مشاركة واسعة في حملة "ضد الإعدام في مصر والشرق الأوسط"

الاثنين - 10 أكتوبر 2022

الحكومة المصرية أقدمت على تنفيذ الإعدام بحق 100 مواطن فيما ينتظر 100 آخرين تنفيذ العقوبة في أية لحظة

منظمات حقوقية: عقوبة الإعدام جريمة ضد الإنسانية ووقف تنفيذها في الوقت الراهن مسئولية جميع الحكومات

يقبع في السجون المصرية حاليا نحو 60 ألف معتقل سياسي محرومون من كافة حقوقهم ويتعرضون للموت البطئ

إنسان للإعلام- خاص

طالبت عدة منظمات حقوقية محلية ودولية السلطات المصرية وغيرها من حكومات الدول التي تنتهج عقوبة الإعدام ضد معارضيها، بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وإعادة النظر في العقوبة والمحاكمة بشكل يتناسب مع الدستور والمواثيق الدولية.

وفي بيانات مواكبة الذكرى العشرين لليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، أكدت المنظمات أن عقوبة الإعدام أصبحت وسيلة النظام الممنهجة في مصر ضد معارضيه، وأن الممارسات الفعلية التشريعية والقضائية والتنفيذية تشكل خطرا جسيما، واختراقا واضحا لكافة المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر.

وأطلقت حملة "ضد الإعدام" التي تشارك بها عدة منظمات  دعوة لتغيير صورة البروفايل الشخصي والتدوين لدعم ضحايا الإعدام عبر عدة هاشتاجات.

وقالت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، في بيان تحت عنوان (الإعدام طريق ممهد بالتعذيب)، الاثنين 10 أكتوبر 2022: "يأتي العاشر من أكتوبر من كل عام، لإحياء يومٍ فارقٍ في حقبة حقوق الإنسان على مر تاريخها، والذي نُودي فيه بإلغاء عقوبة الإعدام، كعقوبة تنتهك أهم مبادئ حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة.

ورغم النداءات الدولية المُستمرة لإلغاء العقوبة، والتي استجابت لها بعض الدول فألغت العقوبة، و دول أخرى أوقفت تنفيذها؛ إلا عقوبة الإعدام السياسي في دول الشرق الأوسط بشكلٍ خاص– مازالت مُستمرة بصورة تعسفية غير إنسانية،

عقوبة الإعدام  يُساء استعمالها من قِبل الحكومات والدول التي لا تزال تُطبقها- خاصةً في القضايا التي يكون ظاهرها جنائي، وباطنها سياسي، حيث يتم تكييف وقائعٍ على أنها جنائية، ولكنها في الأصل قضايا سياسية - الهدف منها قمع السياسيين المدنيين المعارضين للحكومات، وهذه هي سمة القضايا في دول الشرق الأوسط على وجه الخصوص، بمحاكمات جائرة، وتعذيب للضحايا، ومعاملة قاسية مهينة، وإكراه على الاعتراف –  تصدر أحكام الإعدام؛

أربعة دول في الشرق الأوسط تحصل على تصنيفات عالمية متقدمة، من بين أكثر الدول تنفيذًا لأحكام الإعدام عالميًا، " إيران، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وسوريا"- حيث جاءت إيران بعد الصين في المركز الثاني عالميًا، ومصر احتلت المركز الثالث عالميًا لعامين متتاليين، ثم السعودية حلت في المركز الرابع عالميًا، وسوريا في المركز الخامس.

إنَّ حقوق الإنسان بشكلٍ عام، وحق الإنسان في الحياة بشكلٍ خاص، من أهم الحقوق التي يجب على الجهات الحكومية المعنية الحفاظ عليها، بل وحمايتها من أي تغول، سواء أكان هذا التغول من الحكومة نفسها أو من غيرها من السلطات المعنية.

وكلما ارتفعت حماية الدول لحق الإنسان في الحياة، كلما نالت هذه الدول مزيدًا من الاستقرار والأمان وارتفاع الوطنية لدى المجتمع بأكمله،

وترى "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان –JHR"- هذه العقوبة هي جريمة ضد الإنسانية، وأنَّ الدعوة لوقف تنفيذها في الوقت الراهن، من أهم الإجراءات التي يجب أن تُتخذ من قبل الحكومات ، ويجب أن يتضامن الجميع نحو ذلك الأمر.

وتدعو  الحكومات إلى الاستماع للأصوات المحلية والدولية المُنادية لإلغاء عقوبة الإعدام بشكلٍ عام، أو وقف تنفيذها.

100 مصري ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام

من جانبه،  طالب مركز الشهاب لحقوق الإنسان، السلطات المصرية بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وإعادة النظر في العقوبة والمحاكمة بشكل يتناسب مع الدستور والمواثيق الدولية.

وقال المركز في بيان أصدره بمناسبة الذكرى العشرين لليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام: “أصبحت عقوبة الإعدام في وقتنا الحالي وسيلة النظام الممنهجة ضد معارضيه، فالممارسات الفعلية التشريعية والقضائية والتنفيذية تشكل خطرا جسيما، واختراقا واضحا لكافة المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر”.

وتابع المركز: “أغلب القضايا السياسية التي حكم فيها بالإعدام، سواء ما تم تنفيذه أو التي هي رهن التنفيذ- قد افتقدت كافة معايير المحاكمات العادلة”.

وزاد البيان: “الحق في الحياة هو حق أصيل، قررته جميع الشرائع والأديان، وأكده بشكل قاطع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية؛ إلا أن عقوبة الإعدام تُعد افتئاتا صارخا على هذا الحق؛ لذا فقد اتجهت أغلب الدول إما لإلغاء العقوبة أو وقف تنفيذها بشكل قاطع، حفاظا على الحق في الحياة وصونا لها”.

وبحسب البيان، فإن الاتجاه لإلغاء عقوبة الإعدام، لم يجد له طريقا حتى الآن في مصر، بل صاحبه خلل تشريعي وقضائي، حرم عشرات المدنيين من أرواحهم، وأُزهقت في غياب -شبه تام- للعدالة ومكوناتها وأدواتها.

ولفت البيان، إلى أن عقوبة الإعدام تبقى من أخطر العقوبات التي تتطلب السعي لإلغائها، والعمل على استبدالها بعقوبات أخرى تتناسب مع الاتجاه العالمي الرافض لتلك العقوبة، وتتوافق مع المواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر. فأثر تنفيذ العقوبة، لا ينفذ فقط في حق المحكوم عليهم، ولكنه يصل إلى أبنائهم وأزواجهم وأقاربهم، وما يحملونه من عبئ نفسي ثقيل، وتحدي مُجتمعي خطير، سواء لنظرتهم للمجتمع أو نظرة المجتمع لهم.

وأكد المركز، أن اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، يأتي وقد أقدمت الحكومة المصرية على تنفيذ الإعدام بحق 100 مواطن، فيما ينتظر 100 آخرين تنفيذ العقوبة في أية لحظة، بعدما أصبحت أحكامهم نهائية وباتة، في ظل غياب لمعايير المحاكمة العادلة، في فترة سياسية مُضطربة. وبحسب مؤشر نزاهة القضاء وسيادة القانون العالمي الصادر عن منظمة الشفافية العالمية، ظلت مصر في المراتب الأخيرة طوال السنوات الماضية، بشكل يؤكد على الخلل الجسيم التي ارتُكب بحق منظومة العدالة.

وطالب المركز في بيانه، السلطات المصرية، بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وإعادة النظر في العقوبة والمحاكمة بشكل يتناسب مع الدستور والمواثيق الدولية.

كما دعت الحكومة المصرية، للتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والخاص بإلغاء عقوبة الإعدام.

وأكد على ضرورة التزام الحكومة المصرية -في ظل إصرارها على تلك العقوبة- بالمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فيما نُص عليه في فقرتها الثانية، بأن يُحكم بهذه العقوبة حصرا على الجرائم شديدة الخطورة وفق محكمة مختصة وقاضٍ طبيعي وبإجراءات محاكمة عادلة تلتزم بالمواثيق الدولية.

وطالبت السلطات المصرية بالعمل على تفعيل القرار الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007، والذي يدعو إلى فرض وقف اختياري لتنفيذ عقوبة الإعدام، وفتح نقاش مجتمعي واسع -رسمي وشعبي- حول عقوبة الإعدام وجدواها، والنظر في استبدالها بعقوبات أخرى، والعمل على إصلاح المنظومة التشريعية والقضائية، نحو حماية الحق في الحياة، وإعادة النظر في توصيات خبراء الأمم المتحدة واللجنة الإفريقية بخصوص أحكام الإعدام في مصر.

مصر من أكثر الدول تنفيذا للإعدامات

وتحت عنوان (العفو الدولية تسمي الدول التي تتصدر عقوبات الإعدام في العالم) كتب أندريه ياشلافسكي، في "موسكوفسكي كومسوموليتس"، حول ترتيب الدول في قائمة عقوبات الإعدام في العالم، ومكانة العرب في هذه القائمة المشؤومة.  وجاء في المقال: يصادف اليوم، الاثنين 10 أكتوبر، اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام.

ووفقا لتقرير نشرته هذا العام منظمة العفو الدولية، فاعتبارا من نهاية العام 2021، ألغت 108 دول في العالم عقوبة الإعدام في قوانينها. وفي المجموع، ألغى أكثر من ثلثي دول العالم عقوبة الإعدام في قوانينه أو ألغى تطبيقه عمليا. للمقارنة: في العام 1977، ألغت 16 دولة فقط عقوبة الإعدام.

ومع ذلك، لا تزال 55 دولة تمارس الإعدام. وقد سجل نشطاء حقوق الإنسان 579 عملية إعدام في العام 2021، بزيادة 20٪، مقارنة بالعام 2020 (حيث سجلت 434 حالة إعدام معروفة).

في العام الماضي، نُفِّذت أشهر عمليات الإعدام في الصين وإيران ومصر والمملكة العربية السعودية وسوريا.

باستثناء الصين، تم تنفيذ 80٪ من جميع عمليات الإعدام المُبلّغ عنها في ثلاث دول فقط - إيران ومصر والمملكة العربية السعودية.

وفقا لتقرير صادر عن نشطاء حقوقيين، تم تنفيذ أكثر من 314 عملية إعدام في إيران في العام 2021. وفي مصر، تم إصدار أكثر من 356 حكما بالإعدام وتنفيذ أكثر من 83 منها.

وفي السعودية، تم إعدام 65 شخصا في العام 2021، بزيادة 140٪ عن العام السابق.

أما في سوريا، فوفقا للمعلومات المتاحة لدى منظمة العفو الدولية، أُعدم ما لا يقل عن 24 شخصا العام الماضي.

ووفقا للتقرير، أُعدم في العام 2021 ما لا يقل عن 21 شخصا في الصومال، و17 شخصا في العراق، و14 في اليمن، و11 في الولايات المتحدة. كما تم تنفيذ أحكام إعدام في بنغلاديش وبيلاروس وبوتسوانا واليابان وعُمان وجنوب السودان والإمارات العربية المتحدة.

و توسع نظام الانقلابي عبد الفتاح السيسي في تنفيذ أحكام الإعدام بحق معارضيه وخصومه السياسيين منذ 2014 بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد سواء من ناحية أحكام الإعدام أو التنفيذ.

ومنذ ذاك الحين، لم تنحسر الممارسات القمعية المنهجية للسلطات المصرية. فلا يزال المعارضون السلميون يتعرضون للاستهداف، والإخفاء القسري، والسجن. كما يتواصل احتجاز الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان خلف القضبان، فضلاً عن استمرار تفشي ممارسات التعذيب والحرمان من الرعاية الصحية الواجبة وحالات الوفاة أثناء الاحتجاز. وفي الوقت نفسه، تواصل السلطات المصرية الهيمنة على الخطاب العام، في ظل سيطرة محكمة على المجالين العام والسياسي.

وتقول وكالة "رويترز" الإخبارية ؛ إنه "من الصعب الحصول على إحصاءات عن عدد أحكام الإعدام التي تم تنفيذها. ولا تنشر مصر أرقاما رسميا".

ويقبع في السجون المصرية حاليا نحو 60 ألف معتقل سياسي، وفق تقديرات لمنظمات حقوقية، في حين يرى خبراء أن هذا العدد ربما يصل إلى مائة ألف في ظل عدم وجود إحصاءات رسمية وعدم توقف النظام عن عمليات الاعتقال يوميا.

استراتيجية مصر "ساتر براق"  لانتهاكات حقوق الإنسان

وقدمت منظمة العفو الدولية، في تقرير بعنوان، “انفصال عن الواقع: الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر تتستَّر على أزمة حقوق الإنسان“، أصدرته يوم 21 سبتمبر 2022، تحليلاً مُفصَّلًا للاستراتيجية في ضوء أوضاع حقوق الإنسان على أرض الواقع، مُبيِّنة كيف تستغلها السلطات باعتبارها أداةً دعائية لتُخفي قمعها الذي يزداد استفحالاً ضد أي شكل من أشكال المُعارضة قبل مؤتمر المناخ المُقرر انعقاده في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “لقد وضعت السلطات المصرية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتكون ساترًا برَّاقًا لانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها من دون رادع، معتقدةً أنه يمكنها خداع العالم قبل مؤتمر المناخ، إلا أنه لا يمكنها تلميع سِجِلها المريع بمجرد حيلة من حيَل العلاقات العامة”.

وأضافت كالامار: “يجب ألا يُخدع المجتمع الدولي بمحاولات مصر لإخفاء فداحة أزمة حقوق الإنسان التي تشهدها البلاد، بل يجب عليه أن يمارس الضغوط على السلطات المصرية، على المستويين المُعلَن وغير المُعلَن، لاتخاذ خطوات ملموسة نحو إنهاء هذه الحلقة المُفرغة من الانتهاكات وإفلات مرتكبيها من العقاب، بدءًا بالإفراج عن الآلاف من مُنتقدي السلطات ومُعارِضيها المُحتَجَزين تعسفًا داخل السجون المصرية، وتخفيف قبضتها على المجتمع المدني، والسماح بالتظاهرات السلمية”.

أشارت السلطات المصرية مرارًا وتكرارًا إلى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان منذ إطلاقها، في تصريحات علنية وخلال الاجتماعات المُغلقة مع مسؤولي الحكومات الأخرى، باعتبارها دليلًا على التزامها بحقوق الإنسان، وقد وضعت الحكومة استراتيجية على مدى خمسة أعوام من دون أي تشاور مع منظمات حقوق الإنسان المستقلة أو مشاركة شعبية، بينما ترسم صورة مُضللة على نحو بالغ لأزمة حقوق الإنسان في مصر. كما أنّها تعفي السلطات من أي مسؤولية عبر إرجاعها الأزمة إلى التهديدات الأمنية والتحديات الاقتصادية، بل و”ضعف الوعي” لدى المواطنين المصريين أنفسهم بحقوقهم وممارستها.

وتُشيد الاستراتيجية بالإطارَيْن الدستوري والقانوني، بينما تتجاهل سنّ وتطبيق سلسلة من القوانين القمعية التي إما تُجرِّم فعليًا ممارسة الحقوق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، أو تُقيّدها تقييدًا شديدًا. وتنتقص هذه القوانين أيضًا المزيد من ضمانات المحاكمة العادلة، وتُرسِّخ إفلات عناصر الأمن والجيش من العقاب.

وإضافةً إلى ذلك، تتجاهل الاستراتيجية سِجِل السلطات المصرية المخزي منذ يوليو/تموز 2013، في قمع المُعارَضة، مع استمرار احتجاز الآلاف تعسفًا أو مقاضَاتهم ظلمًا. وخلال العامَيْن الماضيين فقط، تُوفي عشرات الأشخاص في السجن، بعد حرمانهم المُتعمَّد من الحصول على الرعاية الصحية الكافية واحتجازهم في أوضاع قاسية ولاإنسانية.

وفي الأشهر الأخيرة، أُفرِج عن عشرات سجناء الرأي وغيرهم من المُحتَجَزين لأسباب سياسية، ما يُعَد خطوة إيجابية وإن كانت ذات تأثير محدود للغاية؛ بيد أن السلطات تُواصِل اعتقال المئات من مُنتقديها ومُعارِضيها تعسفًا، بينما يُمنَع الكثيرون من المُفرَج عنهم من السفر.

ومنذ عام 2013، فرضت السلطات الرقابة أيضًا على مئات المواقع الإلكترونية، وداهمت منافذ إعلامية مستقلة وأغلقتها، واعتقلت عشرات الصحفيين لتعبيرهم عن آراء انتقادية أو لمجرد مزاولة عملهم الإعلامي.