مسيرات الغضب تجتاح تونس .. والمرزوقي يدعو الجيش للانحياز للشعب
الجمعة - 17 ديسمبر 2021
في ذكرى " ثورة الياسمين " انطلقت منذ مساء أمس الخميس، ومع ساعات الفجر الأولى من صباح اليوم ، مسيرات غضب والتي اجتاحت تونس اليوم خاصة في أعقاب صلاة الجمعة ، وقد تزامن ذلك مع دعوة الرئيس الأسبق منصف المرزوقي للجيش والشرطة للتمرد ضد سعيّد والانحياز للمطالب الشعبية، كما أطلق رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي حلا للأزمة التونسية وأكد على رفضه في بيان رسمي تعطيل البرلمان عاما آخر، كما تفاعل الشعب مع دعوات للقوى السياسية وحزب "النهضة" للانخراط في المظاهرات، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
قال الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي : أنه لا بد من التظاهر والاعتصام وكل أشكال المقاومة المدنية اليوم وغدا في كل تونس حتى سقوط الانقلاب، مؤكدا أن دولة القانون والمؤسسات على علاتها ألف مرة أقل خطرا على تونس من مشروع "دكتاتور".
وتابع في تصريحات صحفية اليوم ، أن المسار لا بد أن يتواصل داخل مؤسسات الدولة في ظل تشريعات جديدة يستعيد بها الشعب حقوقه كاملة .. حيث أن السنوات الماضية كانت سنوات فرز حقيقي بين الذي اصطف إلى جانب الشعب والذي ما زال يراوده أمل يائس في العودة إلى الوراء.
ودعا المرزوقي التونسيين إلى التظاهر بكثافة يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر الجاري للمطالبة برحيل الرئيس قيس سعيد واستعادة دولة المؤسسات والقانون.
وطالب الرئيس التونسي السابق أيضا الإعلام بالدفاع عن حرية التعبير، داعيا القضاء إلى الدفاع عن استقلاليته والاستعداد لمحاكمة سعيّد.
كما طالب الطبقة السياسية بالتوقف عن خلافاتهم، والاتفاق على مرحلة جديدة للبلاد يتم فيها تنظيم انتخابات جديدة، واستعادة النظام الدستوري والديمقراطي.
مشاركة واسعة للقوى السياسية
وأعلنت ( تنسيقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية ) التي تضم أحزاب التيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والجمهوري، خروجها للشارع اليوم في 17 ديسمبر، “احتفالا بذكرى الثورة (عام 2010)، ودفاعا عن الديمقراطية المهددة في تونس ورفضا لكل حكم فردي أو انفراد بالسلطة”
وخرجت أحزاب عدة وناشطين إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، إحياء لذكرى انطلاق الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، عام 2011 ، إلى ذلك، تجددت الدعوات للتظاهر بتونس العاصمة، رفضا لقرارات رئيس البلاد قيس سعيّد.
وكانت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" دعت إلى التظاهر بالعاصمة، اليوم الجمعة أيضا ، ودعا ممثلو أحزاب "التيار الديمقراطي" و"الجمهوي" و''التكتل من أجل العمل والحريات" خلال مؤتمر صحفي مشترك، الثلاثاء، إلى التظاهر بذكرى اندلاع الثورة، احتجاجا على ما اعتبروه "انقلاب رئيس الجمهورية قيس سعيد".
وينتظر اليوم الجمعة أن ينظم أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، مسيرة وطنية بمدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية.
من جانبه ، دعا الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي مؤسسات الدولة، وعلى رأسهم الأمن والجيش، إلى التمرد على قرارات قيس سعيّد.
وقال المرزوقي في فيديو نشره في صفحته الرسمية على "فيسبوك": "أنتم (الأمن والجيش) في حل من طاعة شخص غير سوي انقلب على الدستور. أنتم جلستم معه وتعرفون أن هذا الشخص (سعيّد) يهذي ليلا نهارا".
والغنوشي يقدم حلا للأزمة التونسية
وبالتزامن مع إنطلاق المظاهرات المنددة بانقلاب قيس سعيد ، اعتبر رئيس البرلمان التونسي المجمدة أعماله راشد الغنوشي،مساء أمس الخميس، أن قرار الرئيس قيس سعيّد بإجراء انتخابات نيابية مبكرة واستفتاء شعبي “غير دستورية وغير قانونية” داعيا الى إلغائها.
وكشف سعيّد في خطاب، الإثنين الماضي، عن جملة من القرارات تتمثل في الإبقاء على المجلس النيابي معلقًا أو مجمدًا إلى تاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة وفقا لقانون الانتخابات الذي سيتم تنقيحه.
ومطلع يناير/كانون الثاني القادم، ينطلق تنظيم استشارة وطنية إلكترونية على أن تنتهي في 20 مارس/آذار المقبل، بحسب سعيّد.
وستتولى لجنة تتكون من خبراء صياغة مختلف المقترحات حتى نهاية يونيو/حزيران على أن يُدخل على أساسها تعديل في الدستور يخضع للاستفتاء في 25 يوليو/تمّوز 2022، وهو يوم عيد الجمهورية.
وجاء في بيان موقع من قبل رئيس البرلمان راشد الغنوشي أن رئاسة المجلس “تعبرّ عن رفضها المطلق لتعطيل مجلس نواب الشعب سنة أخرى وتعتبر هذا الإجراء غير دستوري وغير قانوني”.
وأضاف البيان أن “أي تحوير في الدستور يكون عبر الإجراءات الدستورية” وأن رئاسة المجلس الذي كان حزب النهضة أكبر الكتل الممثلة فيه “ترفض أي مساس بهذا التمشي الذي حدده دستور 2014”.
وأكد المجلس أن الخروج من الأزمة السياسية الحالية “لن يكون إلا بالإلغاء الفوري للإجراءات الاستثنائية والدخول في حوار وطني شامل للتحديد الجماعي لمستقبل البلاد”.
وأكدت رئاسة البرلمان حق النواب في النضال السلمي والمشروع دفاعا عن الديمقراطية وعن المجلس المنتخب بإرادة شعبية حرة.
كما أعلنت رئاسة البرلمان التونسي عن رفضها المطلق لتعطيل أشغاله سنة أخرى، مثلما كشف الرئيس قيس سعيّد في خارطة طريقه، واصفة قرار التعطيل بالإجراء غير الدستوري وغير القانوني.
وجددت رئاسة البرلمان رفضها المحاكمات الانتقائية للنواب وتنديدها بسياسة التشفي والابتزاز والتضييق التي أصبحت سلوكا يوميا ومن منهج سياسة الأمر الواقع على حد تعبيرها.
وتعرف تونس منذ الخميس إجراءات أمنية مشددة وانتشارا مكثفا على مختلف الطرق والمدن تحسبا لمظاهرات ذكرى اندلاع الثورة.
وأعلنت قوى سياسية واجتماعية بارزة في تونس رفضها لقرارات سعيد التي أعلنها، الإثنين، معتبرة إياها “انفرادا بالرأي وتكريسا لسلطة الفرد الواحد”، فيما أيدتها قوى أخرى رأت فيها تعبيرا عن تطلعات الشعب التونسي
واعتبر عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، جوهر بن مبارك، أن خطاب قيس سعيد هو "عودة للخطاب المتشنج، ومنطق التخوين والتقسيم"، مبينا في فيديو بث على صفحة المبادرة، أن سعيد "سرعان ما عاد لمنطق التخوين، وشمل ذلك الجميع من أحزاب ومنظمات وحتى من سانده في البداية".
من جانبها، أكدت الأمينة العامة لحزب حراك تونس الإرادة، لمياء الخميري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قيس سعيد "يقود البلاد للفوضى والمجهول"، مبينة أن الرزنامة "غير واقعية، وهي رزنامة على مدة سنة، في حين أن البلاد لا تنتظر سنة في أزمتها الاقتصادية والقانونية".
أما القيادي في حركة النهضة، محمد القوماني، فقال إنه لا جديد لافتا في خطاب الليلة، وإنه لم يتفاجأ شخصيا، فقيس سعيد "كثّف سرديته حول الثورة والعشرية الماضية وما بعد 25 بما يشبه خطاب النهايات، وأفصح عن رزنامة لفرض مشروعه الشخصي، ظنّا منه أنها قد ترضي الخارج ولكنها لن تقنع غير بعض أنصاره". وأضاف القوماني في تدوينة على صفحته أن "كلّ الخطاب استمرار في اختطاف الإرادة الشعبية والتعبير عن الطهورية والتعالي وتكريس الفردانية والتبشير ببرنامج شعبوي"، مؤكدا أن الانقلاب يتمدّد ويتجه إلى مواجهة مكشوفة مع الجميع، وعلى معارضيه توحيد صفوفهم وقد ساعدهم على ذلك.
بدوره، أكد الوزير والقيادي السابق بـ"نداء تونس"، خالد شوكات في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن خطاب الرئيس قيس سعيد "خيّب آمال الراديكاليين ممن حاولوا تشجيعه على حلّ مجلس النواب وحلّ المجلس الأعلى للقضاء وغيرها من المطالب ذات الطبيعة الإقصائية".
وبدأ سعيد في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، وهو ينفي صحة اتهامات له بالانقلاب على الدستور، ويقول إن إجراءاته الاستثنائية هي “تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم”، بحسب تقديره.
هل تنجح المعارضة المنقسمة في إحباط "انقلاب سعيد"
وعلى مدار الأيام الماضية ، واصلت المعارضة التونسية الحشد للمظاهرات، المقررة اليوم .. لكن لا تبدو صفوف المعارضة التونسية موحدة، رغم اتفاق غالبية الأحزاب على خطورة توجهات الرئيس سعيّد تجاه التجربة الديمقراطية بتونس، لاختلاف قراءة المشهد السياسي منذ 25 تموز/ يوليو الماضي.
وتوسعت دائرة الرفض لقرارات سعيّد خلال الفترة الماضية، خصوصا بعد كشفه عن خارطة طريق تتضمن تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في تموز/ يوليو المقبل.
ورغم الإجماع والموقف المشترك من رئيس الجمهورية، يبدو أن الأحزاب التونسية اختارت العمل دون تنسيق، وهو ما اتضح الثلاثاء الماضي في ندوة صحفية لأحزاب "التيار الديمقراطي" و"الجمهوري" و"التكتل" التي دعت لمظاهرات اليوم .
ولا يعني التشارك في موعد ومكان الاحتجاج ضد سعيّد توحد المعارضة، وهو ما أكده أمين عام حزب "التكتل" خليل الزاوية في تصريح لـ"عربي21" قائلا: "موقعنا مختلف عن موقع بقية معارضي قيس سعيّد".
وتابع: "اتفقت الأحزاب والأطراف الاجتماعية والديمقراطية بخصوص الموقف من سعيّد، لكننا اشتغلنا على توحيد الصفوف منذ بداية السنة، وليس فقط بعد 25 تموز/ يوليو، لكن قرارات الرئيس دفعت أكثر نحو هذا التقارب".
وأوضح الزاوية أن "هناك جزءا من المعارضة يقع بالقرب من حركة النهضة، لكن ليس لنا نفس التوجهات التي تدعو إلى عودة البرلمان برئاسة راشد الغنوشي مثلا".
وأشار الوزير السابق إلى أن "الأحزاب الاجتماعية والديمقراطية اقترحت خارطة طريق مشتركة، للخروج من الأزمة، ويوجد عمل مشترك فيما بيننا من أجل أرضية تحالف".
وأردف: "تواصلنا مع الاتحاد العام التونسي للشغل لم ينقطع، ونحن دفعناه نحو تبني مسألة الخط الثالث، لنؤكد أنه لا يمكن حل الأزمة من خلال الثنائية بين طرفين اثنين".