مصر: ظاهرة الإخفاء القسري تتصاعد في 2022.. توثيق 99 حالة خلال يناير وفبراير
الخميس - 3 مارس 2022
- منظمات حقوقية: النظام اخفي اكثر من 12 ألف معارض علي مدار السنوات الثمانية الماضية
- ميدل إيست مونيتور: الإخفاء القسري أداة حكومية بوليسية للقضاء على المعارضين
تصاعدت ظاهرة الإخفاء القسري منذ بداية العام الجاري ، واكد تقرير لمركز النديم أن هناك أمثر 43 معرض تم إخفائهم في فبراير الماضي و56 حالة في يناير.
وقالت تقارير حقوقية إن النظام المصري اخفي اكثر من 12 ألف معارض علي مدار السنوات الثمانية الماضية ، وأكد تقرير لموقع “ميدل إيست مونيتور” أن الإخفاء القسري أداة حكومية بوليسية للقضاء على المعارضين المصريين.
ومن خلال سطور هذا الترير نفتح ملف الإخفاء القسري في مصر .
ظاهرة الإخفاء القسري تتصاعد
وثق "مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، في تقريره الشهري حول الانتهاكات في السجون ومقار الاحتجاز المصرية تصالعد ظاهرة الإخافء القسري منذ بداية العام ، ,ان شهر فبراير الماضي شهد 43 حالة إخفاء قسري
ورصد التقرير، المنشور مساء أمس الأربعاء، 4 حالات وفاة بالسجون ، 9 حالات قتل لمواطنين، و3 حالات تعذيب فردي، و78 حالة تكدير فردي، وحالة تكدير جماعي واحدة، و14 واقعة عنف من الدولة، فضلًا عن 18 حالة إهمال طبي متعمد في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، في حين ظهر 116 مواطنًا بعد اختفاء قسري لمدد متفاوتة.
ويجمع "مركز النديم" أخبارًا نشرتها منصات إعلامية مستقلة مختلفة، وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، جميعها يوثق لحالات الانتهاك ضد المصريين، من قتل وتعذيب وتكدير، وإهمال طبي، واختفاء قسري.
ورصد المركز 3 وفيات و19 حالة إهمال طبي متعمد في أماكن الاحتجاز الرسمية خلال يناير/كانون الثاني الماضي، فضلًا عن 5 حالات تعذيب، و46 حالة تكدير فردي، و6 حالات تكدير جماعي، و56 حالة إخفاء قسري، و7 حالات عنف من الدولة
وفي تقريره السنوي لعام 2021، رصد "مركز النديم"، 1530 حالة انتهاك مختلفة، من بينها 119 حالة قتل، و55 حالة وفاة في مقار الاحتجاز المختلفة، و48 حالة تعذيب فردي، و598 حالة تكدير فردي، و62 حالة تكدير جماعي، و201 حالة إهمال طبي، و431 حالة إخفاء قسري، و867 حالة ظهور بعد اختفاء قسري لمدد متفاوتة، و108 حالات عنف من الدولة.
أرقام صادمة عن الإخفاء القسري
كشف مركز الشهاب لحقوق الإنسان في تقرير سابق له أن عدد المختفين قسرياً في مصر تجاوز 12 ألف حالة خلال السنوات الثماني الماضية، حسب ما تم رصده من منظمات حقوقية غير حكومية.
وأضاف، في تقرير له، أن هناك حالات رهن الاختفاء القسري لعدة سنوات، مشيرا إلى وجود 60 مواطنا تعرضوا للاختفاء القسري، ثم قتلوا بدم بارد خارج نطاق القضاء، رغم توثيق واقعة الاختفاء.
اعتبر مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، أن "منهجية النظام في ارتكاب جريمة تظهر من ارتكاب النظام للجريمة بصورة واسعة النطاق ومستمرة، وهذا يتضح من الأرقام التي شملها التقرير، حيث بدأت منذ عام 2013، ولم تتوقف حتى الآن، وشملت كل المحافظات، وما زالت".
وأوضح لـ"عربي21": "استهدف النظام كل معارضيه منذ سنوات، وإن كانت عصاه في البداية موجهة ضد فصيل معين وهم أفراد جماعة الإخوان، إلا أنها ومنذ أزمة جزيرتي تيران وصنافير شملت الجميع"، مشيرا إلى أن النظام الحالي فاق في جرائمه كل الأنظمة السابقة".
وختم حديثه بالقول: "هذا النظام قتل آلاف المعارضين، وأخفى قسريا ما يزيد على 12 ألف مواطن، واعتدى بصور مختلفة على ما يربو على 2000 سيدة، واعتقل الأطفال، وسجن أعضاء البرلمان، وفصل القضاة، واستهدف المؤسسات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان".
حقوقيون: الإخفاء القسري جريمة لا تتوقف "
ووثقت منظمات حقوقية أعداد المختفين قسريا منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن، التي وصلت إلى 11.224، منهم 3.045 خلال عام 2020.
منظمة العفو الدولية تحدثت في تقاريرها عن مئات الأشخاص ونقلت عن منظمات أخرى لم تسمها أن "ثلاثة أو أربعة أشخاص في المتوسط يختفون قسرا يوميا منذ بداية 2015". وقالت المنظمة إن معظم الضحايا من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي إلى جانب نشطاء علمانيين وحالات فردية أخرى بسبب صلات قرابة.
كما أصدرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان مؤخرا تقريرا ترصد فيه استمرار السلطات المصرية في إخفاء عدد من الأطفال قسرا، منذ اعتقالهم بواسطة قوات الأمن، ورغم وجود شهود عيان على وقائع الاعتقال، إلا أن السلطات المصرية تنكر علاقاتها ومعرفتها بمصيرهم. وهو ما يعد مأساة لعدد من الأسر المصرية، أيضا رصدت أكثر من 100 حالة اختفاء قسري لمواطنين مصريين بمختلف أعمارهم، أغلبهم من فئة الشباب بمحافظات مصر المختلفة.
ويقول مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل: "أزمة الاختفاء القسري ستظل موجودة بمصر طالما أن السيسي موجود بالسلطة، وهو من أتى بوزير الداخلية السابق مجدي عبد الغفار في مارس 2015 من أجل تحقيق هدفين، التصفية الجسدية والاختفاء القسري كوسيلة للترويع، وهو ما يجري حتى الآن بسيناء طبقا لتقرير لرويترز الذي وثق 465 حالة قتل خارج إطار القانون".
وحول ما الذي يجب فعله قال أبو خليل في حديثه لـ"عربي٢١": "لا بد من إرادة دولية تجاه هذا الملف وكذلك التصفية خارج القانون، وكان يجب أن يكون لأمريكا دور جاد بعد وصول بايدن للسلطة، ولكن يبدو أن هناك تفاهمات بين السيسي وأمريكا مفادها، عدم الضغط في ملف حقوق الإنسان، مقابل الضغط لغلق الأنفاق لمنع وصول السلاح لفلسطين حماية للكيان الصهيوني، مؤكدا أن الحل لدى الشعب المصري، هو إذا أراد سوف تحل مشكلة المختفين وكذلك المعتقلين في 24 ساعة فالشعب هو الحل". -حسب قوله-.
القضاء المسيس بات أداة بيد السلطة
من جانبه قال المستشار محمد سليمان إن أزمة المختفين قسريا ستظل قائمة طالما بقي الحكم البوليسي الديكتاتوري، الذي لا يأبه بحقوق الإنسان ولا يكترث إلا بتأمين سلطانه وقمع المحكومين، وتعنته في حلها.
وأضاف لـ"عربي21": "لا يوجد أي اهتمام بالشعب ولا حقوقه، فالحاكم الذي يصل للحكم على ظهر الدبابة لا يعنيه الإخفاء القسري أو القتل خارج إطار القانون ولا سفك الدماء بغير حق، ويكون المهم عنده هو تثبيت أركان نظامه فقط، بعكس الحكم الديمقراطي الذي يقول فيه الشعب كلمته ويكون للشعب الدور الأساسي في اختيار من يحكمه"
وطالب بضرورة تسليط الضوء على حالات الاختفاء القسري وممارسة الضغوط عن طريق المنظمات الحقوقية الدولية للكشف عن مصير هؤلاء المختفين.
وفيما يتعلق بدور القضاء تجاه هذه القضية أكد أن للقضاء دورا أصيلا في كشف تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، والنيابة العامة يجب أن تحقق في بلاغات الإخفاء وتفتيش أماكن الاحتجاز في الجهات الشرطية، ولكن عندما تخلت النيابة عن دورها وأصيب القضاء بالتسيس، ضاعت هيبة القضاء وسيطرت عليه السلطة التنفيذية، فلم يعد يمارس القضاء أو النيابة الدور المنوط بهما لكشف تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها.
من ظاهرة إلى سياسة ممنهجة
وقالت “كوميتي فور جستس” إن ظاهرة الاختفاء القسري في مصر لم تعد مجرد حالات يتم رصدها أو توثيقها؛ ولكنها أضحت سياسة ممنهجة ومستمرة لدى السلطات في مصر لقمع الأطياف السياسية المختلفة المعارضة لها، ويؤكد ذلك ويدلل عليه بشكل واضح؛ عدم انضمام مصر حتى الآن للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2006.
وقال أحمد مفرح، المدير التنفيذي لـ”كوميتي فور جستس” إنه “لا تكاد تخلو معظم التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص مصر، وحتى التقارير الصادرة عن وزارت الخارجية بالدول الصديقة للنظام في مصر الخاصة بالحريات، من ذكر الاختفاء القسري كظاهرة تفشت في مصر لتتحول إلى سياسة ممنهجة من قبل الأمن المصري للتعامل مع أطياف المعارضة السياسية المختلفة، من أجل قمعها بعيدًا عن نظر القانون ومراقبته“.
وكانت “كوميتي فور جستس” قد رصدت في تقرير لها خلال عام 2020، ضمن مشروعها لـ”مراقبة أماكن الاحتجاز في مصر”، 1917 واقعة اختفاء قسري، تم توثيق 155 واقعة منهم، وتصدر شهر سبتمبر 2020، والذي شهد مظاهرات ضد النظام في مصر، قائمة الانتهاكات بما يمثل 23% تقريبًا من إجمالي الانتهاكات (451/1917)، في إشارة إلى استخدام السلطات المصرية الاختفاء القسري كوسيلة لإخفاء الانتهاكات التي تمارسها ضد خصومها السياسيين.
كما رصدت المنظمة في تقرير خلال النصف الأول (يناير- يونيو) من عام 2021 فقط، 807 واقعة اختفاء قسري، تم توثيق 114 واقعة منهم بالفعل.
وأضافت “كوميتي فور جستس” أن الاختفاء القسري كان من أهم الانتهاكات التي تصدرت تقاريرها منذ بدء مشروعها الضخم بمراقبة أماكن الاحتجاز في مصر، مشيرة إلى أن المشكلة في الاختفاء القسري أنه لا يؤثر فقط على المختفي قسريًا، ولكن على المجتمع ككل.
وأشارت “كوميتي فور جستس” كذلك إلى أن الاختفاء القسري أصبح سلاحًا بيد السلطات المصرية تشهره ضد خصومها السياسيين، في مخالفة واضحة وصريحة لكل الأعراف والقوانين الدولية، فأصبح من المعتاد أن يتم رصد حالات الاختفاء القسري لسياسيين بشكل شبه دوري يوميًا، والتي كان من أشهرها، حالة طبيب الأسنان والرئيس السابق لحزب العدل البرلماني، مصطفي النجار، والذي لا يزال مختفيًا منذ 27 سبتمبر 2018، وحتى هذه اللحظة، وسط مطالبات مستمرة للسلطات المصرية بالكشف عن مصيره، ولكن بلا جدوى.
أداة بوليسية للقضاء على المعارضين
ومؤخرا ، نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا للإعلامي أسامة جاويش سلط خلاله الضوء على جريمة الإخفاء القسري التي يتعرض لها عدد كبير من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان .
وبحسب التقرير الذي ترجمته الحرية والعدالة، مرت أكثر من ثلاث سنوات على اختفاء السياسي المصري والبرلماني السابق مصطفى النجار، وهو طبيب أسنان ورئيس سابق لحزب العدالة ، سافر إلى محافظة أسوان جنوب مصر في 27 سبتمبر 2018 ومنذ ذلك الحين، لا يزال مكان وجوده ومصيره مجهولين.
وأصبح "النجار" وآلاف القصص روتينا يوميا في مصر ، حيث يختفي أربعة أشخاص من خلفية سياسية كل يوم، في المتوسط ، وذكرت اللجنة المصرية للحقوق والحريات أن عددا من إجمالي 3029 حتى أغسطس 2021 قد اختفى.
وتحول الاختفاء القسري إلى ظاهرة ، لأنه لم يعد يقتصر على الحالات المبلغ عنها، لقد أصبحت سياسة منهجية ومستمرة تستخدمها الشرطة للقضاء على المعارضين من الوجود ، اختفوا وعذبوا باسم مكافحة الإرهاب، على حد تعبير منظمة العفو الدولية.
وتُظهر الظروف المروعة المحيطة بالإخفاء القسري للخصم إساءة استخدام الدولة للشرطة للاحتجاز قبل المحاكمة لإبقاء آلاف الرجال والنساء في السجن بتهم إرهابية لا أساس لها لشهور، وسنوات.