بتجمع كبير للفنانين والمفكرين.. "حوارات" جورجتاون قطر تكشف أبعاد المأساة الإنسانية في السودان
الأحد - 21 سبتمبر 2025
"إنسان للإعلام"- الدوحة- متابعة خاصة:
كجزء من سلسلة مؤتمرات "حوارات" التي تنظمتها جامعة "جورجتاون" في قطر حول القضايا الأكثر إلحاحا، نظمت الجامعة مؤتمرا فكريا وثقافيا سودانيا بعنوان "رؤية السودان"؛ لتسليط الضوء على المأساة الشديدة التي يتعرض لها الشعب السوداني، ولفت الانتباه إلى آلاف القتلى والملايين من النازحين.
قدم المشاركون، ومعظمهم من الفنانين والمفكرين والمثقفين السودانيين، خارطة طريق للتعافي بعد الحرب تضمن الحفاظ على إرث البلاد الغني كمركز للمعرفة والثقافة.
وعلى مدى ثلاثة أيام، من الخميس إلى السبت ( 18 إلى 20 سبتمبر 2025) سلط المشاركون الضوء على كيفية تشابك الإبداع والمقاومة وتداخل العديد من العناصر معا، لوضع تصور مستقبلي جماعي يقوم على إعادة الاستثمار في التعليم والإنتاج الثقافي، وتسهيل عودة المواطنين النازحين إلى مواطنهم، وتعزيز القدرات العلمية والصناعية، والجمع بين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني والحركات الشعبية النشطة معا لإعادة بناء البلاد بشكل فعال.
شهد المؤتمر حضور شخصيات بارزة من بينها الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، و لولوة بنت راشد الخاطر وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، إلى جانب الشيخ الدكتور عبدالله بن علي آل ثاني رئيس مجلس إدارة المدينة الإعلامية.
وفي كلمتها بالجلسة الافتتاحية، أكدت الدكتورة رقية أبو شرف، الأستاذة السودانية بجامعة جورجتاون في قطر، أن الشعب السوداني يخوض "معارك يومية من أجل البقاء منذ عقود"، مشددة على أن المؤتمر يمثل محاولة لإبراز "روح الأمة السودانية" عبر الفن والوعي السياسي.
أما عميد الجامعة صفوان المصري، فاعتبر أن الفن يستعيد مكانته كلغة من لغات الدبلوماسية، مؤكدا أن الدوحة بما تحمله من تنوع ثقافي عالمي هي الموطن الأمثل لهذا الحوار.
وفي الجلسة الرئيسية، التي أدارتها الإعلامية البريطانية السودانية زينب بدوي، سلطت الضوء على التاريخ الحضاري المشرق للسودان، محذّرة من السماح "لطغيان القوى القامعة" بإطفاء هذا الإرث.
وقد شاركها النقاش كل من رسام الكاريكاتير السياسي خالد البيه، والفنان والمؤرخ الفني الدكتور راشد دياب، والكاتبة والصحفية نسرين مالك، حيث ركزوا على تشويه الرواية السودانية في ظل الحرب والإنكار، وأكدوا أن المأساة لا تفتك بالأرواح فحسب، بل تطمس أيضا الهوية والتاريخ والأمل.
واختتمت الجلسة بعرض موسيقي مشترك للفنانة السودانية السارة والموسيقية الفلسطينية هدى عصفور، قدّم إعادة تخيل لموسيقى الثورة السودانية، في رسالة بأن الفنون قادرة على تعزيز التضامن عندما تفشل السياسة.
إحدى جلسات اليوم الختامي للمؤتمر
وفي الجلسات التالية، استضاف المؤتمر حلقات نقاش حول الإنتاج الفني والفكري العالمي، واختتم المؤتمر بحلقة نقاشية تحت عنوان "إعادة تصور السودان"، لخصت فيها الصحفية والممارسة المقيمة بجامعة جورجتاون في قطر، نسرين مالك، جوهر هذا التجمع، قائلة: "كان التحدي الأكبر هو التفكير في ماهية الحرب في السودان، إضافة إلى تعريف ما هو السودان نفسه، فمع المحو الممنهج للذكريات الثقافية والآثار المادية والتاريخ، كانت الطريقة الوحيدة للتمسك بهوية هذا البلد هي من خلال رواية القصص والسرد والموسيقى والأدب والفن ".
وضمن أعمال المؤتمر، افتتح معرض "إعادة سرد حكايات السودان" الذي شهد تدشين كتاب جديد في معرض "جاليري الحوش" صور بعمق العلاقة المعقدة بين الأمة وشعبها، وسلط الضوء على الدمار الذي سببته الحرب، وهو ما أكدته لاريسا ديانا فورمان، الباحثة في معهد أبحاث السلام، والمنسقة المشاركة في المعرض، التي قالت: "من يُفتقدون الآن في هذه القاعة هم الفنانون، فبالكاد يوجد منهم عدد قليل هنا، وأريد أن أهدي هذه اللحظة لهم، في حين أن فنهم يمكن أن يسافر، فإن الفنانين لا يستطيعون ذلك، لأنهم محاصرون".
ومن خلال الاستفادة من الروايات الثقافية، ألقى المؤتمر الضوء على الموضوعات العالمية للانتماء والخسارة في وقت عدم اليقين حيث أوضح ذلك يافل مبارك، أمين ومدير معرض دار للفنون في الخرطوم الذي قال: "الحرب لا تحدد معالم فننا، مهمتنا هي البحث والتحقيق في أنماط التعبير التي تمتد من وعينا إلى العالم، لأن الفن السوداني جزء أساسي من سرد تاريخ البلاد وواقعها، وها نحن نساهم في استقرار هذا العالم الذي بالكاد يرانا".