مصر: محاكمات "الطوارئ" تلاحق المعارضين رغم وقف العمل بالقانون!!
الأحد - 9 يناير 2022
تسود حالة من الترقب في مصر، مع خضوع عدد من النشطاء والمعارضين لمحاكمات استثنائية خلال الفترة الماضية، وإصدار أحكام بالجسن بحق بعضهم وانتظار أخرين.
ورغم إعلان عبد الفتاح السيسي، إلغاء مد حالة الطوارئ في 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، إلا أن النشطاء والمعارضين الذين تمت إحالتهم إلى المحاكمة بناء على حالة الطوارئ تستمر محاكمتهم أمام محاكم استثنائية.
ودفعت هذه المحاكمات نشطاء وحقوقيون وشخصيات عامة، لإطلاق حملة توقيعات على خطاب مفتوح موجه للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإلغاء أحكام محاكم الطوارئ ضد سجناء الرأي، وحفظ الدعاوى وإطلاق سراحهم.
وقال الموقعون في الخطاب: «بالتزامن مع حكم محكمة جنح أمن الدولة طوارئ على عدد من السياسيين والصحافيين والمحامين في عدة قضايا سياسية، وأيضا بالتزامن مع بدء محاكمة سياسيين آخرين أمام محاكم طوارئ وصدور أحكام أخرى سابقة من المحاكم الاستثنائية ذاتها، فإن الموقعين أدناه، يطالبون السيسي بإلغاء هذه الأحكام».
وأضافوا: «على المنوال نفسه يناشد الموقعون بإلغاء أي أحكام صدرت أو قد تصدر ضد متهمين أمام محاكم طوارئ في قضايا الرأي أو الممارسة السلمية لأي من الحقوق والحريات الدستورية، مع حفظ الدعاوى ضدهم طبقا للمادة 14 و20 من قانون الطوارئ، وإطلاق سراحهم».
وتابع البيان: «كما أن محكمة طوارئ افتقرت لضمانات المحاكمة العادلة المحمية بموجب الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان أيضا، فلم تضمن للمتهمين حقهم في الحصول على دفاع فعّال».
وزاد البيان: «لم يتح لمحاميهم الحصول على نسخة من أوراق القضايا لتحضير دفوعهم أو التواصل الفعّال مع موكليهم، ولم تنصت المحكمة لطلبات المتهمين المتمثلة في الحصول على نسخة ضوئية من أوراق القضية التي تجاوزت الألف صفحة للاطلاع عليها وتحضير الدفوع. كذلك صدرت إدانتهم من قبل محكمة، أحكامها نهائية لا يجوز الطعن عليها بطرق الطعن التي يكفلها القانون المصري في المحاكمات الطبيعية، وهي جميعًا خروقات أخلت بشكل صارخ بحق المتهمين في محاكمة عادلة وفقًا للدستور المصري وللمعايير الدولية». وذكر الموقعون أن «هؤلاء جميعا أمضوا رهن الحبس الاحتياطي ما يزيد عن العامين بالفعل، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد العدالة ويجافي ما أعلنته من مرتكزات ومبادئ سوف تتبع في تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أعلنت منكم في 11 أيلول/سبتمبر الماضي».
واختتم الموقعون: «الاتهامات الموجهة لسجناء الرأي لا تبدو كونها تعبيرا عن الرأي، جميعهم عرف عنهم حب وتضحية وانتماء لوطنهم وشعبهم، لذلك نطالبكم بإلغاء أي أحكام إدانة صدرت ضد المذكورين أعلاه، وحفظ الدعاوى ضدهم، وإطلاق سراحهم».
وفي وقت سابق قضت محكمة جنح أمن دولة طوارئ بسجن الناشط علاء عبد الفتاح لمدة 5 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، وكذلك معاقبة المتهمين، المحامي محمد الباقر، والمدون محمد «أكسجين» لمدة 4 سنوات بتهمة «الانضمام لجماعة إرهابية» بالقضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الخامس برقم حصر 1986 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا بتهمة إذاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد.
وكانت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، أصدرت حكما بحبس النائب السابق زياد العليمي 5 أعوام، في اتهامه وآخرين بـ«نشر بيانات وأخبار كاذبة» في القضية 957 لسنة 2021
كما قضت المحكمة بمعاقبة هشام فؤاد وحسام مؤنس بالسجن 4 سنوات، وغرامة 500 جنيه، ومعاقبة باقي المتهمين غيابياً بالحبس 3 سنوات مع الشغل وتغريم كل منهم 500 جنيه.
وأجلت الدائرة الثالثة إرهاب محاكمة المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان و23 آخرين في اتهامهم بـ«نشر أخبار كاذبة» لجلسة اليوم 9 كانون الثاني/يناير.
حارة سد
ووفق التقرير الذي حمل عنوان «حارة سدّ… المسار الديمقراطي في مصر 2021» الذي أصدرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: «استمرت العدالة في طريق لا يأبه بقانون أو دستور، وشهد العام الماضي استدعاء عدد من الكتاب والصحافيين وأصحاب الرأي المعارض من داخل محبسهم بعد تجاوزهم الحد الأقصى للحبس الاحتياطي للتحقيق معهم في قضايا جديدة، ولم يتغير موقف نيابة أمن الدولة التي بدورها قررت جدية الاتهامات وأصدرت قرارات جديدة بحبس الكتاب والصحافيين وأصحاب الرأي».
ووصف التقرير عام 2021 بعام التناقضات والتباينات بين التصريحات الشكلية، والمواقف الفعلية التي تحاصر حقوق الإنسان في مصر، فـ«بينما بدأ العام بقرار جمهوري بمد العمل بحالة الطوارئ وقانونها سيئ السمعة انتهى بإلغائها ووقف العمل بقانونها، وكما تخلل العام إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، انتهى بالآلاف رهن الحبس الاحتياطي المطول على خلفية تعبير أغلبهم عن آرائهم، وبات تعرض بعض الأكاديميين من المهمومين بالشأن العام لمضايقات واستهدافات أمنية أمرا مألوفا وأيضا بدأ العام بمزاعم روج لها بحدوث انفراجة ديمقراطية وفتح للمجال العام».
وانتهى العام أيضاً، تبعاً للتقرير ذاته بـ«بناء أكبر عدد من السجون وتعديل العديد من التشريعات المتماسة مع حقوق وضمانات المتهمين والدفاع، لتصير أكثر تشددا حتى انتهى الأمر بنهاية كانون الأول/ديسمبر 2021 بصدور أحكام قضائية قاسية بحق عدد من المدونين والنشطاء في محاكمات استثنائية أهدرت فيها حقوق المتهمين والمدافعين عنهم من دون تمكينهم من الحصول على صورة من أوراق الاتهام وعدم القدرة على الدفاع عن أنفسهم، وهي محاكمات انتهت بمشاهد سوداء تلا فيها الحكم عامل بسيط من عمال المحاكم، بينما توارى قاضي الحكم خلف جدران غرفته المظلمة».
طوفان الإعدامات
كما شهد عام 2021 «صدور 121 حكما بالإعدام من القضاء المدني بواقع عدد 18 حكما في قضايا سياسية ضد 103 متهمين من بينهم 42 متهمون بأحكام نهائية باتة، و 103 أحكام في قضايا جنائية ضد 193 متهما من بينهم 4 بأحكام نهائية وباتة، وتم تنفيذ قطاع مصلحة السجون حكم الإعدام ضد 44 متهما في 17 قضية».
وخلال عام 2021 «نظر القضاء المصري بـ 69 محاكمة متداولة للقوى السياسية المختلفة، ورموز نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومنتمين لنظام ما بعد 30 حزيران/يونيو 2013 وكان من بين تلك المحاكمات 66 محاكمة نظرها القضاء المدني الطبيعي، فيما نظر القضاء العسكري 3 محاكمات جارية» تبعاً للتقرير الذي أشار إلى أن «جماعة الإخوان المسلمين ظلت هي أكثر القوى التي تمثل للمحاكمات، ثم تلتها القوى المدنية الديمقراطية، بينما ظل نظام مبارك في المرتبة الثالثة في محاكمات لم يتم الفصل فيها منذ سنوات، وهي القضايا التي تم تحريكها ضد المنتمين لنظام مبارك عقب ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011».
وتناول التقرير المحاكمات العسكرية للمدنيين، ولفت إلى أنه خلال عام 2021 مثل للمحاكمات العسكرية 432 مدنيا، فيما مثل 1132 مدنيا خلال عام 2020 بينما مثل 1832 مدنيا خلال عام 2021
فضلاً عن «صدور 98 حكماً قضائياً بالإدانة ضد القوى السياسية المختلفة كان من بينها 4 أحكام صدرت من القضاء العسكري ضد المدنيين، وكانت جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية المؤيد لها أكثر القوى السياسية التي صدرت ضدها أحكام بالإدانة».
211 احتجاجا
وفيما يخص الاحتجاجات خلال 2021 ذكر التقرير أن العام الماضي «شهد 211 فعالية احتجاجية للقوى السياسية المختلفة، وقد جاءت الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية في المرتبة الأولى بعدد 151 فعالية، بينما استمر تراجع فعاليات أنصار جماعة الإخوان المسلمين حيث سجلت 30 فعالية، فيما نظم الطلاب 19 فعالية، إلى جانب تنظيم القوى المدنية 5 فعاليات، وتنظيم 6 فعاليات مؤيدة للسلطة وقراراتها».
والاحتجاجات نُظمت «على الرغم من الإجراءات التي تتخذها السلطات في مواجهة تلك الاحتجاجات والسعي الدائم الذي تصاعد لمنعها، سواء بموجب قانون التظاهر الصادر في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، او بموجب إجراءات أمنية أخرى».
كذلك لم تتوقف الانتهاكات التي تتعرض لها الحريات الإعلامية، حيث رصد التقرير 131 انتهاكا خلال العام، وكانت أبرزها التحقيقات وجلسات تجديد الحبس والمحاكمات التي سجلت 70 انتهاكا.
وتناول التقرير عدداً من المحطات المؤثرة التي أثّرت في حال المسار الديمقراطي، وفي مسارات دولة القانون. فـ «في 20 كانون الثاني/يناير 2021 أعلن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم 19 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ، واستمر العمل بها حتى 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، حين أوقف السيسي العمل بحالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية».
لفت التقرير إلى «تعديل قانون العقوبات المصري، بإضافة مادة جديدة تنص على: غرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمئة ألف جنيه كل من صور أو سجل كلمات أو مقاطع أو بث أو نشر أو عرض بأي طريق من طرق العلانية لوقائع جلسة محكمة متخصصة لنظر دعوى جنائية دون تصريح من رئيس المحكمة المختصة بعد أخذ رأي النيابة العامة، ويحكم فضلا عن ذلك بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو ما نتج عنها أو مسح محتواها او إعدامه حسب الأحوال. وتضاعف الغرامة في حالة العودة"
ومن بين المحطات المؤثرة التي تناولها التقرير، تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا، وشمل التعديل مادتين، الأولى تتضمن حق المحكمة في الرقابة على دستورية قرارات المنظمات والهيئات الدولية وهيئات التحكيم المطلوب تنفيذها في مواجهة الدولة، وتضمن التعديل الثاني أنه لرئيس مجلس الوزراء أن يطلب من رئيس المحكمة الدستورية عدم الاعتداد بالقرارات والأحكام المشار إليها أو الالتزامات المترتبة على تنفيذها.
فصل الموظفين
موافقة مجلس النواب على قانون الفصل بغير الطريق التأديبي، محطة أخرى تناولها التقرير، واعتبر أنه «استهدف فصل الموظفين من الجهاز الإداري للدولة دون توقيع جزاء إداري لمجرد الاشتباه في انتمائهم لجماعات إرهابية أو مساسهم باﻷمن الوطني والجهاز الإداري للدولة».
لفت التقرير إلى «موافقة مجلس النواب على تعديل قانون العقوبات، ليعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 50 ألف جنيه، كل من حصل بأية وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد، وكل من أذاع بأية طريقة سرا من أسرار الدفاع عن البلاد، وكل من نظم أو استعمل أية وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع من البلاد أو تسليمه أو إذاعته».
كما تناول التقرير «تعديل بعض أحكام قانون مكافحة الإرهاب الذي تضمن حظر تسجيل أو تصوير أو بث أو عرض أية وقائع من جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية إلا بإذن من رئيس المحكمة المختصة، ولرئيس الجمهورية، متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليها كوارث بيئية، أن يصدر قرارا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام».
المصدر: القدس العربي