعة ب400 مليار جنية

و لسد الديون .. حكومة السيسي تخطط لبيع 30% من فنادق حكومية  للمستثمر من الصناديق السيادية العربية  

 

في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية ، أظهرت بيانات البنك المركزي أمس  الأحد، أن صافي الدين الخارجي لمصر قفز 8.1 مليارات دولار في الربع الأخير من عام 2021. ويقول محللون إن مصر بدأت تزيد من اقتراضها لسد عجز الحساب الجاري والميزانية حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط وقبل أول رفع لسعر الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في مارس/آذار.

وأدى ارتفاع سعر الفائدة في الولايات المتحدة إلى الضغط على مصر لزيادة معدلات الفائدة لديها مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض ، كما زادت الأزمة الأوكرانية تكلفة السلع المستوردة وخفضت عائدات السياحة، ورفعت مصر أسعار الفائدة القياسية لليلة واحدة ثلاث نقاط مئوية منذ مارس/ آذار. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن إجمالي الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى 145.5 مليار دولار في نهاية ديسمبر/كانون الأول من 137.4 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول

وأظهرت البيانات أن الدين الخارجي كان يعادل 33.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية ديسمبر/كانون الأول، ارتفاعاً من 32.6 في المائة في نهاية سبتمبر /أيلول.

ورغم تراكم الديون ..مصر تتعاقد لإنشاء قطارات فائقة السرعة ب400 مليار جنية

ورغم  تراكم الديون علي مصر،  قالت مجموعة "سيمنز" الألمانية، ، إن مصر وقعت عقداً مع وحدتها لصناعات السكك الحديدية وشركائها في "كونسورتيوم" لبناء خطي سكك حديدية لقطارات فائقة السرعة، بطول ألفي كيلومتر، وأضافت "سيمنز"، أن الاتفاق بين الهيئة القومية للأنفاق في مصر، وتحالف من شركة "سيمنز موبيلتي" و"أوراسكوم كونستراكشون" و"المقاولون العرب"، سيُنشأ بموجبه سادس أكبر نظام للسكك الحديدية عالية السرعة في العالم.. وقال "رولاند بوش"، الرئيس التنفيذي لشركة "سيمنز" في بيان، إنها "أكبر طلبية في تاريخ سيمنز"

وأن حصة الشركة التابعة لها في المشروع تبلغ 8.1 مليار يورو (8.69 مليارات دولار) وتتضمن العقد المبدئي بقيمة 2.7 مليار يورو للخط الأول، الموقع في الأول من سبتمبر/أيلول 2021.

تأتي هذه الخطوة رغم أن مصر تحولت فعلياً إلى دولة أضحى فيها أكثر من نصف الشعب فقراء، يعيشون على المساعدات، وصعدت الديون إلى مستويات غير مسبوقة لتلاحق أجيالاً عدة مقبلة، بينما يدعو الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" المواطنين إلى أن يفخروا بإنجازات على رأسها الجسور، في بلد لم يعد يبصر، إلا بعين واحدة.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، يتحدث ناشطون أن إدارة الدولة المصرية لديها مشكلة في تحديد الأولويات.

مصر تخطط لبيع 30% من فنادق حكومية لمستثمر إستراتيجي

وفي سياق محاولات تسديد الديون ، تخطط مصر لبيع حصة تتراوح ما بين 20 و30% من مجموعة "قابضة"، يتم تأسيسها لضم فنادق حكومية إلى مستثمر إستراتيجي ، وقال وزير قطاع الأعمال المصري "هشام توفيق"، إن الدولة ستقوم بطرح 8 فنادق من أفخم الفنادق، المملوكة بالكامل، لأحد الشركات التابعة للشركة القابضة للسياحة والفنادق.

وتابع "توفيق": "سنقوم بنقل أصول تلك الفنادق وضمهم إلى شركة واحدة ومن ثم سنقوم بطرح نسية تتراوح من 20 إلى 30% للمستثمر من الصناديق السيادية العربية".

وكان رئيس الحكومة المصرية "مصطفى مدبولي"، أعلن منتصف مايو/أيار الحالي، أن الحكومة تعمل على دمج 7 فنادق حكومية تحت مظلّة شركة واحدة تمهيداً لطرحها بالبورصة، وكذلك دمج أكبر 7 موانئ تحت كيان واحد تمهيداً لطرحه في سوق الأسهم أيضاً.

وتشمل تلك الفنادق بحسب بيانات حكومية: فندق ماريوت القاهرة، وكتاراكت أسوان، ومينا هاوس، وفندقي شتايجر بالقاهرة ودمياط، وفندق وينتر بالاس ، وتسعى مصر لتعزيز مشاركة القطاع الخاص لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي عبر طرح شركات حكومية في البورصة ومن خلال مشاركة مباشرة مع مستثمرين رئيسيين.

جيه بي مورجان: مصر ستتأثر بزيادة الديون والعجز المالي   

وفي سياق متصل ، قال محللون في بنك جيه بي مورجان الأمريكي إنه "بالإضافة إلى الدول الثمانية التي تظهر أنها في خطر التخلف المباشر، فإن الاقتصادات الأكبر حجما مثل مصر وغانا وباكستان أو ما يعرف بالأسواق الناشئة ، كانت أيضا عرضة للخطر الشديد من وجهة نظر المالية والديون على المدى الأطول قليلا".

ونقلت رويترز عن محللون في بنك الاستثمار الأمريكي جيه بي مورجان ، أن 10% من الأسواق الناشئة تواجه أزمات ديون وعجز مالي بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية

وحذر محللون في بنك الاستثمار الأميركي، جيه بي مورجان، من أن ارتفاع تكاليف الاقتراض والتداعيات العالمية لاستمرار الأزمة الروسية الأوكرانية قد تدفع 10%من بلدان الأسواق الناشئة ذات المخاطر العالية إلى مواجهة أزمات ديون هذا العام.

وأوضح محللو جيه بي مورجان، أن ضغوط ميزان المدفوعات المتزايدة وارتفاع مستوى العجز المالي ، تتسبب الآن في تفاقم مشاكل البلدان المثقلة بالديون والتي تستورد القدر الأكبر من طاقتها وغذائها.

وتوقع تقرير بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن تصل ديون مصر  إلى مستويات قياسية نهاية العام الجاري، وهو ما سيزيد متاعب الاقتصاد المصري مع تبعات وباء كوفيد-19 وتأثيرات حرب روسيا على أوكرانيا، بالإضافة إلى معاناة عشرات الملايين من المصريين نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقال الموقع إن "قروض صندوق النقد الدولي لمصر منذ عام 2016 أعلى بكثير من حصة الصندوق، وبالتالي يتم فرض رسوم إضافية على سعر الفائدة".

ووفقا لتقرير صادر عن مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط ، فقد أصبحت مصر أكبر عميل لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.

وذكر تقرير "لبوميد" أن الحكومة المصرية أنفقت الجزء الأكبر من عائداتها المتاحة في السنوات الأخيرة على مشاريع عملاقة لها قيمة رمزية وليست اقتصادية، مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الذي تبلغ قيمته 58 مليار دولار في الصحراء خارج القاهرة.

وأشار الموقع إلى أن الإنفاق الإجمالي في ميزانية 2020-2021 بلغ 93 مليار دولار، ذهب منها 30.7 مليارات دولار لخدمة الديون.

مؤشرات سلبية

ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي ، أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني عدلت نظرتها المستقبلية المصاحبة لتصنيفها لمصر من مستقرة إلى سلبية، وكالعادة قامت وزارة المالية المصرية بالتهليل لإبقاء الوكالة تصنيف مصر، دون الإشارة إلى تعديل النظرة المستقبلية،  وفي الأحوال العادية يعني تحول النظرة المستقبلية لبلد من مستقرة إلى سلبية، أن يؤثر ذلك على درجة الثقة بذلك البلد من قبل المستثمرين والمؤسسات والدول، مما يقلل الاستثمارات الواردة إليه، ويزيد من مخاطر إقراضه فيتم تشديد شروط إقراضه، ورفع فائدة إقراضه سواء من خلال القروض المباشرة أو من خلال السندات التي يطرحها ذلك البلد في الأسواق الدولية، بأكثر من أسعار الفائدة المرتفعة السائدة حاليا في العام.

وأضاف أن لجهات الدولية ومنها الصندوق تتغاضى أيضا عن مفردات إفصاح عديدة لا تلتزم بها السلطات المصرية، مثل رقم الدين العام المحلي الغائب منذ حوالي عامين، وبيانات السياحة الوافدة في العام الماضي والتي لم تعلن حتى الآن، وتفاصيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة من مصر وغير ذلك

وقال : لواقع مع تصنيف مصر مختلف بعض الشيء، فمنذ سنوات ودرجة تصنيف مصر لدى وكالات التصنيف الأمريكية الثلاثة، استاندرد آند بور وموديز وفيتش، هي درجة غير استثمارية، أي لا يتم تفضيل الاستثمار في البلد الذي يحصل عليها، وإنما هي درجة مضاربة، أي مرتفعة المخاط

ورغم أن هذه معلومة بديهية يعرفها كل من يدرك مدلول درجات التصنيف، فإن وزارة المالية المصرية لا تشير إلى ذلك مطلقا، وعلى نهج الوزارة تسير وسائل الإعلام المحلية، التي تتخذ موقفا معاكسا من درجة التصنيف كمبرر للإشادة!

وأضاف الولي : وها هي السلطات المصرية تلجأ لمخرج بيع الأصول للدول الخليجية كوسيلة لتقليل حجم ديونها، حيث جرى بيع بعض الأصول بالفعل للإمارات، وهناك مشاورات مستمرة لبيع أصول أخرى للسعودية وقطر وربما لغيرها من دول الخليج، لزيادة رقم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لكنها استثمارات لا تضيف إنتاجا أو فرص عمل لأنها تتعلق بشراء أصول موجودة أصلا، فما يتم هو مجرد تغيير اسم المالك

وان الدول الكبرى تريد الحفاظ على بقاء النظام المصري والحفاظ على سداده أقساط وفوائد الديون القديمة، ولهذا ستمده بقروض جديدة، سواء من خلال مصارفها أو هيئاتها التمويلية أو مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية أو من خلال الدول الحليفة لها .