ماذا وراء نقل معتقلي "العقرب1" إلى سجن جديد؟!
الأحد - 3 يوليو 2022
- أسَر معتقلي "العقرب" تخشى المجهول بعد نقلهم إلى سجن بمنطقة بدر
- رابطة أسر معتقلي العقرب: نخشي ان يتحول سجن بدر إلى منفى ويزيد من عزلة ذوينا
- زوجة "البلتاجي": النقل لسجن بعيد جداً يهدف لعزل المعتقلين عن الدنيا وعن كل البشر
- "هيومن رايتس": "العقرب" أسوأ سجون مصر وشهد وفاة أكثر من 14 معتقلا منذ 2015
- انطلاق حملة حقوقية تحت شعار "حتى آخرسجين" تطالب بسرعة إطلاق سراح كل المعتقلين
- "الجارديان": مصر تحضّر لقمة مناخ وسجونها مليئة بأشخاص يعانون من كل وسائل القمع
- "الجارديان": جاء الوقت لممارسة العالم ضغوط حقيقية علي السيسي للإفراج عن كل السياسيين
فرضت كثير من علامات الاستفهام نفسها علي الساحة الحقوقية أمس السبت، مع نقل معتقلي سجن "العقرب1" لسجن جديد بمنطقة بصحراء منطقة بدر ، حيث أكدت منظمة "نحن نسجل" من خلال مصدرين مستقلين بدء مصلحة السجون في نقل السجناء المحتجزين داخل سجن العقرب شديد الحراسة منذ صباح السبت، مما اثار مخاوف الأهالي حول مزيد من العزلة، في حين أمِل بعضهم ان يكون ذلك بداية انفراجة وفتح أبواب الزيارة لهم.
وقد تزامن ذلك مع إطلاق نشطاء حملة حقوقية جديدة للإفراج عن جميع معتقلي الرأي في مصر، وفي نفس السياق ، أكد تقرير لصحيفة "الجارديان" أن مصر تحضّر لقمة مناخ وسجونها مليئة بالمعتقلين وان هناك عملية انتهاكات مستمرة بهذه السجون وخاصة العقرب 1 و2 ، كما أكد أن ما يحدث للناشط علاء عبد الفتاح كارثة .
ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.
أسَر معتقلي "العقرب" يخشون المجهول
أعلنت رابطة أهالي معتقلي سجن العقرب شديد الحراسة في مصر، قبل ساعات، أن إجراءات نقل المحبوسين في سجن "شديد الحراسة 1"، دخلت حيز التنفيذ، وبالفعل نُقل قرابة نصف المحبوسين إلى سجن بدر الجديد.
وقالت منظمة "نحن نسجل"، الحقوقية، إنها علمت وتوثقت بالفعل عبر مصدرين مستقلين عن بدء قطاع الحماية المجتمعية (مصلحة السجون سابقاً) بنقل السجناء المحتجزين داخل سجن العقرب شديد الحراسة 1.
ووفق ما تأكدت المنظمة منه، فقد وصلت دفعة من السجناء المنقولين إلى سجن بدر الجديد، وهو ما دفع المنظمة إلى المطالبة بتمكين أهالي هؤلاء السجناء من حقهم في الزيارة، المكفول قانوناً للاطمئنان إلى ذويهم، وخصوصاً أنهم، بالمخالفة للقانون والدستور، قد مُنعوا من الزيارة في سجن العقرب 1 كلياً منذ عام 2018.
خطوة قالت عنها رابطة أسر معتقلي العقرب: "نأمل أن تكون هذه الخطوة بداية لصفحة جديدة في التعامل مع المحبوسين، وأن يتمتعوا بكل حقوقهم الإنسانية التي كفلها القانون، والتي حُرموها خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها الزيارة"، بينما يتخوف منها أهالي معتقلين آخرين.
حيث علقت السيدة سناء عبد الجواد، زوجة ووالدة المعتقلين الدكتور محمد البلتاجي، البرلماني السابق والقيادي بجماعة "الإخوان المسلمين" وأنس البلتاجي، أنه "في الوقت الذي يدور فيه كلام عن إفراجات وخروج للمعتقلين، نسمع أخباراً عن نقل المعتقلين من سجني العقرب وشديد الحراسة، بعد تسع سنوات من الحبس، إلى سجن بعيد جداً جداً، والهدف عزلهم عن الدنيا كلها في أماكن أكثر بعداً عن كل البشر، فلا يعرف عنهم شيء أكثر مما هو كائن الآن".
وتابعت: "سجن جديد.. هل سيكون فيه خروج للتريض من بعد غلق الزنازين عليهم لأكثر من 6 سنوات؟ سجن جديد.. هل سيكون فيه زيارات للأهالي وفق الحق القانوني المحرومين منه من 6 سنوات؟ سجن جديد.. هل سيكون فيه أي نوع من الرعاية الطبية بعد أعداد الموتى الذين لقوا ربهم بعد إهمال طبي متعمد؟ لا نريد سجوناً جديدة، إنما نريد خروجاً وحرية بعد حياة سلبت منهم، وأعمار ضاعت في السجون"
الخوف من تحول العزلة إلى منفى، يصيب الكثير من أسر المعتقلين وأهاليهم. شعور منطقي وواقعي مهما تجددت الوعود بانفراجة سياسية واتساع لأفق الحريات، وحلحلة للملفات الشائكة، وعلى رأسها السجون والحبس الاحتياطي المطوّل.
وفي مقابل كل هذه المواءمات السياسية والتنسيقات المحلية والدولية، والتكيف مع الضغوط الخارجية السابقة والقادمة، تبقى خطوات التنفيذ الفعلية للانفراجة السياسية، محدودة أو معطلة، حسب وصف عضو لجنة العفو الرئاسي، القيادي العمالي كمال أبو عيطة، الذي قال في تصريحات صحافية إن "الأمر يسير بوتيرة غير مستقرة، بسبب وجود وجهتي نظر من الجهات المعنية بالدولة؛ الأولى تتبنى قضية الإفراج عن المحبوسين، والثانية تريد الاستمرار في التوسع في الاشتباه والقبض على المواطنين".
وقد توفي ما يزيد على 14 نزيلاً على الأقل في سجن العقرب منذ 2015، وفقاً لبحث أجرته "هيومن رايتس ووتش" وتقارير حقوقية وإعلامية أخرى.
ولأنه منذ 15 مارس/آذار عام 2015، مُنِع سجناء "العقرب" من الزيارة أو التواصل مع ذويهم ومحاميهم؛ فقد ساهم هذا الانقطاع عن العالم الخارجي في تفاقم الانتهاكات ضد المعتقلين السياسيين، ودفعهم إلى الدخول في إضرابات عن الطعام أكثر من مرة، بالإضافة إلى تسجيل عدد من محاولات الانتحار داخل السجن بسبب التضييق المتواصل.
وأكدت "هيومان رايتس ووتش" أن سجن العقرب يُحتجز فيه حالياً ما بين 700 و800 سجين، مع حظر الزيارات العائلية بالكامل منذ مارس/آذار 2018، وحرمان ساعات التريّض والحبس لمدة 24 ساعة منذ مطلع 2019.
ووقعت حالات وفيات عدة داخل سجن العقرب 1، بسبب سوء أحوال السجن والإهمال الطبي، من ضمنها وفاة القيادي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور عصام العريان، الذي أصيب داخل محبسه بالالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي)، ورغم تقديم طلبات بنقله إلى معهد الكبد لتلقي العلاج، فإن إدارة السجن رفضت نقله أو إحضار لجنة طبية إلى السجن لفحص حالته. وكذلك توفي الدكتور عمرو أبو خليل في زنزانته الانفرادية، وكان قبل وفاته ممنوعاً حتى من ارتداء نظارته الطبية وإدخال ملابس أو أدوية.
حملة حقوقية للإفراج عن معتقلي الرأي
في سياق متصل ، أطلق مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان وأسر المحبوسين حملة حقوقية جديدة تحت شعار " حتى أخرسجين " ترفع مطلب سرعة إطلاق سراح الكم الهائل من السجناء السياسيين المحتجزين في السجون المصرية منذ سنوات خاصة سجن العقرب ، وتشمل المحبوسين احتياطيا منذ سنوات، والمحكوم عليهم والمختفين قسرا.
وجددت الحملة المطالب الحقوقية المتواترة بشأن التعامل بجدية مع ملفات جميع السجناء السياسيين، دون استثناء، وحتى أخر سجين سياسي في مصر وفق مجموعة من الضوابط الحاكمة وهي العدالة بأن يحظى كل مسجون سياسي بفرص متساوية ومنصفة للنظر في حالته على أسس موضوعية ، الشفافية بحيث تأتي قرارات الإفراج وفق معايير وضوابط معلنة ومعروفة مسبقا للمحتجزين وذويهم والمجتمع ، الشمول بأن تتضمن قرارات الإفراج كل مستوفي المعايير المعلنة دون استثناء ، فضلا عن السرعة بألا تستغرق هذه العملية كسابقاتها سنوات تضاف إلى ما ضاع بالفعل من أعمار آلاف من السجناء السياسيين، ومعاناتهم الصحية والإنسانية
وفي وقت سابق أعدت منظمات حقوقية قائمة أولى بأسماء مجموعة من السجناء وقدمتها للجنة العفو في مايو الماضي بناء على استمارة غير رسمية أتاحتها المنظمات للتواصل مع أهالي المحتجزين ، ومن بين 2418 حالة وردت في القائمة، لم تستجب اللجنة إلا لـ 29 حالة فقط، وستعلن المنظمات عن قائمة جديدة ستقدمها المنظمات خلال الأيام القادمة.
وأكد بيان الحملة على أن التعامل مع ملف السجناء السياسيين لم يصل بعد حد المستوى المأمول، فبينما خرج عدد ضئيل من المحبوسين احتياطيا لسنوات؛ تم تجديد حبس أكثر من 4000 محبوس احتياطي أمام دوائر الإرهاب فقط، فضلا عن استمرار احتجاز آخرين بسبب آرائهم أو عملهم، من بينهم البرلماني السابق زياد العليمي والصحفي هشام فؤاد المحتجزين لأكثر من 3 سنوات، والحقوقي محمد الباقر وهدى عبد المنعم وعزت غنيم وعلاء عبدالفتاح الذي تجاوز احتجازهم 1000 يوم واقتراب إضرابه الأخير ل100 يوم، على خلفية أحكام قاسية عن محكمة أمن الدولة طوارئ، والتي طالت أحكامها آخرين منهم السياسيين عبدالمنعم أبو الفتوح ومحمد القصاص ومعاذ الشرقاوي، في نهاية مايو الماضي
هذا بالإضافة لمن تم القبض عليهم مؤخرا بسبب آرائهم أيضا مثل الصحفي محمد فوزي والمذيعة هالة فهمي وصحفيين آخرين، تم اتهامهم بحزمة الاتهامات المكررة المختلفة نفسها؛ الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمجرد إبداعهم النقد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكر بيان الحملة أن أولى خطوات الإصلاح والضمانة الأساسية لجدية ما يسمى ب" الحوارالوطني " تكمن في اعتراف الدولة بالممارسات الأمنية القمعية المرتكبة يوميا، وإطلاق سراح المحتجزين لمجرد التعبير عن آرائهم، وإلا سيغدو الحوار الوطني مجرد محاولة جديدة لتبيض الوجه تضاف إلى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تم إطلاقها في سبتمبر الماضي
ودعت الحملة فى ختام بيانها كافة المهتمين بحقوق الإنسان من الأفراد والمنظمات والأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية وروابط عائلات الضحايا وغيرهم للانضمام للحملة، والتحرك العاجل من أجل مطلب موحد هو إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين في مصر دون أي استثناء.
"الجارديان": مصر تحضّر لقمة مناخ وسجونها مليئة بالمعتقلين
من جانبها، نشرت صحيفة الغارديان تقريرا ،أكدت فيه إن مصر التي تتحضر لقمة المناخ في الأمم المتحدة، والتي ستعقد بعد 5 أشهر في شرم الشيخ، لا تزال تقيد حرية عشرات الالف من المعتقلين وتمنع كل أشكال الاحتجاج.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن علاء عبد الفتاح دخل اليوم الثامن والتسعين من الإضراب عن الطعام، حيث يعيش على مئة سعر حراري فقط في اليوم، عادة على شكل حليب بلا دسم أو ملعقة من العسل في الشاي.
وأضاف التقرير انه "يجب أن تبدأ الحركة المناخية الدولية بالاهتمام بما يحدث في سجون مصر. لا يمكننا السير نائمين إلى مؤتمر Cop27 كما لو أن هذه ليست جرائم ضد الإنسانية".
وأضاف التقرير ، أن السيسي منذ وصوله إلى السلطة في انقلاب عسكري في عام 2013، قام بتطهير كل المعارضة السياسية، حتى من داخل نظامه، وشن حملة قمع كاسحة على المجتمع المدني والمعارضين.
وتضخم عدد نزلاء السجون في مصر، وعجت السجون بالأطباء والصحفيين ورجال الأعمال والمواطنين الذين يحتجون على زيادة أجرة مترو القاهرة وحتى السياح الذين ينشرون على فيسبوك. ومع ذلك، فقد ادعى السيسي منذ فترة طويلة أنه "لا يوجد سجناء سياسيون في مصر" ، وأنه يجب ألا تكون حركة المناخ الدولية طرفا في هذا الغسيل الأخضر والتستر. حان الوقت الآن للضغط على كل حكوماتنا لاستخدام نفوذها للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، بدءا بعلاء عبد الفتاح. بدون ذلك، سيكون ضرر مؤتمر Cop27 أكثر من نفعه".
وقال كين روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش للصحيفة: "لطالما كان من الواضح أن الحكومات بحاجة إلى ضغط من المجتمع المدني للتصدي لتغير المناخ بشكل معقول. لكن السيسي كرس حكمه لقمع المجتمع المدني وأي صوت مستقل ينتقد حكمه القمعي. هذا عكس ما هو مطلوب لمؤتمر بيئة ناجح".