لأول مرة منذ عقود: مصر تقترض لسد الجوع!

السبت - 4 يونيو 2022

  • 6 مليارات دولار من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة
  • 600 مليون دولار من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي  لشراء القمح
  • قرض بقيمة 3 مليارات دولار منذ 10 أيام  لاستيراد القمح أيضا
  • الحكومة تعتزم بيع أذون خزانة بقيمة 540 مليون دولار 6 يونيو الجاري
  • الديون الداخلية والخارجية قفزت أكثر 300% منذ وصول السيسي  للحكم
  • الترويج لمزيد من بيع املاك مصر وتقرير يحذر من تدني الأثمان لتجنب الإفلاس

حكومة السيسي تصر على الغرق في وحل الديون، وما فاقم من أزمتها بعد سفه الإنفاق على مشروعات غير مجدية اقتصاديا ولا لزوم لها، أن باتت الحكومة وجها لوجه مع الحاجة للاقتراض لشراء السلع الأساسية وعلى رأسها القمح والبترول، وهذا ما يحدث لأول مرة منذ عقود.

وقد أقترضت 6 مليارات دولار  لهذا الغرض من "المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة" التي وافقت علي منح  مصر "القرض" في ظل العجز المالى الذي تعيشه، كما حصلت على قرض ب600 مليون دولار من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي  لشراء القمح.

ونتيجة تراكم الديون تعتزم حكومة السيسي بيع أذون مقومة بالدولار لأجل عام  بقيمة 540 مليون دولار خلال مزاد  يوم الأثنين  6 يونيو الجاري.

في المقابل حذرت تقرير للمعهد المصري للدراسات  من أن النظام قد يضطر إلى بيع أصول مصر بأبخس الأثمان لتجنب الإفلاس وتحول مصر إلى دولة فاشلة، خاصة أن رئيس الوزراء عاد للترويج لبيع أصول جديدة خلال الدورة الـ 47 للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والتي استضافتها شرم الشيخ على مدار 3 أيام، واختتمت فعالياتها الجمعة.

ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

6 مليارات دولار لاستيراد السلع الأساسية

شهد رئيس وزراء  حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، أمس  الجمعة، مراسم توقيع الاتفاقية الإطارية المعدلة لتمويل استيراد بلاده السلع الأساسية مثل القمح والبترول، و"المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة"، بحد ائتماني مقداره 6 مليارات دولار، وذلك على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية، المنعقدة في مدينة شرم الشيخ، جنوبي سيناء.

ووقع على الاتفاقية كل من وزيرة التعاون الدولي، رانيا المشاط، ممثلة عن مصر، والرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية، هاني سنبل، في حضور رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، محمد الجاسر، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، هالة السعيد، حسب بيان صادر عن مجلس الوزراء المصري.

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن، في 18 إبريل/ نيسان الماضي، عن ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021، مقابل 137.42 مليار دولار بنهاية سبتمبر/ أيلول من العام نفسه؛ بزيادة تقدر بنحو 8.109 مليارات دولار خلال 3 أشهر فقط، نتيجة التوسع في اقتراض مصر من الخارج، وبنسبة زيادة إجمالية للدين بلغت 5.9%.

600 مليون دولار لتعزيز مخزون القمح

في سياق متصل، وفي الوقت الذي تكابد مصر الأمرّين لاحتواء تداعيات حرب أوكرانيا، تستعد للحصول على أكثر من 600 مليون دولار من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي لتحسين نظام صوامع القمح ودعم مشتريات القمح الحكومية، بعد 10 أيام من الإعلان عن قرض بقيمة 3 مليارات دولار للهدف عينه.

وأوردت رويترز وثيقة للبنك الدولي يوم الخميس، تفيد بأنه وبموجب برنامج للأمن الغذائي، ينتظر موافقة مجلس إدارة البنك، ستتلقى مصر 380 مليون دولار لمساعدة مشتري الحبوب الحكومي على استيراد ما يصل إلى 700 ألف طن من القمح لبرنامج دعم الخبز

وسيتم تخصيص مبلغ إضافي قدره 117.5 مليون دولار لزيادة سعة الصوامع، وتمويل تطوير أصناف قمح عالية الإنتاجية وتحسين القدرة على التكيف مع المناخ. (الدولار=18.6569 جنيها)

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار وتوسعة العضوية أوليفر فاريلي، بشكل منفصل في وقت متأخر الأربعاء، عقب زيارة للقاهرة، إن المفوضية الأوروبية خصصت 75 مليون يورو (80.24 مليون دولار) لتوسعة طاقة تخزين القمح في مصر، و25 مليون يورو (26.75 مليون دولار) للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الزراعة.

وهذا التمويل جزء من حزمة لدعم الأمن الغذائي تم الإعلان عنها مسبقا بقيمة 225 مليون يورو (240.71 مليون دولار) لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المتضررة من الغزو الروسي لأوكرانيا.

ولتحقيق الاستقرار المالي، لجأت مصر إلى حلفائها من دول الخليج، حيث حصلت على التزامات بما لا يقل عن 22 مليار دولار من خلال ودائع واستثمارات من السعودية والإمارات وقطر.

بيع أدوات دين بـ540 مليون دولار

ةبعد تراكم الديون على مصر، تعتزم مصر بيع أذون مقومة بالدولار لأجل عام، بقيمة 540 مليون دولار خلال مزاد في 6 يونيو/حزيران الجاري.

وقال البنك المركزي المصري ، في بيان له الخميس الماضي ، إن البيع سيكون لصالح وزارة المالية، التي وافقت مؤخرا على التوسع في بيع أذون الخزانة وقبول طلبات من البنوك والمستثمرين.

وطرحت مصر أذون خزانة لأجل سنة بقيمة مليار دولار، في 28 أبريل/نيسان، كما طرحت سندات ساموراي بقيمة 60 مليار ين (493.26 مليون دولار) في السوق اليابانية.

وأذون وسندات الخزانة أو كما يطلق عليها "أدوات الدين المصرية"، يطرحها البنك المركزي بالنيابة عن وزارة المالية بشكل دوري أسبوعيًا، مقابل نسبة فائدة بهدف مساعدة الحكومة على سداد مصروفاتها، لسد العجز بين الإيرادات والمصروفات.

ووصلت الديون الخارجية، حسب آخر بيانات رسمية، إلى 145.5 مليار دولار، بنهاية 2021.

الترويج لمزيد من بيع املاك مصر

وضمن محاولات الترويج لبيع مزيد من املاك الدولة لسد الديون ، قال رئيس مصطفى مدبولي، إن "أجهزة الدولة سوف تتخارج من بعض القطاعات الاقتصادية لإفساح المجال للقطاع الخاص للدخول فيها، ومضاعفة نسبة مساهمته في الاستثمارات المنفذة إلى 65% خلال السنوات الثلاث المقبلة"، مشيراً إلى أن "بلاده أطلقت سلسلة من المشروعات الكبرى خلال السنوات الأخيرة، وتعمل حالياً على تحفيز القطاع الخاص عبر حزم متنوعة".

وأضاف مدبولي، في كلمته بافتتاح الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية المقامة في مدينة شرم الشيخ، أن "الاقتصاد المصري استطاع الصمود أمام أزمة مثل جائحة كورونا، بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقته الدولة عام 2016"، مستطرداً بأن "الحكومة تعتزم طرح وثيقة سياسة لملكية الدولة للحوار المجتمعي في الفترة المقبلة".

وختم قائلاً: "شراكات مصر مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية تأتي على نفس درجة الأهمية، كونها شريكاً رئيساً في تمويل التنمية، ويوجد ثمة علاقة تعاون وطيدة بين القاهرة والبنك الإسلامي للتنمية، باعتباره شريكاً في مشروعات تنموية بقيمة 17 مليار دولار منذ تأسس البنك عام 1974".

إيرادات مصر كلها لا تكفي لسداد فوائد الدين

وفي دراسة له ، حذر تقرير للمعهد المصري للدراسات من أن النظام قد يضطر إلى بيع أصول مصر بأبخس الأثمان لتجنب الإفلاس وتحول مصر إلى دولة فاشلة.

وقال المعهد إن "إجمالي الديون العامة سيتصاعد خلال العامين المقبلين ليبلغ نصف تريليون دولار ، ما يعني تجاوزها للناتج الإجمالي المحلي بقيمة 7 تريليونات و900 مليار جنيه".

يأتي هذا في ظل تضخم غير مسبوق لحجم الديون العامة ، حيث كشف البنك المركزي عن ارتفاع الدين الخارجي بنهاية العام الماضي إلى نحو 146 مليار دولار.

وكشفت أرقام الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة عن زيادة كبيرة في أعباء الدين العام لتصل نسبتها إلى 110 بالمائة من إجمالي الإيرادات العامة للدولة، وبحسب البيان المالي للموازنة فقد بلغت قيمة فوائد الدين العام المحلي والخارجي الواجب سدادها خلال العام المقبل 690 مليار جنيه وبلغت قيمة الأقساط المستحقة للديون 965 مليار جنيه ليصل إجمالي أعباء الدين إلى تريليون و655 مليار جنيه.

وقال الدكتور علاء السيد، الخبير الاقتصادي، إن "مشروع الموازنة العامة للدولة كشف أن الإيرادات أقل كثيرا بنحو 27 بالمائة من المصروفات المتوقعة خلال 2022، مضيفا أن الموازنة العامة كما هو معروف موازنة البند الواحد أي أنها موجهة بالكلية تقريبا إلى سداد الديون الخارجية وخدمة الدين".