كارنيجي يحث صندوق النقد على دفع مصر لترشيد نموذج الاقتصاد العسكري

الاثنين - 11 أبريل 2022

دعا يزيد صايغ وهو باحث أول في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، صندوق النقد الدولي لتبني استراتيجية لدفع الحكومة المصرية لـ«ترشيد النموذج المالي والاقتصادي للاقتصاد العسكري بما يتماشى مع توصيات صندوق النقد العامة لمصر على نحو قد يبطئ اتجاهها التوسعي.. ولعكس مسارها الحالي»، وذلك في تقرير نشره المركز قبل أيام.

وتعد مصر أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي عام 2020 وتخوض الحكومة المصرية حاليًا مفاوضات للحصول على قرض جديد من الصندوق بعدما اقترضت بالفعل 20 مليار دولار عبر ثلاثة برامج في المدة بين 2016 و2020.

ويكمن جوهر هذه الاستراتيجية في «تحديد أصول المؤسسة العسكرية وأنشطتها في المجال المدني بشكل لا لبس فيه بغية تمييزها عن وظائفها الدفاعية، ومواءمة القواعد واللوائح الخاصة بتلك الأصول والأنشطة مع تلك الخاصة بالقطاع العام المدني، وعند الاقتضاء [التقاضي]، مع تلك التي تحكم مساهمة القطاع الخاص في السوق» كما يرى التقرير الذي جاء بعنوان «إلقاء قفاز التحدي: ما يمكن أن يفعله صندوق النقد الدولي بشأن الشركات العسكرية المصرية".

ويطرح التقرير ثلاثة خيارات: أولها نقل شركات وزارة الإنتاج الحربي وشركات الهيئة العربية للتصنيع وشركات وزارة الدفاع وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية تحت إشراف هيئة عامة مركزية مدنية، والخيار الثاني هو نقل تلك الشركات لهيئة عامة مركزية خاضعة لسيطرة المؤسسة العسكرية، والخيار الثالث هو نقل تلك الشركات لإشراف صندوق الثروة السيادي.

ويرى يزيد صايغ في تقريره أن السبل الرئيسة لتحقيق هذه الغاية تأتي بالدفع بقوة أكبر من أجل «تحقيق الحياد التنافسي (ولا سيما من خلال دفع صندوق النقد الدولي السلطات المصرية لإصدار ّ قانون موحد للمشتريات وقانون منافسة معدل بأحكام مكافحة الاحتكار ومن خلال مراجعة السيطرة العسكرية على استخدام أراضي الدولة).

وإنجاز وحدة الميزانية (تحويل أرباح المؤسسة العسكرية من الأعمال التجارية وإيرادات الرسوم إلى خزينة الدولة قبل إعادة تخصيص المبالغ التكميلية لميزانية الدفاع، وإدراج الأموال الخارجة عن الميزانية ضمن حساب موحد لدى الخزينة).

وكذلك "تعزيز قابلية إنفاذ العقود بما في ذلك حل الغموض في الإطار القانوني الذي يحكم الشراكات التجارية العسكرية-المدنية، ونقل تسوية المنازعات إلى المحاكم المدنية".

ويقصد بالحياد التنافسي، كما ينقل يزيد صايغ عن صندوق النقد الدولي «توفير المجال المتكافئ لشركات القطاعَين العام والخاص فيما يتعلق بقوانين الأعمال والضرائب والجمارك وفرص الحصول على التمويل والأراضي وعلى عقود التوريد بالأمر المباشر (أي من دون منافسة).

يرى أسامة دياب الباحث في دراسات التنمية أن الرواية الرائجة حول دور الشركات العسكرية في الاقتصاد المصري، هي رواية غير دقيقة عمومًا، قائمة على خلط السبب بالنتيجة، «فمثلا من الرائج جدًا أن يقال إن استثمارات الجيش في بعض القطاعات هو ما أدى لتردد القطاع الخاص عن دخولها خوفًا من المنافسة غير المتكافئة مع الجيش، لكن هذا الرأي يتجاهل أن القوات المسلحة -عموما مع بعض الاستثناءات- نشطة في قطاعات غير جذابة بالنسبة للقطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية، وهو ما يتبدى في القطاعات كثيفة العمالة مثلا كالصناعات الغذائية.. هذا القطاع بالذات لا يجتذب عادة أي استثمارات أجنبية مباشرة تذكر".

لكن يزيد صايغ يرى في المقابل أن القوات المسلحة تتقاطع مع مصالح القطاع الخاص بالذات فيما يتعلق بأراضي الدولة، موضحًا أن القوانين تمنح المؤسسة العسكرية سيطرة قانونية وفعلية على الأراضي الصحراوية العامة، والتي «تحدّد من خلالها [القوانين] استخدام أراضي الدولة من قبل أي كيان مدني، عام أو خاص، مصري أو أجنبي.

وتتمثّل الأدوات القانونية الرئيسة في القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية والقرارَين الرئاسيَّين 152 و153 لسنة 2001: فهي مكّنت وزارة الدفاع من تعيين “مناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية” في أي مكان ضمن ما يسمى “الأراضي الصحراوية”، وتتطلب التنسيق مع وزارة الدفاع للاستخدام المدني لأي أراضٍ تابعة للدولة.

 ويوضح صايغ أنه «بما أن تعريف الأراضي الصحراوية يشمل جميع المناطق الواقعة خارج الحدود البلدية (الزمم) أو الممتلكات الخاصة المسجلة -في بلد لا تزال فيه نسبة كبيرة من الملكية الخاصة للأراضي غير مسجلة ومن دون سندات ملكية-فإن هذه القوانين تمنح المؤسسة العسكرية نفوذًا شاملًا على أحد الأصول الاقتصادية الرئيسة».