ماذا وراء اعتراف نواب السيسي بانهيار الصناعة وتوقف 8500 مصنع؟

الاثنين - 6 يونيو 2022

 

تزامناً مع تقرير جديد لوكالة  "ستاندرد أند بورز" يؤكد أن القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش للشهر الـ18، وجّه بعض نواب برلمان العسكر بمصر انتقادات حادة إلى وزيرة التجارة والصناعة "نيفين جامع"، والحكومة على غير المعتاد، واعترفوا بانهيار قطاع الأعمال والقطاع الصناعي، كما اعترفوا بتوقف 8500 مصنع ، والتفريط المستمر في أملاك الدولة، بل كان منهم رئيس اللجنة الاقتصادية ببرلمان السيسي الذي انتقد الوزيرة ، مؤكدا أن حجم الناتج القومي من الصناعة لا يجاوز 750 مليار جنيه فقط، كما اعترف النواب  بأن الدولة لم تقدم شيئاً لتشغيل المصانع المحلية و50% من مساحات المناطق الصناعية غير مستغلة،  كما استنكروا إعلان  طرح نحو 30 % من الفنادق المملوكة للدولة للبيع لصالح القطاع الخاص، في المقابل أكد سياسيون أن هناك أسباب خفية تقف وراء مهاجمة نواب برلمان السيسي للوزراء وانتقاد أداء الحكومة، وفي سياق متصل  أكد ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

 

8500 مصنع متوقف في مصر.. وتفشي البطالة في القطاع

في اعتراف واضح بما وصل له حال الاقتصاد المصري، وجّه بعض نواب برلمان العسكر بمصر انتقادات حادة إلى وزيرة التجارة والصناعة "نيفين جامع"، أمس الأحد ، وذلك  خلال مناقشة عدد من طلبات الإحاطة والأسئلة الموجهة للحكومة بشأن توقف وبيع المصانع المملوكة للدولة، ومعاناة القطاع الصناعي من مشكلات جمة، في مقدمتها عدم توفير الأراضي الصناعية للمستثمرين بأسعار مناسبة، وصعوبة تدبير الدولار لهم لاستيراد الخامات اللازمة للصناعة.

وطالب رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان أحمد سمير الوزيرة بـ"الكشف عن رؤيتها حيال النهوض بقطاع الصناعة، وإنقاذه من الأزمات التي يعاني منها حالياً"، موضحاً أن "حجم الناتج القومي من الصناعة لا يجاوز 750 مليار جنيه فقط".

وقال سمير: "لا توجد خطة أو رؤية واضحة لدى الحكومة للنهوض من أزمة الصناعة المتفاقمة، بفعل الظروف العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، بينما توجد دول أخرى نجحت في استغلال الأزمة لصالح تنمية صادراتها ودعم اقتصادها الوطني".

بدوره، قال رئيس لجنة الصناعة النائب معتز محمود إن "القطاع الصناعي في مصر يعاني من مشكلات ضخمة جداً، لا سيما بعد أزمتي جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية"، داعياً إلى تشكيل لجنة باسم "إدارة الأزمات"، تضم ممثلين عن وزارات الصناعة والمالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية والبيئة والكهرباء والبترول، لفك التشابك بين هذه الوزارات في المجال الصناعي.

وقال وكيل لجنة الصناعة محمد السلاب إن "الحكومة ليست لديها إجراءات حقيقية لتوطين المنتج المحلي في مصر"، مضيفاً: "أي مستثمر يأتي إلى مصر يعاني من عذاب رهيب حتى ينهي الإجراءات والاشتراطات الحكومية لتنفيذ مشروعه".

وتابع: "منذ عامين، ولا يستطيع أي مستثمر شراء أرض في مصر، وتصريحات المسؤولين الحكوميين عن تسهيل إجراءات توفير مدخلات الإنتاج لصالح الصناعة المحلية هي للاستهلاك الإعلامي"، مستطرداً "لا توجد إرادة حقيقية للنهوض بهذا القطاع الهام والحيوي، والأسباب متعددة وراء أزمة الصناعة المصرية، ومنها عدم توفر الدولار للمصنعين لاستيراد الخامات بعد رفع سعره مؤخراً مقابل الجنيه".

وقال النائب مجدي ملك: "الدولة لم تقدم شيئاً لتشغيل المصانع المحلية، و50% تقريباً من مساحات المناطق الصناعية غير مستغلة"، مضيفاً "محافظة المنيا (جنوب) على سبيل المثال يعمل فيها 200 مصنع فقط من أصل 580، والمساحة المتبقية من المنطقة الصناعية غير مستغلة. كما أن الهيئة العامة للتنمية الصناعية فيها أشخاص لا يصلحون لشغل مناصبهم"، على حد تعبيره.

في السياق نفسه، قال النائب رياض عبد الستار: "أداء وزارة التجارة والصناعة لا يليق بدولة في حجم مصر. والحكومة تضع أسعاراً مرتفعة للغاية في المدن الصناعية بدلاً من أن تكون بالمجان". وأضاف متسائلاً "هل يعقل أن يصل سعر المتر إلى 700 جنيه في المدن الصناعية، بخلاف تحمل المستثمر جميع تكاليف توصيل المرافق".

وطالب النائب محمد عبد العليم داوود وزيرة التجارة والصناعة بـ"الكشف عن عدد المصانع التي أُغلقت خلال الفترة الأخيرة، والرد على تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات بأنه قد جرى بيع الشركات المملوكة للدولة بأقل من ربع ثمنها الفعلي بسبب سياسة الخصخصة".

وأكمل داوود: "الصرف الصحي يحاصر المنطقة الصناعية في محافظة كفر الشيخ، والبوم والغربان احتلت مصانع مصر، ولا نجد فيها تنمية أو صناعة، عكس ما يقال في وسائل الإعلام"، وفق قوله.

وقال النائب محمود عصام موسى : "لن يأتي مستثمر جديد إلى البلاد إلا بعد حل المشكلات القائمة للصناعة المصرية. ومن باب أولى الحديث عن المصانع المتوقفة، ومدى إمكانية إعادتها للتشغيل، قبل الحديث عن دعوة مستثمرين جدد للقطاع"

من جانبه، قال النائب أيمن محسب : "المصانع متوقفة في مصر، والعمالة مشردة، وحل الأزمة يتمثل في بحث سبل إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، وإنشاء مصانع جديدة تشجيعاً للصناعة المصرية وتحديثها، وتطوير المنتج المحلي لزيادة حجم الصادرات المصرية لدول العالم".

وأضاف محسب: "المصريون يعتمدون في مأكلهم ومشربهم على المنتجات الأجنبية المستوردة. ووفقاً للتقارير الرسمية، فإنه يوجد من 8000 إلى 8500 مصنع متوقف، وهي أرقام مفزعة، الأمر الذي نتج عنه تشريد العمالة، وتفشي البطالة في القطاع".

وعقّبت وزيرة التجارة والصناعة على مداخلات النواب، مدعية أن "الحكومة حريصة على إتاحة الأراضي لتلبية احتياجات القطاع الصناعي، سواء من خلال استثمارات جديدة أو التوسع في المشروعات القائمة".

واعترفت أن "الوزارة خصصت أراضي لـ79 مستثمراً بمساحات تزيد على 760 ألف متر مربع، وانتهت من إعداد قائمة بـ100 إجراء تحفيزي للنهوض بالصناعة المصرية، وجذب المستثمرين للقطاعات الصناعية المختلفة، بواقع 58 إجراءً قصير الأجل، و33 إجراءً متوسط الأجل، و9 إجراءات طويلة الأجل".

متابعة أن "الفترة الماضية شهدت تنفيذ شراكات مع بعض الدول الخليجية لتحقيق التكامل الصناعي العربي، كانت من أهمها مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية بين مصر والإمارات والأردن، الهادفة إلى تطوير صناعات قادرة على المنافسة عالمياً، وتعزيز الإنتاج المحلي، وقطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، عن طريق تسريع وتسهيل استثمارات الشركات في القطاعات التكاملية، وسلاسل القيمة المترابطة".

بيع الفنادق في مصر

كما استهل برلمان العسكر جلسته العامة، أمس، بمطالبة النائب محمود قاسم -في بيانه- الحكومة، ممثلة في وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، بإعلان تفاصيل طرح نحو 30 في المائة من الفنادق المملوكة للدولة للبيع لصالح القطاع الخاص.

وقال قاسم: "من وقت إلى آخر، يخرج علينا وزير قطاع الأعمال العام لإعلان تصفية مؤسسة جديدة من مؤسسات الدولة، وكأنه يعود بنا إلى عصر الخصخصة مرة أخرى"، متابعاً "يجب أنه نطلق عليه وزير تصفية قطاع الأعمال، باعتباره أصبح معنياً ببيع ممتلكات الدولة".

وأوضح أن توفيق أعلن عن تصفية مجموعة من شركات الإسمنت والأسمدة والحديد والصلب التابعة للدولة، متسائلاً: "هل الفنادق المطروحة للبيع رابحة أم خاسرة من واقع ميزانياتها؟ وهل ستؤثر عمليات البيع بالسلب على العمالة فيها من عدمه؟ ولذا أطالب باستدعاء الوزير المختص إلى البرلمان للتعرف على أسباب قراراته بشأن تصفية أصول الدولة".

"ستاندرد أند بورز": القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش للشهر الـ18

وفي سياق متصل ، أظهر مسح أمس الأحد، أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكمش للشهر الثامن عشر في مايو/ أيار، إذ أدت الأزمة الأوكرانية والقيود المفروضة على الواردات وانخفاض قيمة الجنيه إلى ضغوط على الأسعار.

وارتفع مؤشر وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" لمديري المشتريات في مصر إلى 47 من 46.9 في أبريل /نيسان، لكنه ما زال أقل من مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش.

وقالت الوكالة إن "ضغوط الأسعار الآخذة في الارتفاع لا تزال تنال من إنفاق العملاء، حيث تسارعت وتيرة تضخم تكلفة المدخلات إلى أعلى مستوياتها في ستة أشهر وسط تزايد أسعار السلع الأولية العالمية وارتفاع الدولار وحظر عدد من السلع المستوردة".

وأضافت أن "الشركات خفضت مشترياتها من المدخلات ومستويات التوظيف، بينما تراجعت توقعات النشاط المستقبلي إلى ثاني أدنى مستوى لها في تاريخ السلسلة"، وفقا لوكالة "رويترز".

وقالت إن حظر استيراد بعض المنتجات تسبب في نقص الإمدادات للعديد من الشركات، كما أدت اشتراطات جديدة في خطابات الاعتماد لاستيراد العديد من السلع إلى زيادة التأخيرات الجمركية.

وارتفع معدل التضخم الأساسي إلى 13.1 بالمئة في أبريل /نيسان من 10.5 بالمئة في مارس /آذار.

وقفز المؤشر الفرعي لأسعار المدخلات الإجمالية إلى 62.1 من 58.3 في أبريل /نيسان وارتفع المؤشر الخاص بتكاليف الشراء إلى 62.3 من 58.8.

وقال ديفيد أوين الخبير الاقتصادي في "ستاندرد أند بورز"، إن "ظروف الأعمال في القطاع غير النفطي في مصر ظلت متأثرة بالضغوط التضخمية السريعة في مايو، إذ أشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن ارتفاع أسعار السوق أدى إلى انخفاض حاد في الطلب وزيادة أخرى في نفقات الأعمال".

وواصل الإنتاج والطلبيات الجديدة الانكماش في مايو/ أيار، إذ سجل مؤشر الإنتاج 45 متراجعا من 45.3 في أبريل نيسان بينما انخفض مؤشر الطلبيات الجديدة إلى 44.6 من 45.3.

وانخفض المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج المستقبلية إلى 55.2، وهو ثاني أدنى مستوياته منذ دمجه لأول مرة في المسح قبل عشر سنوات. وكان المؤشر عند 57.7 في أبريل/ نيسان.