محاولات مصرية لتجنب إغضاب واشنطن وموسكو ..السيسي يتجاهل الحديث عن الغزو الروسي لأوكرانيا
الخميس - 3 مارس 2022
- مصادر دبلوماسية : موقف مصر من الحرب يجسّد فشل السياسة الخارجية
- "رويترز " تؤكد خروج 3 مليار دولار من السوق المصري منذ بداية الحرب
مازالت تأثيرات الحرب الروسية تتصاعد علي "القاهرة"، وقد حاولت مصر تجنب إغضاب واشنطن وموسكو من خلال تجاهل السيسي تناول الأزمة خلال ظهور في المناسبات العامة، ولكن تحت الضغوط الغربية المستمرة، صوتت مصر لقرارأممي بإدانة الغزو إستجابة للضغوط الأمريكية.
واكدت مصادر دبلوماسية أن موقف مصر من الحرب الروسية – الأوكرانية يجسّد فشل السياسة الخارجية المصرية للقضايا الدولية.
و أكد تقرير لوكالة "رويترز " خروج 3 مليار دولار من السوق المصري منذ بداية الحرب ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
محاولات مصرية لتجنب الغضب الروسي الأمريكي
للمرة الثانية خلال الأسبوع الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا، يظهر السيسي في مناسبات رسمية، متعمداً تجاهل الأزمة العالمية التي أثرت بشكل كبير على بلاده، وهو ما يتسق مع حالة الصمت التي تبنتها إدارته منذ بدء الحرب.
ويأتي ذلك فيما دعت مجموعة الدول السبع الصناعية والاتحاد الأوروبي، مساء أول من أمس الثلاثاء، مصر إلى إدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وجاء في بيان مشترك لسفراء دول المجموعة والاتحاد الأوروبي بمصر، أن "محاولة روسيا زعزعة استقرار النظام الدولي سيكون لها صدى أيضاً على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك مصر".
لكن السيسي، الذي شهد أمس الأربعاء، افتتاح عدد من المشروعات بقطاعي النقل والإسكان في القاهرة، تجاهل الحديث عن الأزمة الأوكرانية، على الرغم من أنه عادةً ما كان يستغل مثل هذا المناسبات للتطرق إلى الظروف الإقليمية والدولية، إلا أنه لم يأت على ذكر الموضوع الأوكراني من الأساس.
وهو نفس ما حدث قبل أيام عند حضوره فعاليات "المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية"، بمركز المؤتمرات الدولية "الماسة"، في العاصمة الإدارية الجديدة.
لماذا التصويت المصري في الجمعية العام للأمم المتحدة؟
منذ اندلاع الأزمة صدر بيان مقتضب من وزارة الخارجية، جاء فيه أن مصر "تتابع بقلق بالغ التطورات المتلاحقة اتصالاً بالأوضاع في أوكرانيا، وتؤكد على أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية، والمساعي التي من شأنها تسريع تسوية الأزمة سياسياً بما يحافظ على الأمن والاستقرار الدوليين، وبما يضمن عدم تصعيد الموقف أو تدهوره، وتفادياً لتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وأثرها على المنطقة والصعيد العالمي".
وبعدها دعت مصر لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، وذلك للتباحث حول التطورات الجارية في أوكرانيا، وهو ما فسره مراقبون بأنه "محاولة مصرية للاختباء خلف موقف عربي جامع".
وبعدما صوتت مصر أمس الأربعاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمصلحة قرار يطالب روسيا "بالتوقف فورًا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا"، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا جديداً خصصته لشرح تصويت مصر.
وذكرت وزارة الخارجية المصرية أنه "اتصالا بالقرار الذي تم اعتماده وصوتت مصر لصالحه انطلاقًا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، تود مصر أن تؤكد أن البحث عن حل سياسي سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال دبلوماسية نشطة يجب أن يظل نصب أعيننا جميعًا، والهدف الأساسي للمجتمع الدولي بأسره في التعامل مع الأزمة الراهنة، ومن ثم يتعين إتاحة الحيز السياسي الكفيل بتحقيق ذلك الهدف الأساسي".
وأكدت مصر أنه "لا ينبغي أن يتم غض الطرف عن بحث جذور ومسببات الأزمة الراهنة والتعامل معها بما يضمن نزع فتيل الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار".
ورفضت مصر "منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف من منطلق التجارب السابقة، والتي كانت لها آثارها الإنسانية السلبية البالغة، وما أفضت إليه من تفاقم معاناة المدنيين طوال العقود الماضية".
وجرى تبني القرار بأغلبية 141 صوتًا، فيما عارضته 5 دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت، من بينها الصين، وذلك من أصل 193 دولة.
وطالب القرار، الذي قوبل تبنيه بالتصفيق بعد أكثر من يومين من المداخلات، موسكو "بأن تسحب على نحو فوري وكامل وغير مشروط جميع قواتها العسكرية" من أوكرانيا، و"أدان قرار روسيا زيادة حالة تأهب قواتها النووية".
موقف يجسّد فشل السياسة الخارجية المصرية
وقال دبلوماسي مصري سابق في تصريحات لـصحيفة "العربي الجديد"، إن "موقف مصر من الحرب الروسية - الأوكرانية، يجسّد فشل السياسة الخارجية المصرية في تبني استراتيجية واضحة المعالم، تجاه مختلف القضايا الدولية".
وأوضح أن الحرب الدائرة الآن "خلقت حالة من الاستقطاب الدولي الشديد، وستكون بمثابة فرز للتحالفات الإقليمية والدولية، بمعنى أن كلا من روسيا وأميركا ستعتبر أن من ليس معها فهو ضدها، وذلك سيجعل الدول المتأرجحة والتي لديها مصالح مع الطرفين، مثل مصر والدول العربية في مأزق خطير".
وتطرّق الدبلوماسي إلى جلسة مجلس الأمن، التي عُقدت مساء يوم الجمعة الماضي، التي شكرت روسيا بعدها الدول التي امتنعت عن التصويت لصالح مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة والدول الغربية لـ"التنديد بأشد العبارات بغزو روسيا لأوكرانيا ومطالبة موسكو بانسحاب فوري وغير مشروط من الأراضي الأوكرانية".
وقال إن الولايات المتحدة "ستسجل هذه المواقف ولن تنساها، ومنها موقف الإمارات التي امتنعت عن التصويت".
وأوضح المصدر أن الفيتو الروسي منع مشروع القرار في مجلس الأمن الذي يتحمل طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين، ويضم 15 عضواً، خمسة منها دائمو العضوية، وهي: الصين، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والولايات المتحدة، وعشرة أعضاء غير دائمي العضوية، تنتخبهم الجمعية العامة لمدة سنتين، وهم في هذه الدورة: النرويج، وألبانيا، وأيرلندا، وغانا، وكينيا، والغابون، والمكسيك، والبرازيل، والهند، والإمارات.
وقال الدبلوماسي، إن روسيا استخدمت حق الفيتو المكفول للدول دائمي العضوية، بينما امتنعت كل من الصين والهند عن التصويت، وكذلك فعلت الإمارات، على الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصل بنظيره الإماراتي عبدالله بن زايد لحشد أكبر عدد من الأصوات المؤيدة للقرار داخل مجلس الأمن. أما باقي الأعضاء الـ11 فصوتوا لصالح القرار.
وأوضح الدبلوماسي السابق، أنه "على الرغم من أن الامتناع عن التصويت لا يعتبر رفضاً، كما أنه لا يحجب أي قرار، إلا أن روسيا شكرت الممتنعين واعتبرتهم ضمن معسكرها. والآن تنتظر، مثل الولايات المتحدة، من باقي الدول من خارج أعضاء مجلس الأمن، إعلان مواقفهم من الحرب".
وأضاف أن مصر "تجد نفسها الآن في موقف صعب لا تُحسد عليه، باعتبارها دولة مركزية كبرى في منطقة الشرق الأوسط، ويجب عليها إعلان موقفها من الأزمة، خصوصاً أن باقي دول الشرق الأوسط ذات التأثير، أعلنت مواقفها ومنها إسرائيل وتركيا، اللتان أفصحتا عن دعمهما للموقف الأميركي صراحة ودانتا التدخل الروسي في أوكرانيا".
وأضاف المصدر أن "قوة إقليمية أخرى كبيرة، وهي إيران، أعلنت أيضاً موقفها بشكل واضح، وقالت إنها تتفهم الموقف الروسي، كما أن النظام السوري برئاسة بشار الأسد دعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وفي منطقة الخليج، أشار المصدر إلى إعلان وزارة الخارجية القطرية، التي أكد وزيرها، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن "الدوحة تؤكد على احترام سيادة واستقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها في حدودها المعترف بها دولياً".
وتطرق الدبلوماسي السابق إلى تأثير "الحرب الروسية - الأوكرانية على مصر"، معتبراً أنه "يشمل عدة اتجاهات، منها ما هو اقتصادي، باعتبار أن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، تحديداً من روسيا وأوكرانيا، ذلك بالإضافة إلى أنها تستورد معظم احتياجاتها من المواد البترولية التي ارتفعت أسعارها بشدة بسبب الحرب، إذ تجاوز سعر برميل النفط مائة دولار، وهو ما سيؤثر في الموازنة العامة للدولة".
مصالح مصر مع الولايات المتحدة وروسيا
وأضاف المصدر أنه على المستوى السياسي، فإن لمصر "مصالح كبرى مع طرفي الصراع، لكن المصلحة الكبرى تتركز مع الجانب الأميركي، الذي تعتبره القاهرة حليفاً استراتيجياً لا يمكن الاستغناء عنه، لا سيما مع حصول مصر على معونة عسكرية أميركية سنوية تقدر بـ1.3 مليار دولار، كما أن تسليح الجيش المصري في معظمه أميركي الصنع، ولكن مع ذلك يخشى نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي تبني الموقف الأميركي، حتى لا يغضب حليفه الروسي".
ولفت المصدر إلى أن "نظام السيسي استفاد بشدة من حلفائه في موسكو، لا سيما في الفترة التي أعقبت الانقلاب الذي وقع في 30 يونيو/ حزيران 2013، وما تسبب فيه من عدم اعتراف الدول الغربية وعلى رأسها أميركا بالنظام السياسي الحاكم برئاسة السيسي، واعتباره انقلابا عسكريا على الحكم المدني"
ورأى أنه "عندها لجأ السيسي إلى بوتين الذي دعم انقلابه بشكل واضح، ثم استمرت المصالح بينهما في قضايا عدة على رأسها سورية وليبيا".
كتائب السيسي تعلن #احنا_مع_روسيا!!
في سياق متصل ، تصدّر وسما #ادعم_بوتين و#احنا_مع_روسيا، قائمة الأكثر تفضيلاً المصرية في "تويتر"، مدعومَين بكتائب نظام الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في تطور كبير يكشف دعمه الواضح للنظام الروسي في غزو أوكرانيا، بعد فترة من الصمت والغموض وعدم إعلان موقف للنظام من الأزمة.
وتصدّرُ الوسمَين جاء بعد يوم واحد من البيان المشترك الذي أصدرته بعثات وسفارات الدول السبع الكبرى في القاهرة، والذي طالب مصر بإعلان موقف واضح من غزو روسيا لأوكرانيا، وتجاهلته السلطات المصرية.
المشاركون من الكتائب ومؤيدي النظام اجتهدوا في تبرير الموقف الرسمي غير المعلن، بدعوى تأييد روسيا لمصر في عدة ملفات، ووصلت إلى مشاركة فنانين ومشاهير.
الفنان نبيل الحلفاوي، المؤيد للنظام، أرجع الوسوم لتاريخ البلدين في مواجهات سابقة، وقال: "هاشتاج #احنا_مع_روسيا له جذور تاريخية لدى المصريين، خاصة في عصور المعسكرين الشرقي بمواقفه الداعمة والغربي بتاريخه الاستعماري. وفي نفس الوقت لم يحجب إنسانية المصريين فجمعوا بينه وبين تعاطفهم الواضح مع مأساة الشعب الأوكراني".
وشاركته سارة فهمي، أحد أشهر المحسوبين على الكتائب، التبرير بالقول: "أنا كمصرية أفريقية في قارتنا المنهكة المتعبة 54 دولة.. أذكر لي اسم دولة أفريقية لم تحتلها دولة من دول أوروبا وتنكل بشعبها وتسرق مواردها! كم مليون أفريقي قتلوا على يد الأوروبيين! كلنا ضد الحروب وقلوبنا مع المدنيين لكننا لم ولن ننحاز لمعسكر أذاق بلادنا، بل وقارتنا كلها الويلات".
ولم يقف المعارضون مكتوفي الأيدي، وشاركوا في الوسمين، كعادتهم مع وسوم الكتائب، وكتب محمد سعد الأزهري: "بيقولك #احنا_مع_روسيا وروسيا ساعدت في تدمير الشيشان، وسوريا، وليبيا وغيرها!! المفترض احنا نسكت خالص وربنا يخلصنا من كل هؤلاء المجرمين سواء روسيا أو أمريكا، ويخرَّجنا من بينهم سالمين"
رويترز : 3 مليارات دولار خرجت من مصر
وفي ظل تداعيات الحرب ، نقلت وكالة رويترز عن مصادر في القطاع المصرفي في مصر إن البلاد شهدت خروج 3 مليارات من الدولارات من أسواق النقد الأجنبي منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا.
وقال مصدران مصرفيان، طلبا عدم الإشارة إليهما بالاسم، لرويترز إن موجة بيع متوسطة لأوراق الدين المصرية بدأت يوم الخميس الماضي واكتسبت زخمًا عندما بدأ التعامل في الأسواق الأوربية يوم الإثنين.
وقال أحدهما إن بضع مئات من ملايين الدولارات خرجت من السوق الثانوية يوم الإثنين، وإن العائد على الأوراق المقومة بالجنيه المصري قفز بنسب تتراوح بين 30 و40% في المتوسط.
وقدّر المصرفي الثاني أن المستثمرين الأجانب سحبوا 3 مليارات دولار من مصر منذ يوم الخميس، وذلك بناء على تقدير العوائد الأعلى وزيادة النشاط في سوق العملة ما بين البنوك والمعلومات المستقاة من بنوك أخرى
وقال الاثنان إن السوق هدأت نسبيًا يومي الثلاثاء والأربعاء بعد هذه الموجة الأولية.
وذكر تقرير لرويترز أنه حتى قبل نشوب الأزمة عمدت مصر إلى الحفاظ على الإقبال على أذون الخزانة لسد عجز في حساب المعاملات الجارية والميزانية، ودرء الضغوط التي تدفع عملتها للهبوط قبل قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) المحتمل برفع الفائدة ابتداء من الشهر الجاري.
وأضاف أن الكثير من المستثمرين يشعرون بالقلق من أن تكون الأسواق الناشئة أكثر عرضة للتأثر بأي صدمات ناجمة عن اضطراب التجارة مع روسيا بما في ذلك الزيادة الناجمة في أسعار بعض السلع الأولية.