مأسسة الطائفية .. السيسي يشتري ولاء الأقباط بمخالفة الدستور
الاثنين - 12 سبتمبر 2022
- "كوته" للمسيحيين في الرياضة والسياسة والمحاكم وتقنين الكنائس المخالفة
- غضب كبير في مصر بسبب تأسيس أول ناد رياضي مسيحي برعاية الكنيسة
أثار إعلان الكنيسة المصرية إشهار أول ناد رياضي مسيحي في الدوري المصري باسم "عيون مصر" غضبا شعبيا ورفضه مسلمون ومسيحون على السواء، معتبرين أنه "مأسسة" جديدة للطائفية.
حيث رخصت وزارة الشباب والرياضة في مصر لإنشاء ناد رياضي تابع للكنيسة، رغم وجود نوادي رياضية أصحابها رجال أعمال أقباط مثل نادي الجونة ونادي وادي دجلة والشبان المسيحيين.
وأكدت صحيفة "الشروق"، 8 سبتمبر 2022، أن أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، التقى مع الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، لمناقشة إجراءات إشهار نادي عيون مصر بمحافظة البحيرة.
كما أعلنت صفحة كنائس وسط القاهرة عن تأسيس نادي عيون مصر برعاية وزارة الرياضة وتحت إشراف الأنبا رافائيل وفتحت باب التقديم لفريق "كرة القدم" وأنه سيشارك في دوري الدرجة الرابعة.
وقد أعلن نادي عيون مصر الرياضية، التابع لكنائس وسط القاهرة، فتح باب التقدم لاختبارات القبول للانضمام لصفوف الفريق الرياضي، المقرر أن يخوض مباريات الدوري العام المصري لكرة القدم بالدرجة الرابعة لمواليد (2003 إلى 2013)، تحت قيادة القس جرجس شفيق، مسؤول النادي.
نفي وتأكيد
بعدما أثار الموضوع جدالا طائفيا، نفت وزارة الشباب والرياضة، تأسيس فريق تابع للكنيسة المصرية للمشاركة في دوري القسم الرابع من بطولة الدوري المصري، برغم أن صفحة الوزارة أشارت لذلك منذ 23 أغسطس 2022.
وأكد الدكتور محمد فوزي، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة أن القانون يحظر بأي شكل من الأشكال وجود أندية على أساس ديني ونفى وجود أوراق وصلت لوزارة الشباب والرياضة بإشهار ناد تحت اسم «عيون مصر».
لكن القمص موسى إبراهيم، المتحدث باسم الكنيسة الأرثوذكسية أكد لصحيفة «المصري اليوم»، 9 سبتمبر 2022، وجود هذا النادي، لكنه قال: "الموضوع لا يزال تحت الدراسة من كافة النواحي بهدف دراسة أبعاده ليتم التطرق إليه".
ولم ينف القس جرجس شفيق، مسؤول نادي عيون مصر أيضا وجود ناد مسيحي ولكنه قال إنه ما زال تحت التأسيس، وأنه لكل المصريين، مسلمون ومسيحيون.
صراع طائفي
وانتقد مسلمون ومسيحيون الفكرة واعتبروها طائفية ويمكن أن تحول المنافسة والصراع الكروي الي صراع طائفي، محذرين مما سيتبع ذلك لو حدث من تلاسن جمهور الكرة على أساس طائفي، وتشكل مشجعي النادي ألتراس يرفع رموز دينية.
وانتقد الدكتور محمد الصغير أحد شيوخ وزارة الاوقاف السابقين، تأكيد الكنيسة إشرافها على نادي «عيون مصر» حسب الأنبا رافائيل أسقف وسط القاهرة، وتنسيقها مع وزير الشباب والرياضة لمناقشة تفاصيل التأسيس، متسائلا: هل هذا جزء من فاتورة مستحقة يدفعها النظام الحالي إلى دولة الكنيسة ردا للجميل؟
وقال النائب السابق القبطي جمال أسعد عبد الملاك، إنه يرفض إنشاء نادي رياضي قبطي لأنه "يبث انطباعات ويعطي رسائل طائفية غير مقبولة".
وصفه بانه: كارثة قومية ورده طائفية تمثل خطورة على الوطن وتكريسا للفرقة وتأكيدا للتشرذم وقسمة للوطن وإسقاطا للدولة المدنية ومحاصرة للمواطنة داخل أسوار الكنائس. وسخر مسيحيون من الفكرة أيضا عبر اسقاطات دينية كنسية
مؤيدون
ودافع أقباط عن فكرة وجود ناد مسيحي، مشيرين لتجارب خاصة بأبنائهم ممن تم استبعادهم لمجرد أنهم مسيحيون، وروت سيدة تجربة استبعاد ابنتها من المدرسة العسكرية الرياضية التابعة لوزارة الدفاع لأنها مسيحية.
وقال الباحث القبطي اسحاق ابراهيم إن التمييز ضد المسيحيين في مجال الرياضة وفر بيئة وسياق لإنشاء نادي عيون مصر، داعيا لوضع كوتة (عدد من المسيحيين) في كل فريق رياضي على غرار ما يجري في البرلمان ونص علي الدستور فيما يخص التمثيل السياسي.
وقال علمانيون منهم سامح عسكر إن انشاء أول نادي مسيحي في الرياضة المصرية، إعلان غير مسبوق عن طائفية الرياضة لكنه بات أمر واقع لأن الأندية لا تعطي بالفعل الفرصة للمسيحيين وتطرد كل اللاعبين الأقباط، وزعم أن ما فعلته الكنيسة رد فعل طبيعي على طائفية الأندية المصرية
التشويش علي "ارحل يا سيسي"
ما يلفت الأنظار أن فكرة النادي المسيحي والجدل الذي أثير حولها خاضت فيه صحف السلطة التي يحركها جهاز سامسونج بصورة ملفتة ولم تمتنع عن النشر بل واثارت جدالا طائفيا حولها كأن الأمر متعمد للتغطية على الحملة ضد عبد الفتاح السيسي بعد خطابه الذي أثار غضبا شعبيا في قناة السويس.
في خطابه بدا السيسي مرتعشا ومتوترا وهو يحمل المصريين مسئولية فشل سياساته الاقتصادية قائلا لهم: "أنت مش عاوز تدفع تكلفة اللي عملته في 2011 و2013 ليه؟ ما أثار غضب المصريين وادي لانتشار هشتاج ارحل يا سيسي.
وأشار السيسي لرفضه التصالح مع جماعة الاخوان ضمنا قائلا: هل نتصالح معهم؟ هم يريدون مساحة للتحرك مجدداً حتى يتوقفوا عما يفعلونه لأن طول ما ده (أنا) موجود، هايفضلوا يعملوا كده حتى يخلصوا منه".
عقب خطاب السيسي انتشرت هاشتاجات معادية له بصورة كبيرة وتصدرت التريند المصري أبرزها #خايف_تقع_يابغل و#ارحل_يا_سيسي
وحاولت لجان السيسي التعامل مع حملة الهجوم ضده بهاشتاج مكرر قديم #السيسي_هيحميها_وهيكمل_ويبنيها لكنه سرعان ما تراجع.
مسيحي على رأس "الدستورية العليا"
وارتباطا بطأفنة الرياضة، وتوسيع دائرة إرضاء الأقباط لتجييرهم سياسيا لصالح السيسي، وفي خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ مصر، أصدر عبد الفتاح السيسي 8 فبراير 2022، قراراً بتعيين قاضٍ مسيحي على رأس المحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة قضائية بالبلاد).
القرار الجديد أثار جدالا وتساؤلات في مصر حول تداعياته ودلالته، إذ أن القاضي الجديد من حقه أن يصبح رئيسا مؤقتا لمصر حال تنحية أو ابعاد السيسي لأي سبب من الأسباب، ليكون أول رئيس مسيحي لمصر ولو مؤقت، وهي دولة إسلامية.
وقد اعتبر قضاة سابقون ونشطاء تعيين قاض مسيحي في أعلي محكمة دستورية مخالفا للدستور.
وتساءل نشطاء: كيف لدولة مسلمة يفصل في دستورية قوانينها مسيحي لم يدرس الشريعة الإسلامية؟
القاضي السابق وليد شرابي أكد أن المادة الثانية من الدستور المصري تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والمحكمة الدستورية تختص بالنظر في دستورية التشريعات والقوانين بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
ثم علق على القرار عبر حسابه على تويتر مؤكدا أن: تعيين المستشار بولس فهمي إسكندر رئيسا لتلك المحكمة أمر يحتاج إلى النظر في صحة دستوريته.
وكتب نشطاء عبر مواقع التواصل يفسرون قرار السيسي تعيين قاضي مسيحي على رأس أعلي محكمة مصرية بأنه محاولة من السيسي لإظهار مواقف سياسية ترضي الغرب (المسيحي) عنه بعد سلسلة الانتقادات الأوروبية والأمريكية لملف حقوق الانسان.
قالوا إن القرار يأتي أيضا لإرضاء مسيحيي مصر الذين دعموا السيسي، ومنه عملية التقنين الواسعة غير عادية الجارية حاليا لكنائس مخالفة بنيت بالمخالفة للقانون ووافقت عليها حكومة السيسي.
ولعبت المحكمة الدستورية أدورا معاكسة للديمقراطية في مصر منذ ثورة يناير 2011، حيث وقفت ضد الرئيس الراحل محمد مرسي وحلت أول برلمان حر منتخب، كما عزلت 15 من قضاة الاستقلال الذي عارضوا إزاحة الجيش للرئيس المنتخب مرسي.
تقنين الكنائس المخالفة
ضمن عمليات مأسسة الطائفية يسعي السيسي لتقنين الكنائس المخالفة وجعلها رسمية ما أثار مشكلات بين أهالي بعض القري من المسلمين والمسيحيين.
صدرت عدة قرارات بتقنين الكنائس بصورة عشوائية، أخرها في 17 مايو 2022 بقرار مجلس الوزراء بالموافقة على تقنين أوضاع الكنائس والمباني التابعة لها، بالموافقة على تقنين أوضاع 239 كنيسة ومبنى تابعاً.
وقبل ذلك نشر الجريدة الرسمية 13 يناير 2022 قرار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بالموافقة على توفيق أوضاع 50 كنيسة و91 مبنى بإجمالي 141 كنيسة ومبنى والمقدم بشأنها طلبات دراسة توفيق أوضاعها من طوائف الكنائس المسيحية.
وبلك ارتفع عدد الكنائس التي بنيت بالمخالفة للقانون وتمت الموافقة على تقنينها حتى مايو 2022 الي 1461كنيسة وعدد المباني الكنسية الخدمية الملحقة بها أو المنفصلة الي 896 مبني.
وجاءت عمليات التقنين في أعقاب اصدار قانون جديد لبناء وترميم الكنائس عام 2016، وإلغاء القانون القديم الذي يعود الي العهد الملكي وكان يسمي "القانون الهمايوني"، وتم تشكيل اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس برئاسة رئيس مجلس الوزراء في يناير 2017، للبت في طلبات تقنين الكنائس.
وتتشكل لجنة توفيق اوضاع الكنائس من 10 أعضاء، هم وزراء: الدفاع، والإسكان، والتنمية المحلية، والشؤون القانونية والعدل، والآثار، وممثل عن: المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، والأمن الوطني، والطائفة المعنية.
ويقول مراقبون ومسيحيون في المهجر على مواقع التواصل أن قرارات تقنين وضع الكنائس المخالفة غالبا ما يتم لإرضاء البابا تواضروس وضمان حشد المسيحيين في مناسبات الانتخابات والاوقات التي يحتاج لهم فيها السيسي في جولاته الاوربية وفي امريكا.
بحسب احصاءات مختلفة، تضاعفت أعداد الكنائس خلال الفترة من عام 1972 وحتى عام 1996 إلى الضعف تقريبا، إذ أن عدد الكنائس في عام 1972 كان يبلغ نحو 1442 كنيسة معظمها بدون تراخيص، وكانت نسبة الحاصلة على ترخيص والمسجلة لدى وزارة الداخلية 500 كنيسة فقط، منها 286 كنيسة أرثوذكسية والباقي للطوائف الأجنبية.
وقد ارتفع العدد في عام 1996 لتصل إلى نحو 2400 كنيسة، بناء على إحصائية رسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بزيادة قدرها 1000 كنيسة تقريبا بواقع 40 كنيسة سنويا تم بناؤها خلال 25 عامًا.
ثم زاد عدد الكنائس في نهاية 2006-أي بعد عشر سنوات-إلى نحو 2626 كنيسة رسمية، من بينها 1326 كنيسة أرثوذكسية و1100 كنيسة بروتستانتية و200 كنيسة كاثوليكية.
وحتى أبريل 2020 تم تقنين أوضاع 1568 كنيسة ومبنى كنسي، كلها كانت غير مرخصة، وتم هذا التقنين بناء على قانون صدر عام 2016 لإرضاء الأقباط، وهي كنائس ومبان موزعة على كل محافظات مصر تقريبا، وخاصة الصعيد.