مصر: إخلاء سجون قديمة لبيع أرضها بأسعار خيالية ونقل السجناء للصحراء
الأحد - 19 ديسمبر 2021
عندما أصدر وزير الداخلية المصري مؤخرا قرارًا بإنشاء ثلاثة سجون عمومية جديدة بمدينة بدر في محافظة القاهرة بعد نحو عشرة أيام من إصداره لقرار مماثل بإنشاء ستة سجون عمومية أخرى بمنطقة وادي النطرون في محافظة البحيرة باسم مراكز الإصلاح والتأهيل، لم يكن القرار صادرا من فراغ، بل تنفيذا لرغبة النظام في إخلاء السجون القديمة الواقعة بمناطق متميزة، وبعضها على النيل وفروعه، تمهيدا لبيع أرضها بأسعار خيالية.
في المقابل كانت قرارات تشييد السجون الجديدة في الصحراء، استمرارًا من وزارة الداخلية في تنفيذ خطتها الاستثمارية لاستبدال السجون الموجودة وسط المدن إلى أخرى بالصحراء لبيع أراضيها للمستثمرين، وفقا لمدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد.
قال عيد لموقع «مدى مصر» إن وزير الداخلية عندما أصدر قراره السابق في الخامس من ديسمبر الجاري بإنشاء سجون جديدة بمنطقة وادي النطرون اختلط الأمر عند البعض وتوقعوا أن القرار يخص مجمع السجون الجديد الذي دشنته وزارة الداخلية في نهاية أكتوبر الماضي ونقلت إليه عدد من المساجين وقتها.
ولكن تبين بعد مراجعة القرار المنشور في جريدة الوقائع المصرية أن القرار يضم إنشاء ستة سجون عمومية جديدة بالمنطقة الصحراوية إضافية إلى جانب المجمع الذي يضم بداخله ثمانية سجون مختلفة بحسب بيان سابق لـ "الداخلية".
وأشار المحامي الحقوقي إلى أن السجون الجديدة بمنطقة بدر ووادي النطرون تأتي ضمن خطة بدأتها وزارة الداخلية خلال العام الحالي الذي قرر خلاله الوزير إنشاء أكثر من 20 سجنًا جديدًا غالبيتها في مناطق صحراوية بعيدة عن العمران لإفراغ نزلاء السجون الموجودة بوسط المدن في غالبية المحافظات على مستوى الجمهورية فيها للاستفادة ماليًا من أراضي السجون القديمة التي تطل معظمها على النيل.
وإلى جانب القرارين الأخيرين نشرت الجريدة الرسمية خلال عام 2021 الجاري عدة قرارات لوزير الداخلية بإنشاء سجون جديدة، أبرزها كان في شهر يونيو الماضي، الذي شهد خمسة قرارات لوزير الداخلية بإنشاء تسعة سجون مركزية بمحافظات الفيوم وأسوان وكفر الشيخ وقنا والغربية.
وكانت «الداخلية» قد دشنت في 28 أكتوبر 2021 مجمع سجون وادي النطرون ونظمت وقتها جولة لتفقده لعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية والمصرية، والمجالس الحقوقية، ولجان حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشيوخ، وعدد من الإعلاميين ومراسلي الوكالات الأجنبية.
وحددت «الداخلية» وقتها 12 سجنًا سيتم إفراغها في المجمع الجديد هم ؛ (استئناف القاهرة -ليمان طرة -القاهرة بطرة -بنها -الإسكندرية -طنطا العمومى -المنصورة -شبين الكوم -الزقازيق-دمنهور القديم -معسكر العمل بالبحيرة -المنيا العمومى)، وأوضحت الوزارة في بيانها أن موازنة الدولة لن تتحمل أية أعباء لإنشاء وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل لأن القيمة الاستثمارية لمواقع السجون العمومية المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء تلك المراكز.
ولم تعلن الوزارة من وقتها وحتى موعد كتابة النشرة ما إذا كانت قد انتهت من نقل المساجين من تلك السجون إلى المجمع، في حين أكد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنه تلقى عدد من الشكاوى من أهالي سجناء منطقة طرة في الأسابيع الماضية بسبب معاناتهم في الانتقال إلى مجمع السجون الجديدة بوادي النطرون لزيارة ذويهم، مشيرين إلى انتقال عدد كبير من نزلاء منطقة سجون طرة إلى المجمع الجديد.
وبسؤاله عن تلك الشكاوى ومدى مراقبة المجلس القومي لحقوق الإنسان لعملية نقل المساجين من طرة إلى وادي النطرون، قال عضو المجلس جورج إسحاق إن المجلس مجمد ولا يقوم بأي أعمال في الوقت الحالي بسبب عدم تصديق عبد الفتاح السيسي حتى الآن على قرار مجلس النواب بتسمية التشكيل الجديد للمجلس، مضيفًا أن الجميع يتساءل عن أسباب التأخير في إصدار القرار.
وكانت اللجنة العامة لمجلس النواب، برئاسة رئيسه حنفي جبالي، قد أعلنت في الرابع من أكتوبر الماضي التشكيل الجديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان، برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، وزيرة الأسرة والسكان السابقة، وعضوية محمد أنور السادات زميلها في مجموعة الحوار الدولي، التي ارتبط اسمه في الفترة الأخيرة بالتواصل مع الجهات الأمنية للوساطة من أجل الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا، وإلى جانبهما 25 عضوًا آخرين.