مصر: الفساد يهدر ثلث الميزانية والرشاوى تلتهم 3 مليارات جنيه يوميا كحد أدنى

السبت - 14 مايو 2022

قال الكاتب المصري المقيم في ألمانيا، يسري علي، في مقال منشور الجمعة 13 مايو 2022، بموقع "عربي بوست": من أخطر الأوبئة التي أصابت الدولة المصرية وتسببت في انهيارها وتقزمها وإراقة دماء أبنائها، هو وباء الفساد والخلل الاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب جسد الدولة وأنهكها ودفع بها إلى المنحدر الخطير الذي تمر به الآن. فلا يوجد في الدولة المصرية حالياً سوى طبقتين اجتماعيتين.. طبقة شديدة الثراء، وطبقة غارقة في الفقر حتى أذنيها.

في اليوم نفسه، كشفت محافظة المنوفية واقعة فساد وتلاعب كبرى بمستشفى الشهداء المركزي، متهم فيها 8 من مسؤولي التحصيل.

قبلها بيوم كانت الضجة الكبرى حول ملاحقة "مستريح أسوان" الذي استولى على ما يقارب 2 مليار جنيه من أموال البسطاء بزعم استثمارها، وبسبب تفاعلات الحادث قتل لواءا شرطة في حادث غامض فسره البعض بخلاف بين قيادات الأمن على قسمة حصيلة مضبوطات ذلك "المستريح"!

وفي عام 2020، احتلت مصر المركز الـ117 من أصل 180 دولة في مؤشر مكافحة الفساد، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.

وأكدت منظمة الشفافية الدولية أن السبب الرئيسى فى تراجع مصر هو قيام حكومة الانقلاب بالتعدي على الهيئات المستقلة حين أقال قائد الانقلاب العسكرى بمرسوم رئاسي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة، وادانته وحاكمته قضائيا عندما كشف عن حجم ما كلف الفساد في مصر في السنوات الأخيرة.

والحقيقة أن حجم الفساد في مصر في العام 2022 يفوق الخيال، فبعدما أعلن المستشار هشام جنينة عام 2016م، أن حجم الفساد الرسمي في مصر يفوق 600 مليار جنيه وحوكم  وسجن عسكريا بسبب هذه المعلومة الموثقة، باتت وقائع الفساد تحدث علانية بحماية رسمية في كل المجالات، حيث يدير شبكات الفساد مسؤولون كبار في الدولة، خاصة في الأوساط العسكرية والأمنية.

حاليا لا يستطيع مواطن مصري قضاء أي مصلحة أو إجراء أي معاملة في الدولة إلا بدفع رشوة، فالفئات العمرية بين 20 و 70 عاما يصل تعدادا الى نحو 60 مليونا من السكان، وهي الفئة التي تتعامل يوميا مع أجهزة الدولة، فلو افترضنا أن 25 من هؤلاء فقط يجري معاملة رسمية كل يوم، أي 15 مليون مواطن يدفع  كل منهم متوسط 200 جنيه رشوة ، فإن تكلفة الفساد اليومي في مصر في حدها الأدنى تصل الى 3 مليارات جنيه... هذه تكلفة الرشاوى فقط،، ناهيك عن فساد العمولات والإتاوات، والفساد الإداري  في مشروعات الدولة، حيث تم تعديل قوانين مهمة مثل قانون "المزايدات والمناقصات" الذي أتاح حرية الإسناد للمناقصات والصرف للمال بضوابط يسهل الخروج عليها، من أي مسؤول لا يتحلى بالانضباط الأخلاقي.

وفي غياب المساءلة، لم يطالب أحد بعودة الأموال المنهوبة في الخارج، التي كانت أحد مطالب الثورة.

الفساد كان ـ ولا يزال ـ يهدر نحو ثلث ميزانية مصر سنويا، وفقا لما أعلنه كثير من الخبراء منذ عام 2012.

تعجبت المستشارة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الشفافية الدولية كندة حتَر قائلة: إن عدم تغيير الحال عما كان عليه قبل ثورات الربيع العربي، هو رسالة بحد ذاته، فهناك قوانين تغيرت وقواعد وضعت، مع ذلك لا يوجد تغيير حقيقي في المنظومة الحاكمة للفساد والثقافة السائدة المحيطة به!

كانت المنظمة قد أجرت تعديلا عام 2012، في معيارها للمحاسبة، يضمن التزام الدول بحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان، وتوفير السلع للجمهور بما لا يفوق قدراتهم.

وجدت المنظمة أن الفساد، هو الأوسع عالميا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي من بينها مصر. لذلك ظلت المنطقة في اللون الأحمر، مع استبعاد الإمارات وقطر فقط بينما ازدادت حمرته، في السودان والعراق والصومال وسورية باعتبارهم الأكثر فسادا.

ألقى التقرير الضوء على الفساد السياسي، الذي رآه مُمَنهَجاً، ويُعيق التقدم، ويُزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الانسان، والديمقراطية.

وبحسب الكاتب عادل صبري في "العربي الجديد"، لا يستطيع المواطن أن يعرف كيف تصرف ميزانية دولته، ولا يشارك في وضع أولويات المال الذي يشارك في صنعه وتحمل تبعاته، في غياب الشفافية والمراقبة الشعبية.

ومع غياب قانون "حرية تداول المعلومات" الذي كان مفترضا صدوره خلال الدورة البرلمانية الأولى عام 2014، أصبح الحصول على المعلومات مقيدا ببند "أسرار الدول والأمن القومي".