مجلة بريطانية: الصين تطبق نظاما مدمرا من العقوبات ضد مسلمي الإيجور

الأحد - 20 فبراير 2022

  • الصين سجنت على مدى السنوات الخمس الماضية ما لا يقل عن مليون من الإيجور والأقليات الأخرى
  • ممارسات التعذيب والتعقيم القسري والاعتداءات الجنسية تعتبر الأضخم منذ الحرب العالمية الثانية

سلطت مجلة “نيو ستيتسمان” البريطانية الضوء على محاولات الصين لتبييض صفحتها بشأن جرائمها ضد أقلية الإيجور المسلمة، من خلال دورة الألعاب الشتوية التي جرت مؤخرا في بيجين، مؤكدة أن البلد الشيوعي يطبق نظاماً مدمراً من العقوبات ضد الإيجور.

وأوردت المجلة مقالا للكاتب كاتي ستولارد قال فيه، إنه لا ينبغي أن يطمئن أحد لظهور لاعبة واحدة من الإيجور في الألعاب الأولمبية الشتوية. وفي أفضل الأحوال، أثبت الاحتفال بإيقاد شعلة الألعاب أن الحكومة الصينية تزعجها الانتقادات الموجهة إليها في الغرب لدرجة أنها سعت إلى الترويج لأسطورة أنها تؤمن بالوحدة بين الأعراق.

وأكد ستولارد أن السلطات الصينية سجنت على مدى السنوات الخمس الماضية ما لا يقل عن مليون من الإيجور ومن الأقليات العرقية الأخرى التي تقطن منطقة شينجيانغ “تركستان الشرقية”، شمال غربي الصين.

وبلغ حجم شبكة معسكرات ومراكز الحبس والاعتقال من الضخامة ما مكن الباحثين من رسم خارطة لها بناء على الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية في الفضاء. ووصف بعض من تمكنوا من الهرب ممارسات من التعذيب الممنهج والتعقيم القسري والاعتداءات الجنسية، ضمن ما يعتبر أضخم عملية اعتقال لمجموعة دينية أو عرقية منذ مخيمات الإبادة أثناء الحرب العالمية الثانية.

مشهد مبتذل

ويقول الكاتب: انتهى احتفال افتتاح ألعاب بيجين الشتوية في الرابع من فبراير / شباط بمشهد يجمع ما بين النشاز والابتذال، وذلك حين وقفت دينيجير يلاموجانغ، المتسابقة الشابة في رياضة التزلج لمسافة طويلة، على المنصة إلى جوار زهاو إيوين، التي تنتمي إلى أغلبية هان العرقية في البلاد، كلاهما مبتسمتان وتلوحان تحية للجمهور في زيهما الأحمر والأبيض الممثل

للفريق الصيني، وترفعان فيما بينهما معاً مشعلاً متلألئاً لإضاءة الشعلة الأولمبية. كانت تلك إيماءة بسيطة، ولكن قوية، صممت كما هو واضح لتوجيه رسالة مفادها: وأين هي الإبادة الجماعية؟

لا ندري ماذا يدور بخلد يلاموجانغ بشأن ما يجري في شينجيانغ، لأن أحداً لم يسألها عن ذلك. وكل ما نقلته وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة عن الرياضية هو عبارات مقتضبة حول مدى اعتزازها بالمشاركة في الاحتفال. إلا أنها لم تظهر في الصباح التالي في المنطقة الإعلامية بعد أن أتمت مشاركتها في السباق، ولو أنها تمكنت من ذلك لرغب الصحفيون في توجيه بعض الأسئلة إليها.

ونددت إليز أندرسون من مشروع حقوق الإنسان في الإيجور، وهي منظمة أمريكية غير ربحية، بالاحتفال باعتباره “لعبة سياسية قصد منها صرف الناس عن الانتقادات الدولية، كما لو أن استعراض رياضية من الإيجور أمام الجمهور بهذا الشكل يمكن أن ينفي الجرائم الموثقة التي ترتكبها دولة الحزب.” أخبرني المؤرخ جيفري وازرستورم بأن ذلك ذكره بخلل الأوضاع التي عبر عنها فيلم “ذي هنغر غيمز” (ألعاب الجوع)، “حيث يستخدم المتنفذون داخل العاصمة المتألقة المتنافسين من الأماكن التي تعاني من قسوة ظروف الحياة ومن القهر في سبيل تحقيق مكاسب سياسية”.

جذور تركية

شعب الإيجور في المجمل أقلية تركية مسلمة تعود جذور تاريخهم ووطن آبائهم وأجدادهم في المنطقة إلى ما يزيد عن ألف سنة. ولقد كانوا طوال معظم تلك الفترة يتمتعون باستقلال ذاتي إلى أن خضعت المنطقة التي يعيشون فيها إلى سيطرة إمبراطورية القينغ ثم بعد ذلك للجمهورية الشعبية الصينية. وفيما يتعلق بالثقافة واللغة، كما يبين ريحان ثوم وموسابير (وهو مؤرخ من الإيجور يكتب تحت اسم مستعار)، فإن الإيجور أقرب إلى وسط آسيا منهم إلى الأغلبية من عرقية الهان في الصين.

وكان القينغ هم من أطلق على هذه المنطقة اسم شينجيانغ، أي “التخوم الجديدة”، وهو اسم يرفضه الإيجور، وذلك بعد أن دمجوا الإقليم في المنطقة الخاضعة لهم عام 1884، وفي ذلك مؤشر على أهمية الحيز الذي كانت تحتله هذه المنطقة في خيالات حكام الإمبراطورية حينذاك وفي أذهان الزعامة الحالية في بيجين. وذلك أن شينجيانغ في نظر الحزب الشيوعي الصيني منطقة حدودية ينبغي أن تظل رهن السيطرة المركزية القوية لئلا تغدو قناة للمؤثرات الخارجية التي تهدد الدولة الصينية الحديثة، أو حتى لا تتمكن – وهذا هو الأسوأ – من الإفلات من قبضتهم بشكل نهائي.

تلعب العوامل الجيوسياسية دوراً ما في تشكيل هذا الموقف. تقع شينجيانغ على مسافة تبعد ألفي ميل عن بيجين ولها حدود مع ثمانية بلدان بما في ذلك أفغانستان والباكستان والهند وطاجيكستان وكازخستان. كما تشكل شينجيانغ مع التبت، وهي المنطقة التي تحاذيها مباشرة إلى الجنوب (وكلاهما يفترض تقنياً أنهما مستقلتان ذاتياً رغم أنهما لا تتمتعان بأي قدر من الاستقلال الذاتي)، تقريباً ثلث مساحة الأراضي الصينية. تساور الصين بشكل خاص مخاوف من الشريط الحدودي الضيق بين شينجيانغ وأفغانستان، بما في ذلك معبر واخان.

المصدر: علامات أونلاين