مذبحة العوامات: لماذا يهدم الانقلابيون في مصر بنايات تاريخية على النيل؟
الأحد - 3 يوليو 2022
- وزارة الري تنفذ أوامر سيادية لإزالة 32 عوامة سكنية مقامة فوق النيل بمنطقتي "الكيت كات" والعجوزة
- الجيش يستهدف من عمليات الإزالة إقامة مشروعات سياحية و"كافيهات نيلية" ومنتجعات خاصة بالأثرياء
- مسئول بـ"حماية النهر" يستخدم "شماعة الإخوان" ويزعم وجود 3 عوامات مملوكة لقيادات إخوانية كبيرة!
- ملاك العوامات استلموا إخطارًا من وزارة الدفاع يفيد بتبعية عواماتهم لجهاز المشروعات للقوات المسلحة
- "نيويورك تايمز" تستغرب إقدام الحكومة على هدم العوامات التي تمثل جزءًا من تاريخ القاهرة الثقافي
- "نيويورك تايمز" : الحكومة تعاملت بشكل غير مسبوق مع التراث الثقافي وتدمر مظاهر البهجة النيلية
في حلقة جديد من مسلسل أزالات أملاك المصريين ، بدأ الجيش ممثلا في سلطات وزارة الري بحكومة الانقلاب حملة لتدمير وإزالة 32 من العوامات السكنية التاريخية المقامة فوق نهر النيل بمنطقة الكيت كات والعجوزة، الجيش يسعى لأنشاء مشروع مماثل لممشي أهل مصر بمنطقة العجوز و"الكيت كات" لبناء كافيتريات و منتجعات نيلية خاصة بالأثرياء، وقد حاول الكثير من المثقفين التصدي لهده الجريمة لكنهم فشلوا ، وقد وصف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إقدام حكومة الانقلاب على هدم العوامات النيلية التي تمثل جزء من تاريخ القاهرة الثقافيبانه غير مسبوق في التاريخ المصري ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل ونرصد التطورات في هذا الحدث الذي يثير غضب كثير من مثقفي مصر .
هدم 32 عوامة تاريخية
في حلقة جديد من مسلسل إزالات أملاك المصريين، بدأ الجيش ممثلا في سلطات وزارة الري بحكومة الانقلاب حملة لتدمير وإزالة 32 من العوامات السكنية التاريخية المقامة فوق نهر النيل بمنطقة الكيت كات والعجوزة، بدعوي أنها تشوه المظهر الجمالي للنهر، وأن ثلاثة منها مملوكة لقيادات من الإخوان.
وأزالت أجهزة وزارة الموارد المائية والري عدة عائمات بالفعل بتدميرها بالبلدوزر، وتعتزم إزالة عشرات أخريات، ما أثار حملة انتقادات من المصريين الذين اتهموا الجيش بالسعي للسيطرة على النيل وبناء كافيتريات على النيل بدل العوامات التاريخية.
وتستهدف الحملة إخلاء منطقة النيل من جهة العجوزة والكيت كات تمام من العوامات وأي مشاريع خاصة تمهيدا لسيطرة جنرالات الجيش عليها ضمن بيزنس الجيش المتوسع لبناء كافتيرات ومنتجعات ترفيهية مثلما فعلوا في ممشي أهل مصر علي الجهة المقابلة علي النيل عند ماسبيرو الذي زعموا أنه للمصريين ثم تبين أنه تم بناء كافيتريات وأماكن خاصة بالأثرياء
واتهم مثقفون وكتاب السلطة بالقضاء على التراث، مؤكدين أن أديب نوبل نجيب محفوظ الذي كان من مريدي وعشاق العوامات، أقام 25 عاما بعوامة حسين باشا دياب، وكتب أهم أعماله هناك.
مسمار الاخوان
ولتبرير الازالة، ونهب الجيش لشاطئ النيل لمشاريعه الاقتصادية، زعم المهندس أيمن أنور، رئيس الإدارة المركزية لحماية نهر النيل بالقاهرة الكبرى لموقع "العربية. نت" 24 يونيو 2022 أن من بين العائمات التي تم إزالتها 3 مملوكة لقيادات إخوانية كبيرة، صدرت قرارات بالتحفظ على أموالهم وممتلكاتهم.
وأشار إلى أن قرار الإزالة صدر منذ عامين وحتى الآن لم يستجب الملاك، رغم منحهم فرصة للإخلاء التطوعي.
ونقل موقع "مدي مصر" يوم 25 يونيو 2022 عن منار مجدي مالكة إحدى العوامات أنها وأصحاب العائمات تسلموا في 21 أبريل 2021 إخطارًا من وزارة الدفاع يخبرهم بأن العائمات ومراسي النيل وكل ما يتعلق بها أصبحت تابعة لجهاز المشروعات للقوات المسلحة.
وقال أصحاب العائمات إنهم ذهبوا إثر هذا الإخطار إلى الجهاز، فطلب مسئولوه وقتها إحضار جميع التراخيص الخاصة بالعائمات.
وقالت إحدى ملاك العوامات: وقتها قدمت كافة الأوراق بالفعل، وعندما طلبت منهم تجديد الترخيص، أخبرني المسؤولون بالجهاز بأنهم بصدد تشكيل لجنة لتحديد آلية إصدار التراخيص الخاصة بالعائمات وتوحيدها في جهاز المشروعات بدلًا من المحافظة والري والزراعة، وأن تلك اللجنة ستبدأ عملها في نوفمبر 2021.
وقالت مالكة إنها ذهبت إلى جهاز الجيش وطلبوا منها إحضار جميع التراخيص الخاصة بالعائمة وقدمتها بالفعل، وعندما طلبت منهم تجديد الترخيص، أخبرها المسؤولون بالجهاز بأنهم بصدد تشكيل لجنة لتحديد آلية إصدار التراخيص الخاصة بالعائمات وتوحيدها في جهاز المشروعات بدلًا من المحافظة والري والزراعة، وأن تلك اللجنة ستبدأ عملها في نوفمبر 2021.
وأنها سألت في نهاية العام 2021 مرة أخرى، فأخبرها مسؤولو الجهاز أنه أصبح غير مسؤول عن تراخيص العوامات، وإنما وزارة الري، وأن الجهاز العسكري سيكون مسؤولًا فقط عن الأراضي المقام عليها المراسي بدلًا من وزارة الزراعة.
وترددت أنباء أنه سيجري بناء سلسلة كافيتريات على النيل من جهة العجوزة والكيت كات لصالح الجيش بدلا من العوامات.
وقدم ملاك وقاطنو عائمات سكنية بمنطقة الكيت كات بمحافظة الجيزة، استغاثة إلى مكتب رئاسة الجمهورية، بقصر الاتحادية، ودعاوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، لوقف تنفيذ قرار وزير الري بإزالة 32 عائمة سكنية في المنطقة بين كوبري 15 مايو وكوبري إمبابة حسبما قال عدد من أصحاب العائمات
وقال الملاك في منشور على فيسبوك 22 يونيو 2022 إن محافظة الجيزة وجهاز مشروعات القوات المسلحة ووزارتي الري والزراعة رفضت تجديد تراخيص العوامات السكنية ورفض الجيش الترخيص لهم
وانتقدت الدكتورة أهداف سويف خالة المعتقل السياسي علاء عبد الفتاح والتي تقتني إحدى العوامات من تصريح رئيس إدارة حماية نهر النيل الذي يطالب الملاك بتغيير نشاط العوامة الي "نشاط تجاري أو سياحي"، مستغربه إجبار السكان على تحويل منازلهم لـ "كافيه" كما تريد السلطة.
وشهدت العوامات المصرية تاريخ طويل من حكايات وأحداث لا نهاية لهما، ووقائع اجتماعية وسياسية وجاسوسية دارت رحاها في العوامات.
وفوجئ ملاك العوامات برفض منعهم تراخيص منذ عامين ثم مطالبتهم الان بعد تدمير وتحطيم وازالة العوامات ومطالبتهم بغرامات تصل الي 100 ألف جنية بدعوي عدم تقدمهم بالتراخيص اللازمة رغم أن الحكومة هي التي منعت اعطائهم اياها.
وترددت أنباء أنه سيجري بناء سلسلة كافيتريات على النيل من جهة العجوزة والكيت كات لصالح الجيش بدلا من العوامات.
السيسي يدمر تراث القاهرة
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا انتقدت فيه إقدام حكومة الانقلاب على هدم العوامات النيلية، التي تمثل جزء من تاريخ القاهرة الثقافي.
وبحسب التقرير، أثناء التجديف أمام المركب الفيروزي المبهج على النيل، حيا صياد امرأة ذات شعر أبيض تدعى إخلاص حلمي، 88 عاما، كانت تتمايل على سطح السفينة، قائلا: "كيف حالك؟" لترد عليه:"ربنا على الظالم!".
وقد يكون هذا الأسبوع هو آخر مشاركة لهم في هذا الامتداد الخاص من نهر النيل، وهي منطقة ضيقة في وسط القاهرة تصطف منذ عام 1800 مع قوارب منزلية خشبية – منازل تتضاعف كتقاليد حية. وفي هذا الشهر، أمرت حكومة الانقلاب فجأة بهدم قارب السيدة حلمي و31 قاربا آخر، قائلة إنها غير آمنة وغير مرخصة.
وقد تم بالفعل تدمير أكثر من نصف المباني ال 32 المتصلة بالبر الرئيسي للقاهرة من خلال حدائق ضفاف الأنهار المورقة، أو سحبها بعيدا للخردة، حيث اختفى 14 منها على الأقل يوم الثلاثاء الماضي وحده. ومن المقرر أن يذهب الباقون، بمن فيهم منزل السيدة حلمي، بحلول أوائل يوليو.
وقالت السيدة حلمي:"لقد ولدت على متن قارب منزلي، ولا يمكنني أبدا أن أكون بعيدا عن النيل"، ولدت ورفعت بعض المراكب المنزلية ، وانتقلت لفترة وجيزة إلى شقة عندما تزوجت ، لكنها سرعان ما عادت إلى النهر.
وقالت: "سأموت إذا اضطررت للعيش في شقة حقيقية". "كيف يمكنك سجني بين أربعة جدران؟"
وعلى الرغم من أن حكومة السيسي لم تقدم سوى القليل من المعلومات حول خططها لضفة النهر، يقول السكان إن السلطات دفعت بشكل متزايد في السنوات الأخيرة لاستبدال القوارب السكنية بمقاهي ومطاعم عائمة. ويتماشى ذلك مع خطط الحكومة لتحديث جزء كبير من القاهرة وتسييله من خلال تسليمه إلى مطورين من القطاع الخاص أو الجيش، وتجريف العديد من الأحياء التاريخية لبناء بنايات شاهقة جديدة وطرق وجسور.
ولكن حتى في بلد غالبا ما تنزل فيه اليد الثقيلة للدولة على المواطنين العاديين دون سابق إنذار ، اختفت المراكب المنزلية بسرعة مقلقة.
على مدى عقود، حاول الحكام المصريون المتعاقبون نقل المراكب المنزلية، لكن أصحابها تمكنوا من التفاوض مع السلطات. على مدى السنوات الخمس الماضية، رفعت حكومة السيسي الرسوم أو غيرت اللوائح عدة مرات، على حد قول السكان، وأخيرا توقفت عن تجديد أو إصدار تراخيص المراكب المنزلية قبل عامين.
وأشارت رسالة أرسلت إلى السكان العام الماضي إلى أن حكومة الانقلاب ستصدر تراخيص جديدة للقوارب التجارية فقط. ومع ذلك ، فإن التجربة السابقة جعلت السكان يأملون في الحصول على تأجيل.
والآن، يستخدم المسؤولون عدم وجود تراخيص لتبرير عمليات الهدم، على الرغم من أنهم يقولون إنهم رفضوا تجديد تلك التراخيص.
وقد استمعت أطراف غريبة إلى روايات نجيب محفوظ، الذي كان يملك قاربا منزليا بالقرب من شقته.
على مر السنين ، تم تحويل المزيد والمزيد من القوارب المنزلية إلى أعمال تجارية ، وأصبحت ضفاف النيل ، التي كانت مفتوحة إلى حد كبير للجمهور ، مزدحمة بالنوادي والمقاهي الخاصة
وقد أوضحت السلطات أنها تريد المزيد من هذه: يقول أصحاب المراكب المنزلية إنه تم إخبارهم بأن بإمكانهم دفع أكثر من 6500 دولار للرسو مؤقتا في مكان آخر أثناء تقدمهم بطلب للحصول على تراخيص تجارية لفتح المقاهي أو المطاعم في منازلهم السابقة. لكنهم يزعمون أن هذا ليس خيارا عادلا أو جذابا.
قالت نعمة محسن، 50 عاما، وهي مدربة مسرح عاشت على أحد المراكب المنزلية لمدة ثلاثة عقود "إنهم يدمرون الماضي، ويدمرون الحاضر، ويدمرون المستقبل أيضا"،. "أرى أن هذا جريمة، ولا يمكن لأحد أن يوقفها. إنهم يسلبون حياتنا كما لو كنا مجرمين أو إرهابيين".
واليوم، تعود ملكية بعض المراكب المنزلية إلى سياسيين ورجال أعمال، والبعض الآخر إلى البوهيميين، والبعض الآخر إلى المصريين من الطبقة المتوسطة الذين لا يعرفون حياة أخرى.