مصر: لماذا أخضع السيسي تنمية سيناء لـ "الدفاع" بدلًا من رياسة الوزراء؟
الخميس - 2 ديسمبر 2021
أصدر وزير الدفاع المصري، محمد زكي، قراراً يحوِّل الولاية الإدارية والإشرافية على الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء لوزارة الدفاع بدلاً من مجلس الوزراء
قرار وزير الدفاع أخضع «الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء» لسلطته بدلًا من رئيس مجلس الوزراء، اشترط موافقة وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العامة على قرارات مجلس إدارة الجهاز المسؤول عن منح حق تملك الأراضي أو الانتفاع بها للمصريين والأجانب، فضلًا عن إدارة واستثمار الأراضي في سيناء.
قرار وزير الدفاع الذي نشرته الوقائع المصرية، أمس، برقم 256 لسنة 2021، تضمن أربع مواد إلى جانب مادة النشر التي حددت موعد تنفيذه في الأول من نوفمبر 2021 تاريخ صدوره من الوزير، وليس في اليوم التالي للنشر في الجريدة الرسمية، وفقًا للمتعارف عليه في القوانين والقرارات:
المادة الأولى عرفت الجهاز بـ «هيئة عامة اقتصادية تتبع وزير الدفاع، وتطبق عليها كافة القواعد والأحكام السارية على الهيئات الاقتصادية بالقوات المسلحة»، كما تضمنت المادة نفسها منح وزير الدفاع سلطة تعيين رئيس مجلس إدارة الجهاز، والإشراف على عمله إداريًا وفنيًا، والموافقة على ما يصدره من لوائح تنظيمية وداخلية للجهاز.
وألزم القرار بأن يجتمع مجلس إدارة الجهاز مرة كل شهر على الأقل أو كلما دعت الحاجة، على أن تصدر قراراته بموافقة وزارتي الدفاع والداخلية إضافة إلى جهاز المخابرات العامة، باستثناء القرارات المتعلقة بالشؤون المالية والإدارية والفنية والهيكل التنظيمي والشؤون الداخلية والوظيفية للجهاز، التي تحتاج لموافقة وزير الدفاع وحده.
وشملت المادة الأولى أيضًا إلزام المجلس بعرض تقرير ربع سنوي (كل ثلاثة أشهر) عن نشاط الجهاز وخططه المستقبلية على الأمانة العامة لوزارة الدفاع لعرضه على مجلس الوزراء.
أما المادة الثانية من القرار، فأضاف من خلالها وزير الدفاع مادة جديدة للنظام الأساسي للجهاز تعطي لمجلس إدارته أن يعد الهيكل الإداري والفني للعاملين بالجهاز بما يتفق مع النظام المعمول به بالقوات المسلحة ويسمح بمده بالكوادر المطلوبة من جهات الاختصاص بوزارة الدفاع، دون توضيح إن كان ذلك يعني الاستعانة بالعسكريين فقط في وظائف الجهاز من عدمه.
وألزمت المادتين الثالثة والرابعة من القرار بنقل جميع الاختصاصات التي حددها النظام الأساسي للجهاز منذ إنشائه، عام 2012، إلى وزير الدفاع بدلًا من رئيس الوزراء، وإلغاء كل القرارات التي تخالف ذلك.
بهذا، فإن قرار وزير الدفاع يعد تنفيذًا للقرار الصادر من السيسي في 16 أغسطس 2020، بتعديل قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء ليتضمن استبدال وزير الدفاع برئيس الوزراء في كل الاختصاصات التي منحها له قانون التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء الصادر بمرسوم بقانون عام 2012.
لكن القرار اﻷخير من الفريق أول محمد زكي سبقه سلسلة قرارات من السيسي ورئيس الوزراء تتعلق بمنطقة شبه جزيرة سيناء، التي تضم محافظتي شمال وجنوب سيناء ومدن ومناطق بمحافظات القناة الثلاث.
الصورة تتضح عندما نعلم أنه في 22 سبتمبر الماضي، قرر رئيس الوزراء بتخصيص 89 ألف فدان في منطقة بين بئر العبد ووسط سيناء لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة.
وفي اليوم التالي قرر السيسي توسيع مساحة المناطق الحدودية ونقاط تمركز القوات المسلحة في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية، من 13 كيلو متر بطول الحدود من ساحل رفح شمالًا وحتى معبر كرم أبو سالم جنوبًا، إلى نحو 70 كيلومتر من ساحل رفح وحتى قرية القسيمة في وسط سيناء جنوبًا، ومن عرض 5 كيلومتر من خط الحدود شرقًا في اتجاه عمق مدينة رفح غربًا، إلى نحو 75 كيلومتر في عمق سيناء من أبعد نقطة على خط الحدود وحتى قرية بغداد في وسط سيناء في الاتجاه الشرقي لخط الحدود.
وفي اليوم نفسه، صدر قرار ثالث من السيسي بتعديل الحد الإداري بين محافظتي شمال وجنوب سيناء، وتخصيص نحو 6 آلاف فدان كحدود لمطار طابا وحولهم 5 آلاف فدان كحدود نطاق آمن للمطار.
ثم في الأول من أكتوبر، قرر السيسي فرض تدابير إضافية في منطقة شبه جزيرة سيناء، تتطابق مع التدابير المطبقة في ظل قانون الطوارئ في جميع بنودها باستثناء؛ منح وزير الدفاع سلطة مطلقة في تحديد المناطق التي تخضع للتدابير الإضافية، والمدة الزمنية لفرضها، التي لم يحدد القرار حد أدنى أو أقصى لها.
وفي 16 أكتوبر، أصدر السيسي قرارًا خامسًا بنقل تبعية ميناء العريش، وجميع الأراضي المحيطة بها التي حددها القرار في أكثر من 541 فدان بشمال سيناء لصالح القوات المسلحة.
اللافت أن تلك القرارات تبعها إعلان إسرائيل، في بداية نوفمبر الماضي، عن اتفاقها مع الجانب المصري على تعديل في اتفاقية السلام، يسمح بتواجد القوات المسلحة المصرية في نطاق المنطقة ج التي كان يحظر على القوات المسلحة التواجد فيها، ويسمح فقط بوجود قوات شرطية مصرية إلى جانب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وهو ما تبعه المتحدث باسم القوات المسلحة بتوضيح أن التعديل سيتبعه زيادة عدد قوات حرس الحدود المصرية وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية في رفح بشمال سيناء دون مزيد من التفاصيل بشأن الهدف من تعديل الاتفاقية وما إذا كان عسكريًا أو اقتصاديًا.
إذن كل ذلك يصب في حماية أمن الكيان الصهيوني وإطلاق يد العسكر في التصرف بشكل مطلق في أراضي سيناء ربما بالبيع أو التأجير.