مخطط صهيوني إماراتي لتمكين الاحتلال من مياه النيل

الاثنين - 26 أبريل 2021

مشروع مائي في سيناء  لتوصيل النيل للكيان الصهيوني .. وطرحه كحل لأزمة سد النهضة!

علي مدار الساعات القليلة شهد ملف سد النهضة كثير من التطورات الخطيرة، ومنها الكشف عن مشروع مائي ضخم يتم إنشاؤه بسيناء، تمهيدا لتوصيل المياه للكيان الصهيوني، كحل لازمة سد النهضة.

وتثير السرية والتكتم الشديد على  مشروع  مد خطوط المياه العملاقة في شبه جزيرة سيناء المصرية، مخاوف حقيقية لدى المصريين عموماً، في مقابل تضاعفها بين أبناء بوابة البلاد الشرقية المتاخمة للحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، في توقيت يصعب فصله عن سيناريوهات البحث عن حل لأزمة سد النهضة الإثيوبي.

في هذا السياق، تم طرح مبادرة إماراتية لحل سد النهضة  لا تستثني وصول المياه للكيان الصهيوني، وجرت قبل يومين مباحثات سرية بين السيسي وين زايد  حول "المبادرة " تثير قلق السياسيين المصريين.

وتسود حالة من القلق في دوائر السيسي من غضبة شعبية في حال الاستجابة للمبادرة الاماراتية التي تستهدف المحافظة علي استثمارات ابو ظبي في أثيوبيا، وعلي الجانب المصري، هناك رضوخ للواقع الجديد من خلال اعلان وزير الاسكان عن مشروعات تنقية مياه الصرف، وفي مقابل ذلك مازال التعنت الاثيوبي مستمر في التعامل مع مبادرة لحل الازمة.

ويعمل فريق هندسي بمشاركة عشرات العمال والآليات الثقيلة على مدار الساعة، في شق الطريق أمام خطوط مياه عملاقة، في شبه جزيرة سيناء، فيما لم يعلن رسمياً عن ماهية هذه المشاريع، أو وجهتها، خصوصاً في ظل الحديث عن نقل مياه النيل للأراضي المحتلة عبر ترعة السلام وسحارة سرابيوم من خلال ستة أنفاق أسفل قناة السويس تم تنفيذها فعليا، كجزء من حل قضية سد النهضة الذي فشل النظام المصري في معالجته مع إثيوبيا طيلة السنوات الماضية.

منظومة لنقل ربع مليون متر مكعب!

وبحسب فنيين، تستطيع هذه المنظومة نقل ربع مليون متر مكعب من المياه من ترعة الإسماعيلية، إحدى الترع الرئيسية لنهر النيل، في اتجاه الضفة الشرقية لقناة السويس، حيث شبه جزيرة سيناء المحاذية لصحراء النقب، التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تنميتها، وهي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.

وتقول صحيفة "العربي الجديد" إنها حصلت على تفاصيل حول نشاط فريق عمل مصري في مناطق وسط سيناء، جنوبي المدن الساحلية لمحافظة شمال سيناء. ويعمل الفريق على شق الأرض ووضع خطوط ناقلة للمياه بأقطار كبيرة. ولم يسبق من قبل مدّ مثل هذه الخطوط على مدار العقود الماضية. وينخرط في هذا المشروع عشرات المهندسين مع آليات ثقيلة، بحماية الجيش المصري، كون الشركة المتعهّدة تابعة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، حسبما أكد أحد العاملين في المنطقة. ويُحظر تغطية العمل إعلامياً، أو السماح لأي مدني من خارج منظومة العمل بالوصول إلى المنطقة أو مشاهدة الأعمال القائمة.

وفي محاولة للاستيضاح حول ماهية العمل من خلال محافظة شمال سيناء، أبلغ مصدر مسؤول في المحافظة، "العربي الجديد"، بعدم اختصاص المحافظة بهذه المشاريع، وأنها غير مطلعة عليها، إذ أنها تعتبر من المشاريع السيادية التي تتم إدارتها من القاهرة بشكل مباشر، وبمعرفة القوات المسلحة المصرية، بعيداً عن الهيئات الحكومية المحلية.

ويبلغ طول سحارة سرابيوم التي يخشى المصريون أن تكون وسيلة تنفيذ مخطط إسرائيلي لنقل مياه النيل للأراضي المحتلة، 420 متراً، بهدف نقل المياه أسفل قناة السويس. وتُعد السحارة أكبر مشروع مائي ينفذ في منطقة الشرق الأوسط، وتتكون من أربعة خزانات ضخمة لاستقبال المياه ودفعها. ويبلغ عمق الخزان الواحد 60 متراً، فيما يبلغ قطر السحارة الداخلي نحو 20 متراً، مع أربعة أنفاق أفقية، بطول 420 متراً للنفق الواحد.

نقل المياه من ترعة الإسماعيلية

ومن المفترض أن تنتقل مياه نهر النيل من ترعة الإسماعيلية كمصدر رئيسي، لتبدأ رحلتها من غرب القناة القديمة بترعة السويس. وتمتد بطول سحارة سرابيوم تحت القناة القديمة لتعبر الجزيرة بين القناتين القديمة والجديدة، وتصل إلى شرق القناة الجديدة ناحية ترعة الشيخ زايد جنوباً وترعة التوسع شمالاً.

و ذكر باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" أنه في ظل أزمة سد النهضة التي لا يبدو أن لها حلاً، بعد فشل كل المفاوضات السابقة، إقليمياً ودولياً، بشأنها، يتصور النظام أن كلمة السر في الحل هي فقط في يد حكومة الاحتلال الإسرائيلي، التي تدعم إثيوبيا في إنشاء السد منذ بداياته، ليس حباً فيها، بل بسبب رغبتها في أخذ حصة من مياه نهر النيل، لتروي بها أرض النقب التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لا يمكن تغطيتها سوى من النيل.

وأضاف الباحث: "ميدانياً، لا يمكن ربط إنشاء مشاريع المياه الاستراتيجية وخطوط المياه الناقلة بتنمية سيناء، التي تعرضت لعمليات تهجير وهدم وقتل للحياة على مدار السنوات الماضية. كما أن شبكات المياه الداخلية في المدن تحتاج تغييراً وتطويراً، قبل أن تشق خطوط المياه الضخمة إن قيل إنها لصالح السكان والمزارعين. في المقابل، أتت آلة الحرب على الأرض الزراعية وحولتها إلى رماد، فلمن ستكون المياه؟".

وأشار الباحث إلى أن "الأسابيع القليلة المقبلة كفيلة بالكشف عن مسار هذا المشروع الضخم، في حال وصوله إلى مناطق جنوبي الشيخ زويد ورفح، وبذلك يعني أننا فعلياً أمام مشروع نقل مياه النيل بشكل رسمي إلى الأراضي المحتلة، في ظل عدم وجود أي نشاط زراعي في تلك المناطق يمكن استثمار هذه الكميات من المياه فيه، وانعدام وجود الكتلة السكانية.

مبادرة الإمارات.. لمصلحة من ؟

انصبّت جلسة المباحثات المغلقة بين عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، خلال زيارة الأخير إلى القاهرة مساء أول من أمس السبت، بشكل رئيسي على قضية سد النهضة والمبادرة الإماراتية المطروحة للتوفيق بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وعكست العبارات الودية والتوافقية التي حفل بها بيان الرئاسة المصرية والبيان الإماراتي بعد الزيارة، إصرار الطرفين على تبديد المؤشرات السلبية التي انتشرت خلال الفترة الماضية على وجود خلافات بين الطرفين حول العديد من الملفات الثنائية والإقليمية، ولكن على الرغم من الإشارة إلى قضية سد النهضة إلا أن البيانين لم يكشفا تفاصيل الطرح الإماراتي الجديد.

وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة على الملف إن بن زايد تحدث مع السيسي مباشرة مكللاً الاتصالات الإماراتية التي استمرت بضعة أيام قبلها، لإعادة طرح مبادرة تُمكّن أبوظبي من لعب دور الوسيط لحلحلة قضية سد النهضة، بالتركيز على ملف الاستثمارات في المناطق المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا من جهة، والمساعدة في إقامة مشاريع للتنمية المستدامة بين البلدان الثلاثة من جهة أخرى، مرتبطة بتوليد الكهرباء من الطاقة المائية وطاقة الرياح في محيط سد النهضة (ولاية بني شنقول -قمز) وتخصيص أراضٍ في المنطقة للزراعات الاستراتيجية لتوريدها إلى الإمارات ومصر، وذلك لرغبتها في حماية استثماراتها التي تدفقت على إثيوبيا في السنوات الأخيرة، وستزيد بإنجاز مشروع سد النهضة

وأضافت المصادر أن الطرح الإماراتي يتضمّن تكريس معادلة الاستثمارات مقابل التعاون والتنسيق في إدارة مياه النيل، على المدى الطويل، لكن الجانب المصري يصر على ألا تكون هذه المعادلة بديلة عن وجوب التوصل إلى اتفاق نهائي ملزم قانوناً ومضمون سياسياً على قواعد الملء والتشغيل. وشددت المصادر على أن الإمارات أبدت موافقة على ألا تتضمّن المبادرة، على عكس ما حدث في السابق، توقيع اتفاقيات مؤقتة أو إقامة آليات جديدة لتبادل المعلومات حول الملء والتشغيل، بل تركز على تنسيق طويل الأجل.

وكشفت المصادر أن دائرة السيسي ما زالت تبحث وتناقش احتمالات التعاطي الإيجابي مع المبادرة الإماراتية، وانعكاساتها على اللجوء الحالي إلى مجلس الأمن، الأمر الذي يزيد حساسية توقيت المبادرة والاستجابة المحتملة لها، لا سيما بعد رفض القاهرة الاستجابة لطلب الإمارات الشهر الماضي عقد اجتماع ثلاثي بين وزراء الخارجية الشهر الماضي.

وأوضحت المصادر أن هناك خلافاً بين أركان الحكم في السودان على مدى قبول الوساطة الإماراتية لحل الأزمة الحدودية مع إثيوبيا وتكامل ذلك مع قضية سد النهضة، خصوصاً بعد طرح أفكار بشأن تقسيم منطقة الفشقة الحدودية.

151 محطة لمعالجة مياه الصرف.. لماذا؟

وفي إطار الاستسلام للامر الواقع الذي تفرضه اثيوبيا علي مصر ، أعلن وزير الإسكان المصري، عاصم الجزار، السبت، أن وزارته تستهدف إنشاء 151 محطة ثنائية وثلاثية لمعالجة مياه الصرف الصحي في المحافظات والمدن الجديدة، بطاقة إجمالية تصل إلى 5.051 ملايين متر مكعّب في اليوم، وتكلفة تبلغ 31.59 مليار جنيه (نحو ملياري دولار) ، وذلك بخلاف 59 محطة معالجة انتهت من تنفيذها في محافظات الصعيد لخدمة 8.3 ملايين مواطن، بواقع 37 محطة معالجة ثنائية، و22 محطة معالجة ثلاثية.

ورداً على تعثر مفاوضات سد النهضة، وتمسك إثيوبيا بالملء الثاني للسد في يوليو/تموز المقبل، قال الجزار إن "الدولة المصرية توسعت في إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية لمياه الصرف الصحي، بهدف تعظيم الاستفادة من كل قطرة ماء، وإعادة استخدام المياه المعالجة في الأغراض المخصصة لذلك".

واستكمل: "الوزارة تمضي قدماً في تنفيذ 14 محطة لتحلية مياه البحر، في محافظات مرسى مطروح، والبحر الأحمر، وشمال سيناء، وجنوب سيناء، وبورسعيد، والدقهلية، والسويس، والإسكندرية، وذلك بطاقة إجمالية تصل إلى 476 ألف متر مكعب في اليوم، وتكلفة تبلغ 9.71 مليارات جنيه، والانتهاء من إنشائها في 30 يونيو/حزيران 2022".

وختم الجزار: "وزارة الإسكان انتهت من تنفيذ 76 محطة لتحلية مياه البحر، في محافظات شمال سيناء، وجنوب سيناء، والبحر الأحمر، ومرسى مطروح، والإسماعيلية، والسويس، بطاقة إجمالية تبلغ 831.69 ألف متر مكعب في اليوم، ليصل إجمالي محطات التحلية المستهدفة في البلاد إلى 90 محطة، بطاقة إجمالية (متوقعة) تبلغ 1.307.69 مليون متر مكعب في اليوم".

إثيوبيا تواصل تعنتها بشأن التعبئة

وفي سياق متصل ، قال حيدر يوسف خبير الموارد المائية والري السوداني إن إعلان مجلس الأمن القومي الأثيوبي بأن أديس أبابا ستقوم بالتعبئة الثانية لسد النهضة في موعده المحدد يشكل تحولا سياسيا حقيقيا في قضية سد النهضة.

وأضاف يوسف خلال مشاركته في برنامج “المسائية” على شاشة الجزيرة مباشر”أن اثيوبيا بموقفها هذا تكون قد نقلت ملف سد النهضة من أيدي التقنيين وحولت الموضوع إلى أكبر سلطة سياسية في البلاد وهي مجلس الأمن القومي الإثيوبي”.

يأتي ذلك في وقت حث فيه مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قادة مصر وإثيوبيا والسودان على التعاون لحل نزاعاتهم بشأن سد النهضة، بينما أكدت أديس أبابا أنها متمسكة بالتعبئة الثانية للسد رغم الضغوط.