ماذا يعني قرار السيسي المفاجئ بتقليص مدد المناصب القيادية في الجيش؟
الأحد - 18 يوليو 2021
بشكل مفاجئ، صدق السيسي على تعديلات تخص رئيس الأركان وقادة الأفرع، بتقليص مدة بقاء أي منهم في منصبه من 4 سنوات إلى سنتين فقط! الهدف معروف هو ألا يتحول أي منهم الى مركز قوة ويهدد وجود السيسي نفسه، أي أنه يستعمل مع قادة جيش مصر نظرية "شوال الفئران"، وهي نظرية معروفة عن فلاح مصري كان يستقل قطارا، ومن وقت لآخر كان يقلب كيسا (شوالا) وضعه أمامه فسأله شخص يجلس بجواره: ما قصة هذا الكيس؟
أجاب الفلاح : أنا أقوم باصطياد الفئران من الحقول، وأضعها في هذا الكيس ثم أبيعها إلى مركز البحوث الزراعية بالقاهرة، ليستخدمها في التجارب المخبرية. سأله: ولماذا تقلّب هذا الكيس وتهزّه بين الفينة والأخرى؟
نظر الفلاح إليه مبتسماً وقال وكأنه يكشف عن سرّ عميق : هذا الكيس فيه جرذان وفئران ، وهي من القوارض كما تعلم ، ولو تركت الكيس دون تقليب وهزّ لأكثر من ربع ساعة ستشعر تلك القوارض بالراحة والاستقرار، ولن يطول الوقت حتى يبدأ كلّ واحد منهم بقضم الشوال ومن ثم ثقبه والخروج منه، لذلك أهزّه كل ربع ساعة كي أبعث خوفهم وأثير قلقهم وأبقيهم في توتر دائم، فينشغلون بالعراك فيما بينهم، وتنسى موضوع ثقب الشوال.
واستمرارا لسعيه لإبعاد قادة الجيش المنافسين له من مناصبهم والتخلص منهم باستمرار، كي لا يرتبون انقلابا ضده، علي غرار ما فعله هو مع الرئيس الشهيد محمد مرسي، أصدر السيسي قرارات جديدة للتحكم في تعيين كبار القيادات وتشكيل قوات خاصة عسكرية جديدة لحمايته من الجيش.
ونشرت الجريدة الرسمية، الخميس الماضي، تصديق عبد الفتاح السيسي، على قانون جديد برقم 134 لسنة 2021 يتضمن إدخال تعديلات في ثلاثة قوانين تخص القوات المسلحة، كان أهمها قصر مدة بقاء رئيس أركان حرب وقادة الأفرع ومساعدو وزير الدفاع في مناصبهم على سنتين بدلًا من أربع سنوات، ما لم يقرر الرئيس مد خدمتهم بها، وكذلك منحه سلطة استحداث قوات جديدة أو تعديل الحالية، وهو ما اعتبره وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب أمور فنية تخص القوات المسلحة.
و وافق مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه الأسبوع الماضي على مشروع قانون قدمته الحكومة للبرلمان في 13 يونيو الماضي لتعديل ثلاثة قوانين هي شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، رقم 232 لسنة 1959، وخدمة ضباط الشرف والصف والجنود بالقوات المسلحة رقم 123 لسنة 1981، إضافة إلى قانون القيادة والسيطرة على شؤون الدفاع عن الدولة وعلى القوات المسلحة، رقم 4 لسنة 1968.
وتضمن القانون الجديد تعديل سبع مواد بالقانون الأول، وإضافة مادتين له، وإلغاء مادة، ليتضمن قصر تشكيل القوات الفرعية للقوات المسلحة على قوات حرس الحدود بدلًا من قوات السواحل والحدود والقوات البحرية بالموانئ في القانون القديم.
استحدثت التعديلات نصًا يمنح رئيس الجمهورية سلطة تقرير مكافأة شهرية لأصحاب الأنواط والميداليات المنصوص عليها في القانون، أو زيادة المكافأة الشهرية لهم بما لا يجاوز عشرة آلاف جنيه شهريًا، وهي المادة التي ترهن دخول الضباط بتقدير السيسي لهم!
الحكومة بررت في مذكرتها الإيضاحية تقديمها للقانون برغبتها في ضخ دماء جديدة في الوظائف الرئيسية الكبرى في القوات المسلحة!
والسيسي يعلم تماما آليات الاطاحة بالعسكر وأنها تتم من خلال رئيس الأركان، وتمر عبر المخابرات العسكرية وأنها تستغرق وقتاً، لذا يسعي لتغيير مدير المخابرات ورئيس الاركان باستمرار.
بعض الذين يزعمون حب الجيش المصري ويربطونه بالسيسي خرسوا حين اعتقل السيسي رئيس الاركان السابق سامي عنان، وتبخروا حين قام السيسي باستبعاد رئيس الاركان (صهره) ووزير الدفاع الذي شاركاه الانقلاب بالمخالفة للدستور الذي وضعه بنفسه، وماتوا حين قلص السيسي مدة رئيس الاركان وقادة الأفرع لعامين، وبلعوا لسانهم حين خرج الجيش من معادلة نهر النيل.
الخلاصة أن قرار تقليص مدة استمرار رئيس الأركان في منصبه الي عامين يعني أن السيسي خائف من الجيش ويتخلص منهم واحدا واحدا والقادة مازالوا في صمت.
واضح أن الخوف لا يفارق السيسي خشية خسارة المنصب والمحاكمة أو الاعدام، لذا يسعي لتامين نفسه في مواجهة الجيش، عبر قرارات عديدة تتضمن ازالة أي منافس وابعاده أو سجنه والتحكم في الجيش بسلسلة قوانين، وفي الوقت ذاته زيادة بيزنس وتدخل الجيش في كل شيء لضمان توفير امتيازات لهم تدفعهم للاسترخاء وقبول الابعاد من المناصب طالما سيفيدهم هذا أكثر في تحصيل أموال أكثر وهم خارج الجيش.