مصر:هل ينجح الحوار "الوطني"..أم أنه مجرد مناورة "سلطوية" لكسب الوقت؟

الاثنين - 9 مايو 2022

عندما مرر السيسي فكرة "الحوار الوطني" خلال ما يسمى "حفل إفطار الأسرة المصرية" يوم 26 أبريل الماضي، علقت القوى المدنية آمالا على هذا الطرح، واشرأبت أعناق الإسلاميين مظنة أن الحوار يمكن أن يشملهم.

وأمس، أعلنت ما يسمى بـ"الحركة المدنية الديمقراطية" في مصر، قبول مبدأ "الحوار السياسي" مع السلطة، باعتباره "مسارًا لاكتشاف فرص التوافق، من أجل تحسين شروط الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر"، بحسب الحركة.

وأكدت الأحزاب السياسية الموقعة على البيان مسؤولية السلطة في رفع الظلم عن جميع سجناء الرأي باعتبار أن ذلك حق لهم ولأسرهم، وطالبت بوجود ضوابط إجرائية وموضوعية، تساعد على جعل الحوار وسيلة لإنقاذ الوطن وحلّ مشكلاته، لا مجرد تجميل لواجهة السلطة.

ولم يأت ذكر للسجناء السياسيين في هذا السياق، ما دفع بعض الخبراء إلى التشكيك في قدرة وقوة الحركة المدنية الديمقراطية على إنجاز أي شئ مع السلطة، سوى مكاسب ضئيلة جدا لها دون باقي المعارضة، مما ينسف فكرة الحوار من أساسها لأن هذه "الحركة" لا تمثل المعارضة فعليا التي جل سوادها من الإسلاميين.

المتحدث باسم حزب "الدستور" وليد العماري أكد أن "قبول مبدأ الحوار السياسي جاء نتيجة صدّ السلطة مطالبهم بإجراء أي حوار معها خلال السنوات الماضية.

وشدّد في حديث إلى "التليفزيون العربي"، على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لإنجاح الحوار بهدف خدمة البلاد والمواطن المصري.

وأوضح العماري أن من بين الخطوات التي تقترحها الأحزاب السياسية هي إجراء حوار مباشر مع رئيس الجمهورية لأنه الجهة القادرة عن تمثيل أي إجراءات أو مخرجات قد يتم الاتفاق عليها، بالإضافة إلى وضع جدول وأجندة للحوار السياسي، وتحديد بعض الملفات التي سيتم بحثها كملف الحريات والحقوق في مصر، والملف الاقتصادي والأمن الحقوقي وممارسة الحياة السياسية.

وبيّن أن الهدف من الحوار السياسي هو تأمين مصلحة مصر، مشددًا على أن الحوار يجب أن يكون بين المعارضة والرئاسة ولا تشارك فيه أي جهة من أحزاب الموالاة.

"تحد وجودى لهذا الحوار"

من جهته، اعتبر أمين مجلس الأمناء لحزب تيار الكرامة وأحد أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية عبد العزيز الحسيني أن الإعلان عن قبول الحوار السياسي هو إعادة الحياة إلى "الحركة المدنية الديمقراطية".

ونوه إلى أن الحركة المدنية، تضم أحزاب المعارضة، وأنها أعلنت وبشكل واضح معارضتها التامة لكافة سياسات السلطة المصرية منذ 8 سنوات وحتى الآن، مشيرا إلى وجود تواصل بين المعارضة وأجهزة السلطة حول الإفراج عن سجناء الرأي.

حمدين صباحي، المرشح الرئاسى السابق، قال لصحيفة «الشروق» المصرية: إن الحركة لم تضع شروطا مسبقة لهذا الحوار، وإنما طرحت رؤى وأفكارا وعوامل من أجل إنجاحه، موضحا أن نجاح السلطة هو نجاح للمعارضة والعكس صحيح، وأن الأزمة التى تمر بها البلاد تهم الطرفين وأن الشعب يريد أن يرى الطرفين (السلطة والمعارضة) فى الموقع الصحيح من أجل تجاوز الأزمات التى تمر بها البلاد.

وأشار صباحى إلى أن أحزاب الحركة المدنية لم تطرح طلبات تتجاوز الدستور نصا أو روحا، ولم تستخدم لغة الشروط، وترى أنها غير مفيدة للطرفين، «نحن ندخل الحوار بنوايا حسنة حتى نصل إلى نتائج أفضل لمصلحة بلدنا"

وشدد على أن "أحزاب الحركة المدنية ومواقعها المعروفة من السلطة طوال السنوات الماضية حريصة بشكل واضح على الشعب والدولة والوطن وهى تعارض من موقع الولاء للشعب والحرص على الدولة، والبحث عن الأفضل الذى يجعل الحياة أفضل للجميع".

من جهته، كتب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، مقالا في "الشروق" تساءل فيه: "إذا قبلنا هذا الهدف للحوار يبقى أن نعرف ما هى الأطراف المدعوة له؟".

تابع: “تحدث الرئيس عن دعوة كل التيارات السياسية، ونظرا لأن بعض ممثلى التيارات التى كانت تلقى الهجوم من جانب كتاب الصحف ومقدمى برامج التلفزيون كانوا موجودين فى إفطار العائلة، فلاشك أن القوى السياسية المدنية وتحديدا أحزاب وشخصيات الحركة المدنية الديمقراطية هم أطراف أساسية فى هذا الحوار، وإذا كان البعض يحتج بأن هذه القوى ليس لها وجود فعال بين المواطنين"

وقال: "طبعا هناك قوى مازالت فاعلة على أرض الواقع، وهى التى يصفها الرئيس بأهل الشر، ولكن على ضوء الخصومة الشديدة والمتبادلة بين هذه القوى، وتحديدا الإخوان المسلمين ومن يرفع راية الإسلام السياسى، فليس من المتوقع دعوتهم لمثل هذا الحوار، وهو ما أوضحه الرئيس كذلك."

أضاف:"إذا كنا نعرف وجهة نظر الأحزاب التى تصف نفسها بأنها أحزاب مدنية والتى تضمها الحركة المدنية الديمقراطية فيما يتعلق بالإصلاح السياسى، فنحن لا نعرف رؤية أحزاب «الموالاة»، بل ولا نعرف كيف ستواجه مطالب الإصلاح السياسى، فموقفها منه تابع لموقف الرئيس، وقد رأينا على ذلك مثلا عند مناقشة قانون الجمعيات. وقف كل أعضاء هذه الأحزاب بإجلال عندما أقر المجلس صيغته المقيدة فى القانون ٧٠ لسنة ٢٠١٧، ثم عادوا وأيدوا الصيغة الأقل تقييدا فى القانون ١٤٩ لسنة ٢٠١٩، والسبب فى تحولهم من النقيض إلى النقيض هو تغير موقف الحكومة هذا تحد وجودى لهذا الحوار".

وأكد أنه "لابد من وجود صانع القرار السياسى طرفا فى هذا الحوار، وصانع القرار ليس هو الحكومة التى يتفاخر رئيسها وأعضاؤها بأنهم تكنوقراط، خبراء فنيون لا علاقة لهم بالسياسة. صانع القرار الحقيقى هو مؤسسة الرئاسة".

وانتهى الى القول: "لو خرجنا من هذا الحوار بإطلاق سراح جميع المسجونين السياسيين ورفع القيود على حريات التعبير والتنظيم، وفتحنا الباب أمام تغيير قوانين الانتخابات، لكان ذلك إنجازا عظيما يحسب للداعين له ولجميع المشاركين فيه".

سجناء الرأي بلا تهم حقيقية

كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة السابق والقيادي في حزب الكرامة المعارض وعضو لجنة العفو الرئاسي، أدلى بدلوه لصحيفة "القدس العربي" فقال مركزا على سجناء الرأي وليس السياسيين بشكل عام: " معظم سجناء الرأي بلا تهم حقيقية، إضافة إلى أن الدولة باتت في غنى عن ما يمثله احتجاز سجناء الرأي من تكاليف تتعلق بالأمن والرعاية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، ويمكن أن توجه هذه التكلفة لإعانة الأسر الفقيرة وليس حبس المواطنين".

وقال: “قبل انضمامي للجنة وخلال العامين الماضيين تحدثت عن أن معظم السجناء بتهمة التظاهر من واقع خبرتي هم مواطنون عاديون لم يتظاهروا من الأساس، فدائماً عندما تحدث مظاهرة في مكان ما وقبل وصول الأجهزة الأمنية يكون المتظاهرون الفعليون تركوا المكان، ويقوم أفراد الأمن بإلقاء القبض على مواطنين من الشوارع ليبدو الأمر وأنهم قاموا بعملهم، وبينهم تنافس بحيث إن الضابط الذي يعود بعدد أكبر من المتهمين هو الأكفاء، وهذا منطق خاطئ، علاوة على أن التظاهر حق منصوص عليه في الدستور، وقانون التظاهر المعيب الذي صدر من رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، لا ينفي الحق الدستوري، أو الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر وتبيح حق التظاهر، كما أن هناك عدداً من المرضى النفسيين المحبوسين لأنهم لم يحسنوا التعامل عندما تم توقيفهم في كمائن للشرطة، فاعتبروهم نشطاء سياسيين، ووجهت لهم الاتهامات المعتادة كالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، إضافة إلى العمال المحبوسين لأنهم طالبوا بتحسين أجورهم في الشركات التي يعلمون بها فقام أصحاب العمل بالإبلاغ عنهم، إضافة إلى الكثير من مشجعي كرة القدم، والعديد من السجناء بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا الآن لا استطيع الاضطلاع على أوراق القضايا التي أدافع فيها عن المتهمين."

من جانبه، قال الكاتب الصحفي جمال سلطان، في مداخلة مع "الجزيرة مباشر" مساء الأحد: إن ما يسمى "الحوار الوطني كان مجرد دعوة عابرة انتهت من حيث بدأت وأن السلطة الحاكمة غير جادة في إجراء أي حوار، بدليل أنها استثنت القوى الإسلامية، نبض الشارع الحقيقي، ودعت القوى المدنية ذات الحضور الضعيف والتي لا تمثل معارضة حقيقية للنظام".