ماذا يريد "ابن سلمان" من الإصرار على نشر الفواحش في بلاد الحرمين؟
الخميس - 23 ديسمبر 2021
بثت شبكة «بلومبيرج» الأمريكية تقريرا لمراسلتها في العاصمة السعودية الرياض، فيفيان نريم، رصدت فيه انتشارا كبيرا للخمور والمخدرات في أوساط المشاركين في مهرجان «ميدل بيست» الغنائي الذي تنظمه السلطات السعودية ضمن فعاليات موسم الرياض الذي بدأ في أكتوبر 2021م ويمتد حتى مارس 2022م. مراسلة بلومبيرج أكدت أنها شاهدت مخمورين وآخرين يتعاطون المخدرت داخل المهرجان، مضيفة أن كل من حضر المهرجان يستطيع أن يرى بسهولة كيف يرقص الرجال والنساء معا في دولة لم تكن تسمح بهذا الشيء إطلاقا قبل سنوات قليلة. وبحسب الوكالة فقد حضر حفل افتتاح المهرجان الذي يشارك فيه نجوم غناء عالميون نحو 180 ألف شخص، ونقلت عن أمير يدعى فهد آل سعود، وهو ممن حضروا "ميدل بيست"، قوله إنه "لا يمكن خنقنا في كل مرة نحاول إحراز فيها تقدم".
تدمير الذوق العام
وخلال الأسابيع الماضية نظمت السلطات السعودية مهرجانا سينمائيا، وحفلات لمطربين شعبيين مصريين متهمين بتدمير الذوق العام، كما استضافت المملكة أكبر مهرجان موسيقي بالشرق الأوسط في الفترة من (16 ــ 19 ديسمبر 2021م)، بمشارك كبار الفنانين والموسيقيين العالميين على مسارح ساوندستور، ضمن الفعاليات والمواسم التي أطلقتها منصة "روح السعودية"، التي تعرض جميع النشاطات السياحية والفعاليات، المقرر إقامتها خلال شتاء السعودية (من أكتوبر 2021 وحتى مارس 2022). يشارك في المهرجان ــ وفقا وكالة الأنباء السعودية "واس" ــ نحو 200 فنان من "هولندا، ونيويورك، وكندا، وروسيا، وفلوريدا، وغيرها"، وتعتبر هذه النسخة هي الثالثة من مهرجان الموسيقى الراقصة منذ انطلاقه في 2019م؛ حيث تدفع السلطات السعودية مئات الآلاف من الدولارات لمشاهير الموسيقى في العالم من أجل مداخلات للحفل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
افتتاح 500 سينما
وبحسب صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، تم افتتاح حوالي 500 سينما أخرى في المملكة منذ 2018م. وتستهدف المملكة أن يصل عدد دور السينما إلى "2000" دار في 2030م. هذا التحول المتواصل الذي تشهد بلاد الحرمين الشريفين له ثلاثة دوافع: فالمملكة تحتاج ــ أولا ــ فطام اقتصادها عن النفط. وثانيا، يجب أن تحافظ على رضى سكانها الشباب في مواجهة القمع السياسي. وثالثا، النظام بقيادة ولي العهد في حاجة ماسة لتحسين سمعته على الساحة الدولية في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي بطريقة وحشية داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، على يد فرقة موت سعودية بتكليف من ولي العهد، في أكتوبر 2018م.
ووفقا لوكالة "بلومبرج" الأمريكية في تقرير لها نشرته في نوفمبر 2021م، فإن السلطات السعودية خصصت 64 مليار دولار في صناعة الترفيه، بهدف تنويع اقتصادها المعتمد على النفط، مشيرة إلى أن جزءا من هذه الميزانية الضخمة موجه لدعم صناعة السينما في المملكة.
انقلاب على الهوية الإسلامية
وبحسب دراسة حديثة نشرها موقع «الشارع السياسي» فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يقود انقلابا واسعا على هوية بلاد الحرمين الشريفين معتمدا على أدوات القمع والإرهاب؛ موضحة أن هذا الانقلاب وتلك التحولات الكبرى تعصف بكل الأسس والمرتكزات التي تأسست عليها الدولة السعودية التي أسسها الجد عبدالعزيز آل سعود في العقد الرابع من القرن العشرين. وقالت إن هذا الانقلاب الناعم خطير في جوهره وأهدافه كارثي في نتائجه ومآلاته، يدهس كل الأسس والثوابت الدينية التي طالما تظاهر نظام الحكم السعودي باحترامها استنادا على أن مشروعية النظام يستمدها من حماية الشريعة والعمل بها وخدمة الحرمين الشريفين، قبلة الإسلام ومهده.
الدراسة التي جاءت تحت عنوان «السينما في بلاد الحرمين.. قراءة في المآرب والمآلات»، تؤكد أن بن سلمان ــ تحت لافتة «الإصلاح» البراقة والخادعة ــ يجري العصف بكل هذه القيم والثوابت والمرتكزات جملة واحدة في سنوات قليلة، منذ أن تولى ولاية العهد في منتصف 2017م؛ أملا في أن يحظى بشرعية القبول الدولي كملك على العرش السعودي في ظل اختفاء الملك منذ نحو سنتين، حيث بات بن سلمان ملكا غير متوج، يمارس جميع صلاحيات الملك. كما يستهدف تبييض صورته في أعقاب عملية القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي على يد فرقة موت سعودية تحت رعاية ولي العهد في أكتوبر 2018م.
وكان ديسمبر 2021م حافلا وعاكسا لحجم ومدى هذه التحولات؛ فلأول مرة في بلاد الحرمين الشريفين يتم إقامة مهرجان سينمائي (مهرجان البحر الأحمر السينمائي من 7 حتى 15 ديسمبر 2021م»، الذي تبارت فيه الممثلات في التباهي بعريهن وملابسهن الشفافة التي تكشف أكثر مما تستر. تقول الممثلة المصرية إلهام شاهين: «لا أصدق أنني أشارك في أول مهرجان سينمائي في جدة، أنا سعيدة جدا من أجل السعودية، تعودت المجيء من أجل الحج أو العمرة، لكني هذه المرة جئت لأشارك في مهرجان سينما وسط نجوم من كل أنحاء العالم؛ هذه طفرة، وهذا تطور عظيم في تاريخ المملكة».
حملة قمع للعلماء والدعاة
تتزامن هذه التوجهات التي يقودها ولي العهد السعودي مع أكبر حملة قمع شنتها أجهزتها الأمنية بحق مئات العلماء والدعاة إلى الله؛ الذين جرى اعتقالهم في 2017م، بتهم سياسية كيدية؛ ثبت أن الأسباب الحقيقية تتعلق بأن هؤلاء العلماء يمثلون أكبر عائق أمام توجهات ولي العهد بوصفهم يمثلون تيار الصحوة الإسلامية الذي يحظى بشعبية جارفة في بلاد الحرمين، وعلى رأسهم الدكتور سلمان العودة وعوض القرني، وعلي العمري وسفر الحوالي وأولاده والشيخ محمد صالح المنجد صالح العمر ومحمد سعد الشريف وعبدالعزيز الطريفي وغيرهم. تجاوز عدد المعتقلين الحقوقيين 20 شخصية، و24 صحفيا وإعلاميا، وأكثر من 60 من حملة الدكتوراه وأكثر من 40 شخصية لهم كتب ومؤلفات هامة. وتعرض معظهم وفقا للحساب "للتعذيب الجسدي بالصعق والضرب والتعليق لساعات من الأذرع والسحل في ساحات السجن، وسط محاكمات سياسية شكلية أمام قضاة يفتقدون إلى أدنى معايير النزاهة والعدالة.
كما تتزامن مع حصار شديد تفرضه السلطات السعودية على كل الحركات الإسلامية المعتدلة التي تقود دعوات الإصلاح والتغيير حيث تم حظر جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها منظمة إرهابية، كما تم حظر جماعة "التبليغ والدعوة" المعروفة باسم "الأحباب" في بلاد الحرمين وسط اتهامات لها بالوثنية والإرهاب. في الوقت الذي فتحت فيه السلطات أبوابها لكل منافق يبرر للسلطة أفعالها حتى لو كانت بالغة الشذوذ والانحراف ومناقضة لأحكام الإسلام ومبادئه، مثل التيار الجامي المدخلي.
المصدر: الحرية والعدالة