محلل أمريكي: واشنطن تستخدم حكام مصر كعملاء ولا تجتهد للحد من وحشيتهم

الثلاثاء - 10 آغسطس 2021

  • الإدارات المتعاقبة ظلت مقتنعة بأن حكم الرجل القوي ضروري لمنع مصر من السقوط في أيدي الإسلاميين
  • عندما جاءت جماعة الإخوان إلى السلطة بانتخابات حرة أثبتت أن المخاوف الغربية لا أساس لها من الصحة
  • من غير الحكمة إزاحة السيسي من السلطة مباشرة.. والأفضل هو إضعافه بشدة بسحب أسلحته الأمريكية

 

قال الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي، مايكل بورزيكي (Michael Purzycki) إن بإمكان أمريكا أن تعزز الديمقراطية في الشرق الأوسط،  منتقدا أسلوب إدارة بايدين في التعاطي مع الحالتين: المصرية والتونسية.

أضاف، في مقال بموقع "ميريون ويست" (Merion West) الأمريكي المستقل، تحت عنوان "تونس ومصر: اختباران لبايدن والديمقراطية" وترجمه موقع "إنسان للإعلام"، أن  تونس ومصر، أول دولتين أطاحت بحكمهما الديكتاتوري في الربيع العربي عام 2011 ، اتبعتا مسارات سياسية مختلفة للغاية على مدار العقد الماضي، ويمكن للسياسة الأمريكية أن تلعب دورًا مهمًا تجاه كل منهما في تحديد المدة التي يمكن أن تستمر فيها الديمقراطية.

وتابع: "في حين أن قرار الاستمرار في تعزيز المؤسسات العامة، والانتخابات الحرة والنزيهة  والسمات الرئيسية الأخرى للدول الديمقراطية هو قرار يتخذه التونسيون والمصريون، فإن الإجراءات الأمريكية يمكن أن تجعله أسهل لتعزيز الديمقراطية".

وشبه استخدام الولايات المتحدة للديكتاتوريين المصريين خلال معظم السنوات الأربعين الماضية "باستخدام الدوق سيزار بورجيا، عندما احتل رومانيا، لمرؤوس لا يرحم للقيام بعمليات قذرة"، بحسب ما ورد في كتاب "الأمير" لمكيافيلي.

وقال: إن الولايات المتحدة تجعل حكام مصر عملاء لها، ولا تقوم بأي محاولة مهمة للحد من معاملتهم الوحشية للشعب المصري.

وبالنظر إلى الاستقرار في مصر كمصلحة حيوية، ترفض الولايات المتحدة المخاطرة بإلقاء ثقلها وراء انتخابات حرة ونزيهة، الأمر الذي قد يجلب السياسيين المعادين أيديولوجيًا للولايات المتحدة وإسرائيل والغرب إلى السلطة. والسؤال الآن هو: هل ستفعل الولايات المتحدة بشكل أساسي ما فعله "بورجيا" بإبعاد مرؤوسه عن السلطة، وتركه ليواجه عواقب وحشيته؟.

وأكد بورزيكي أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، منذ معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية عام 1979، ظلت مقتنعة إلى حد كبير بأن حكم الرجل القوي ضروري لمنع مصر من السقوط في أيدي الإسلاميين. وبرغم أن الحكومة الأمريكية تريد، من الناحية النظرية، ألا يتعرض المصريون للقمع من قبل ديكتاتور، فإن الخوف من أي حكومة في القاهرة قد لا تكون صارمة بما فيه الكفاية ضد الإسلاميين قد طغى على آمال الرؤساء الأمريكيين في هذا الصدد.

وقال: كان الضغط الذي مارسه الرئيس أوباما عاملاً أساسياً في إقناع مبارك بالتنحي أثناء احتجاجات عام 2011. وعندما جاءت الانتخابات بجماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، أثبتت الجماعة أن المخاوف الغربية لا أساس لها من الصحة. لم يحاول الإخوان تحويل مصر إلى دولة دينية على النمط الإيراني، ولم يقطعوا العلاقات مع إسرائيل. وفي الواقع ، لعبت مصر دور الوسيط نفسه في الصراع بين إسرائيل وحماس الذي لعبه نظام السيسي منذ ذلك الحين. حتى عندما زاد الرئيس محمد مرسي من سلطاته في أواخر عام 2012 ، لم يقترب من تكرار ديكتاتورية مبارك، كما حكم الإخوان بيد أخف بكثير من السيسي.

ونصح الكاتب إدارة بايدن بمعالجة مشكلة الديكتاتورية في مصر لما لها من تأثير أكبر بكثير من تونس على المدى الطويل، موضحا أنه "سيكون من غير الحكمة أن تزيح الولايات المتحدة السيسي من السلطة مباشرة... والأفضل هو إضعافه بشدة بسحب أسلحته".

وشدد على أنه " يجب على الرئيس بايدن أن يوقف تمامًا المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر حتى يتم استبدال نظامها الديكتاتوري بنظام منتخب بحرية ونزاهة".. "يجب على الرئيس بايدن أن يوقف بشكل كامل وفوري تقديم المساعدة العسكرية"، و" إذا خسر السيسي المساعدة الأمريكية، فسوف يبحث ببساطة في مكان آخر...ولتكن الأسلحة المستخدمة لقتل المتظاهرين بوحشية من قبل الجيش المصري روسية، وليست مصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية".." إذا كان الرئيس بايدن يعني ما يقوله عن الديمقراطية ، فهذا ما ينبغي أن يكون.".

وقال: "لقد أعطى الرئيس أوباما الأمل للكثيرين عندما ازدهر الربيع العربي، ودفع مبارك جانبًا وأجبر معمر القذافي على الإطاحة به، لكن هذه الآمال تبددت عندما رفض معاقبة السيسي على انقلابه".

وأضاف: لم تقرر إدارة بايدن بعد ما إذا كانت ستصف انتزاع قيس سعيّد للسلطة في تونس بأنه انقلاب .. يجب أن يكون موقف الولايات المتحدة واضحًا لسعيّد: "إذا كنت تقوم بإلغاء الديمقراطية في تونس ، فلن نساعدك على القيام بذلك.. وعلى الرئيس بايدن أن يوجه تحذيرًا واضحًا إلى سعيد، إذا لم يعيد البرلمان ويتخلى عن السلطات التي استولى عليها، فعلى الولايات المتحدة أن توقف كل المساعدات الاقتصادية والأمنية لتونس".

 وتساءل بورزيكي: لماذا يجب أن يهتم الأمريكيون بالديمقراطية في بلدان تبعد آلاف الأميال، خاصة في منطقة تثير في نظر الكثيرين صور "حروب لا نهاية لها"،  في الوقت الذي توجد فيه العديد من الأولويات الاقتصادية والاجتماعية التي يجب الاهتمام بها في الداخل - والتي يسعى الرئيس بايدن أيضًا إلى معالجتها - مع سعي الرئيس بايدن ومعظم الأمريكيين لإنهاء التورط العسكري لبلادهم الذي دام عقودًا في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وأجاب بأن "هناك سببان يدفعان الولايات المتحدة إلى استثمار الوقت والموارد في الديمقراطية في الشرق الأوسط. الأول يتعلق بالرغبة في تجنب المزيد من الاشتباكات العسكرية.

وإذا كان الأمريكيون لا يريدون نشر قواتهم في المزيد من الصراعات بالشرق الأوسط الكبير، فمن الأفضل أن يدعموا الحركات الديمقراطية في المنطقة، لأن ادعاء العديد من المستبدين بأنهم يوفرون "الاستقرار" هو ادعاء وهمي، لأن الأنظمة الديكتاتورية تدفع نحو نمو الاستياء والغضب الشعبي- على الفساد والقمع وافتقار الناس إلى أي صوت في حكومتهم – وفي النهاية تنفجر الثورة.

وهذا ما حدث للعديد من حكام الشرق الأوسط الذين كانت الولايات المتحدة صديقة لهم: انظروا إلى محمد رضا، شاه إيران أو حسني مبارك في مصر. حتى الديكتاتوريين الذين كان تعاونهم مع الولايات المتحدة محدودًا ، مثل بشار الأسد (الذي عذب إرهابيين مشتبه بهم نيابة عن الولايات المتحدة)، واجهوا انتفاضات ضخمة.

وإذا كان هناك استقرار حقيقي وطويل الأمد، فهو الاستقرار الذي تحتضنه وتحترمه الأغلبية القوية في دول الشرق الأوسط ، لذلك يجب أن تكون ديمقراطيات فاعلة.

ثانيًا، إذا لم تختر الولايات المتحدة جانب التحول الديمقراطي، أو وقفت بالفعل في طريقه ومع حكام مستبدين، فإنها تسخر من ادعائها بأنها قوة من أجل الخير في العالم.

وختم بالقول: "إذا كان الأمريكيون يريدون أن يعتقدوا أن بلادهم هي نموذج للحرية والإنصاف يمكن أن يلهم العالم، فمن واجبهم أن يكون لديهم حكومة تدمج هذه الرؤية في سياستها الخارجية".