ليس تعاطفا مع غزة: لماذا تشدَّد نظام السيسي تجاه العدوان الصهيوني؟
الأحد - 16 مايو 2021
أثارت خطبة الجمعة "الاستثنائية" في الجامع الأزهر، التي تختلف عن خطب باقي مساجد مصر تحت شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وبيانات شيخ الأزهر لدعم القدس اخرها بـ 15 لغة، بينها العبرية: "أوقفوا القتل وكفى الصمت والكيل بمكيالين"، وبيانات الخارجية المصرية ثم الإعلان عن فتح معبر رفح السبت 15 مايو 2021 لدخول الاسعاف المصرية ( لم يتم فتحه سوي اليوم الاحد لمرور عدد محدود من الفلسطينيين) ومساعدات طبية ونقل جرحى الاعتداءات الصهيونية، وحشد فريق طبي مصري لدخول غزة لعلاج الجرحى تساؤلات حول أسباب تغير موقف نظام السيسي من حماس وقضية فلسطين بعدما وقف داعما لاسرائيل في عدوان 2014.
واكب هذا حملة ترويج من صحف مصرية ولجان الكترونية للموقف الرسمي المصري من الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وما قدمته مصر لمواجهة العدوان.
ما أثار الريبة أن هذا حدث بالتزامن مع حملة الكترونية تزعم أن الجيش المصري هدد إسرائيل لو تعرضت لسيارات الاسعاف المصرية والفلسطينية التي ستدخل غزة لنقل الجرحي، وأن التعرض لها سيعُد تعرضا للجيش المصري، وهي معلومات كاذبة جري ترويجها لتلميع السيسي والجيش بعد انتقاد نشطاء لصمت الجيش المصري علي ما يجري.
كل هذه التطورات عكست تحولا غير عادي في موقف مصر من العدوان الصهيوني علي القدس وغزة هذه المرة، رغم التطبيع بين البلدين وتعاظمه في الأونة الاخيرة في مجالات اقتصادية وسياحية وتجارية.
وقبل أن نصل إلى تأويلات وتفسيرات تغير الموقف المصري لابد من تأكيد أن إذاعة خطبة الجمعة من الجامع الأزهر، وتخصيصها للاعتداء علي الأقصى والقدس وغزة، بينما كل مساجد مصر لها خطبة موحدة أخري مختلفة عن العيد، هو "قرار أمني وسياسي". ولكن التفسيرات كثيرة، منها:
- تسويق نظام السيسي بصورة جديدة بحيث يلقى قبولا شعبيا على المدى المتوسط والبعيد ويشرعن وجوده من خلال التجاوب مع تطلعات الجماهير في هكذا قضايا.
- قطع الطريق على أي دعوات للتظاهر في الشارع المصري خشية أن تتحول ضد النظام، حيث يري محللون ونشطاء أن التحول والتشدد في الموقف المصري هو السعي لامتصاص الغضب الشعبي الذي عم مصر والعالم العربي، خشية انفجار غضب الشعب المصري والخروج في مظاهرات تنتصر للأقصى والقدس.
- التغطية على فشل النظام الانقلابي في قضية سد النهضة، خاصة أن فريقا من المراقبين يري أن التحول والتشدد في الموقف المصري ضد إسرائيل مرتبط بدور تل ابيب في دعم اثيوبيا في ملف سد النهضة ومدها بدعم فني وعسكري للدفاع عن السد.
- هناك من يري أن السبب هو الغضب الرسمي المصري من الرفض الإسرائيلي الحاد للوساطة المصرية وهو ما ظهر في كلمة سامح شكري الذي أعلن ان تل ابيب لم ترد علي الوساطة المصرية، وخاصة أن النظام في مصر يقدم نفسه للولايات المتحدة كوسيط في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، منذ عقود، وكضامن للاستقرار في أكبر دولة عربية.
- بعد عمليات التطبيع الأخيرة بقيادة الإمارات بدا أن الدور المصري تراجع في قضية السلام، وهو ما أقلق القاهرة، لذلك انتهزت فرصة اندلاع هذه الانتفاضة لتحاول العودة لدورها القديم، خاصة وأن إدارة بايدن تتمنع على السيسي منذ قدومها.
لهذا يجب النظر لخطابات الخارجية وسامح شكري وخطبة عمر هاشم في الأزهر على أنها رسائل للخارج وليست للداخل، فلو خرج شخص واحد يرفع علم فلسطين في مصر سيعتقل مباشرة.
كما أن هذا التحول لا يعبر عن مواقف حقيقية داعمة للفلسطينيين، بمعنى أن النظام لن يسمح بمرور أي شيء يمكن أن يعين المقاومة في حربها، لا السلاح والصواريخ فهذا أبعد من الخيال، لكن حتى المتطلبات اللوجستية البسيطة، فالسيسي الذي أخلى رفح والشيخ زويد ونصف العريش وهجر أهلها، وبنى الجدار الفاصل مع غزة وأغرق الأنفاق لن يمرر شيكارة أسمنت واحده بدون رضا إسرائيلي أمريكي.