ماذا وراء تصاعد عمليات قتل العسكريين علي أرض سيناء ؟

السبت - 14 مايو 2022

 

 مقتل 23 عسكريا الأسبوع الماضي في سيناء

مصادر طبية عسكرية :الأسبوع الأخير كان دامياً للغاية  ولم يشهد الجيش المصري مثيلاً له منذ أعوام

عسكريون تساءلوا عن سر تأخر الطائرات الحربية عن نجدة الكمائن ولماذا  لا تصل إلا بعد إبادة الكمائن بالكامل دون جندي واحد يروي ما جرى

نزف دماء  العسكريين  علي أرض سيناء جريمة متورط فيها النظام 

شهدت مصر الأسبوع الماضي أسالة دماء العسكريين علي أرض سيناء بشكل مفزع ، رغم أن السيسي أعلن تكرارا ومرارا السيطرة علي المجموعات الإرهابية هناك  ، والأكثر غرابة هو تصريحات السيسي وقادة الجيش عن انتهاء الإرهاب في سيناء، وقوله في حفل إفطار الأسرة المصرية 26 أبريل 2022 إنه "لم يتبق سوى إزالة الألغام من سيناء حتى نحتفل بخلو سيناء من الإرهاب".و لم يكد المصريون يستفيقون من صدمة مقتل 17 عسكرياً في هجوم لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" في محافظة شمال سيناء، شرقي مصر، يوم السبت الماضي، حتى أصيبوا بصدمة أخرى، إثر مقتل ستة عسكريين مصريين بهجوم إرهابي آخر في المحافظة ذاتها، وقع يوم الأربعاء الماضي، ليرتفع عدد القتلى العسكريين المصريين منذ بداية الأسبوع الحالي إلى 23، إضافة إلى عدد من المصابين.

من جهته، لم يعلن "ولاية سيناء" عن مقتل أي من عناصره في الهجومين، متوعداً بالمزيد من الهجمات خلال الأيام المقبلة، رداً على اعتقال الجيش عدداً من زوجات الناشطين في التنظيم في مدينتي رفح والشيخ زويد.

فيما تم الإعلان عن مقتل 3 عناصر من المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري في سيناء

وفي سياق متصل، قتل ثلاثة عناصر من المجموعات القبلية المساندة للجيش المصري، مساء أمس  الجمعة، بهجوم لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي بمحافظة شمال سيناء شرقي البلاد.

وقالت مصادر قبلية وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إنّ أفراد التنظيم هاجموا قوة لاتحاد قبائل سيناء بمدينة الشيخ زويد، ما أدى إلى وقوع قتلى ومصابين، وأضافت المصادر ذاتها أنّ الهجوم وقع في قرية المقاطعة جنوب مدينة الشيخ زويد، فيما حاصرت قوة من الجيش والاتحاد منطقة الهجوم.

من جهتها، قالت مصادر طبية بمستشفى الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد"، إنّ القتلى هم إبراهيم محمد المنيعي وأحمد سعد أبو زينة ونجله طارق أحمد سعد، بالإضافة إلى إصابة اثنين آخرين.

يشار إلى أنّ اتحاد قبائل سيناء فقد العشرات من عناصره خلال الأسابيع القليلة الماضية، نتيجة اشتباكات مع مسلحين من تنظيم "داعش" الإرهابي في مدينتي رفح والشيخ زويد.

أسبوع دامٍ للجيش المصري في سيناء

وقالت مصادر طبية عسكرية لـ"العربي الجديد"، إن الأسبوع الأخير كان دامياً للغاية، ولم يشهد الجيش المصري مثيلاً له منذ أعوام، وليس فقط منذ أشهر، في ظلّ الحالة الأمنية الجيدة التي باتت تتمتع بها محافظة شمال سيناء، منذ العملية العسكرية الشاملة في المحافظة التي بدأت في فبراير/ شباط 2018، وأدت إلى تراجع ملحوظ في الهجمات الدموية للتنظيم.

وأوضحت المصادر أنه جرى تسجيل مقتل 23 من قوات الجيش، بينهم ثلاثة ضباط، بالإضافة إلى ثلاثة قتلى من العناصر القبلية المساندة لقوات الجيش، وعدد من الإصابات من الجيش ومسانديه في الهجومين الأخيرين. كما قُتل ثلاثة عناصر من اتحاد قبائل سيناء، المساند للجيش، في هجوم لـ"ولاية سيناء" جنوب مدينة الشيخ زويد مساء أمس الجمعة.

وخسرت قوات الجيش المصري على مدار العقد الأخير  عمئات القتلى من ضباطها وجنودها، بالإضافة إلى العشرات من المجموعات القبلية المساندة لها في سيناء، عدا عن الخسائر المادية الفادحة التي لحقت بالمواقع العسكرية والآليات.

وتنوعت هجمات التنظيم بين السيطرة على كمائن عسكرية، أو عمليات القنص، وتفجير سيارات مفخخة، وقصف المواقع العسكرية بالقذائف الصاروخية، بالإضافة إلى الإعدام بعد الاختطاف لعناصر وضباط بالجيش، فيما تكررت سيناريوهات القتل سابقة الذكر عشرات المرات في سيناء من دون أي تغيير في استراتيجيات الأمن في التعامل مع التنظيم.

هل الدماء المسالة هدفها إلهاء للتغطية على كوارث النظام

بعد الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة (ولاية سيناء) 7 مايو 2022 في منطقة الطاسة شمال سيناء على نقطة عسكرية ومقتل 17 عسكريا، بينهم ضابط وضابط صف و15 جنديا، عاد بعد 5 أيام فقط ليقتل 5أخرين بينهم ضابط و4 جنود في هجوم شمال غرب رفح قرب الحدود مع إسرائيل.

هذا القتل بالجملة لجنود وضباط الجيش أثار تساؤلات وغضبا شديدا ليس بين الشعب المصري ولكن بين ضباط مصريين في الجيش يعيشون في الخارج ويغردون على مواقع التواصل، بل وكتب نشطاء كيف لا يتم تزويد هؤلاء الجنود بالعتاد الذي اشتراه السيسي

ولماذا تتأخر الطائرات الحربية عن نجدتهم ولا تصل إلا بعد إبادة الكمائن بالكامل دون جندي واحد يروي ما جرى، ثم يسميه المتحدث العسكري نجاحا في صد هجوم، ولماذا لم يشترِ لهم السيسي طائرات مسيرة رخيصة تساوي 100 ويعطيها لكل كمين ترصد ما حوله عبر الموبيل.

تكتيكات قتالية غير مفيدة للجيش المصري

وتعليقاً على الهجمات الأخيرة، قال الخبير في شؤون الجماعات "الجهادية" حسن أبو هنية، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار الهجمات الدموية بعد كل هذه السنوات، خصوصاً بعد نتائج "العملية الشاملة في سيناء" لعام 2018، يشير ببساطة إلى عدم الكفاءة، على الرغم من الحديث المتكرر عن أنه تم القضاء على التنظيم، وستتم عودة المهجرين إلى قراهم.

وأضاف أبو هنية أن قوات الجيش المصري، ومنذ صعود "ولاية سيناء"، استخدمت تكتيكات قتالية تشبه سياسة الأرض المحروقة والتي تتمثل في التجريف وهدم المنازل وتهجير السكان، وكذلك استخدام ورقة اتحاد القبائل، بالإضافة إلى الدفع بـ50 ألف مقاتل نظامي من قوات الجيش، وإلى قوات الأمن الموجودة أصلاً في سيناء، وقوات حرس الحدود التابعة للجيش.

كما استغل الجيش المصري غطاء من التعديلات المتتالية لاتفاقية الأمن مع إسرائيل، التي شاركت في الحرب على التنظيم، وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، التي تشارك بشكل حقيقي في الحرب على الإرهاب في سيناء

وقال أبو هنية إنه على الرغم من كل ما سبق، إلا أن التنظيم لا يزال يملك القدرة الكافية لتنفيذ هجماته في المحافظة، مع ضرورة الإشارة إلى أن معدل الهجمات انخفض من 350 عملية سنوياً إلى 50 عملية سنوياً، إلا أن هذا غير كافٍ في ظل القوة العسكرية المستخدمة ضده طيلة السنوات الماضية.

ولفت الخبير في شؤون الجماعات "الجهادية" إلى أن التنظيم تمكن من الحفاظ على هيكلياته التنظيمية في كافة مناطق سيناء، وأعاد ترتيب أوراقه مع القيادة الجديدة التي استلمت زمام الأمور في التنظيم، وتفهم طبيعة البيئة المحيطة به، في حين أن المشكلة الأساسية في سيناء تتعلق بالأسباب الجذرية العميقة، حيث لا تزال مقاربة عسكرية أمنية فجة في التعامل مع ملف سيناء وهو ما يستثمر فيه التنظيم لتجنيد عناصره، ويتمتع بالخبرة في ذلك.

وأوضح أبو هنية أن التكتيكات التي يستخدمها الجيش ضد "ولاية سيناء" ليست كافية ولا فعالة، وهو ما استغله التنظيم للانقضاض على قوات الجيش في كل مرة، وما شجع الكثيرين في سيناء وخارجها للالتحاق به لقتال الجيش.

وبرأيه، فإن ذلك يدل على أن ثمة خللاً كبيراً في استراتيجية مكافحة الإرهاب القائمة في سيناء، طالما لم نر مقاربات في التنمية ومعالجة الأزمات السياسية والاقتصادية، في حين أن التنظيم بقي موجوداً وأعاد هيكلة نفسه ومن المتوقع أن يشن هجمات جديدة.

وأشار الباحث إلى أن الهجوم الأخير هو الهجوم المركب الأول من نوعه منذ سنة ونصف السنة، بعد اعتماد "ولاية سيناء" خلال الفترة الماضية على عمليات حرب الاستنزاف قليلة الكلفة كالعبوات الناسفة وبعض الكمائن. وختم بقوله: "تحتاج أجهزة مكافحة الإرهاب تقنيات استخبارية وأمنية عالية المستوى، وعملاً جوياً دقيقاً، وكلّها أمور لا يمتلكها الجيش المصري بالشكل المطلوب حتى اللحظة، ما دفعه في مراحل عدة للاستعانة بإسرائيل أو بدول أخرى كالولايات المتحدة"

الضابط السابق في القوات الجوية شريف أسامة وصف من يديرون الجيش ومصر من الجنرالات بأنهم جهلة ومتخلفون ، وهاجم بناء السيسي قصورا وتركه هو وجنرالاته الأغبياء للجنود يُقتلون بهذه الطريقة دون حماية عسكرية

قال إنهم "يموتون بسبب فشل وغباء القيادات العسكرية وعدم وجود أسلحة وذخيرة تحميهم، وطالب بنشر التسجيلات العسكرية التي تصدر عن هذه الوحدات التي يتم ضربها والتي تكشف تقصير جنرالات الجيش المشغولين بالبيزنس وجمع الأموال والسكن في القصور ثم المتاجرة بالشهداء في الجيش"

واتهم هذا الضابط السيسي في فيديو لاحق بأنه هو من يقتل الجنود المصريين ، مقدما رواية عن طائرات مسيرة طارت فوق الموقع وقصفته ولا يملك هذه الطائرات سوي الجيش

وسبق لنفس الضابط أن تساءل عقب العملية الأولى، أين السلاح الذي يشتريه السيسي بالملايين وأين الطائرات؟ ملمحا لمسئوليته، وقال إن "إسرائيل تقوم بهجمات جوية في سيناء فكيف لا تتحرك طائرات مصر على أرضها لحماية جنودها

وقارن نشطاء بين منظومة السيسي الديكتاتورية البوليسية الفاسدة بتوفير أسلحة  وعتاد لقوات الشرطة لقتل المصريين مقابل إهمال تسليح العسكريين من الجنود البسطاء الذين يتعرضون للقتل في سيناء.

واستغرب الإعلامي حافظ المرازي عدم تشييع شهداء الجيش في الهجمات الأخيرة بجنازات فردية، كل واحد منهم ببلدته ومحافظته، بدلا من جنازة شعبية واحدة كتلك التي نظمتها القوات المسلحة لشهدائنا في رفح في أغسطس 2012 ونصحت الرئيس مرسي وقتها بعدم حضورها حرصا على سلامته من غضب الشعب على عدم تأمين هؤلاء الجنود؟