صحيفة "ميلليت" التركية: قلق "إسرائيلي" من احتمال وجود الجيش التركي في غزة
الاثنين - 10 نوفمبر 2025
"إنسان للإعلام"- فريق التحرير:
نقلت وكالة "رويترز" عن حكومة الكيان الصهيوني أنه "لن تكون هناك قوات تركية على الأرض ضمن قوة الاستقرار الدولية التي ستنشر في غزة".
حول هذه القضية، نشرت صحيفة "ميلليت" التركية القومية، تقريرًا مطوّلًا تناولت فيه ردود الفعل داخل الأوساط "الإسرائيلية" بشأن ما وصفته بـ"الاحتمال المقلق" لتواجد الجيش التركي في قطاع غزة، مشيرةً إلى أن الإعلام "الإسرائيلي" عبّر عن قلق عميق من الدور المتصاعد لتركيا في الملف الفلسطيني، وخصوصًا بعد أن أصبحت أنقرة طرفًا فاعلًا في الوساطة المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، برعاية أمريكية.
أوضحت الصحيفة أن موقع "ينيت" الإخباري "الإسرائيلي" نشر تحليلًا مطوّلًا تحت عنوان "حلم أردوغان في غزة.. كابوس إسرائيل"، مشيرة إلى أن التقرير "الإسرائيلي" اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أحد أبرز الفاعلين في صياغة مستقبل غزة، الأمر الذي أثار موجة من القلق داخل دوائر صنع القرار في تل أبيب.
وأضافت "ميلليت" أن التحليل "الإسرائيلي" لفت إلى أن الموقف الثابت والدبلوماسية النشطة التي يتبناها أردوغان بدأت تؤتي ثمارها، إذ باتت تركيا تشارك كطرف رئيسي في المفاوضات التي جرت مؤخرًا برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتصبح بذلك ضامنًا أساسيًا للسلام في المنطقة، وهو ما تعتبره "إسرائيل" تهديدًا مباشرًا لتوازن القوى التقليدي في الشرق الأوسط.
وأكدت الصحيفة أن التقرير "الإسرائيلي" تناول أيضًا اتفاق قمة شرم الشيخ للسلام الذي شاركت فيه تركيا بفاعلية، موضحة أن أنقرة نجحت في انتزاع موقع مؤثر في صياغة الاتفاق، ما زاد من توتر المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" التي ترى في توسع النفوذ التركي “تحولًا استراتيجيًا” غير مرحّب به.
بانتظار دخول إلى غزة
وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير "الإسرائيلي" ذكر أن فرق الإنقاذ التركية، وعدد أفرادها 81 شخصًا، تنتظر "الضوء الأخضر" من تل أبيب للمشاركة في عمليات البحث عن جثث الرهائن في غزة، ضمن مهام القوة الدولية المنتظر تشكيلها هناك.
واعتبر التقرير أن هذا الوجود الميداني يمهّد لبداية دور أوسع لتركيا في القطاع، قد يتجاوز الطابع الإنساني إلى الحضور الأمني والسياسي لاحقًا.
ونقلت "ميلليت" عن الباحثة غاليا ليندنشتراوس، وهي خبيرة في معهد دراسات الأمن القومي "الإسرائيلي"، قولها إن "إسرائيل" لم تكن ترغب في أن يكون لتركيا أي دور في غزة، لكنها وجدت نفسها مضطرة لقبول ذلك نتيجة الضغوط الأمريكية المتزايدة.
وقالت ليندنشتراوس وفق ما نقلته الصحيفة: “الرئيس ترامب يثق بأردوغان، ويرى أنه قادر على تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، ولهذا تم إدماج تركيا ضمن ترتيبات ما بعد الحرب في غزة.”
وأضافت الباحثة أن تركيا أصبحت لاعبًا رئيسيًا في التفاهمات الجديدة المتعلقة بغزة، مشيرة إلى أن هذا التطور يمثل “فرصة تاريخية لأنقرة” لطالما سعت إليها منذ سنوات.
وتابعت: “تركيا تمتلك جيشًا محترفًا وخبرة واسعة في عمليات حفظ السلام، غير أن وجودها في غزة لا يصب في مصلحة إسرائيل، لأنها تُعد خصمًا سياسيًا معلنًا لتل أبيب.”
تركيا تغيّر قواعد اللعبة
كما نقلت ميلليت عن الباحث "الإسرائيلي" رامي دانيال أن تدخل تركيا كان حاسمًا في التوصل إلى الاتفاق الأخير، موضحًا أن أنقرة كانت من أكثر الدول دعمًا لغزة خلال السنوات الماضية، وقدّمت مساعدات كبيرة في مجالات متعددة.
وأشار دانيال إلى أن أردوغان “حاول أن يقدم نموذجًا للمقاومة في وجه إسرائيل”، وأضاف: “لا توجد دولة أخرى ذهبت بعيدًا في دعم غزة مثل تركيا، وهذا ما غيّر قواعد اللعبة السياسية في المنطقة.”
وأكد "دانيال" أن تركيا ستشارك في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه حذّر من "مخاطر محتملة" قد تنشأ عن هذا الدور.
وقال في تصريحاته التي نقلتها الصحيفة: "من الأفضل تقليل مشاركة الجيش التركي قدر الإمكان. وجوده في مهام البحث عن الجثث لا يشكّل خطرًا كبيرًا، لكن إشراكه في مراقبة وقف إطلاق النار أمر مقلق للغاية..الخطر الأكبر يتمثل في احتمال أن يصيب الجيش الإسرائيلي الجنود الأتراك عن طريق الخطأ، حينها ستكون الأزمة كارثية"
مهام الفرق التركية
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن هذه التطورات جاءت بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التاسع من أكتوبر أن "إسرائيل" وحركة حماس وافقتا على المرحلة الأولى من خطة وقف إطلاق النار في غزة، والتي دخلت حيز التنفيذ في اليوم التالي مباشرة.
وأكدت "ميلليت" أن فرق الإغاثة التركية، بإشراف هيئة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، بدأت فعليًا مهامها الإنسانية في غزة، وتشمل البحث عن الجثث والمفقودين، إلى جانب تقديم المساعدات الطبية والغذائية للسكان المتضررين.
وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن دخول تركيا إلى معادلة غزة سيجعلها لاعبًا محوريًا في ترتيبات ما بعد الحرب، معتبرة أن هذا التحول يضع "إسرائيل" أمام ما وصفته بـ"أخطر تحدٍّ سياسي وعسكري منذ سنوات".
وأوضحت أن هذه التطورات تعني أن منطقة النفوذ الجنوبية "لإسرائيل" لم تعد حكرًا عليها، بل أصبحت ساحة مشتركة تتقاطع فيها مصالح دول إقليمية كبرى، وفي مقدمتها تركيا، التي "تسعى لترسيخ نفوذها الإقليمي عبر بوابة غزة"
وختمت الصحيفة بالقول إن "الجيش التركي في غزة، وإن اقتصر دوره حاليًا على المهام الإنسانية، إلا أنه يمثل كابوسًا استراتيجيًا لإسرائيل التي ترى في كل خطوة تركية داخل القطاع تهديدًا مباشرًا لتفوقها الإقليمي وهيمنتها السياسية في المنطقة."
