مآس طبية في "طرة".. تعمُّد إحداث عاهات مستديمة مميتة للسجناء السياسيين

الأربعاء - 23 فبراير 2022

وثقت «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان»، في تقرير أصدرته 22 فبراير 2022، ما وصفتها بأنها مآس تحدث داخل مستشفيات السجون، خاصة مستشفى سجن طرة في القاهرة.

واعتبرت أن حديث العقيد طبيب محمد عبد المنعم، عن أن العلاج في مستشفى ليمان طرة، نموذج يحتذى به، وأن المستشفى يقدم خدمات للسجناء تفوق المستشفيات الكبرى في العالم ويقدم خدمات طبية تفوق أعظم المستشفيات في دول ككندا وبريطانيا، بعيد عن الواقع.

وأوضحت أنه لا يبدو أن التصريحات الوردية التي أطلقها مدير المستشفى تلامس الحقيقة أو تقترب منها، حسب شهادات وصلت إلى الشبكة.

مآس لا حصر لها

ونقلت المنظمة عن شاهد عيان ومعتقل شاب، المآسي التي رآها بعينه وما سمعه حول ما يعرف بـ«السلخانة» خلال شهادته التي أدلى بها إلى الشبكة، ولخص فيها جانبا من قصة مستشفى ليمان طرة، وما يحدث فيه من مجازر وما رأته عيناه بعد ترحيله من السجن الذي كان فيه إلى مستشفى ليمان طرة «السلخانة» موضحا أن هذا هو الاسم الذي يطلق عليه.

وقال شاهد عيان: عندما وصلت إلى هذه السلخانة ودخلت عنبر السياسي في المستشفى، لم أجد سريرا فارغا بل نظرت حولي، فإذا بمحتجزين (مرضى) يفترشون بطاطين على الأرض مباشرة كالقطط، وسط أصوات الأنين والصرخات بسبب الآلام المبرحة، وكأنني في كابوس مزعج لم أستطع الاستيقاظ منه.

وزاد: سألت من حولي أين المسؤولين والأطباء؟ فجاء الرد، يا أخي نحن هنا عنبر السياسي مشفى طرة وليس في القصر الفرنساوي (أحد المستشفيات الحكومية).

وأكد أن هذه الكلمات قالها له معتقل تبدو عليه علامات الموت والأسى في سن كبير، ويبدو أكبر بكثير من عمره الحقيقي، هامسا: "أتوا بنا إلى هنا لنموت وليس للعلاج."

لا تتحدث كثيرا

وقال الشاهد: «ذرفت عيناي الدموع وحتى كتابتي لهذه السطور لا أعرف لماذا بكيت وقتها، هل كنت أبكي على حالي، أم على من حولي، أم على الإنسانية التي ماتت لدى هؤلاء؛ فسألته لماذا تتحدثون بصوت خافت هكذا؟ فتبسم معتقل في آخر العنبر ابتسامة تهكم وسخرية، ثم أشار إلي، فذهبت إليه وقلت له نعم يا عمي (لكبر سنه) فقال «يا بني أنت شاب متحمس لا تتحدث كثيرا حتى لا تتعرض لما تعرضنا له»

وتابع: أشاح بوجهه وعيناه ترتجفان وتذرفان الدموع، قائلا: انظر إلى هذا الشاب، وأشار إلى أحد الشباب الذي يرقد على السرير، إنه ليس سجينا سياسيا بل هو سجين جنائي ووضعوه هنا ليكون أعينهم وآذانهم وينقل إليهم كل ما يحدث هنا، وكما ترى نحن نموت هنا على الأرض وهو يرقد على سرير خاص ولديه تليفزيون، ويستولي على جميع دواليب (خزائن الملابس) العنبر، وله مساحة من العنبر بجوار سريره ويمنع أي مريض سياسي من الجلوس أو النوم فيها.

صدمة وذهول

وعبر المعتقل السابق عن صدمته من حقيقة ما رآه، قائلا: «وقعت عيناي على مشهد لم أره من قبل إلا في أفلام الرعب، وإذ بمريض يتحرك حركات خفيفة على سريره، كان يؤدي وظيفة الطبيب ويغير على جرح مفتوح لمريض آخر بجواره فأخذني فضولي وتحركت قدماي بشكل لا إرادي لأتأكد مما رأته عيناي؛ وهل كان خيالا أم حقيقة؟ أم نوعا من الجهل والإهمال المتعمد؟»

وزاد: «هذا ما رأيت، بطن مفتوحة ويخرج منها المصران أو الأمعاء، لا أدري من هول الموقف؛ ففزعت صارخا ماذا ستفعل ستتسبب في موته، فإذا بصاحب الأمعاء والبطن المفتوحة يمسك بيدي ويقول بصوت يملؤه الموت والأسى: «أهدأ يا أخي أنا الطبيب حمدي أخصائي جراحة مخ وأعصاب وأنا من السويس، وزميلي هذا هو الأكاديمي ناصر صابر من السويس أيضا المتخصص في علوم البحار، وكما ترى فإنه يعاني من شلل نصفي، إلا أنه يتبع إرشاداتي الطبية بكل دقة وتفهم»

عاهات وإصابات

وأضاف: عجبت مما رأيت وسمعت، وسألته منذ متى وأنت على هذه الحالة؟ فأجاب منذ عام؛ فسألته ماذا حدث لك: فقال محمد الأتربي، طبيب الجراحة العامة في مستشفى سجن ليمان طرة، هو من فعل بي ذلك، أنا جئت إلى هنا لإجراء عملية فتاق بسيطة قبل سنة تقريبا؛ وعندما خرجت من العملية خرجت بفتحتين واحدة في جنبي والأخرى في بطني، وبحكم أني طبيب سألتهم لأني شعرت أن هناك شيئا خطأ، فقالت لي طبيبة التخدير للأسف أثناء البحث عن مكان الفتاق قطعنا القولون دون أن ندري، والجراح لم يستطع إدخاله مكانه، فاضطر إلى تحويله إلى هذه الفتحة الجانبية في الجانب الأيمن كمخرج بديل.

أنا هكذا من العام الماضي، وكلما أتى طبيب آخر غير الأتربى ليعاين حالتي يخفونه عني حتى لا يعرف أحد بالكارثة التي أحدثوها، واعترف لي أحد الممرضين المساعدين في العمليات الجراحية (وهو في الأصل مسجون جنائي) أن الدكتور محمد الأتربى مسؤول قسم العمليات في مستشفى ليمان طرة متخصص في عمل عاهات وإصابات في المساجين السياسيين نكاية بهم»

وطالبت المنظمة الحقوقية النائب العام بفتح تحقيق فوري في الممارسات الإجرامية التي تجري بحق السجناء السياسيين في مستشفى ليمان طرة على مرأى ومسمع من الجميع وبمشاركة مدير المستشفى نفسه.

المصدر: الشبكة المصرية لحقوق الإنسان- فيسبوك